أخبار السودان

هل السودان مقبل على مجاعة؟

 

الخرطوم: علي وقيع الله

يبدو أن السودانيون سيواجهون أمراً صعباً أو كما نقلته نشرات إخبارية لمنظمات عالمية طوعية عن إمكانية حدوث مجاعة في السودان، وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية قال من بين السودانيين هناك 14.3 مليون سوداني يمثلون حوالي ٣٠% من سكان البلاد سيحتاجون لمساعدات غذائية خلال عام ٢٠٢٢، بزيادة ٨٠٠ ألف نسمة عن عام ٢٠٢١، وقد أعتبر المكتب أن هذا العدد هو “أعلى رقم خلال عقد من الزمن”، ويرى مراقبون أنه بالطبع ستعم المجاعة خاصة أن ثمة تحذيرات أطلقها الخبراء سابقاً ذهبت أدراج الرياح نتيحة الإهمال الحكومي، في وقت استبعد فيه خبراء اقتصاديون أن يصل الحال إلى درجة المجاعة، ووصف بعض الخبراء أن التقارير التي ترد عن إمكانية حدوث مجاعة أنها تقارير غير دقيقة، لذلك السودان لن يجوع خاصة وأنه يتمتع بإمكانيات وموارد طبيعية ضخمة بيد أنها لم تستغل للأسف الشديد منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا ولم تأتِ حكومة حتى تستطيع توظيف الموارد والإمكانيات لمصلحة الاقتصاد السوداني والمواطن حتى ينعم بالاستقرار والمعيشة الكريمة، ورغم ذلك فإن التكافل الاجتماعي السوداني هو المعول عليه في تخفيف حدة كارثة المجاعة إن وقعت.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي حذرت من أن التأثيرات المجتمعية الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية في السودان ستؤثر بشكل كبير على إمكانية حصول الناس على الغذاء، حيث من المرجح ازدياد أعداد الأشخاص، الذين يواجهون الجوع الحاد إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر هذا العام، وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان، إيدي رو، في بيان نشرته “الفاو”، إن “هناك بالفعل علامات مقلقة على تقلص إمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه وتوفره بالنسبة لمعظم الناس في السودان، ما يدفع عدداً أكبر من الناس إلى المزيد من الفقر والجوع”.

مهدد خطير

يقول عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير كمال كرار: نعم السودان يواجه المجاعة الآن، ونوه إلى أن التحذيرات التي قالها الخبراء سابقاً ذهبت أدراج الرياح نتيجة الإهمال الحكومي، ولفت إلى أن السياسة الاقتصادية ضربت الإنتاج في مقتل حينما اعتمدت على الجبايات والضرائب وزيادة أسعار السلع لتمويل الميزانية فارتفعت تكاليف الإنتاج وانعدم التمويل، وأوضح أنه حتى المشاريع التي كانت تسمى مروية باتت تعاني العطش والجفاف والحصيلة نقص الإنتاج وتدني الإنتاجية وهذا مهدد خطير للأمن الغذائي، وقال في تصريح لـ(اليوم التالي): من الصعوبة سد الفجوة في ظل هذا الوضع وغياب الدولة منذ الانقلاب في أكتوبر الماضي، وأضاف أن البيئة الاستثمارية باتت طاردة الآن لأي استثمار وسط هذا الاحتقان السياسي، وأبان: ليست هناك بنية تحتية ولا ظروف مواتية لأي مستثمر أن يستثمر في السودان، وتابع قائلاً: ليس من عاقل يرمي بأمواله في بلد تحكمه الطفيلية واللصوص.

درجة المجاعة

المحلل الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان محجوب يرى أن السودان بعيد جداً عن حالة المجاعة لكنه يعاني بشدة من نقص الدخل لحوالي 60٪ من السكان وهو ما سيؤدي لا محالة لحالة من الجوع بسبب نقص الغذاء، مستبعداً في حديثه لـ(اليوم التالي) لن يصل الحال إلى درجة المجاعة، لافتاً إلى توفر الذرة والقمح بما يكفي تماماً حوجة السكان، وقال: السودان بحاجة للاستثمار في مجال الزراعة للوصول تدريجياً به إلى وضعية سلة غذاء العالم العربي وربما العالم أجمع.

