الفنانون يصنعون سلوك الناس والسودان سيتوحد عندما يغني
الحلنقي كتب عصافير الخريف ولكن (…)
الجملة الموسيقية للعملاق وردي في يقظة شعب غير متوقعة من بشر عادي..
نظرتنا إلى فن (الغناء) فيها كثير من الاستهوان والتجني
ابن خلدون قال أولى علامات انهيار الأمم انهيار الغناء
مصطفى سيد أحمد زي الكاشف ومظلوم من جمهوره
نصحت ندى القلعة وقلت لها …
حوار: صديق دلاي
ضيفنا السر قدور نوع من الناس فريد بالنكتة والحكي والفاقة، بعد مواعدة ثلاث مرات، كنت أمامه في شقة رحيبة بالخرطوم 3 وأمامه فوضى صندوق السجاير، الفول وكرستالات الموية وبقية أكل وزهرتان هما، بنتاه زينب وليلى.. بدأ مثل العلماء وتحدث بمتعة ومسؤولية وانفتاح، كان باهراً في الذاكرة وخلاقاً في عالم الغناء والمزيغا، ملأنا دهشات في التاريخ والأشخاص والاعترافات، كان هائلاً بالفعل وأشار بسبابة متقدة بالتحذير عن مؤسفات الوسط الفني وربط أمن المجتمع بحالة الغناء، وكشف لنا عن مفاجآت النسخة الـ11 من (أغاني وأغاني)، بخل بخبرة عالية أن يكتب لنا الأسماء وترك الباب موارباً في أكثر من إشارة..
× … إيه العبارة….؟
× أمبارح كان عندي ندوة عن محمد بشير عتيق وفهمت من نوع الحضور أن هناك أمل وتوجد فعلاً لمسة ثقافية
× لماذا كل هذا الذوبان في مجال الغناء والفن والكلام عنه؟
طبعاً نظرتنا الى فن الغناء فيها كثير من الاستهوان والتجني وعرف الفلاسفة في وقت متأخر أدركوا فيه قيمة الفن لبناء الأمم ووحدتها والغناء يؤسس لوحدة وجدان من مشارب وقبائل وأحزاب وجهات مختلفة وطوائف فوحدهم فن الغناء..
× متى نتوحد نحن في السودان؟
– السودان سيتوحد عندما يغني وسقراط قال حينما تذهب لبلد فلا تنظر ولا تهتم بمن يكتبون القوانين، بل بمن يكتبون الأغاني لأن القانونيين يراقبون سلوك الناس، بينما الفنانون يصنعون سلوك الناس
× دخلنا طوالي في الغريق؟
– ابن خلدون وفي فترة ثانية وفي مقدمته قال إن أولى علامات انهيار الأمم أن ينهار فيها الغناء..
تعبير أغنية الوسط عدائي وكاذب ويدمر البلد كما الحركات المسلحة
× نبدأ يا عم؟
– … نبدأ نعم.. الآن توجد بعض الأصوات تحرص على فن (الغنا) وأخيراً وجد تقديره والنظر له بعين الاهتمام
× ما رأيك فيما يسمى بأغنية الوسط وهل ستجمع الذوق السوداني في حزمة واحدة؟
– تعبير أغنية الوسط عدائي وكاذب وهناك من يدفع أموالاً من أجل انتشار هذه الثقافة من تلوين الغناء السوداني بجهات وجغرافية، انظر لرموز الغناء، خليل فرح (جاي من جزيرة صاي) من أقصى الشمال وأحمد مرجان السيد من كردفان وحسين بازرعة يكتب للأشواق السودانية ولحنجرة عثمان حسين (دول رموز أغنية الوسط) ولا أعني ذلك الوسط.
× (هناك من يدفع من أجل انتشار أغنية الوسط) لم أفهم؟
– نعم مدفوع الأجر زي دفع الأجر للحركات المسلحة من جهات أجنبية لتخريب الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي القائم وتشجيع أغنية الوسط جزء من الحرب على السودان.
(دي حرب) طبعاً هناك جهات تريد تمزيق فن الغناء، وأقيمت له جمعيات بأسماء خادعة مثلاً الجمعية الأدبية لفناني نهر النيل ويبذلون أموالاً وجهداً وبحوثاً
× طيب… دول عاوزين إيه..؟
– (لا تكن طيباً) ديل عاوزين إضعاف الغناء الوطني والهدف المركب هو إضعاف الوطن في مكوناته الطبيعية.
