صحافة القذف بالحذاء

مدارات وأجراس
فيصل الباقر
ھل تعود صحافة التعبیر بالقذف بالحذاء للواجھة؟! صحفیة سودانیة تعید
(2 من 1 سیناریو تعبیر قدیم ، ابتدره صحفي عراقي ، وقلّده ناشط یمني) !.
مدار أوّل :
“فقُل لِمن یدّعي فى العِلمِ فلسفة .. حفظت شیئاً ، وضاعت عنك أشیاء” ((أبونواس)) .
-1- أعادني/ ا مشھد (فیدیو) قذف الصحفیة صفاء عثمان الفحل ، للسیّد التوم ھجو – ومن معھ فى المنصّة – بحذائھا، فى المؤتمر الصحفي الذي عقدتھ (مجموعة المیثاق الوطني للحریة) .
– (الحادثة مشابھة ، 2022 ابریل 5 والتغییر) ، بوكالة السودان للأنباء (سونا) ، یوم الثلاثاء –
وھي الأشھر -فى تقدیري- یوم أن قذف الصحفي العراقي مُنتظر الزیدي ، الرئیس الأمریكي جورج دبلیو بوش بـ(زوج) حذائھ، واحداً تلو الآخر ، مصحوباً باللعنات !، وكان بوش على 2008 دیسمبر في 14مؤتمر صحفي محضور ، عُقد ببغداد فى یوم الأحد مقربة من ترك منصبھ ، بعد حوالي خمسة اسابیع ، بعد تنصب خلیفتھ باراك أوباما ، كأوّل
رئیس أمریكي من أُصول أفریقیة ، من كینیا.
-2- تفاصیل حادثة (حذاء الزیدي) موثّقة ، وتحفظھا -للتاریخ – موسوعة (ویكیبیدیا) ، وغیرھا
من (أراشیف) منظمات حریة الصحافة وحریة التعبیر ، ومنظمات حقوق الإنسان ، كما تحفظھا أضابیر أجھزة الأمن والمخابرات ، وقاعات المحاكم فى العراق ، ….. إلخ ، ومن قبل ، ومن بعد ، الذاكرة الشعبیة فى العراق -وربّما غیر العراق-، وبھذا ، تدخل الصحفیة السودانیة صفاء عثمان الفحل ، التاریخ، -ربّما- من نفس الباب ، الذي دخل منھ الصحفي العراقي مُنتظر الزیدي ، أو من بابٍ آخر ، أوسع أو أضیق -لا فرق-، ویبقي أنّ التعبیر عن (الرأي) بالقذف بالأحذیة ، واحدٌ ، وإن تعددّت الأسباب ، واختلفت الأزمنة
والأمكنة ، ولربّما السیاق الذي حدثت فیھ الحادثة!.
-3- بعد حادثة الزیدي ، صرّح نقیب الصحفیین العراقیین مؤیّد اللامي ، أنّھ “علم من مصادر
رسمیة رفیعة ، بإحالة الصحفي مُنتظر الزیدي ، للقضاء العراقي ، دون التمكّن من معرفة
طبیعة التُھم الموجّھة إلیھ” !، وأضاف معبّراً عن موقف النقابة ، بقولھ : “نسعي للحفاظ على
حیاتھ ، وكرامتھ ، ونحن نعمل لحریتھ وفق قانون العفو العام ، و(منتظر) لم یسجل فى ماضیھ ، أنّھ اساء لأحد ، وما حصل یُعبّر عن احتقان شخصي ، رُغم أنّھ لیس من أدوات
العمل الصحفي”!. وختم اللامي تصریحھ بالقول : “طلبت زیارتھ وأنتظر الجواب” !…
وعموماً ، فإنّ قصّة الزیدي وتداعیاتھا ، والمواقف منھا ، مبذولة فى الأسافیر، لمن رغب/ت .
-4- فى الاستزادة ، فالذكري -بلا أدني شك- تنفع الجمیع ، وبخاصّةً الصحفیین والصحفیات !.
نعم ، تحفظ ، (ویكیبیدیا)، وذاكرة (الأراشیف) المختلفة ، أنّ مُنتظر الزیدي ، وأربعة من
زملائھ الصحفیین العاملین فى قناة (البغدادیة) تعرّضوا للضرب الشدید ، وتمّت “تعریتھم”،
بعد حادثة (القذف بالحذاء) ، وقد أُطلق سراح الصحفیین الاربعة -لاحقاً – بعد تدخُّل السفارة
الأمریكیة ببغداد ، من أجلھم ، ومطالبتھا لحكومة رئیس الوزراء العراقي نوري المالكي ،
بإطلاق سراحھم ، بإستثناء الزیدي الذي بقي معتقلاً ، و”مُنتظراً”، ومُتحفّظاً علیھ، لفترة،
لدي الأمن التابع لرئیس الحكومة، إلى أن حُوكم قضائیاً .. كما تحفظ -الأراشیف- أنّ ھو ذاھب لمقر عملھ ، 2007 نوفمبر 16الزیدي ، سبق أن تعرّض لحادثة اختطاف ،ثُمّ أطلق الخاطفون سراحھ فى الطریق العام ، وھو معصوب العینین ، بعد ثلاثة أیّام ، تعرّض فیھا لأشكال مختلفة من التعذیب ، من بینھا الضرب، حتّي وصل لمرحلة فقدان الوعي !.
