مقالات وآراء

عرض وقراءة في نقد البروفيسور فدوى عبدالرحمن علي طه لكتاب (محمود محمد طه والمثقفون) وتعقيب مؤلف الكتاب الدكتور عبد الله الفكي البشير عليها (1- 18)

بدر موسى

 

كنت عندما نشرت سلسلة مقالات بعنوان : “رؤية الأستاذ محمود محمد طه تجاه التنمية تثير حراكاً واسعاً: مقاربة د. عبد الله الفكي البشير بين آراء الأستاذ محمود محمد طه والبروفيسور أمارتيا سن تجاه التنمية تلهم المتخصصين في التنمية وتدفعهم لفتح باب المقارنات دون الاعتراف بالفضل”، في صحيفة التيار الغراء، خلال الفترة (24 مارس- 31 مارس 2022)، كنت قد وعدت القراء ببعث النقد الذي قدمته البروفيسور فدوى عبد الرحمن على طه، أستاذة تاريخ السودان الحديث والمعاصر، ومديرة جامعة الخرطوم سابقاً، لكتاب: (صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ)، 2013. سأشير له لاحقا بـ (محمود محمد طه والمثقفون)، وتعقيب المؤلف الدكتور عبد الله الفكي البشير عليها. وهأنذا اليوم أوفي بوعدي من خلال هذا الاستعراض والقراءة لذلك السجال المهم والعلمي والمتميز. وستكون هذه القراءة عبر (18) حلقة.

وفي الواقع أني عندما وعدت القراء بذلك، لم يكن في خلدي أن كتاب (محمود محمد طه والمثقفون) سينشر في هذه الأيام في طبعته الثالثة. ولهذا فإن هذه الحلقات الـ (18) تكون، من حيث لا أدري، قد جاءت لتكون بمثابة الاحتفاء بالطبعة الثالثة للكتاب، التي ستصدر عن دار بدوي للنشر (ألمانيا) في جزئين، وكانت الطبعة الأولى للكتاب قد صدرت عن دار رؤية للنشر بالقاهرة عام 2013 في مجلد واحد وقع في (1278) صفحة. وقد وسمه البعض وقتها بأنه أكبر كتاب صدر في تاريخ السودان. فقد كتب عنه الأستاذ صديق محيسي، قائلاً : ” أزعم أن الكاتب الباحث عبد الله الفكي البشير قدم للمكتبة السودانية مالم يقدمه كاتب وباحث سوداني قبله في تاريخ الكتابة في السودان “. (صديق محيسي، “أركيولوجية البحث في قضية محمود محمد طه 1-3″، صحيفة الراكوبة، 9 فبراير 2014).

