الاستعلاء العرقي للإسلامويين هو سبب الأزمة السودانية

خالد عبدالله أبو أحمد
الإساءة العنصرية والدينية التي بدرت من محامي مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م، بمشاركة ضمنية من القيادي أبو بكر عبد الرازق لم تدهشني، بل أراحتني بعض الشيء رغم فداحتها ومفارقتها، ومكمن الألم فيها، وحسب تجربتي السابقة مع هذه المِلة، أن الألفاظ العنصرية النابية وسبّ العقيدة يمثلان نقطة في بحر البُعد عن الله سبحانه وتعالى، وعن الأخلاق وعن قيم الشعب السوداني، وقد لا أذيع سراً إن قلت إن الكثير من المعلومات التي نشرتها في مقالاتي منذ عام 2001 وحتى وقت قريب من الآن، كنت أشعر بالضيق، وفي حسباني أن الكثير من القراء لن يصدقوا ما كتبت، خاصة فيما يتعلق بصورة الأحوال داخل التنظيم الحاكم وما تناولته حول نهب بنك النيلين للتنمية الصناعية، وشركة الخرطوم للتجارة والملاحة، وتجاوزات الحرب في جنوب السودان، وأساليب سرقة المال العام من قيادات في التنظيم الحاكم.
اليوم، ونحن نتحدث عن الاستعلاء العرقي لهذه الطغمة العنصرية، نؤكد أن الجماعة على مر معرفتي بهم دائماً يشعرون بأنهم أعلى مكانة من الآخرين، وهذا ما عبّر عنه الرئيس المعزول في أبريل 2013م عندما وصف الجنوبيين بـ(الحشرات)، وما كشف عنه د. حسن الترابي لِما تفوه به الرئيس شخصياً عن اغتصاب (الغرباويات)، العبارة التي أزكمت الأنوف وكدّرت الأنفس، وكثيرة هي مظاهر الاستعلاء العرقي لدى الطغمة التي حكمت بلادنا ولا زال جزء منها يتحكم في مصير بلادنا، وما عبّر عنه عبد الباسط سبدرات في أحد اجتماعات النظام البائد، بأن “طريق الإنقاذ الغربي سيأتي بمواطني غرب أفريقيا للخرطوم”!! في دلالة واضحة على رفضه مواصلة العمل في الطريق.
سرق أموال الطريق الغربي
الرئيس ونائبه المعزولان كانا أكثر حرصاً على عدم تنفيذ طريق يربط دارفور بالخرطوم وباقي السودان، لذلك فقد استلفا مبالغ كبيرة من ميزانية الطريق ولم يُرجعا هذه المبالغ مما أقعد بالطريق والعمل والمواصلة فيه، وكنت قد ذكرت ذلك قبل (14) عاماً عندما سأل الصحافيون الرئيس المعزول عن مشكلة طريق (الإنقاذ) وأمواله التي نُهبت، فوعد بأنه سيحول الملف إلى القضاء، وحتى سقوط النظام لم يفِ الرئيس الكاذب بوعده، فيما ضاعت أموال المشروع الذي كان سيربط المركز بدارفور وكردفان، ويربط الولايات الشمالية بشمال دارفور، مما يسهم في انعاش الإنتاج الزراعي والحيواني المحلي ويفيض بها لكل السودان.
إن سرقة أموال الطريق من قبل الحاكمين، واحد فقط من عشرات الحوادث التي زادت الغبن والكراهية والبغضاء في صدور أهل دارفور على نظام (الإنقاذ)، خاصة إذا عرفنا أن أموال الطريق هي الأموال التي حُصّلت من بيع حصة دارفور من السكر، ومعها تبرعات مالية لأبناء دارفور، ما يعني أن الأموال لم تخرج من ميزانية حكومة السودان.
إن قيادة الحركة الإسلاموية والمؤتمر (الوطني) تنضح بالمفارقات في موضوع الاستعلاء العرقي، كذلك الجميع يعرف أن نائب الرئيس المعزول علي عثمان محمد طه أكثر القيادات الكبيرة شعوراً بكراهيته للآخرين، وشعور دائم بأن عرقه أفضل مِن كل الأعراق في البلاد، وأنه شخصياً أكبر وأعظم من كل الذين من حوله.
إن الاستعلاء العرقي حسب موسوعة (ويكيبيديا) أو التمركُز الإثني، أو المركزية العرقية هو اعتقاد إنسان بأن أمته أو الجنس الذي ينتمي إليه هو الأحسن والأكثر اتساقاً مع الطبيعة، ويشير إلى الاعتقاد بأن جماعة الفرد هي الأفضل بين كل الجماعات، وهذه الصورة طبق الأصل للحاكمين في السودان من الطغمة النيلية، الذين يحكمون البلاد بطولها وعرضها على أساس أنهم المرجعية في هذا الحُكم إيماناً بالقيمة الفريدة والصواب التام للمناطق التي ينتمون إليها، وهذا ما يفسر ترفّع قيادات المؤتمر (الوطني) عن الأحزاب والكيانات السودانية الأخرى، نجد ذلك بالمقاس تماماً في أحاديث الرئيس المعزول من شاكلة “تحت جزمتي” و”شذاذ الآفاق” وغيرها من المفردات التي لا نريد أن نذكرها في هذا الشهر الفضيل، وكذلك تصريحات د. نافع علي نافع التي تمثل أبلغ صور الاستعلاء العرقي للحاكمين في السودان.
