مقالات سياسية

النمطية (هامش ومركز / عبيد واسياد)

بقادي أحمد عبدالرحيم

 

الانطباع السلبي تجاه أمر ما أي كان يترك أثر يتفاقم ويرسخ مع مرور الزمن إلي أن يصل مرحلة الاعتقاد الفعلي ففي أربعينيات القرن الماضي عرض بروفسور جامعي امريكي (دمية) بنفس التفاصيل مع اختلاف اللون إحداها بيضاء والاخرى سوداء على أطفال سود البشرة وطرح سؤال وحيد : (أيهما قبيحة)؟ فكان جواب الأطفال السود بالإجماع الدمية السوداء هي القبيحة.

هنا يقودنا الأمر إلي تضارب وتشويه فكري منبعه الذات من جراء غريزة داخلية مثبته في دواخل أغلب الاعراق شبيهة بطفيلي مقيت ينشأ منذ الصغر وتكون صانعاً عقدة اولية كالدونيا ، لذا فإن كره العرق أو التفاخر به (ظاهريا أو على عرق معين مؤكد يوجد جوانب خفية تحمل كما من الدونية تجاه اخرى) والسبب التربية الاجتماعية أو البيئة المحيطة .

هنا في السودان لدينا جدلية (الهامش والمركز) الذي لا يخلو عن كونه صراعاً عرقياً صرف تسبب في البحث عن هوية أحادية الجانب تفرض على الآخر فأنتج مجموعة صراعات اقعدتنا في حلقة بدائية موروثة مورثه تجمع كل السلبيات وتفاخم من حالة التيه التي تعيشها شعوب السودان أجمع ، فالصورة النمطية التي أُنشأ به الأجيال المتعاقبة أن الأسود هو الأسوأ وكذلك العكس بنظر الأسود للأقل سوادً ، إذا ما نظرنا إلى أغلب الصراعات السياسية المنتجة للحروب المدمرة نجدها لا تخلو من محاولة السيطرة والتفوق والاعتقاد بتفوق العرق أو التعصب الاتجاهي لرقعة جغرافية بعينها (وإن اُخفى ذالك) .

العنصرية موجودة ومتجزرة في كل بقاع العالم ولكن لم تٌقعد دول متعددة الأجناس والثقافات إلا السودان!! .

فمن يعتبر نفسه سيدا له أسياد بيض واغلب أبناء الوطن من القبائل العربية عاشوا وتعايشوا مع نظرات وتعامل دول الخليج والمنطقة العربية بذالك ؛ وتلك المنطقة أيضا تعاني من استحقار الذات وترى في من هم أكثر بياضاً (الأوربيين) أفضلية عليها فنجدها ذليلة الآن بحيث يعتبرون أنفسهم إرهابيين غير مسالمين وبعيدين عن التحضر ، فيلهثون وراء إرضاء رغباته ولا يجنون شئ من وراء هذا الخضوع المزل!!(وتجدهم سعداء بما يفعلون).

الفلم الشهير جانغو الحر أو «جانغو المتحرر من القيود» ‏ هو فيلم غرب أمريكي من كتابة وإخراج كوينتن تارانتينو الذي صدر في عام 2012 لخص الحقيقة ونظرة البيض والسود لذاتهم وكأن الكاتب أراد أن يوصل رسالة واضح تلخيصا لهذه الجدلية حينما كان جانغو وصديقة الذي اعتقه يجلسون على طاولة واحدة مع مالك (العبيد / عبيد المزارع وعبيد المنازل وبينهما جدلية وحوار طويل عداء ونظرة أفضلية والحقيقة انهم كانوا جميعا عبيد) للتفاوض في شراء الخادمة زوجة جانغو: وهنا اكتشف المالك خدعتهم وانهم أتوا من أجل المرأة لا من أجل العبيد المقاتلين فتوجه بالحديث إلى جانغو ممسكا بجمجمة رجل اسود كان من عبيده شارحاً له عن مكامن النقص والشعور بالدونية في مؤخرة رأسه بدل من تعزيز مكامن الإبداع والابتكار وإنه عبد ليس للونه بل السبب هو احساس الخضوع .

