مقالات وآراء سياسية

ھزیمة القحط النقابي .. رسالة عاجلة فى برید القاعدة الصحفیة العریضة ، واللجنة التمھیدیة المنتخبة لنقابة الصحفیین السودانیین

مدارات واجراس

فيصل الباقر

 

رسالة عاجلة فى برید القاعدة الصحفیة العریضة، واللجنة التمھیدیة المنتخبة لنقابة الصحفیین السودانیین .
مدار أوّل :
“علي قدرِ أھلُ العزم تأتي العزائمُ .. وتأتي على قدرِ الكِرامِ المكارمُ .. وتعظُمُ فى عین الصغیرِ صِغارُھا
.. وتصغُر فى عین العظیمِ العظائمُ” ((أبو الطیّب المتنبيء)) .

-1- الحق فى التنظیم النقابي 2022 مارس 26 انتزع الصحفیون والصحفیات فى السودان – یوم السبت
ومعلوم أنّ الحق فى التنظیم ، ھو حق من حقوق الإنسان ، ظللنا فى المجتمع الصحفي الدیمقراطي والحقوقي ، نناضل من أجلھ ، ونعمل فى سبیل تحقیقھ ، لسنوات طوال .

-2 – جاء انعقاد الجمعیة العمومیة التاسیسیة لنقابة الصحفیین السودانیین ، فى ظرف استثنائي ، وبالغ الأھمیة ، الذي 2021 أكتوبر 25 وقد تحقّق عنوةً واقتداراً بعد خمسة أشھرٍ – بالتمام والكمال – من وقوع انقلاب یُعادي بطبیعتھ الدیكتاتوریة والشمولیة ، مفردات الحریة ، والعدالة ، والنقابة، والدیمقراطیة ، والمؤسسات الدیمقراطیة ، والحقوق بمجملھا ، ولكل ذلك ، فھو یُعادي الحق فى التعبیر والتنظیم ، والحق فى تاسیس النقابات الحُرّة والمستقلة ، وقد جاءت الجمعیة العمومیة التاسیسیة لنقابة الصحفیین السودانیین ، بمثابة نصر مؤزّر عبّر عن وحدة المجتمع الصحفي فى السودان ، وانحیازه التام والطبیعي ، لقیم وشعارات ثورة دیسمبر المجیدة وشعاراتھا العظیمة (حریة ..سلام .. وعدالة).

-3 – الوعي بالتنظیم ، وھو أرقي أشكال الوعي ، وأھمیّتھ ، ھو ما أزعج ، ویُقلق أعداء العمل النقابي الحُر والمستقل والدیمقراطي ، وبلا شك فإنّھم سیتآمرون ، لإجھاض ھذه التجربة الولیدة ، وسیكیدون ، بشتّي السُبل والتكتیكات والتدابیر ، ولكن ، سیرتد كیدھم إلى نحورھم ، بالوعي الذي تمتلكھ القواعد الصحفیة ،
وسیسیر قطار تاسیس النقابات المستقلة للأمام ، وستكون تجربة نقابة الصحفیین ، نموذجاً مُلھماً ومُنیراً ومُحفّزاً لقطاعات وفئات مھنیة أُخري ، مع خصوصیة كل تجربة ، وكل مجال .

-4 – جاء ھذا الإنتصار ، لیحقّق حلم استعادة النقابة الحرّة الدیمقراطیة والمستقلة ، بعد ما یُقارب الثلاثة وثلاثین ، الحق فى تكوین 1989 یونیو 30 سنة و”نیف” من “القحط النقابي”، منذ أن صادر إنقلاب الإنقاذ فى
النقابات ، حیث تمّ فى ذلك الیوم المشؤوم ، حل جمیع النقابات المنتخبة دیمقراطیاً فى فترة الدیمقراطیة الثالثة ، وفى مقدّمتھا (نقابة الصحفیین السودانیین) التي كانت قائمة – وقتھا – وجاءت بإنتخابات حُرّة ، وصنع ما أسماه – وقتھا – (اتحادات) داجنة ، تُسبّح 1989 – 1986ومشھودة ، فى الدیمقراطیة الثالثة (بحمده ، وتدور فى فلكھ ، وتأتمر قیاداتھا بأمره لیل ، نھار ! .

 

– 5 – تكلّل اجتماع (الجمعیة العمومیة التأسیسیة) لنقابة الصحفیین السودانیین ، بالنجاح ، بإنتخاب اللجنة
(التمھیدیة) التي جاءت بالانتخاب المباشر الحُر ، برفع بالوقوف ورفع الأیدي، بإنتخاب لجنة تمھیدیة من مرشّحاً ومرشّحة ، وقد جرت 39 زمیلات ، من جملة 4 زمیل و11خمسة عشر زمیل وزمیلة .