إن الصراعات التي حدثت في السودان إبان العهد الأسود للإسلاميين كان سببها التمركز العرقي والنهج الاستئصالي الممنهج، وإلا ماذا يعني التعامل مع متظاهرين في بورتسودان وهم عُزل وقتلهم بالرصاص الحي لأنهم خرجوا في تظاهرة سلمية إلا من عِممهم وسراويلهم الطويلة إن لم يكن استعلاءً عرقياً..؟
وماذا يعني قتل متظاهرين بالرصاص في مناطق كجبار وأمري وهم عزل تماماً من أية قطعة سلاح لأنهم رفضوا ترحيلهم من أرض أجدادهم إلى مكان لا يعرفون عنه شيئاً، ولم يألفوه كما أن التعويضات لم تكن مجزية، بل إن الكثير منهم لم يتسلموا هذه التعويضات أصلاً؟ هؤلاء قتلوا لأن الطغمة الحاكمة آنذاك تترفع عن مجادلتهم بالحق، فكان أقرب طريق لحل المشكلة هو قتلهم بدم بارد.. هذا ما يؤكد النظريات العلمية التي لم تأت من فراغ في قولها “إن الاستعلاء العرقي يعدّ عاملاً مهماً في نشأة الصراعات العرقية والتعصبية التي قد تصل في أحيان كثيرة إلى حد المذابح والإبادة والتمرد والثورة والإرهاب والحروب”، وهذا ما حدث واقعاً على الأرض في السودان.
تمركز السُلطة والثروة
ومن هنا نُفسر أسباب تمركز السُلطة والثروة في السودان لدى مجموعة جغرافية معينة أو مجموعة مصالح عرقية محددة تمسك بتلابيب السلطة والثروة، وبسبب الشعور بالاستعلاء العرقي والشعور بأن الآخرين مهما أصبحوا هُم في مرتبة أقل شأناً، لذا قابلت الطغمة الحاكمة أفراد الشعب بأقسى درجات القسوة، الضرب والتنكيل واستخدام القوة بإفراط شديد وغير مسبوق في السودان، ومن قبل قابلت مطالبة شعوب دارفور بالقتل والإبادة الجماعية.
هذا الاستعلاء العرقي طمس على قلوب الطغمة الحاكمة (آنذاك)، فأصبحوا لا يميزون الحقائق والوقائع، يرون الفأر فيلاً، وأسود البشرة عبداً وإن طالت عمامته، وأن كلمة (الغرب) عندهم تعني الشر والموت والعذاب والبغضاء، وأن (الجنوب) في فكرهم وعقولهم الخربة ما هو إلا مكان لشرب الخمر وممارسة الجنس، وسكان جبال النوبة لا يستحقون العيش معهم في بلد واحد، وأن أهل الشرق الذين يعارضون توجُّه الطغمة في نظرهم دواب، والذين يُشككون فيما أقول عليهم مشاهدة صور مجزرة (كلما) في دارفور، ومجازر جبال النوبة على الإنترنت، وعلى موقع (حريات)، وعلى الذين يكذبون ما نقول أن يجمعوا شتائم قادة النظام المنتشرة على نطاق واسع في الشبكة الدولية للمعلومات، وبالصورة والصوت، بدءاً من الرئيس المخلوع عمر البشير، والمجرم علي عثمان ود. مصطفى عثمان إسماعيل، ود. نافع علي نافع، وصلاح قوش.. الخ.
إن استفزازات قادة النظام للشعب السوداني هي من صميم الاستعلاء العرقي، وشعورهم بالتفوق على كل مكونات الشعب السوداني..
لماذا يريق ما يسمى بالإسلاميين كل هذه الدماء ويمارسون كل أنواع الكذب؟!
هل لأن أهل الهامش والمعارضين بمختلف توجهاتهم وسحناتهم قد تساموا فوق كل الاعتبارات السياسية والقبلية والجهوية والطائفية، رافضين ما يقوم به نظام الفصل العنصري والجوع والمرض والدعارة والظلم..؟!