 

المعيشة الكريمة

يرى المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير أن التقارير التي ترد عن إمكانية حدوث مجاعة أنها تقارير غير دقيقة، وأكد عبر إفادته لـ(اليوم التالي) السودان لن يجوع خاصة وأنه يتمتع بإمكانيات وموارد طبيعية ضخمة بيد أنها لم تستغل للأسف الشديد منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا لم تأتِ حكومة حتى تستطيع توظيف الموارد والإمكانيات لمصلحة الاقتصاد السوداني والمواطن حتى ينعم بالاستقرار والمعيشة الكريمة، وأفتكر أن المواطن قد يعاني من صعوبة الحصول على الغذاء أي ربما لا يكون لديه مال، وأشار إلى أن تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي صعبت الموقف وفاقمت من زيادة أسعار السلع والخدمات داخل البلاد بصورة كبيرة، بجانب أنها أدت لانخفاض قيمة العملة الوطنية، وبالتالي أصبح المواطن وذوا الدخل المحدود غير قادرين على شراء الغذاء، ويعتبر أن هذه مشكلة تواجه الدولة، وأوضح أن حلها يكون داخلياً من قبل الحكومة السودانية وليست متعلقة بالعالم الخارجي.

 

تُأمِّن الغذاء

ومضى د. الناير قائلاً: صحيح كان اعتماد السودان على 40% من وارد القمح من روسيا وأوكرانيا، ولكن إذا اهتمت الدولة بموسم حصاد هذا العام ومكنت المزارعين من الميكنة الزراعية وشراء القمح بأسعار مجزية يمكن للدولة أن تضمن احتياطياً للقمح يكفي البلاد إلى 4 أو 5 أشهر ويرى أن هذه تؤمن الغذاء للسودان لفترة ليست بالقصيرة، ودعا إلى الاستفادة من المناخ والحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها على السودان بحسب وجهات نظر إيجابية خاصة وأن بعض دول الخليج أصبحت تفكر أن تستثمر في القرب من مواقعها أو بالتحديد في السودان وهذه رغبة أكيدة يمكن للسودان أن يستفيد من دول الخليج وأن تستثمر في الداخل بدلاً من أن يأتي لها الغذاء من وراء البحار والمحيطات والمسافات البعيدة.

 

الفرص المتاحة

ويرى أن هذا مناخ إيجابي قد يساعد لخلق استثمارات خليجية في المرحلة القادمة لتأمين الغذاء في المنطقة العربية، وشدد د. الناير على ضرورة أن تسعى الدولة لتهيئة المناخ ليكون مناسباً للاستثمار والاستفادة من هذه الفرصة المتاحة الآن باعتبار أن دول الخليج لها فوائض كبيرة جداً خاصة الناتجة من ارتفاع أسعار البترول، وأبان: لا بد من تأمين الغذاء للسودان والدول المستثمرة سواء كانت دول عربية والمنطقة العربية بأكملها إذا ما تمت استثمارات مقدرة في السودان بصورة أساسية.

 

الأطراف المتحاربة

المحلل الاقتصادي الدكتور وائل فهمي بدوي يحكي أنه في العام 1998 دخل جزء من الشعب السوداني حالة المجاعة، وعدد أسبابها للجفاف وعدم استجابة المجتمع الدولي لحجم الكارثة بإجراءات سريعة، علاوة على انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المنكوبة، وكانت منطقة بحر الغزال جنوب غرب البلاد الأكثر تضرراً بالكارثة حيث لقي أكثر من 70 ألف إنسان حتفهم بسبب تلك المجاعة، ويفيد أيضاً من أبرز أسباب تلك المجاعة مشكلة انتهاكات حقوق الإنسان بين الأطراف المتحاربة وفق رؤى المجتمع الدولي قبل قيام جمهورية جنوب السودان، كما تفاقم الوضع بسبب تخريب المزارع وإتلاف المحاصيل.