× نحن عندنا مشكلة.. الناس خارج حدودنا لا يفهمون الغناء حقنا ويقولون لدينا لهجة لاهثة أي سريعة ولا تفهم؟
– الكلام دا غير علمي وحجة فارغة ساكت ويكفي النظر لتجربة سيد خليفة في (المامبو سوداني وأزيكم)..
× برضو مشكلة سلمنا الخماسي مع السباعي؟
– هم عاوزين نطلع من السلم الخماسي ليستمع لنا العالم ودي دعوة باطلة وضيقة ومليئة بالمغالطات كما ذكرت في تجربة سيد خليفة مسموعة في كل العالم العربي والأفريقي بذات السلم الخماسي وما لا يعلمه دعاة التحول للسلم السباعي أن ثلاثة أرباع أي 75% من سكان العالم يستخدمون السلم الخماسي الصين والهند منهم ومصر
× حاضرنا في الفرق بين الخماسي والسباعي؟
– السلم السباعي له علاقة بالبحار والحضور الدائم في مكان واحد والأنغام بشتى أنواعها تخلقها الحركة ونحن ناس رعي وتجارة، وحركة الإنسان نفسها تخلق النغم والغناء.. خذ مثلاً حركتنا في العبادة والعمل والحرب (كلها) خلقت الغناء بتاعنا.
× مصر القريبة دي لا تسمع الغنا حقنا كما ينبغي؟
– (دا كلام ساكت) أنا قعدت في مصر 8 شهور لأفهم غنا محمد عبد الوهاب وأذكر كان الكابلي يغني في مصر (شذى زهر) فعلق زميل مصري قائلاً: صوته جميل، لكن يا ريت لو يغني بالعربي وطبعاً هي من كلمات العقاد وكابلي يغنيها بالعربي الفصيح..
× بصراحة نحن الغناء حقنا غير مسموع في بقية العالم العربي؟
– صدقني المسألة مرتبطة بالاقتصاد وأنا شاهدت قهوة في لندن 24 ساعة تستمع للأغاني السعودية بسبب الرواد السعوديين في تلك القهوة بسبب الطلبات وتقدير صاحب القهوة لمزاج زبائنه وانظر للأغنيات الخليجية منتشرة لذات السبب الاقتصادي والرواد وسائق التاكسي حريص أن يسمعك أغنياتك المحببة ولذلك لا تجد أي انتشار للأشرطة السودان في العالم العربي (السودانيين ما بيشتروا)
× الفن والاقتصاد؟
– قوتك الفنية دعم لقوتك الاقتصادية والعكس أيضاً صحيح والمجالات الأخرى من رياضة وصناعة وزراعة محكومة بذات الفكرة الاقتصادية في أسباب انتشار الغناء
× الفكرة تعقدت شوية حينما ذكرت الرياضة والزراعة والصناعة؟
– لماذا تحتفل الأمم بمن يفوز لها في الأولمبياد طبعاً تحتفل لأنو دي صورتها ومن يقفز بالزانة يقابل الرئيس احتفالاً به والفنون دليل على حسن الأداء في الأمة.
× ندخل على الحقيبة؟
– النص الكلامي (الشعر) طبعاً ليس هو الغناء، بل الغنا هو فقط المطرب لا قبل ولا بعد.
× الحلنقي وبازرعة وإسماعيل حسن؟
– دول الكبار ما قلنا حاجة، ولكن الغنا هو المطرب (خدها كدا واسكت)
× فن الأداء والحضور؟
– ثلاثة نماذج فقط سرور والكاشف ومحمد عثمان وردي وخلاص.
× الحلنقي كتب عصافير الخريف؟
– الحلنقي كتب عصافير الخريف ولكن بعد الأداء والحضور (الحلنقي مع السلامة).
× ظلمت شعراء الغناء؟
– حينما يغني سرور ينسيك الكلمات (صوته والأداء)؟
– × كيف بدأت الحقيبة كفن؟
– في 1923 ظهروا خليل والعبادي وسيد عبد العزيز وأبو صلاح وهم من مواليد القرن السابق وبدأت الحقيبة بداية غريبة، فالخرطوم في تلك الأزمنة كانت مرتبطة بالعالم الخارجي بصورة أقوى، فظهرت الأسطوانات اليونانية والإغريقية والنمساوية كما ظهر فيها فن الفونغراف، وانتبه ذاك الرعيل بضرورة ظهورهم كحاجة وطنية مع الزخم الأجنبي وفي 1927 بدأ الغناء السوداني وتوحدت الأذن السودانية، العامية والوجدان (يا سليم الذوق) و(الدم الشربات مكملو)
× الجيل الحالي لا علاقة له بفن الحقيبة؟
– خاصة في عهد السماوات المفتوحة وتخوم العالم يتأثر ببعضه وما معقول في مونولوج نجيب نانسي عجرم ودا معناه رحنا في ستين داهية ومعناها نحن طلعنا خارج الفعل الإنساني وحينما يغترب الإنسان من جغرافيته معناه فات وانتهى ومات.