مارست حكومة (البشير) كل هذه التجاوزات غير المسبوقة، لأننا قتلنا في أفكارنا وأنشطتنا مسارب الجهوية والقبلية والطائفية، وتجاوزنا بضمائرنا الحية كل محاولات الارتزاق، بينما عجزوا هُم عن ذلك، ولأننا ارتفعنا وارتقينا بإنسانيتنا فوق كل هذه الاعتبارات كان لا بد أن تتعامل معنا حكومة (البشير) بكل أنواع الإقصاء، وكان أبلغه أثراً الإقصاء الجسدي، فقد استخدمت فيه الحكومة كل أنواع الأسلحة الفتاكة ولم تراعِ في الشعب السوداني إلّاً ولا ذمة، حيث لم يسلم من عدوانها إقليم من أقاليم السودان، وهذا ما لم يرتكبه الكيان الإسرائيلي الغاصب في فلسطين برغم العمليات العسكرية والجهادية التي يقوم بها الشعب الفلسطيني، فيما يُواجَه الشعب السوداني الطيب بالعسف والقتل والإبادة الجماعية برغم أنه لم يمارس الاغتيالات ضد النظام وقادته، ولم يمارس العمليات الانتحارية وسط تجمّعاته وداخل مقاره، ولم يمارس الشعب السوداني برغم المآسي التي تعرض لها “نيفاً وثلاثين عاماً” أي نوع من أنواع الانتقام.
الشعب السوداني يأكل نفسه لكنه لا يريق الدماء..
الشعب السوداني انتهكت أعراضه ولم يعلن الانتقام من الجاني وهو معروف السمة والمكان!!
الشعب السوداني ترملت نساؤه.. وتيّتم أبناؤه، وتشرد بين الأمصار، وامتلأت به سُجون المهاجر نساءً ورجالاً.. ولم يهاجم سفارات النظام في الخارج..!!
ختاماً.. أخلص في حديثي هذا، إلى أن الشعب السوداني موعود بمعرفة حقيقية لبواطن صدور المتلبسين لباس الإسلام ويتشدقون بالدفاع عنه وهم في غيهم يعمهون، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى سيكشفهم كما كشف محامي الدفاع عن الطغمة المعزولة سبّه للدين الحنيف واستهزائه بالآخرين، ويقول عزّ من قال في كتابه الحكيم: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ….).. الخ الآية (118) من سورة “آل عمران”.
تنويه
القارئ الكريم: هذا المقال نُشر في 19 أبريل 2013م، قمت باختصاره بما يتوافق مع الحادثة، كان طويلاً احتوى على موضوعات مختلفة يعالج قضايا تلك المرحلة، ومن بينها الاستعلاء العرقي.
صحيفة (الديمقراطي)
14 أبريل 2022م
خالد أبو أحمد سلام مني لك الأخ الكريم ..
أنا وانت كنا منتمين في يوم ما لهذه المجموعة وكنا نعتقد خاطئين أن الأمر “إسلام” والحمد لله كلانا قد الهمه الله أن يكتب رايه ويخرج منهم منذ ذمن طويل (أنا منذ عام 1999) وليس الآن حتي لا يقول أحد أننا فررنا من المركب أو “قحط” مع إيماني الشديد أن قحط أفضل منهم بمراحل ..بقي لنا شيء هام يا أبو أحمد لابد لنا من إخراج ما في جعبتنا من كل شيء وبالتفصيل ومن غير تردد ولا خوف فالاعمار بيد الله ..هؤلاء والله لابد من فضحهم خاصة وإنهم يريدون الحكم كمان مرة أخري من غير حياء بدلا” عن الجلوس في الأرض ومراجعة بل والإعتراف بجرائمهم ..أنظر اليهم وهم يبتهجون ويمرحون بكل وقاحة وقلة أدب ..اتفقوا مع مجرمهم الآخر البرهان فاطلق ثراهم لكن السؤال الهام :- هل سيطلق سراحهم الشعب السوداني ؟..الآن ليس أمام الجميع ألا الوحدة التامة ونبذ الخلاف وإلا فسوف تجتاحهم هذه الطغمة مرة أخري فهم يملكون المال والسلاح. لا يجب أن نضيع أي زمن بعد إطلاق سراح الموتمر الوطني ..الله غالب علي أمره ..مزاهر نجم الدين ..
هؤلاء مجرمين لا امل في عودتهم لرشدهم بعد استغلالهم للدين لاغراضهم الخبيثة واحتراق مشروعهم ، المرة القادمة سوف يشعلونها عن طريق استخدام القبلية والعنصرية والترويج لدولة البحر والنهر جزء من مشروعهم الخبيث وسوف يحاولون الوصول للسلطة والثروة باي طريقة هؤلاء لايمكن تسميتهم بغير عصابة تأكل الاخضر واليابس
الاستعلاء العرقي للإسلامويين هو سبب الأزمة السودانية طيب اكبر داعمي هذه الضغمة من دارفور واكاد ان اجزم بان جل مثقفي دارفور داعميين للكيزان حتى اصبحت تسمى دارفور بداركوز ولاحظ ما يقولوا الكيزان فعلو وقتلو واجرموا وانما يصرون ان يعممو الشريط النيلي وعندما يرفع الكيزان المشروع العنصري بتاع دولة البحر والنهر ما يقولو الكيزان اصحاب هذا المشروع العنصري وانما اهل الشريط النيلي والمصيبة ابناء دارفور هم الداعم الاساسي لهذا التنظيم طوال تاريخه ؟؟؟؟؟ اها المعضلة والمعادلة دي نحلها كيف
والله كلكم ما نافعين