التسوية الجديد بين قحت وعسكر الكيزان او الخطوة الأخيرة في استكمال الردة

يوسف حسين
قبل أن تكتمل التسوية الأولى ارتكب عسكر اللجنة الامنية مجزرة فض الاعتصام في محاولة أولى للانقلاب افشلها الشارع بموكب 30 يونيو 2019، لكن قحت رضخت ومكنتهم من تمرير كثير من اجندتهم من خلال الوثيقة الدستورية ومن خلال السماح لهم السيطرة على ملفات السلام والتطبيع مع إسرائيل، وكذلك من خلال السماح لهم باستمرار سيطرتهم على اكتر من من 80٪من الاقتصاد.
ولضمان سيطرتهم المطلقة على مستقبل الحكم والسلطة، انقلب عسكر اللجنة الأمنية لنظام الحركة الإسلامية مجددا على الثورة في 25 اكتوبر 2021، ومجددا اندلعت الشوارع في ثورة باسلة قادتها لجان المقاومة والتي تمكنت خلال هذه الفترة التي مضت من افشال كثير مما خطط له الانقلاب وجردته من الشرعية أمام العالم، الا ان قحت كالعادة خذلت الثورة والشارع بعدم تبنيها لاءاته الثلاثة وبتحاهلها لميثاق سلطة الشعب الذي اصدرته لجان المقاومة، وصولا الي إعلانها قببل أيام القبول بالجلوس للحوار مع العسكر الذين لم تتغير أهدافهم واجندتهم في تصفية الثورة والقضاء على قواها الحية.
ومن هذا المنطلق فإن اي تسوية جديدة بين قحت وعسكر اللجنة الأمنية ، لن يتجاوز المدى الزمني لاستمرارها ماتبقى من الفترة الانتقالية، بل ان التسوية الجديدة ان شئنا الدقة والتحديد لا تعدو كونها مهلة جديدة تمنحها قحت للبرهان وحميدتي، لاكمال مخطط تصفية قوي الثورة وشرعنة سيطرة المكون العسكري والكيزان على الحكم بشكل دائم ، من خلال صيغة يجري الاعداد لها على كافة الاصعدة، تتضمن حشد ومشاركة كل المكونات الداعمة للعسكر من إدارات أهلية وقبائل وطرق صوفية وحركات مسلحة مستقطبة وتيارات دينية حليفة، إضافة إلى من يختار تكملة مشوار السقوط من قوي الهبوط الناعم في قحت ، وستتم صياغة دستور وقوانين تشريعات تحدد شكل وطبيعة الدولة ونظام الحكم بحيث تضمن لعسكر اللجنة الأمنية وحاضنتهم الحركة الإسلامية رفقة حلفائهم المذكورين السيطرة بشكل دائم على السلطة.
في إطار السياق المشار اليه أعلاه لابد من التوقف عند تصريح خطير لم يحظ بكثير من الاهتمام والفحص، ورد في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قحت يوم الخميس الماضي، للاعلان عن موافقتها على الدخول في الحوار مع عسكر اللجنة الأمنية،حيث أعلنت في المؤتمر أيضا عن تكوين جبهة شعبية واسعة دعما لقضية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو!! ، هذ التصريح الخطير والذي قيل لاضفاء طابع ثوري زائف ومضلل على خطوة الردة التي انزلقت إليها قحت فإنه يؤكد الاتي :
اولا: بناءً على فحوي ودلالات نص هذا التصريح فان قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو الذي فرضته الثورة وكان المكسب الثوري الأهم في الفترة الانتقالية ، والذي استهدفه الانقلاب في أول بياناته واوقف العمل به وألغى كل قراراته واكمل القضاء الكيزاني الاجهاز عليه، لا وجود له في التسوية القادمة. فالاعلان عن تشكيل لجنة لدعم قضية التفكيك يعني عمليا ان قحت قد وافقت على إلغائه ودفنه ، لكنها كعادتها في خداع الرأي العام والشارع السوداني وتجميل ارتمائها في حضن التسويات و ردتها عن خط الثورة، اصدرت هذا الإعلان البائس لتكوين جبهة دعم لن تكون سوي كيان هلامي لاقيمة لوجوده ولا فعالية قانونيةلانشطته، بل ومن الخبرات السابقة عن قحت وأساليب ساستها في اللعب على جميع الحبال، فإن هذه الجبهة الداعمة لقضية التفكيك ستكون اهم أدوات التغطية على التمكين الكيزاني القائم وتزيبف الحقايق حوله والتكسب من وجوده.
ثانيا : هذا التصريح والذي من الواضح انه صدر في عجالة منبرية غير محسوبة، ارادت به قحت التغطية على سوأة ردتها التي يدركها قادة التسوية جيدا، الا انه وبعكس ما اردات كشف عما يحاك خلف المنابر والتصريحات، فقد أثبت وجود اتفاق اطاري او على الاقل تفاهمات مسبقة على تفاصيل الترتيبات السياسية والقانونية للتسوية القادمة بين قحت و عسكر اللجنة الأمنية، لذا اصدرت هذا التصريح كتغطية استباقية لامر تعلم جيدا انه سيثير كتير من الانتقادات والاتهامات، لكنها من حيث لا ترغب فضحت ما خبأته عن الشعب السوداني.