– 6 – الانتخابات فى مناخ اتّسم بالشفافیة ، والتسامح ، وإعلاء قیم التضامن ، والعمل المشترك.
فى تقدیري أنّ النساء الصحفیات لم ینلن كامل استحقاقھن المشروع ، رُغم وجودھن الواضح والمُشرّف فى مقدمة الصفوف الأمامیة المناضلة ضد دكتاتوریة الإنقاذ ، وفى كل معارك التحوّل الدیمقراطي ، ورُغم
تقدّمھن عملیة النضال المستمر لسنوات ، وربّما یعود ذلك – فى تقدیري – لبعض عیوب عملیة الانتخاب الحُر المباشر ، التي تمّت ، فى جو حماسي ، كما یعود بالضرورة ، وبطبیعة الحال – لضعف الوعي
المجتمعي السوداني ، بمفاھیم (عدالة النوع “الجندر”) وبضرورة المنصف والعادل للنوع “الجندر”، والمجتمع الصحفي فى ھذه الحالة بالذات ، تمثیلاً یلیق بنضالات وتضحیات النساء السودانیات والصحفیات العاملات فى مناخ “غیر صدیق” فى غالبیة المؤسسات الصحفیة والإعلامیة.

-7 – ھناك أیضاَ ضعف مفاھیمي حقوقي كبیر ، برز فى مسألة عدم الانتباه لتمثیل الأشخاص من ذوي الإعاقة البصریة والحركیة والسمعیة ، من الصحفیین والصحفیات ، وھذا یتطلّب – فى تقدیري – بذل المزید من الجھود فى جبھة رفع الوعي الحقوقي ، والعمل على خلق بیئة صحفیة صدیقة للاشخاص من ذوي الإعاقة (البصریة والسمعیة والحركیة) ، وأن یتضمّن النظام الاساسي ومیثاق الشرف الصحفي ، بنوداً وموجّھات واضحة وصریحة وملزمة بالدفاع عن حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة ، من الصحفیین والصحفیات ، وأن لا ینتھك الصحفیون والصحفیات حقوق ھذه الفئة المجتمعیة الھامّة ، وتمكینھم/ ن من أداء مھامھم/ ن الصحفیة ، بطریقة تتناسب مع إعاقتھم/ ن ، وأن تكون وثائق النقابة ومؤسساتھا وأنشطتھا صدیقة لذوي الإعاقة بأنواعھا المختلفة ، بجانب الالتزام بعدالة النوع “الجندر”.

-8 – نعم ، ھناك أجندة مھمّة كثیرة ، أمام اللجنة التمھیدیة المنتخبة ، تنتظرھا وتنتظر جھدھا وعملھا الدؤوب خلال الثلاثة أشھر المقبلة ، التي تمّ تكلیفھا فیھا ، للتحضیر للجمعیة العمومیة القادمة ، لإنتخاب اللجنة التنفیذیّة ، ومن بین أھم القضایا ، تأتي قضیّة استكمال وتوسیع دائرة الحوار الموضوعي والشامل ، حول “مشروعات” (النظام الأساسي) و(میثاق الشرف الصحفي) ، واستكمال السجل الصحفي ، لیشمل كل الصحفیین والصحفیات الراغبین والراغبات فى الانضمام للنقابة ، ومسألة تمثیل صحفیي وصحفیات
الاقالیم ، وتمثیل صحفیي وصحفیات الخارج “الدیاسبورا” فى مجلس النقابة ، وھیئاتھا ، وفروعھا ، وأنشطتھا المتعددة . وأري من المھم – جدّاً – أن تتحرّك وفود من اللجنة التمھیدیة للنقابة ، للاقالیم ، لیشمل
الحوار الصحفیین والصحفیات فى الولایات ، وھو ما عجزت عن انجازه لجنة الأجسام المشتركة ، بسبب ضیق ذات الید ، رُغم أنّھ كان من بین أجندتھم ونقاشاتھم وحواراتھم المثمرة.

-9 – ھناك المسألة المزمنة المتعلّقة بالرواتب والأجور، وضعفھا وتدنّیھا الملحوظ، وتدھورھا المریع ، وشروط
الخدمة ، وما أدراكما شروط الخدمة ، وقد بلغ السیل الزبي ، لدرجة لا یمكن تصوّرھا ، أو احتمالھا ، وقد
سادت لعقود فى المشھد والواقع المُعاش ، الأوضاع المزریة – واللا إنسانیة – التي عاشھا – ویعیش – فیھا الصحفیون والصحفیات فى العاصمة الخرطوم ، وكذلك حال ومآل الصحفیین و”مراسلي الصُحف” فى
الأقالیم ، وھناك قضایا العلاج ، والتأمین الصحّي ، والتامین الإجتماعي ، وغیرھا ، ومستحقّات ما بعد الخدمة – لن أقول فوائد ما بعد الخدمة – وھي قضایا شائكة ، ومؤسفة ومُحزنة ، تحفظھا ذاكرة الأجیال
الصحفیة المختلفة عن ظھر قلب ، ولھا تاریخ طویل ، وحاضرٌ مؤسف ، وتحكمھا تقاطعات حادّة ، ولا یُفتي فیھا، وفى أمرھا، والصحفیون والصحفیات فى شارع الجرائد، وما أدراكما شارع الجرائد ! .