– 5- تقول الأراشیف أنّ قناة (البغدادیة) كلّفت أربعة محامین “أجانب” وإثنین من “العرب”،
للدفاع عن الزیدي ، كما تبرّع وجھاء عشائر بمحامین للدفاع عنھ ، وقد وصل عدد
محامیاً عراقیاً ، وعدد كبیر من 150المحامین/ات المدافعین عنھ ، فى بعض الروایات إلى المحامین العرب، و”الأجانب” !… ویومھا تنوّعت ردود الأفعال فى المجتمع العراقي ، والعربي ، وحتّي العالمي ، من حادثة قذف الرئیس بوش بالحذاء ، التي قام بھا الصحفي
العراقي ، بین التایید ، والمعارضة ، وانقسم الشارع العراقي ، والعربي ، بین مؤیّد ومُعارض
للفعل ، وقد توزّعت المواقف ، وردود الأفعال ، فى مناخ الاستقطاب الحاد بین السیاسي ، والطائفي ، والمھني ، والقانوني ، والحقوقي !..
-6- ومن غرائب وعجائب الأقدار ، أنّ منتظر الزیدي، عاد ، وشرب من ذات الكأس الذي سقي
منھ الرئیس بوش ، وتجرّع نفس السُم ، وأظنّھ، ذاق مرارتھ لدي المُعتدي علیھ ، إذ تعرّض
صحفي عراقي فى باریس اسمھ سیف الخیّاط ، وقذفھ بحذاء له ، نجح 2009 فى دیسمبر
– الزیدي – فى تفادیھا ، كما تفادي بوش حذاء الزیدي !.. وممّا یُحمد لمنتظر الزیدي ، أنّھ
أمر حُرّاسھ بعدم ضرب -ابن جلدتھ- الصحفي العراقي ، الذي قذفھ بالحذاء ، فخرج سبف
الخیّاط، من دون فردة حذاء ، وفى ذات الوقت ، من دون ضربٍ ولا “لكمٍ”، أو”تعذیب” !.
-7- وعلى طریقة مُقاربة لعملیة حذاء بوش ، ھناك حادثة وزیر الإعلام الیمني، عبد السلام على جابر ، الوزیر”المنشق” عن ملیشیات الحوثي ، الذي تلقّي “قذیفة حذائیّة”، فى أرض ، أطلقھا ناشط یمني، اسمھ ناصف السقّاف (مواطن صحفي) ، 2011 سعودیة ، فى نوفمبر
حیث كان یُلقي عبدالسلام، كلمةً فى مؤتمر صحفي أُقیم بالریاض ، وقد حاول عبد السلام ، على إثر ذلك “القذف بالنعال” التوقُّف عن الكلام ، والإنسحاب من المؤتمر الصحفي ، لكنھ ،
عاد استجابةً لطلب المضیفین !.
-8- وتُفید الواقعة أنّ المواطن الصحفي-السقّاف- الذي تعرّض للوزیر ، وتصدّي لھ ، وقذفھ بالحذاء ، كتب -یومھا- فى صفحتھ فى الفیسبوك قائلاً : “وزیر الإعلام المنشق ، الذي
صار (شرعیة) بعد أربع سنوات من سفك دماء الشعب الیمني ، قمت أنا وبكامل قواي العقلیة ، وفى قمّة القھر الذي “شفتھ” منھم ، والذي عشتھ مع أخواني ، فى المقاومة فى باب المندب ، من قتل وذبح لأخوتي فى الجبھات ، برشقھ بحذائي، أكرمكم الله”!.
– 9- وكالمعتاد ، تباینت ردود الأفعال والأقوال ، حول حادثة قذف الوزیر الیمني بالحذاء ، وظھرت (تغریدات) مختلفة، بعضھا محتفیة بالقذف الحذائي ، وداعمة لھ ، وغیرھا رافضة ومنتقدة ، لعملیة قذف الوزیر بالحذاء. ومن المھم الإشارة ، إلى أنّ الناشط السقّاف ، شوھد
-حسب مقاطع فیدیو منتشرة- وھو تحت سیطرة رجال أمن سعودیین ، قبل إخراجھ من القاعة !. نكتفي بھذا السرد التاریخي ، وبما ورد فیھ ، من (توثیق) ، من حادثتي الزیدي والسقّاف “عربیّاً”، ونعود -فى الجزء الثاني من ھذا المقال- لحادثة حذاء الصحفیة
السودانیة صفاء الفحل ، التي أعادت حادثة الصحفي العراقي مُنتظر الزیدي للواجھة !.
و”للحدیث بقیّة” !.
جرس أخیر :
“فكم بالعراق طریدٌ شریدٌ … وبالأفغانِ صُنوفُ البلاء …رمتك دموعُ الیتامى النّشامى …
ولعنُ الثكالى وشكوى النساء”
((عبد الرحمن الطقي)) .
وبالقذف بالكلمات أجدع منكم!
If you mess with the bull, the bull will make your close friend throw his semen into your mouth!!