السودان حسابات العسكر وحسابات التاريخ

منير التريكي
وفقاً لحسابات محددة توقعت سقوط نظام الإنقاذ في مايو 2013 . ولكن النظام سيئ الذكر كان مختلفا عن التجارب السودانية في الكثير من الجوانب . فهو أول نظام يدخل مدبره السجن مع خصومه السياسين . دخل الشيخ مخطط الإنقلاب المشؤوم للسجن التمويه على الشعب في الداخل وللمجتمع الدولي ولمعرفة خطط القوى السياسية الأخرى لمقاومة الإنقلاب . لكن هناك طرفة متداولة تقول ان سكرتير الحزب الشيوعي قال لشيخ الإسلاميين في السجن . (جاملتنا بما فيه الكفاية اطلع شوف ناسك ديل). وهو أول نظام يرتكب من الفساد والموبقات مالم يعرفه السودانيون من قبل. وهو أول نظام يدمن الكذب من رئيسه إلى أدنى منسوبيه. وهو أول نظام يدمر بلده ويسرق شعبه بتغيير العملة أكثر من مرة. ثم يعطي العملة الجديدة لمنسوبيه لينافسوا التجار بأموالهم التي اخذوها منهم مقابل إيصالات. الإيصالات واجبة الدفع بعد شهور عديده تكون قد فقدت الكثير من قيمتها نتيجة التضخم المتسارع بسبب الإنقلاب وسياساته العشوائية . مساوئ نظام الاسلامويون البائد كثيرة . فقد كان نظاما شموليا مستبدا باطشا فاسدا انشغل أهله بنهب المال. كان ذلك على حساب تدمير الموارد وزعزعة الإستقرار وتخريب القيم السودانية وجعل السودان بلدا إرهابيا معاديا للمجتمع الدولي. استمرت القوى السياسية في مقاومة النظام منذ سرقته للسلطة بليل في 30 يونيو 1989 وحتى سقوطه في10 أبريل 2019 بثورة شعبية كبرى. حساباتي كانت أن النظام سيسقط في مايو 2013 لكن الهبة الشعبية كانت في سبتمبر من نفس العام. قدم الشعب السوداني تضحيات عظيمة لكن النظام الدموي قمع الشعب بعنف صعدت خلاله أرواح الكثير من الشهداء. عقدة التسعة لازمت الإنقاذيين فهم سرقوا السلطة في 1989 وحدثت المفاصلة التي شقتهَم إلى وطني وشعبي في 1999 وشغلوا الشعب بانتخابات 2010 وهكذا تجاوزوا 2009 حيث الكل مشغول بالتحضير للترشح والترشيح. لكن مخاوفهم تضخمت عند قدوم عام 2019. سقطوا بسهولة حيرت الكثيرين. كان الأمر أشبه بحارس مرمى منهار في مواجهة ركلة جزاء. إذن كيف كانت حساباتي؟ توقعت سقوط النظام الكامل في مايو 2021. لكنه سقط جزئياً في أبريل 2019. الذي أسقط النظام المستبد هو خوفه من السقوط في 2019. السبب التاريخ يحتوي على الرقم تسعة في خانة الآحاد . بينما توقعاتي استندت على الآتي . حكم عبود ثمانيه سنوات وحكم نميري ستة عشر سنة بزيادة ثمانية. توقعت أن يسقط نظام الإنقاذ بعد أربعة وعشرين سنة بزيادة ثمانية سنوات كان ذلك في مايو 2013 لكن ذلك لم يحدث ربما بسبب تدخل عامل (مشاتر) على الارجح. ولأن النظام الفاسد لم يسقط كلياً نتج عن ذلك وضع غريب. ثورة كبرى يقف وراءها كل الشعب تقريبا ومع ذلك لا تحقق أهدافها. والأسوأ تنتكس رأياتها في خلال أشهر رغم جذوتها المشتعلة بقوة ورغم استمرار التضحيات العظيمة . نظام نوفمبر 1958 سقط في أكتوبر 1964 ونظام مايو 1969 سقط في أبريل 1985 لذ توقعت أن يسقط نظام يونيو 1989 في مايو 2013 بزياده ثمانية سنوات ونقيصة شهر . لكن لأنهم جشعون اخذوا أكثر بكثير توقعت سقوطهم في مايو 2021. هكذا يكون حكم العسكر عبارة عن متوالية هندسية. ثمانية… ستة عشر.. اثنين وثلاثين. وهاهم الآن يقضون أكثر من ذلك . ندعو الله أن يحمل مايو 2022 مايسعد الثوار .
اللهم احفظ السودان وجنبنا الفتن وانصرنا على من عادانا ووفقنا لما فيه الخير .
للتذكير: عبود حكم البلاد ست سسنين