مقالات وآراء
الانقلابيون لماذا يستهدفون استقلال الجامعات؟

خارج السياق
مديحة عبدالله
يعمل الانقلابيون بشكل ممنهج لضرب إنجازات الثورة في شتى المجالات، ومستهدفًا استقلال الجامعات قام قائد الانقلاب بإصدار قرار قضى بإقالة (30) من مدراء الجامعات السودانية، وحل مجلس امناءها، حيث شعر بالخطر على سلطته الدكتاتورية من معارضة أساتذة الجامعات للانقلاب، فرفضوا قرار الإقالة وأعلنوا الدخول في إضراب مفتوح، وسارع أساتذة عدد من الجامعات لتقديم استقالات جماعية، وأوضح رئيس مجلس جامعة الخرطوم في بيان صحفي أن القرار ليس له سند قانوني أو دستوري، وأن مجلس إدارة جامعة الخرطوم المحلول يتمتع بالحماية القانونية خلال سنواته الأربعة، ولا تملك أي جهة صلاحية حله.
لكن منذ متى يحترم الانقلابيون القوانين؟ ومن يتوقع منهم احترام العلم والعلماء والجامعات؟ فاستقلال الجامعات يشكل خطرًا على الانقلاب منذ أن بدأت الجامعات السودانية تستعيد شيئًا من دورها الريادي في المجتمع عقب ثورة ديسمبر، حيث شهدت قاعات جامعة الخرطوم على سبيل المثال نقاشات حرة مفتوحة حول الوضع السياسي والعدالة الانتقالية، وتقدم أساتذة الجامعات بمبادرات لحل الأزمة السياسية المتفاقمة بسبب الانقلاب، وشرعت كليات في بعض الجامعات في المساهمة في بحوث في مجال البيئة وغيرها..
وعلى مستوى البيئة الداخلية للجامعات تنفست هواءً نقيًا عقب الإطاحة بسدنة النظام البائد الذين حولوا الجامعات (لأوكار) لتنظيم الإسلاميين، وشهدنا أنواعًا من التمكين وصل مرحلة التجاوز في الأسس العلمية لدخول الجامعة لمن اُطلق عليهم (الدبابين) واستغلال مرافق الجامعات لما يخدم مقاصد التنظيم، فاستشرى العنف وسط الطلاب، وساد الإكراه والقسر ضد المعارضين باستغلال لوائح جامعية تمت للعصور الوسطى خاصة ضد الطالبات..
ما يحدث ردة تامة، لا يمكن مقاومتها بالاستقالة الجماعية، لأنها ليس معركة تخص الجامعات والأساتذة فقط بل هي معركة سياسية اجتماعية، كجزء من مقاومة شاملة للانقلاب، فالقرار الانقلابي سيكون له تأثير سلبي على استقرار الجامعات، ويهدد ذلك بفتح مزيد من الأبواب لهجرة الكفاءات العلمية، وهجرة الطلاب نحو الجامعات الخاصة، وتدمير كل عمل تم لاستعادة نقابات الأساتذة وكل نواة لحرية البحث العلمي، ويقتضي ذلك وضعها في إطار قضية الحق الاجتماعي في التعليم العام والعالي كأحد أهداف ثورة ديسمبر التي يناضل شعب السودان لتحقيقها.
الميدان