ثالثا :بهذا الإعلان تكون قحت أيضا قد حددت دورها الذي ارتضته في الشراكة القادمة كمحلل ومشرع لتسوية أدنى وأكثر وضاعة من كل مشاريع التسويات السابقة، تسوية سارت إليها على طريق طويل مرصوف بجثامين شهداء الثورة منذ أنطلاقتها وحتى اخر المواكب، تسوية تمت على حساب تضحيات عظيمة قدمها الشعب السوداني طوال اكثر من اثنين وثلاثين عاما من دمه إبادة ومن قوته جوعا ومن امنه انتهاكا و تعذيبا، ومن موارده فقرا وتشريدا ، تسوية تأتي كخيانة مركبة للثورة فاضافة للخذلان الحالي والبعد عن شعارات وثورة الشارع، في وقت يترنح فيه النظام وتتساقط فيه شرعيته يوميا، فانها أيضا اثبتت ان كل ما جري بين العسكر وقحت منذ اندلاع الثورة ، من تنازلات وتغول للعسكر على السلطة المدنية، وكل ما تم تبريره بضعف التجربة وحسن النية ، لم يكن الا خطوات متفاهم عليها بين المكونًين ارتضي كل طرف منهما القيام بدروه المرسوم له فيها.
ورغم عظم المؤامرة فإن المطمن والمؤكد ان الشارع ولجان مقاومته تمتلك الوعي الكافي والزخم الثوري المبصر والارادة المعززة بالتجربة والصمود لهزيمة كل هذه المخططات والتسويات المنسوجة في اروقة ودهاليز ومعامل مخابرات المجتمع الدولي ودول المحور والمسماة بالمبادرات ، وعلى راسها المبادرة الدولية بقيادة فولكر بيرتس.
نقول للسادة الصحقيين لو فهمتم الوضع الدستوري والقانوني للجيش لربما سهل لكم ذلك الرؤية الصحيحة في مخاطبة مشكلة اللجنة الأمنية للنظام البائد برئاسة نائب المخلوع ووزير دفاعه ابن عوف والتي تضم قائد مليشيا الجنجويد كمكون اضافي لحماية المخلوع من حركات التمرد المسلحة أو المحتمل تمردها من داخل الجيش. فهذه اللجنة بما فيها الجيش برئاسة وزير الدفاع بالطبع كانت خاضعة وتعمل بتعليمات السلطة السياسية للمخلوع وفق الدستور وهذا هو الوضع الذي يجب أن تكون تحته اليوم، أي كونها لجنة أمنية لا يجب أن تتحول إلى كيان سياسي يستولي على دور السلطة السياسية ويحكم ويتحكم في الجيش باعتباره مؤسسة عسكرية تابعة لهذه السلطة السياسية المزعومة. لقد خلط الانقلابيون كل الأمور العسكرية والسياسية واصبح رئيس اللجنة الأمنية قائداً للجيش وزعيماً سياسياً ورئيساً للدولة! فمن ناحية كونه قائداً للجيش فالجيش ليس له سلطة دستورية في أن يحكم اللهم إلا بانقلاب على الدستور (وهذه اللجنة الأمنية لم تكن هي الحاكمة في عهد المخلوع) وانما حكمت بعد سقوطه بانقلاب عسكري استولى بالقوة على الحكم بدلاً من تسليمه لحكومة الثورة التي أسقطت رئيسها السياسي المخلوع. وبما أن مجموعة قحت منحت اللجنة الأمنية للنظام السابق حق المشاركة في الحكم إلا أن انقلابهم على قحت قد أعاد الوضع إلى أصله وهو أن اللجنة الأمنية تحكم الآن بانقلاب عسكري شرعيته القوة والسيطرة على مؤسسات الدولة بالقوة البحتة. فانظروا ليس لكم إلا مقاومة الانقلاب ودحره واعادة الجيش إلى وضعه الدستوري المفترض وهو مؤسسة عسكرية تابعة وخاضعة للسلطة السياسية الشرعية المدنية والقيام بمهامه الدستورية وفقاً لتوجيهاتها وأوامرها – وإما تتركوا العسكر يحكمون بالقوة وحدهم وألا تتعاونوا معهم أو مع الانتهازيين الذين سوف يأتي بهم كالذين في مجلس السيادة المزعوم حالياً. وطالما هم الآن أظهروا عدم قدرتهم على الاستمرار فلا تمدوا لهم يد العون ليستقووا عليكم ويستمروا في قتل الشباب واعتقالكم بالمئات وانتم تؤملون في جهود الامم المتحدة وفولكر ولا الاتحاد الافريقي وود لبات فما فائدة جهودهم وهم لا يستطيعون منع العسكر من جرائمهم ضد الانسانية بقوة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي فماذا ترجون منهما والقتل والخطف والاخفاء والتعذيب والاغتصاب والنهب في ازدياد فما فائدة جهودهما؟؟ نتمنى أن نأخذ الخيار الأول بتضامن كل الشعب مع الشباب خروجاً وعصياناً وامتناعاً عن التفاوض وتقديم المبادرات وخلافه حتى اسقاطه واعتبار كل من يتفاوض أو يتكلم عن مبادرات هو منهم لفرز الكيمان وتطبيق المحاسبة بعد دحر العصبة المجرمة والفلول الذين يدعمونهم.