 

-10- ھناك – أیضاً – قضیّة (صندوق الزمالة) الصحفي، والذي ظلّ جند تاسیسھ مُنتظراً فى حالة “محلّك سِر”، لسنواتٍ طویلة ، یؤرّق مضاجع الجمیع ، وبقي حلماً یُراود الصحفیین والصحفیات من كل الاجیال ، بجانب العدید من القضایا والمسائل الجوھریة الأُخري ، ومن بینھا العمل على توسیغ قاعدة النقابة، وجعل النقابة – المبني والمعني – كیاناً جاذباً للقطاعات المختلفة من الصحفیین والصحفیات ، وملاذاً آمناً لھن/ م ،
یشعر فیھ الجمیع ، بالاطمئنان على أنّ (النقابة) ھي القلب النابض بإسم الجمیع ، والظھر الذي یتّكي علیھ الأعضاء من الزملاء والزمیلات ، من مختلف الاجیال .
-11- ھذه القضایا ، جمیعھا ، وبلا استثناء ، وغیرھا ، من قضایا التدریب على المعارف الجدیدة ، فى علوم وفنون
الصحافة ، ھي – بلا شك – قضایا لا یمكن حلّھا فى ثلاثة أشھر ، أو حسمھا بضربة لازب ، ولكن
المطلوب ، فى ھذه المرحلة -على الأقل – إعمال التفكیر الجمعي والعمل الجاد فى وضع الاستراتیجیات النقابیة اللازمة للتعامل معھا ، ووضع الخطط المناسبة لفھم وادراك وتأسیس معارف نقابیة للتعامل معھا ، والتدریب، والتدرُّب على علوم وفنون التفاوض النقابي ، مع المخدّمین “ناشري” الصُحف، و”مُلاّك”
المؤسسات الصحفیة والإعلامیة الأخري ، فى الصحافة المطبوعة ، والمرئیة ، والمسموعة ، والمواقع الإلیكترونیة ، فى عصر صحافة وعالم الإنترنیت.

-12- أرجو وأتمنّي – صادقاً – أن تنتبھ لكل ھذا وذاك ، اللجنة التمھیدیة المنتخبة، وأن تقترح لإجتماع الجمعیة العمومیة المقبل ، المعالجات الموضوعیة والمناسبة لھذه القضایا والأجندات الھامة ، وأن تكون كل ھذه القضایا ، محل اھتمام ومتابعة القاعدة الصحفیة التي حقّقت ھذا النجاح المبین ، والقاعدة الصحفیة
العریضة ، وأن لا یفوت الجمیع شرف التأسیس المنتظر لنقابة الصحفیین السودانیین ، التي سیكتمل مشوار تحقیقھا على أرض الواقع ، فى الأشھر الثلاثة القادمة ، ولن نألوا جھداً ، فى تقدیم الأفكار والآراء
والمقترحات ، وإسداء النصح والمناصحة ، والمشورة ، فى ھذا الصدد، ولن نتأخّر فى تقدیم المبادرات ، تلو المبادرات ، لإستكمال المسیرة القاصدة ، بإذن الله ، ودعم وتایید القواعد الصحفیة الواعیة والمدركة لاھمیة
وضرورة التنظیم النقابي.

-13 – بالنسبة لي ، فإنّني أقف – وسأقف دوماً – فى صف المؤمنین – تماماً وقولاً وفعلاً – بتقالید الحركة القابیة السودانیة وشعارھا المجید “لكلّ حزبھ ، والنقابة للجمیع”، وھذا ما سعینا لتحقیقھ من خلال تیسیرنا لعملیة
الحوار بین الأجسام الصحفیة المختلفة ، وأستطیع – الیوم – ان أقول مرّةً ثانیة وثالثة ورابعة : “خلفنا
صعوبات الجبال ، أمامنا صعوبات السھول” !، وحتماً ، سننتصر ، لقیم الحریة والدیمقراطیة واحترام وتعزیز حقوق الإنسان ، ومنھا الحق فى التنظیم النقابي الحُر والدیمقراطي والمستقل ، وفى ھذا فلیتنافس
المتنافسون! .

-14 – كلمة أخیرة أقولھا الیوم ، فى إطار الاحتفاء بھذا النصر النقابي العظیم، وبمناسبة توحید الجھود الصحفیة نحو تاسیس نقابة للصحفیین ، یسعدني أن أُعلن توحید أسماء “الأعمدة” التي ظللت أكتب تحتھا لعقودٍ
وسنواتٍ طویلة ، تحت أسماء مختلفة ، ومنھا (أجراس المراصد) ، و(أجراس) ، و(مدارات) لیصبح إسم
العمود ابتداءاً من ھذا الیوم ((مدارات وأجراس)).
جرس أخیر :
“یا من تموت بالجوع ..وقدّامك ضِفاف .. والأرض باطنھا ، ظلّ مطمورة سِواك .. عطشان ، وقد نزلت علیك ، أحزان مطیرة .. مُزُن سماك .. الدنیا أوسع من تضیق .. قوم أصحى .. فك الریق ھُتاف .. إنّ الذین أحبوا روحھم ضیّعوك .. وبیّعوك أعزّ ما ملكت یداك .. أوعك تخاف” ((محجوب شریف)).

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..