مقالات وآراء

من هنا يبتسم النهر القديم 

ياسر الفادني 
 
بالتأكيد يبتسم النهر القديم لمن ؟  لبعانخي ولتهراقا والمهدي … لعلي عبد اللطيف ولعبد القادر الحبوبة  للقرشي … ولكل محب لهذا الوطن الغالي ،  أجمل واعذب كلمات خطها ورسمها لوحة وضعت من بورتريه من نور ألوان في حب الوطن صممها الشاعر الراحل د .مبارك بشير طيب الله ثراه ، كلمات كلها مفعمة بحب تراب هذا الوطن ،  تقدس له أيما تقديس ، وتنادينا خفاقا  كخيول الريح في جوف العتامير  تنادينا … لك يا أرض البطولات وميراث الحضارات … نغني اليوم في عرس الفداء ، صدح بذلك غناءا  الراحل المقيم العظيم فنا والفخيم صوتا محمد وردي
د. مبارك بشير يعتبر واحد من أساطين الشعراء السودانين  وفحولهم ،  أثري الساحة الشعرية السودانية بفن سام وجمال سحره وعطره آخاذ  ، عشق فيه الجمال وعشق في شعره هذا الوطن الخالد الوطن الذي يسع الجميع ، مجد فيه الذين ارتقوا فداءا له وظلوا في ضفاف جنة الخالدين ، نذكر الآن جميع الشهداء… كل من خط علي التاريخ سطرا من دماء … نذكر الآن جميع الشرفاء … كل من صاح في وجه الظلم لا … لا … لا  .
درر من عقد الكلام الماسي نظمها هذا النحرير ، لعب في رائعته بنرد اللغة لعبا جميلا ممتعا مسليا كل مايرميه يتحصل علي العدد الكامل ، يختار المفردة إختيارا ، يضع عليها الألق الموسيقي الشفيف بعصف ذهني راقي ثم يكتبها حبرا  من ذهب يلمع كلما يظهر ويتمرد لمعانا إذا اختفي ،  نحن أبناؤك في الفرح الجميل … نحن أبناؤك في الحزن النبيل … ونغني لك ياوطني كما غني الخليل … مثلما غنت مهيرة تلهب الفرسان جيلا  بعد جيل … ونغني لحريق المك في عمق الدخيل … للجسارة حينما استشهد في مدفعه عبد الفضيل .
مبارك بشير نشأ في كنف أسرة دينية ، درس القرآن وتحلي بجبة الصوفي المتحلق دوما حبا لله وعشقا لذكره ، استفاد في نضمه للقصيد من دراسته للفلسفة واللغات من جامعة الخرطوم واستفاد من عمله في مصلحة الثقافة آنذاك ، كل هذه المحفزات انطبعت علي نبضه ورسخت مفرادته وانارت عباراته الجزلة ووضعته في الريادة الشعرية في هذه البلاد ، نكحل اليوم ماقينا بمرواد الصلابة … وإيمان  كإيمان الصحابة … سوف نفديك دواما … ونناجيك هياما … فلتعش حرا أبيا في مهابة .
هذا العسل السوداني الخالص المصفي الذي صنعاه شاعرنا القامة والفنان الخالد وردي ، بلاشك كان نتاج  من خلية اجتهدت فيها ملكات الكلمات شعرا جميلا وصوتا فريدا اخرجت نهر حب لهذا الوطن من عسل مصفي لذيذ للأكلين ، فيه شفاء لكل داء فيه كراهية لهذا الوطن الغالي ، مشروبه لذيذ ولونه فيه جمال الصورة وحلاوة المعني وطلاوة المبني .
للأسف هذه القصيدة فقط نسمعها عندما تكون هنالك مناسبة وطنية فقط  تذاع عبر مكبرات الصوت فقط ، هذه الكلمات يجب أن تترسخ في كل قلب وعقل سوداني وتحفظ عن ظهر قلب ، هذه الكلمات يجب أن تدرس ليعرفها جيلا بعد جيل ، هذه الكلمات ارسلها لكل سياسي أو عسكري يظلم ويقصي أخاه ،  هذه الكلمات تنبذ الخلاف والاختلاف وتناسي مرارات الماضي والنظر بعين ثاقبة وقلب حنين لهذا الوطن الذي إن لم يتوافق أبناؤه سوف يضيع ويضيع ، فيا سياسي وعساكر بلادي اصنعوا لهذا الوطن عرس الفداء .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..