مقالات وآراء سياسية

الإنقلاب الآخير في السودان .. هدفان للعسكر مقابل ثلاثة أهداف للثوار 

منير التريكي

 

الإنقلاب العسكري الأخير جاء لقطع الطريق أمام العبور الذي بدأ يتحقق بالفعل وبنتائج ملموسة . هذا هو الهدف الثاني للإسلامويين . صبر الناس على تكلفة رفع الدعم وتحملوا المعاناة لتتوفر المواصلات والخبز بمعاناة أقل ويختفي سماسرة السوق الأسود . تمت عودتنا للمجتمع الدولي بنجاح .
تتسارع عودتنا للنظام المصرفي العالمي وتروج البنوك للفيزا كارد والماستر كارد .
محاكمةالمفسدين كانت تتم بصورة يومية .
تم كبح إنفلات الدولار أمام الجنية السوداني . تم توقيع اتفاقيات سلام أوقفت نزيف الدم وتدمير الموارد وتخريب المجتمعات .كانت تتم بصورة متواصلة زيادة الوعي والتنوير للكثير من الذين لم تتاح لهم فرص اكتساب المعرفة . الإستثمارات الأجنبية بدأت تنظر للسودان كأرض بكر و واعدة . المشاورات كانت تجري على قدم وساق للإتفاق على دستور دائم لحكم السودان بطريقة تعالج الأخطاء السابقة . تجري الدراسات الجادة لكيفية النهوض بالزراعة والصناعة والسياحة و…
وهنالك الكثير الذي يمضي بنا قدما . بإختصار مرقنا من حفرة والإنقلابيون أعادونا لها قبل أن نكمل تنفيض ملابسنا . رأي الإسلامويون ومعهم بعض الدول المنتفعة من عدم استقرار السودان إن الأحوال تسير بوتيرة متسارعة بإتجاه الإستقرار والتنمية المستدامة . أغروا العسكر المغامرين بالإنقلاب على الثورة وسلب مكاسب الشعب . غدر رئيسهم بشركائه في الحكومة لأنه ووفقا للتسامح الذي حظي به سابقوه من الإنقلابيين أمن العقاب . الأشهر الماضية كانت الأمور تمشي فيها بقوة الدفع السابقة . بجهود العمل المدني الذي قاده حمدوك رغم عراقيل الشق العسكري . الآن ظهر فشل العسكر جليا . كانوا يتمتعون بإنجازات حمدوك. بدات تظهر بوضوع إخفاقات الإنقلابيين وتخبطاتهم . لكن ذلك لا يهمهم ابدا . هم يهمهم فقط تحقيق الهدف الأول لإنقلابهم المشؤم . الهدف الأول هو إيقاف محاكمات المجرمين بأي طريقة . تمكين الفاسدين من الإفلات بجرائمهم وبأموال الشعب السوداني . أموال سرقوها بمختلف أساليب الإحتيال لأكثر من ثلاثين سنة من إستيلائهم على الحكم في العهد البائد. بترول وذهب وقروض دولية وجمارك ورسوم ولحوم ومحاصيل وتغيير العملة وتلاعب بأسعار الصرف والأراضي وغسيل الأموال . عمولات لصفقات مشبوهة . إستيرات بصات تالفة و  و و و .
والقائمة تطول . بإختصار إستباحة المال العام بمختلف المسميات . في سبيل ذلك لا مانع حتى من إستصدار الفتاوي الدينية . إذن صحيفة الجرائم طويلة فكيف يتم إيقاف التحقيق فيها وعرقلة سير العدالة ؟ نعم يتم ذلك بإنقلاب يقوم به عسكري لا يدرك أبعاده الكارثية إلا ساعة محاكمته.
الثوار حققوا هدفهم الأول بفضح أجندة عسكرالإنقلاب ومن يقف خلفه . الهدفان الآخران هما إستعادة الديمقراطية وقيام حكم مدني راسخ يحاسب المجرمين ويعيد الأموال المنهوبة للخزينة العامة . لكن السؤال الضخم هو .. كيف يتكرر هذا الخطأ الفادح كل مرة وكيف نمنع حدوثه ؟ . سنحاول أن نجيب على ذلك في مقال آخر إن  شاء الله .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..