العرق لا ننكر أنه قد يقود إلى العلا فقد قتل واحتل العالم (هتلر) ليثبت تفوق الآريين ، كذالك اليهود سادوا به الآن وترانا نلهث خلفهم لنكون مثلهم، وكذا الامريكان ابادوا من كان في نظرهم بدائيين غير متحضرين من الهنود الحمر ،ولكن نحن تقودنا (حمية) أظنها جاهلية من منظور ديني وغباء محض من الناحية العلمية بعدم تبنينا الهوية السودانية ونتفاخر ونعمل جميعاً من أجل نهضتنا لا أن نتقطع ونتشرزم كقبائل وعرب وزرقة.

 

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. رحيل الطيـب مصطفي و قضايا الهوية في السودان :

    بقلم أتيم قرنق

    رحل الطيب مصطفي و ترك قضايا معقدة و عويسة لم تحل بعد في السودان و قد قال وجهة نظره عن تلك القضايا و دون رأيه في تصنيف هوية أهل السودان و جنوب السودان. رحل الطيب مصطفي و هو احد الشخصيات السودانية الذي يعتقد الكثيرون من المثقفين السودانين بانه اتي بنافل القول لا يقبله اَي شخص و حتي الشيطان الرجيم. صحيحاً، كان الطيب مصطفي يمتلك كمّاً هائلاً من اللغة المنحطة و البذئة ترتقي لدرجة الفحشاء لان آراءه و لغته و كتاباته تمتليء بما هو ذميم و قبيح و يكتب ما يرتقي للدرجة الدعوة لإحياء و (بعث) من الجديد ثقافة الرق و العبودية التي كانت سائدة في سودان القرن التاسع عشر و النصف الاول من القرن العشرين؛ في حين يعتقد الكثيرون من مثقفي دولة جنوب السودان بان الطيب مصطفي شخص منبوذ و مروج للعنصرية و يصنف المجتمعات السودانية الي سادة و توابع وينظر الي سكان جنوب السودان من منظور عنصري اعتماداً علي جنوب القرن التاسع عشر الذي كان المصدر الاساسي للرقيق و الجواري و كان الاقتصاد السوداني يعتمد عليه و ترسخ في مخيلة الأجيال القديمة و صار قصصاً تروي للأجيال السودانية الحديثة و منها جيل الطيب مصطفي. إن منتقدي الطيب مصطفي لم يشخصوا تشخيصاً دقيقاً الداء الذي اصابه و أتراب جيله و الجيل الذي من قبلهم. كما ان بعض السودانين يحملونه وزر جريرة لم يرتكبها الطيب مصطفى؛ (انفصال الجنوب)

    لكن بنسبة لي شخصياً، فان المشكلة ليست الطيب مصطفي. إنما الطيب كان مجرد بوق مشحون بالإقدام و الشجاعة يقول ما تربي عليه و ما تتداول في الأمسيات داخل البيوت السودانية و لكن مسكوت عنها! فمن أية مدرسة في السودان تعلم فيها الطيب كل هذه الكّم الهائلة من مفردات الاذلال و تبخيس الآخرين؟ الطيب مصطفي كان سودانياً مقدام قال المستور و المكتوم المباح في المجتمع السوداني. الطيب مصطفي كان صريحاً و قال بوضوحٍ ما تشبعت به روحه و عقله الناقد منذ طفولته.