ما هي مناسبة الوعد؟

كنت في سلسلة المقالات المشار إليها أعلاه، قد تناولت موقف الدكتور قصي همرور العدائي، بلا حق، من كتاب الدكتور عبدالله الفكي البشير الذي صدر مؤخراً بعنوان : (أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية : التنمية حرية – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، وقد شاركه في العداء، بلا حق كذلك، الدكتور عمر القراي والدكتور محمد جلال هاشم. وقد بينا عدم أحقيتهم في ذلك العداء، وشاركنا البعض في الرأي، كما عبر الكثيرون عن احتفائهم بالكتاب، وزاد الاهتمام بالكتاب، على عكس ما كان يهدف إليه الثلاثي: القراي ومحمد جلال، وقصي. لقد كان تقييمهم للكتاب “مجلياً”، وكان الكتاب أكبر من تصوراتهم وتوقعاتهم، كما أنهم لم يمنحوه استحقاق القراءة قبل الحديث عنه، وكان هذا واضحاً عندما تحدثوا عنه. فلقد اكتفوا بتبادل التشاور حوله والشراكة في التقييم، وقد أشار الدكتور محمد جلال لذلك، قائلاً : إن كل ما قاله (في أولى ندوات تدشين الكتاب) تم بالتشاور مع الدكتور قصي. وكان واضحاً أنهم جاءوا لندوة التدشين في 15 أكتوبر 2021 دون قراءة الكتاب. الأمر الذي أوقعهم في خطأ فظيع، وهو أنهم، ويا للأسف، نقدوا الكتاب بما جاء فيه. وبعد أن تبين كل هذا، كنت أتوقع منهم أن يتقدموا بالاعتذار للدكتور عبد الله، ولكنهم لم يفعلوا، وآثروا المكابرة والتعالي، وفي تقديري، من يتعالى على الاعتذار تذهب أنواره، فالاعتذار من شيم الكبار، ومن سمات المنحازين للحق. بل الأدهى، أن الكتاب وبعد أن وجد الاحتفاء والاهتمام الكبير، وتجري الآن طبعته الثانية، فإن منهم من طمع الآن في الاستحواذ على الكتاب، والغرف منه، وترسم طريقه، بدون أن يعطي الكتاب أو مؤلفه الدكتور عبد الله ميزة الذكر. وهذا فعل مشين.
في تناولي لعداء الدكتور قصي لكتاب (أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حرية) أشرت إلى أن عداءه ليس جديداً، فقد بدأ مع صدور كتاب (محمود محمد طه والمثقفون). وهو الكتاب الذي أحدث انقلاباً في الدراسات السودانية. ففي الوقت الذي وصف البروفيسور عصام البوشي، مدير جامعة ود مدني الاهلية، السودان، كتاب عبد الله الفكي البشير، قائلاً: “الكتاب الذي بين أيدينا كتاب عظيم وجليل وخطير.. وهو كتاب يقف بنا في مفترق الطرق، ويؤرخ لمرحلة جديدة وفريدة في كتابة وصناعة التاريخ”.. مضيفًا بان: “هذا الكتاب ذو طبيعة موسوعية غطت ما أهمله المؤرخون، عمداً أو سهواً، وما أخفاه أو تخطاه الأكاديميون والباحثون جهلاً أو خوفاً أو حسداً. وهو بذلك حرِيٌ بأن يكون “المرجع” (المعرف بالألف واللام) لكل من يود الكتابة عن الأستاذ محمود محمد طه منذ اليوم”. ووصف البروفيسور عبد الله علي إبراهيم للكتاب، قائلاً: “هذا كتاب فحل”، علاوة على قوله: “هذا الكتاب هو ثورة”، وتعليق البروفيسور يوسف فضل حسن عندما استلم نسخته من الكتاب قائلا : “هذا ليس بكتاب، هذا انقلاب”. وإشادة واحتفاء الدكتور حيدر إبراهيم بالكاتب، قائلاً : “يعطي المؤلف درساً في التوثيق المحكم واليقظ والمتابع. إذ يبدو وكأنه يريد أن يقول : لن أفرط في الكتاب من شيء … إن الكتاب في حقيقته هو محاكمة للمثقفين السودانيين، والأكاديميين، والإعلاميين، وكل من ساهم في تجاهل الأستاذ محمود، أو تعمد إخفاء سيرته، ومساهمته المقدرة والمميزة”. فما هو موقف قصي من كتاب عبد الله : محمود محمد طه والمثقفون؟
لقد أوضحت مقالي السابق بأننا لم نقرأ للدكتور قصي ولم نسمع منه شيئاً عن كتاب عبد الله (محمود محمد طه والمثقفون)، إلا بعد أن نشرت البروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه نقداً للكتاب، جاء بعنوان : “نقدٌ وتوضيح لما ورد عن بعض الأطروحات الجامعية في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير : صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، رؤية للنشر والتوزيع القاهرة 2013″، ونشرته في 7 يناير 2015.
فما أن نُشر النقد للكتاب، إلا وحضر الدكتور قصي في الساحة، وكأنه كان ينتظر النقد والنيل من الكتاب، والتخطئة لعبد الله، فكتب متعجلًا يقول: “لم أقرأ للبروفيسورة فدوى عبد الرحمن قبل اليوم، لكني أرى مقالها أعلاه غاية في الأناقة والدّرَبة المنهجية، ولست على دراية بصحة ودقة محتوى التوثيق فيه، لكني أفترض فيه الصحة حتى الآن، فليس عندي أي سبب الآن لافتراض العكس .. إلخ”. وأضاف قصي .

قائلاً: “بعد مرحلة الإشادة بالكتاب، وبالمجهود الضخم الذي بذله أخانا عبد الله الفكي البشير، تأتي مرحلة التفاعل النقدي الجاد في مثل هذا المستوى… إلخ”. ثم ألتفت معلناً تشوقه لقراءة تعقيب عبد الله، إذ كتب، قائلاً : “أتشوق لقراءة تعقيب أخي وصديقي عبد الله الفكي، فما أراه أن هذا المقال يخاطب عبد الله في مستوى الاحترام الأكاديمي الذي يستحقه بجدارة، وعليه أتوقع أن يكون عبدالله سعيدا بهذا المقال ومتحمسا للتجاوب معه بنفس القدر من الأناقة المنهجية”.