 

أرقام ونسب

وتابع: الآن والى جانب بعض منظمات عالمية طوعية، يحذر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن 14.3 مليون سوداني يمثلون حوالي ٣٠% من سكان البلاد سيحتاجون لمساعدات غذائية خلال عام ٢٠٢٢، بزيادة ٨٠٠ ألف نسمة عن عام ٢٠٢١، وقد اعتبر المكتب أن هذا العدد هو “أعلى رقم خلال عقد من الزمن”، وقال: بغض النظر عن التوزيع الجغرافي لذلك العدد على نطاق السودان لما سيؤثر سلباً على البقية، فإن السبب يعود بالأساس إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية شديدة الحدة التي يعاني منها اقتصاد البلاد منذ بداية الفترة الانتقالية الحالية وذلك منعكساً في معدلات التضخم تجاوزت الحدود الجامحة له، حيث وصل معدل التضخم في بعض الولايات إلى أكثر من 500% في الشهر مدمراً للقوة الشرائية بها (فرض الانكماش الاقتصادي بها)، بما لم يناظره غيرها في بقية الولايات.

 

عجز الحكومة

وأضاف: بمقارنة الأسباب بين مجاعة 1998 والمجاعة المتوقعة في ٢٠٢٢ نجد الأولى سببها الطبيعة وفي الحالة الثانية هي الحكومة  بسبب تبنيها لسياسات مؤسسات بريتون وودز التضخمية، والتي قال إنها متمثلة في رفع الأسعار للسلع الاستراتيجية برفع الدعومات والتخفيضات المستمرة في أسعار الصرف بتبني نظام سعر الصرف المرن المدار الفاشل، كما يقول به دمار القوة الشرائية الخارجية والداخلية للجنيه السوداني، وقد زاد من احتمالات حدوث مجاعة حقيقية بالبلاد قد تكون في الواقع شاملة في إطار عجز الحكومة عن مكافحة المضاربات وتهريب السلع الغذائية لدول الجوار وتهريب الموارد المالية كالذهب بصفة عامة.

 

التكافل الاجتماعي

يؤكد د. وائل عبر حديثه لـ(اليوم التالي): رغم ذلك فإن التكافل الاجتماعي السوداني هو المعول عليه في تخفيف حدة كارثة المجاعة إن وقعت، وأشار إلى أن العالم مشغول حالياً بالحرب الروسية الأوكرانية باعتبارهما من أكبر الدول إنتاجاً للقمح والذي تحتاج إليه هذه الدول المتحاربة، كما أشار إلى ضعف احتياطات البلاد من العملات الصعبة، منوهاً إلى اللجوء المستمر للقروض والاعتماد المفرط على كافة مصادر التمويل الدولي في إطار الحصار المالي خاصة بعد إجراءات 25 أكتوبر بما يشبه سلبية استجابة ذات المجتمع الدولي في عام 1998، وقال: بالرغم من الإجماع بأن السياسات النيوليبرالية التضخمية الموروثة من النظام البائد والتي فرضتها حكومات الفترة الانتقالية على الشعب السوداني هي سبب رئيس في التفاقم السلبي للأوضاع الاقتصادية من خلال تبنيها لها، فهي بذلك تتحمل كامل وزر هذه المجاعة وحدها إن وقعت (لا قدر الله).

 

مقاسمة الجوع

ويعتبر أن التضخم كضريبة مالية يعيد توزيع الدخل القومي لصالح الأغنياء ليزدادوا غنىً وتعميق أزمة حدة فقر الفقراء وزيادة قاعدته على نطاق السودان للغالبية الذين تجاوز وضعهم حالياً حدود الفقر والانتقال بهم إلى حدود المجاعة في ٢٠٢٢ حسب توقعات الأمم المتحدة بتحديدها بصحة السبب، وأضاف: مع العلم بأن مجاعة الـ14.3 مليون ستنتقل عدواها للمناطق الأخرى لمقاسمة الجوع وليس الفقر فقط، متمنياً أن لا يصياب هذا الشعب العظيم بكوارث الطبيعة وحكوماته وبعض المؤسسات التي تهرب قوته للخارج.

=-==-

اليوم التالي

‫2 تعليقات

  1. على السودانيين ،خاصة الشباب، الإتجاه نحو الانتاج وعدم تضييع الوقت مع مظاهرات الشيوعيبن وازيالهم من عطالى أحزاب اليسار التعيسة البائسة. ..هذا والا فأن الجوع ات لا محالة.
    بالمناسبة العالم كله أصبح يتحسب للمستقبل الصعب ما عدا السودانيين….من مظاهرة لي مظاهرة ومن ترس بي ترس

    1. السياسات الإقتصادية كالإتجاه إلى الإنتاج تقوم بها الحكومات و ليس عموم الشعب أو شبابه
      ما معنى كلمة ازيال؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..