المال والسلطة يعميان البصر والبصيرة

خطرفات ذاتية
سايمون دينق
(١)
لو كنت تملك وقتا عزيزي القارئ لمتابعة مجالس وجهاء البلد (اصحاب السطة والجاة) وترصد ونساتهم الروتينية.. أجزم بأنك كنت ستطرح على نفسك السؤال التالي..! كيف وصل هؤلاء الجهلاء الي ما هم عليه الان!!…. وتنتهي بك الحيرة الي لا شيء منطقي فيما يحدث ولسان حالك يردد (خائنة ما بتدي حريف).
نعم .. ثمة علاقة وطيدة بين المال والسلطة من جهة، والجهل او الغباء او الاثنين معا من جهة أخرى.. فصاحب المال او المكانة العالية غالبا يتوه في ابسط البديهيات التي يفهمها ذوي العقول البسيطة حتى المجانين، ومع ذلك تجده يصر على ان جهله هو كل الحقيقة وعلى الجميع الاقرار بها.. وللأسف الاسيف!! امثال هؤلاء يجتمع حولهم شلة من المنافقين يصفقون لهم ويجملون جهلهم المفضوح.. مما يعني بان المال في وقتنا الحالي اصبح اداء لصناعة المنافقين.
(٢)
لدى الدينكا طرفة شهيرة تصلح كنموذج للجهل او الغباء المرتبط بالمال والسلطة .. تقول الرواية ان رجل أعمي صاحب مال ونفوذ شارك ذات يوم مائدة الطعام ومع افراد اسرته وبعد انتهاء الاكل .. سال الاعمى حفيده الصغير قائلا: يا ابني إذا كان لحم الديك اشبعني الي هذا الحد وانا أعمي لا اري ما في الصحن، فكيف كان الحال مع المبصرين!!؟
اجابه الولد: لقد كان الحال مأساويا يا جدي..!
الجد باستغراب: وماذا سبب هذه المأساة!!؟
اجاب الولد، سأخبرك السبب، ولكن ليس قبل أن تجاوبني اولا على بضعة أسئلة سريعة أود طرحها عليك…!؟
الجد: تفضل يا ابني..
الولد: قبل ان يصيبك العمى يا جدي كم كان عدد افخاذ الدجاج؟
الجد: كان للدجاج فخذين.
الولد: نعم .. ويؤسفني القول ان عددها لا يزال كذلك وانت تناولت الاثنين لوحدك.
ثم اضاف الولد: كم كان عدد اجنحة الدجاج عندما كنت مبصرا يا جدي!؟
الجد: للدجاج جناحين…
الولد: صحيح.. وقد اخذتهما انت ايضا لوحدك.
ثم يضيف: كم صدرا للدجاج قبل ان يصيبك العمى..!؟ … هكذا توالت اسئلة الولد على جده حتى آخر قطعة في لحم الدجاج… حينها ادرك الجد بان المأساة انه إلتهم الجداد لوحده دون آخرين..
انتهت الطرفة.
(٣)
لا فرق بين ذلك الاعمى مع هؤلاء الذين اعمت السلطة وملذاتها بصرهم وبصيرتهم، فانه بالرغم من انهم ينعمون بكل شيء لوحدهم ومع ذلك يسود وسطهم الاعتقاد بان حياة الترف التي يعيشونها لا تساوي شيء مقارنة بما ينعم به المواطن من الامن وغيرها.. نعم، يطلقونها هكذا (وغيرها) على “البياض” دون تحديد شيء معين … هل تصدق ان بعضهم كان ينكر حتى وجود ازمة سياسية في البلاد!؟ وبعضهم الآخر حمل المواطن الجنوبي مسؤولية الضائقة الاقتصادية باعتباره (مواطن كسلان ما بشتغل)..!! وناكر جميل.
(٤)
اذكر قبل بضع سنوات مضت كنت داخل حديقة فندق جنوب السودان في مدينتي الجميلة “اويل”.. كان يجلس الي جواري احد وجهاء المدينة يشغل منصباً مرموقا في القوات النظامية.. بدأ وكأنه مشغولا بالهاتف قبل ان يشير لي ويطلب مني الرحيل لانه يحتاج الي مكاني هذا كي يجلس فيه أحد ضيوفه القادمين، امتثلت لأمره دون تردد، ولكن فضولى منعني ان اذهب بعيدا…
حضر اربعة اشخاص وانضموا اليه وبعد لحظات جاءت امرأة ثلاثينية وجلست معه في نفس المكان الذي غادرته.. ساد الهدوء لمدة دقيقة ثم بدأت مسرحية محاكمة هزيلة وغير نزيهة.
يقول “وجيه المدينة” انه يشك في ان زوجة ابنه التي تجلس معهم الان على علاقة برجل آخر غير ابنه، لذلك هو يطلب من الحاضرين بان ينتزعوا منها الاعتراف بهذا الرجل الخفي وتكشفه للعلن.. غير انه كان للمرأة منطق آخر، تقول هي في حجتها ان هذه التهمة الاخلاقية القبيحة لم يوجهها لها زوجها الذي يشاركها الفراش وهو موجود، وتتساءل.. كيف لهذا العجوز ان يدعي ما لم يقل به زوجي!؟
المنافقون الاربعة تململوا في الحديث، والتزموا المنطقة الرمادية ولم يجاهر ايا منهم بالحق امامه..
(٥)
احيانا يأخذ الكثيرون منا ما يتلفظ به (اصحاب الجاة والسلطة) من قبح القول على انه (شطحات) تصلح للتندر فقط..!ويغفلون خطورة هذه الشطحات، وهي ان هؤلاء فعلا يعنون ما يقولون ويتعاملون مع الناس على هذا الاساس.. واعتقد كلنا ضحكنا على وقع حديث ذلك المسؤول المنتشر في وسائط الميديا الذي كان يتغزل في مناسبة اجتماعية فخذله التعبير، اذ قال امام الحشود دون ان يرف له جفن .. ان رؤيته لاي إمرأة جميلة وهي تمر بالقرب منه يصيبه بالغثيان وتنتابه الرغبة الشديدة باخذها الي اي مكان ينفرد فيه بها.
هل سمعت يوما عزيزي القارئ بان (الشهوة الجنسية) يمكن ان تصيب صاحبها بالغثيان…!!؟ هذا غيض من فيض المهازل للذين يتولون امرنا … لله درنا.
وألقاكم.
جوبا ـ جنوب السودان
صدقت يا صديقي سايمون وهذا حالنا ايضا في الشمال كما في الجنوب
هم نفس الطينة يا صديقي واخي
صنف واحد سواء قي جنوبنا الحبيب او الشمال
لله درنا