سأواصل في الحلقة القادمة .

 

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. لعل واحده من الامراض الملازمه للسودانيين هى تضخيم الذات وتفزيم الاخر. لقد شاءت الظروف ان اتناقش مع د. عبدالله الفكى البشير حول تدشين كتابه : (صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ) فى احدى المنابر الاسفيريه. وكنت قد ناقشت فى جزئيه مختصه ب محمد ابو القاسم حاج حمد. والحق يقال : ان عبدالله البشير باحث جاد ورجل متمكن معرفيا وله قدرات هائله فى تخليق البنيه الابيستمولجيه وتنظيم المعرفه منهجيا وفكريا .
    لم تجمعنى معه رابطه من قبل ولكنه ابهرنى وابهر شهود المنتدى الاسفيرى بلباقته وقدرته على المقاربه الابيستمولجيه وتاسيس الدراسه على مبداء البنيه التحليليه التى تشكل المنهج وتاسس النظريه . كتابه كتاب مفارق واضافه للمكتبه السودانيه . ومن ثم عكفت على دراسه مؤلفاته ومتابعته .
    –الى ان حضرت تدشين كتاب له يتضمن دراسه مقاربه تتضمن مقاربة بين آراء الأستاذ محمود محمد طه والبروفيسور أمارتيا سن تجاه التنمية.
    — فقد ابدع د. عبد الله كالعاده فى تاسيس المقاربه من منظور البناء المفاهيمى لمفهوم التنميه من منظور الحريه.حيث وضح أن الحرية هي غاية التنمية وهدفها الأسمى ووسيلتها الأساسية، وأن التنمية ما هي إلا عملية توسيع في الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الناس، وأن الإنسان هو محورها وغايتها. وقاربها بفكره الاستاذ محمود محمد طه الذى وضح إن الحرية مسئولية وامارتيا سن الذى يرى الحرية الفردية في جوهرها منتج اجتماعي توافقا مع مقولات الاستاذ-المجتمع وسيلة موسلة لحرية الفرد وكذلك رؤيه امارتيا للمؤسسات الحرة وإنسان متحرر من الجهل والمرض والفقر توافقا مع مقولات الاستاذ -للفرد على الحكومة حق تحريره من الخوف، ومن الفقر، ومن الجهل، ومن المرض.
    ولكن اكثر ما ادهشنى عند تدشين الكتاب بدار الاخوة الجمهوريين هو الهجوم السافر الذى قاده د. عمر القراى الذى عكس عدم موضوعيه وشخصانيه قللت من قدره الكثير وكذلك هجوم غير موضوعى من قبل د. محمد جلال هاشم الذى يتشدق ويتكلم بمقولات متكرره تتناقض مع المقام والسياق من من منظور التداوليه والممارسه وهذه عادته تم ملاحظتها وسط المثقفين والاكاديميين. اما موقف د. القراى فغريب عجيب: عبدالله الفكى باحث جاد شاطر ومشروع مفكر اذا انعتق من قيد فكر الاستاذ—فارى ان وجب على د. عبدالله ان يقدم مشروعه الفكرى فهو له امكانيات كامنه ثره ——اما منطلق القراى ومحمد جلال وغيرهم حسب متابعاتى فهو الشخصانيه من منظور الانتقاد لا النقد –وخلاصاته الحسد والغيره ولا سيما ان د. عبدالله بشير شاب باحث مندفع بترسانه معرفيه ترهب الاخر بغزاره فكره ————-وعلى الاكاديمين ان يمارسو النقد لا الانتقاد والاستفاده من استراتجيه المناظرات التى درج عليها فرج فوده والمفكرين المصريين —

    1. أشكرك جزيلًا يا أستاذ الصادق على تعقيبك المحترم على الحلقة الأولى من مقالي أسعدني كثيرًا
      أرجو أن تتابع بقية الحلقات وأن تتحفنا بالمزيد

  2. هذا هو عمل الجبناء الخسيسين يتشجعون بجمعهم فيستغلون آلة الدولة وسلاحها وعرباتها ويذهبون جميعهم وفي وثت متاخر من الليل والناس نيام للهجوم على منزل أسرة لاعتقال مواطن وان لم يجدوه ياخذوا شقيقه او والده او ابنه او حتى اخته وزوجته وليت جمعهم هذا استعراضيا لاخافة اهل الحي ولكن حضورهم والناس نيام يدل على انهم ياتون بهذا الجمع احتياطاً وخوفاً من أهل الحي والجيران ليس الا!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..