مقالات سياسية

تنسيق المبادرات …. ضوء في آخر النفق!

محمد التجاني عمر قش

بدون أن نفرط في التفاؤل نستطيع القول بأن السودان مقبل على فترة انفراج فيما يتعلق بالوضع السياسي الداخلي؛ نظراً لطرح مبادرات وطنية كثيرة جميعها تتحدث عن ضرورة توحيد الصف الوطني لإخراج البلاد من عنق الزجاجة الذي دخلت فيه مؤخراً.

وهذه المبادرات في حد ذاتها تعد مؤشراً إيجابياً يشير إلى أن قادة العمل السياسي والفكري قد انتبهوا لخطورة الوضع والشتات الذي تعاني منه الساحة السودانية على كافة الأصعدة، وهذا ما جعل كثيراً من الناس يسعى للإدلاء بدلوه في هذا المسعى الوطني الذي يتوقع له أن ينتشل السودان مما يمر به من وهدة فظيعة كادت تنسف استقرار البلاد أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وتجاوز عدد المبادرات، بما فيها مبادرة الميرغني، عشرين مبادرة وهي تلتقي بما يقارب 70% وتختلف في مضمونها بما لا يتجاوز 30%، وهذا يعني أن هنالك أساس للتوافق الوطني، الأمر الذي يرجى أن يقود التعيين الصورة البارزة للمقالةسودان نحو الاستقرار وتجنب الحرب الأهلية والدمار. في هذا الإطار، نظم المركز الافريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول، بالتعاون مع مركز دراسات السلام والتنمية بجامعة بحري، ورشة حول صياغة مقترح نص توحيد المبادرات الوطنية بحضور ممثلي الأحزاب السياسية، وحركات الكفاح المسلح وقيادات منظمات المجتمع المدني. ومن المعلوم أن المركز الإفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول هو منظمة مجتمع مدني مستقلة تأسست في نوفمبر 2019 وهي تعنى بدعم الفترة الانتقالية، وإنفاذ اتفاقية سلام جوبا وتقوية علاقات السودان بمحيطه الإفريقي وبناء قدرات الشباب وتعزيزها.

 

إنّ هذا المركز هو مؤسسة وطنية خالصة تخضع لنظامها الأساسي ولها أدارتها الخاصة. وهو أول مركز من هذا النوع في السودان، وهو يتيح فرصة للشباب لرفع كفاءتهم في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية وحتى الرياضية فضلاً عن تدريبهم فيما يتعلق بطرق البحث في السياسة والاقتصاد والسلام. ومن أجمل ما قام به المركز في سبيل تحقيق أغراضه هو التعاون والتنسيق مع مركز السلام بجامعة بحري، فكلاهما مركزان وطنيان للبحوث، وبهما خبراء مقتدرون يعملون ويبحثون في مجالات شتى بجهد وطني خالص. وبهذه الصفة تكون هذه المراكز موضع ثقة لدى الجميع؛ نظراً لكونها ذات طابع بحثي وليس سياسياً؛ كما أنها تتمتع بقدر من المصداقية والخبرة في هذا الصدد؛ وهي لذلك جديرة بأن تتصدر لتنسيق المبادرات الوطنية، ولعمري هذا جهد يمثل ضوءً في نفق الوضع الراهن في السودان، ونسأل الله أن تكلل هذه المساعي الحميدة بالنجاح. وبحسب ما ذكر الدكتور محمود زين العابدين، مؤسس المركز الإفريقي، فإن أساس فكرة الورشة هو النظر في كافة المبادرات الوطنية المطروحة، من أجل إيجاد مقاربة بينها؛ خاصة وأنها تتفق في كثير من الآراء والمقترحات بنسبة تجاوزت 70%، مع اختلاف لا يكاد يذكر في بعض وجهات النظر. وهذا يعني أن ثمة توافق كبير بين أصحاب هذه المبادرات، الذين أقروا المقاربة، بعد انسحاب مركزية الحرية والتغيير وأساتذة جامعة الخرطوم بذريعة وجود العسكر ضمن الحضور في تلك الورشة. وقد انبثقت من تلك الورشة آلية للتواصل مع أصحاب المبادرات وكونت لجنة صغيرة لكتابة النص النهائي للوثيقة التي لن تكون إعلاناً سياسياً بل هي مجرد نص لتوحيد المبادرات المقترحة.

 

وأكد الدكتور زين العابدين عدم نية لدى المشاركين في الورشة أن يشاركوا في الحكم أو أن يطالبوا بمحاصصة في الحقائب الدستورية والوزارية، سواء على مستوى التنظيمات السياسية أو منظمات المجتمع المدني، بل القصد هو تقريب الشقة وردم الهوة بين المبادرات والقوى السياسية بمختلف مشاربها. ومن أجل بناء الثقة وتهيئة الظروف، فإن الورشة تقترح وتشجع اتخاذ إجراءات ضرورية تشمل ولا تقتصر على إطلاق جميع المعتقلين السياسيين، ما عدا أصحاب التهم الجنائية، ووقف الاعتقالات وإتاحة الحريات الصحفية، ووقف اعتداء المتظاهرين على القوات النظامية، وتهيئة الظروف المناسبة لعمل مؤسسات الدولة. ويرى المشاركون في الورشة عدم الحاجة لمجلس تشريعي في الوقت الحاضر، نظراً لقصر الفترة، ويقترحون تشكيل مجلس سيادي مع تقليص العضوية، ولا بد من وجود مجلس وزراء، على أن يكون له رئيس من ذوي الكفاءة والقدرة. ومن الضروري وقف خطاب الكراهية الذي انتشر في وسائط التواصل الاجتماعي مؤخراً.

وأمنت الورشة كذلك على مراعاة الأقاليم التي تأثرت باتفاقية سلام جوبا وظهرت فيها أصوات تنادي بالإنصاف والتمثيل.

ومهام حكومة الفترة الانتقالية تشمل ضبط الوضع الأمني والالتفات إلى معاش الناس وبسط هيبة الدولة وسيادة القانون والسعي لتطوير الاقتصاد وتقديم الخدمات الأساسية ووضع خطط وبرامج للتحول الديمقراطي، وضمان هدوء الشارع بالطرق السلمية، والتفاوض مع جميع الأطراف من أجل بناء الثقة، وإنفاذ اتفاقية سلام جوبا.

ومن مهامها أيضاً وقف التدخلات الخارجية في السياسة الوطنية وعدم التدخل في شؤون دول الجوار في محيطنا الإقليمي، والمحافظة على المواثيق الدولية، دون الدخول في تحالفات.

وهنالك أمور تركت للحكومة المنتخبة منها مسألة الهوية وعلاقة الدين بالدولة. عموماً لن يكون هنالك شيء تحت الطاولة، فالشعار هو الشفافية والوطنية، والعزة للسودان.

[email protected]

تعليق واحد

  1. يا عمر قش وهل اعتدي المتظاهرون علي القوات النظامية؟ ومن يملك السلاح يا منافق! ، مبادرتكم ملغومة والشعب لا يق فيكم، اذكر لنا اصحاب هذه المبادرات، هل هم ناس مبارك الفاضل، او ناس غندور، او ناس التور هجور، او برطح تنسيقكم بخيت وسعيد عليكم وحدكم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..