بطاقات مشعثة (21)

معتصم الحارث الضوّي
(1) وقفت مجموعة من الناس في قریة الواقع لیختاروا سیارة تنقلھم عبر وادي الحلم إلى مدینة المستقبل.
وجدوا سیارتین ؛ إحداھما تحمل اسم “رزق الیوم بالیوم”، وعلى لوحتھا الخلفیة “یاخي باركوھا”، ولوحتھا
الأمامیة “كدي النشوف الحاصل شنو”.
أما السیارة الثانیة فكُتب علیھا “العمل المدروس”، ولوحتھا الخلفیة تحمل “العلم والإخلاص”، ولوحتھا
الأمامیة “الإرادة والقیادة”.. اللطیف أنھم منذ عام 1956 یتشاورون أي سیارة یختارون!! .
حدجني ساخروف بنظرة ثاقبة وغنّى بخنشوریة معھودة : ھالسیارة مش عم تمشي .. بدنا حدا یدفشھا دفشة! .
(2) ذات تجرد .. كتب الأستاذ فتحي الضو مقالة بعنوان “الحسد في السیاسة السودانیة” قعّد فیھا للظاھرة ولتأثیراتھا على واقعنا المعیش . إن شئت دلیلا فانظر كثرة المبادرات السیاسیة التي لا تختلف إلا في
الصیاغة وقاطعني .. ساخروف : ننتظر صحفیا بذات الشجاعة لیكشف بقیة العلل ! .
(3) سقط ثور ضخم على الأرض بعد أن تعرّض لسھام مسمومة.
تبادلت مجموعة من الصیادین النظرات ، وسرعان ما خلعوا بزات الصید ، واستبدلوھا ببدل باریسیة فخمة ،
واقتربوا وكل منھم یُخفي سكینا وراء ظھره ، ثم ھجموا علیھ لیقطعوا أوصالھ .
فاجئني ساخروف بصوت دامٍ : حسبك .. ثم تناول مندیلا لیمسح دموع قلبھ.
(4)
لو قضى السودانیون ربع الزمن الذي یقضونھ على الفیسبوك والواتساب في الاطلاع والتثقیف الذاتي لما احتجنا لثورة أصلا.
قال ساخروف : أعلمُ رأیك فلا تكرره : الوعي ھو المنطلق والمنتھى ، والسبب والغایة.
(5)
لماذا السیاسي عندنا محتال ولیس خادما لمصلحة الشعب؟! .
تفادى ساخروف النظر إليّ وھو یسكب الشاي : لأنھ یمثل نفسھ ولیس الشعب. لماذا أنتَ غبي؟! .
(6) بحكم المھنة والإدمان أیضا ، اتابع بصورة دوریة بعض المتحدثین عن الشؤون السودانیة على وسائل التواصل الاجتماعي.
دعك من النوع الذي یصرخ ویزبد كالمجذوب في حولیة فلا محل لھم من الإعراب ، فالمعضلة من تلتمس في آرائھم خیرا ثم تفاجئ بتذبذب مریع في مستوى الخطاب ؛ مرتفعا إلى التحلیل السیاسي تارة، وھابطا إلى دغدغة المشاعر تارة أخرى .
وضع ساخروف كتابھ جانبا وقال : الجمھور عاوز كده ! .
(7) یحیرني كرم السوداني في مأدبة شخصیة وإحجامھ عن الإنفاق على الشأن العام .
تثاءب ساخروف معقبا : لأن المأدبة مدعاة للفخشرة الشخصیة . أما دعم الشأن العام فغالبا یروح “شمار في مرقة” وسرعان ما ینساه الناس!.