    ان الحروبات التي دارت في جنوب السودان ١٩٥٥-١٩٧٢ و ١٩٨٣-٢٠٠٥ قد عكست عملياً الشخصية السودانية الحقيقية و المسكوت عنها و هي تلك الشخصية التي كان يعبر عنها الراحل الطيب مصطفي و قبله عبر عنها شعراً الدكتور عبدالله الطيب في ديوانه (أصداء النيل) و طبقه ادارياً علي بلدو، و عبر عنه سياسياً الازهري و المحجوب و الصادق و تطبيقياً و عملياً من خلال الحرب و الدمار و الموت عبر عنها الجيش السوداني (ابراهيم عبود، جعفر نميري و عمر البشير). و الحروبات هذه اتسمت بعنف و قسوة و لا إنسانية لا مثيل لها إلا حملات و غزوات القرن التاسع عشرة التي كانت ترسل لإستصياد العبيد والرقيق. الطيب مصطفي لم يقتل أسيراً جريحاً و لم يحرق قرية و لم يقصف المدن بالطائرات و لم يغتصب جنوبية سودانية قط؛ كم من مواطني جنوب السودان كانوا يقرأون له و تأثروا بحقده و كراهيته؟ و يا تري كم من مواطني جنوب السودان الذين لا يعرفون و لم يكتووا بقسوة و حقد و كراهية الجيش السوداني؟ و اليوم يجعل بعض الناس الطيب مصطفى حمال وجه القَبـَاحة. الطيب مصطفي لم يكن شريراً و لا أظن انه سيذهب الي الجهيم، لانه كان يعبر عما في نفوس أفراد الجيش السوداني؛ كان يعبر و يكتب نيابة عن ابراهيم عبود و عن الجنجويد و عن الدفاع الشعبي. كان يكتب عما كان و مازال يعشش في عقول كل من شارك في حكم السودان منذ ١٩٥٦ حتي يومنا هذا. و الحديث عن دوره و مساهمته في انفصال جنوب السودان هو حديث ساذج و كلام سطحي لا تسانده اَي حقائق تاريخية و (نافخ البوق ليس هو قائد المعركة)

    كل الحروبات التي دارت بين (الجنوبيين) و الجيش السوداني و التي امتدت لفترة تزيد عن الثلاثة عقود، لم يحتفظ خلالها الجيش السوداني بأسير واحد و لو كان جريحاً. لماذا لم يحتفظ الجيش السوداني و لو بأسير واحد؟ الجواب يكمن فيما كان يقوله و يكتبه الطيب مصطفي هو الحقد و الكراهية و اعتبار الجنوبيين السودانين مجرد أناس من الدرجات المنحطة في تصنيف البشر و لذا لا يستحقون الحياة. و لو ليس هذا؛ فما هو التفسير الاجتماعي و النفسي لهذه الظاهرة الشاذة (القسوة المفرطة و تلذذ بقتل الناس) و التي لم يجرؤ احد علي سبر غورها لاستنباط العبر منها.
    ان الطيب مصطفي لم يكن لوحده فكل أساطيل الانقاذ كانوا معه يمولونه و يحمونه و يشجعونه و كان يعبر عما يعتبرها الهوية السودانية الحقيقية و الأصلية. و ان سألتَ “من أين جاء هؤلاء”؟ فالجواب: إنهم جميعهم أتوا من صلب و دم الشعب السوداني من اباء سودانيين و امهات سودانيات، و تعلموا علي أيادي معلمين و شيوخ سودانين (شرفاء) و في خلاوي و مدارس سودانية منهجاً و توجهاً. نعم و بصيغة اخري من أين اتي أفراد الجيش السوداني الذين لم يبدر منهم ذرة رحمة و لم ينهلوا شيئاً من مبأدئ دينهم المقام علي قواعد الرحمة و المغفرة. كيف كانت تفكر قادة الجيش السوداني و هم يخوضون (حرباً أهلية) خالية من اَي رحمة و شفقة ثم نآتي ننعت الطيب مصطفي بكل ما هو ذميم في حين انه كان مسالماً يكتب و يجادل و كان الناس يردّون علي أضاليله، و هل هناك من يرد علي الجنجويد و الجيش السوداني عندما ينفذون الحقد من خلال (مجزرة بيت الضيافة) و (مجزرة القيادة العامة) و في دار فور و من قبل جنوب السودان؛ انها الهوية السودانية التي تعتنقها الصفوة و كان الطيب مصطفي (الناعق) بها.

