
من الكوارث التي حلّت بهذا الوطن هو دخول السياسة وخبثهــا في صميم البنية التعلمية، وكانت هي الضربة القاضية للتعليم، وانهار التعليم وظهرت الجيوب الرأسمالية لتعرض التعليم في منضدات برجوازية فاحشة، للتنتهي حقبة التعليم العام او حكومي تحت سطوة التدخلات السياسية التي اخترقت القوانين والأعراف، ليصبح شرف التعليم هو الطاعة للأوامر بدلاً من التضحية لأجل تغيير مفاهيم الأمة، واصبح التحكم في التعليم وكأنه ُ منظومة عسكرية لا تربوية، تعرض التعليم للفصل والتصفية، والبيع، والصالح العام، والأقالة وحتي القرارات القمعية تجآه اعلام الأمة …..
وأكثر المجازر التي تعرّض لها التعليم هي مجزرة« الصالح العام» في بدايات التسعينات، هذا النهج البربري يآتي كثمرة من ثمار ايّ أنقلاب عسكري، ولانّ هذا الوطن ظلّ تحت ورثة البندقية لم تنمو له الأحلام قط؛ بل ماتت كل الأحلام تحت القمع والقتل والفصل، والأقالة، ……..الخ، اصبح وطناً معتقل، ومشرد، ومهاجر ، مظلوم … لا شيء يبث فيك انفاس الحياة غير لحظات التفكير فيما يدور بهذا الوطن المحتل …
ولك أن تستغرب في مصفوفة التعليم واسقاطهــا علي الواقع؛ولانّ الواقع غني عن التفسير فهو يمثل مرآة انعكاسية لوضع التعليم، التعليم الذي اصبح في مقصورة الأهتمام بعد عجز الدولة ، التعليم الذي اصبح محطة عابرة وليس قاعدة لنسف براثين الجهل والتخلف،…..وعلي ضوء ذلك يتعرض التعليم لحرب ضحاياها الوطن وشعبه، وهكذا لن تتزن الحياة في وجود حكم الفرد أو النخب العسكرية، فسياسة السلطة المطلقة هي كبح لكل انماط الحياة واعاقتهــا حد الشلل، ولم يسلم التعليم من تلك السياسة المسرطنة لتدمير وجه الحياة الطبيعي..
بعد أنقلاب القوات المشتركة _جيش -جهاز أمن – دعم سريع – حركات مسلحة تحت مصطلح تصحيح المسار، كانت النتائج عبارة ردة وخيانة للوطن وشعبه، الأنقلاب الذي افرغ سيلاً من الحقد والكراهية تجآه الشعب وثورته ِ ، الأنقلاب الذيّ خلّف الموت والجرحي، والأرهاب والفوضي والسيولة الأمنية، …..أنقلاب كان بلغة السلاح ،سلب كل شيء ….
ورغم تعدد المجازر التي تلت هذا الأنقلاب _تعد القرارات الآخيرة ضد مدراء وكلاء الجامعات والأساتذة هي كشف الوجه الحقيقي للقوة الأستعمارية المسلّحة _ تجآه ما تبقي من هياكل الدولة، القرارات لا عرف ولا قانون لها، فقد مرجعيتهــا هي التصفية والسيطرة علي مؤسسات الدولة بنظرية «السلطة المطلقة» حيث القانون هو السلاح والأرهاب، هذه الأنتكاسة التي يتعرض لها التعليم ليست النهاية ،الظلم لا يلد الإّ ظلماً، ماذا تبقي بعد ذلك …..؟ الكتاب تغطيّه الدماء، والشباب تصطاده ُ رصاصات الغدر، الشرف يباع ، كل شيء ٍ مستباح لا وطن فوق الجراح …