× محطات الإف أم؟
– ملأت الفراغات بتلك الأغاني من خارج حدودنا ودا هدم واضح للأغنية السودانية والوطنية، وأظن أن البت السودانية لا تستطيع أن ترقص في أغنية لأم كلثوم، بينما هي تذوب في أغنية (أنا يا البلال تزورني مرة).
× الفرق إيه؟
– الجينات داخل الأغنية وبدأ الرقص أولاً، ثم جاء فن الغناء لاحقاً
× أنت زعلان ولي خائف؟
– خوفي على الأجيال لخبطتهم الدنيا ومحتاجين حماية.
× ما عارف ليش تذكرت زيدان إبراهيم (الله يرحمه)؟
– زيدان عازف صفارة يجمع نفسه في صدره ويوزعه بحرفة وفنيات عالية ودي نفسها طبيعة عبد الحليم، عازف وكأنه ماسك صفارة وعندو إحساس (التحشيد) وعشان كدا بيظهروا مرضانين جداً بسبب صدقهم في الأداء (التفاني) وزيدان جسمه تعبان لكنه يغني (صاح)
× العملاق وردي؟
– وردي غنى كفنان سوداني وجسد روح النوبة في الموسيقى بشكل بديع، انظر (يا بلدي يا حبوب) الجملة الموسيقية العملا في يقظة شعب غير متوقعة من بشر عادي.. عربا بحق حملناه.. وفعلاً حول التراث النوبي لنغمات موسيقية.
× ولكن بوعي؟
– يا سلام عليك (بوعي) دي رهيبة وأدرك وردي أن المطرب (فيه) هو صاحب العمل، لا الفرقة ولا الشاعر (صوته وبس) وكان بارعاً جداً فيه وكان واعياً ومحترماً لحياته وفنه ووجوده.
× يا طير يا طاير؟
– وبيني وبينك والأيام ونور العين.. إسماعيل حسن دا كمان مختلف جداً
× وكابلي؟
– كابلي الشاعر المغني ومثله عاكس المسألة محمد عوض الكريم القرشي المغني الشاعر وكابلي (عندو خيال مختلف).. شايفك طربانة) وطريقته في الغناء بديعة شوية لا يهتم بالرباعيات والمقاطع وممكن يغني ثمانية مقاطع بنفس واحد باستمرارية..
× كل فنان ظل مرتبط بأغنية تمثله بالكامل؟
– زي (في الليلة ديك) لزيدان وأغنية البيعو ود حلتي (صورتك الخايف عليها يا اخي ببروزا شيلا).
× في الحقيبة مساحة البوح واسعة وفي كلمات صعبة في النصوص المغناة؟
– المجتمع كان كدا واستمع للعبادي
× ما رأيك في الغناء الهابط؟
– الغنا الهابط يعني عدم القدرة كلياً على الغناء الجيد زي (الشمار كتير أنا تاني ما بأجي).. طبعاً دا لا علاقة له بالغناء وهو مجرد كلام فارغ.
× ندى القلعة؟
– أنا كلمتها قلت ليها زمان أختك عاشة الفلاتية قالت لينا (اعملوا لي غنا زي غناهم دا) وتقصد الكبار على أيامها وندى عندها قدرة من غناء البنات والدلوكة الخفيفة.
× مصطفى سيد أحمد؟
– دا بقى الفنان المظلوم حقيقة ظلم الحسن والحسين، ملحن ومؤدي لا يختلف عن الكبار زي الكاشف بالضبط.
× ومن الذي ظلمه؟
– جمهوره في المقام الأول، لأنه نظر للكلمات المغناة ولم يعيش الأداء والحضور الفنان للفنان مصطفى ولا للجمل الموسيقية، كانوا فقط مشغولين بكلام الشاعر في أغنياته.
× خسارة طبعاً وفكرتك تبدو ذات منطق؟
– سنكتشفه لاحقاً بأنه مطرب عظيم.