    الطيب مصطفي (له الرحمة إن شاء الله ) لم يكن ظاهرة اجتماعية سودانية غريبة او شاذة و إنما كان يعبر و يجتر من رواسب اجتماعية دفينة في الثقافة السودانية المؤروثة من عمق التاريخ. فقط الفرق هو انه كان اكثر صدقاً و إقداماً ليعبر عما يجيش في نفوس و ما يعتقده الكثيرون من السودانيين عن بعضهم البعض و عننا نحن أهل جنوب السودان. لقد مات (حمال الحطب) فهل سيتوقف الحروبات التي تقتل فيها الآلاف من السودانين الأبرياء؟ هل سيشعر أهل دار فور و نساء الجنينة بالأمان لان صانع و مروج الشر قد ترجل و رحل؟ و هل سوف تقوم حكومة السودان بنشر السلام و العدل الاجتماعي في ربوع السودان؟

    صحيح أيضا، يجب ان نوجه نفس السؤال لمن شمتوا في رحيل الطيب مصطفي من مثقفي جنوب السودان؛ هل يتري الحرب و تشريد الناس من مساكنهم في جنوب السودان ستتوقف لان صانع الشر و بوق الانقاذ قد مات؟ أبداً، الطيب كان مجرد بوق و لم يكن مصدر مشكلات جنوب السودان او السودان.

    الطيب مصطفي لم يكن شريراً إنما كان صريحاً يعبر عن عقلية قومه باستخدام القلم و الكتابة؛ و عن هذه العقلية، يعبر عنها الجنجويد و الجيش السوداني باستخدام السلاح و العنف. ان عقلية كل من يحكم السودان ماضياً و حالياً هو صورة طبق الأصل لعقلية الطيب مصطفي.
    هل لدي الجيش السوداني الشهامة و الإنسانية و يعتذر عما ارتكبوها من المجازر في جنوب السودان و نترك الطيب مصطفي بين يدي ربه الغفور الرحيم.

    أما انا فقد سامحتك أيها الشيخ (الطيب مصطفي) و اتمني ان يغفر الله كل جريرة قد تكون إغترفتها اثناء حياتك، و لأسرتك العزاء الصادق

  2. نحن سودانيين بس
    لا عرب و لا زرقة و لا بطيخ
    حان الوقت للتخلي عن خكاب الكراهية الكريه ده و نتوحد عشان تنتصر ثورتنا و نحقق دولة المساواة و العدل و الحقوق و الحرية و السلام

  3. شكرا جزيلا الأستاذ القدير اتيم قرن علي هذا المقال وسرد الحقائق المولمه.
    وكما وضحت لنا في المقال القيم في التسامح الإنساني الجميل.
    وكما نتمني أن لا نعيش في أحزان الماضي.
    وإن يكون الماضي جسرا لكي نعبر الي آفاق المستقبل في التعايش الإنساني اللذي يجمعنا.
    لأننا شعبا واحد حتي اذا تفرقنا. سوفه نظل شعبا واحد.
    ولك تقديري وشكري في التسامح الإنساني.

  4. اتيم قرن اقترح عليك ان تتفرق
    للكتابة عن القتل والمجية والابادة الحاصلة الان بينكم بعدان صرتم مواطنين درجة اولي!امانحن فنحمدالله صباح مساءعلي بتركم ليس جغرافيافقط!بل بتركم حتي من ذاكرتنا!ولولاهذه الاشباح التي قدمت اليناوامتلات بهم اطراف مدننابسبب الجوع والخوف لماتذكرناكم !اماالطيب مصطفي فرحمة الله عليه فقدكان وطنياشجاعاوقدافتقدناه كثيرا!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..