شوكت … الشوكة التي أناخت بعير المفلسين

عبدالحفيظ محمد عثمان
ضجت الأسافير بالأمس بسبب التسجيل الصوتي المصاحب للنقل التلفزيوني لمحاكمة مدبري انقلاب يونيو 1989م. وقد كانت للعبارات التي نقلت في وسائط اكبر الأثر في تلكم الضجة، وذلك الإستنكار الذي قابله حديث المحاميين خلال الجلسة وهم في غفلة من أمر المايكرفون المفتوح الذي نقل همساتهم الى العالم أجمع، وما تضمنه حديثهم من سب للعقيدة في نهار رمضان، إضافة الى الألفاظ العنصرية النابية التي قيلت في حق مدير التلفزيون السابق/ لقمان احمد.
وعلى الرغم من عدم التاكد من صحة التسجيل من قبل جهة محايدة، فقد إنبرى اعضاء الجماعة لتكذيب التسجيل والادعاء بأنه مفبرك. وقد وافقهم البعض، بحسبان أن مثل هذا الكلام الكفري والعنصري البغيض لا يمكن أن يصدر ممن في قلبه مثقال ذرة من ايمان أو انسانية، دعك أن يكون عضوا بالحركة الإسلامية أو محاميا يتولى الترافع عن أحد قادة الإخوان، وفي قاعة محكمة وفي نهار رمضان.
وبالرجوع الى عهد النبوة، حيث بعث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم برسالته الخالدة، وفي أشرف بقعة واتبعه خير البشر، بعد الأنبياء على الإطلاق. فقد حكت لنا كتب السيرة النبوية عن الغامدية التي زنت، والمخزومية التي سرقت، واقام النبي صلى الله عليه وسلم عليهن الحد. كما حدثتنا كتب السيرة عن الصحابي أبا ذر الذي عير بالصحابي بلال ابن رباح، بقوله (يا أبن السوداء). كما حدثتنا كتب السيرة عن ابن اللتيبة، الرجل الذي ولي على صدقات بني سليم، والذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال له (هذا ما لكم، وهذه هدية أهديت لي). فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلا جلست في بيت ابيك وامك حتى تاتيك هديتك ان كنت صادقا). وغيرها وغيرها من القصص التي توضح بأن الإنسان حتى في عهد الصحابة كان يرتكب المعاصي والمنكرات، وكانت تقام عليه الحجة ويؤخذ بجريرته ان كان مخطئاً. غير أننا في آخر الزمان أطل علينا العهد الإخواني، عهد تفشى فيه جميع أنواع المنكرات، من قتل وزنا وسرقة واغتصاب لأطفال الخلاوى وحرق وسلب على أعلى المستويات، غير أننا طيلة الثلاثين سنة لم نشاهد محاكمة عادلة واحدة لأي من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين، وحتى من تمت محاكمتهم استحال أمر تنفيذ الأحكام فيهم، بسبب أن كل منكر يأتيه اي من أفراد الجماعة فهو مغفور (ومشكور كمان)، ومبرر وغير قابل للمحاكمة أو القصاص.
شخصياً، أرى أن الحدث رسالة ربانية تتجلى فيه حكمة الله وعدالته التي اشتقت من اسمه، فهو العدل الرحيم، والقائل في محكم التنزيل: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾. فالاخوان يتهمون كل من يخالفهم بالكفر والفسق والمثلية، ويتعاملون فيما بينهم وكأنهم ملائكة، لا يصيبهم الخطأ ولا يعتورهم النسيان ولا يرتكبون الفواحش ولا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم، ويدافعون عن بعضهم البعض دفاع المستميت بالباطل، وينكرون على من يخالفهم في ذلك. ولكنها إرادة الله الغالبة، ففي الوقت الذي صدرت الأحكام ببراءة شلة من الاخوان من التهم التي كانوا يواجهونها، وأطلق سراحهم توطئة لادماجهم في الحياة السياسية ليكونوا بمثابة الحاضنة السياسية للحكومة الإنقلابية، بعد تمكنت حكومة الثورة من ارجاع السودان الى محيطه الدولي ورفعه من لائحة الإرهاب، وقيام حصان طراودة الكيزاني، البرهان/ حميدتي بتطبيع العلاقات مع اسرائيل، ومن ثم تهيئة الأجواء لقيام المرحلة الثالثة من نظام الاخوان في السودان، فاذا بهذه الفضيحة تخرج الى العلن في توقيت حرج بالنسبة لهم. الأمر الذي سيكون سبب في الخصم على رصيدهم السالب اصلا في ضمير الأمة السودانية، ويشعل أوار الثورة التي جاءت بالتغيير السياسي والاقتصادي والإجتماعي، وكان أحد شعاراتها (يا عنصري يا مغرور .. كل البلد دار فور).
ختاماً، حق لنا أن نتساءل، من أين أتى اسم شوكت .. وكم عدد السودانيين الذين يحملون هذا الإسم الغريب، الدخيل على مجتمعنا. عموماً، فقد اصبح شوكت، بمثابة الشوكة التي أناخت بعير المفلسين .
شوكت دا جدو المصري التركي راجل حبوبتو بت المتمة!