كُل الجروح بتروح إلا التي في الروح محجوب شريف.. “شريان الشعب” وثورة لن تُخمد بالرحيل!!

الخرطوم: مهند بكري
8 أعوام مرت سريعاً من عمرنا فكانت قبلها آخر الكلمات التي سمعناها من فيه فارس القصيدة العامية في بلادي، أبونا محجوب شريف، حبيب الشعب وشريانه.
فبعد معاناة طويلة مع المرض ترجل شاعر الشعب محجوب شريف عن جواد القصيد ليغادر دنيانا الفانية في اليوم الثاني من الشهر الرابع بالعام 2014م.
فالشعر ظل حاضراً على امتداد الثورات السودانية المتواصلة فهو عمودها الفقري وشريانها للحياة، فكان محجوب مُحركاً لعجلتها ومُحرضاً بأشعاره ضد الظلم والدكتاتوريات منصفاً للإنسان أملاً في بناء وطن حر ديموقراطي كما يحلم به.
فكانت.. حنبنيهو.. حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ.. وطن عاتي.. وطن خيِّر ديمقراطي.
وطن مالك زمام أمرو.. ومتوهج لهب جمرو.. وطن غالي.. نجومو تلالي في العالي.. إرادة.. سيادة.. حرية.. مكان الفرد تتقدم.. قيادتنا الجماعية.. الخ.
طقس ثوري
وظل محجوب شريف طقساً ثابتاً في خطابات الثورة التي ألهبتها كتاباته، لتبقى قصيدته “الشعب حبيبي وشرياني.. أهداني بطاقة شخصية” خالدة في وجدان الشعب محفورة في جدران الثورة بالإضافة إلى الكثير من القصائد الخالدة التي أثرت الثقافة الشعبية في جنوب وادي النيل.
خارطة وطن
ولد محجوب شريف بقرية أب قدوم ريفي المسلمية في العام 1948 ورحل شريف عن عمر يناهز الستة وسبعين عاماً من العطاء والثورية في 2 أبريل 2014، وبرز كشاعر إنساني، وضع بصمته في خارطة الشعر السوداني بعد أن أثرى الساحة بالأغاني الوطنية، وهي تجربة طويلة وعميقة امتدت لأربعة عقود، فللرجل دور مؤثر في الأغنية والقصيدة الوطنية، حيث تغنى بقصائده محمد وردي ومحمد الأمين وغيرهم مسطرين فصولاً من خارطة الغناء الوطني.
ومن أشهر قصائده (يا ولادة يا مريم) و(مساجينك) و(صباح الخير مسا النور) و(أوعك تخاف) وآخر قصيدة له (تلاتة كباري وشارعين وسد).
حياته الشخصية
الحالة الاجتماعية: متزوج من الأستاذة أميرة الجزولي وهي أخت للمؤرخ حسن الجزولي والكاتب كمال الجزولي (معلمة كانت تعمل إدارية في جامعة الخرطوم)، وقد أحيلت للصالح العام كذلك بعد قيام انقلاب “الإنقاذ” مباشرة. له بنتان: مريم (تخرجت من جامعة الخرطوم كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، قسم الإنثروبولوجيا) من مواليد 1983م، ومي (تخرجت من جامعة السودان كلية الفنون الجميلة قسم تصميم أزياء)، من مواليد 1987م.
ما بين كوبر وشالا
وتلقى “شاعر الشعب” الذي اعتقل لمرات عدة بدءاً من العام 1971 في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، وتم وضعه في السجن لثلاث سنوات ابتداءً من 1989 نتيجة مواقفه المناهضة لحكم الإخوان، تلقى تعليمه الابتدائي والأوسط والعالي بالخرطوم، وعمل بعد تخرجه مدرساً بالمدارس الابتدائية إلى أن فصل في العام 1989.
فشريف في تلك الحقبة المُظلمة نُقل من سجن كوبر إلى سجن شالا بالقرب من مدينة الفاشر في دارفور ليكتب فيها (ودانا لي شالا).
واتسمت قصائد محجوب شريف بالمباشرة لتعبر عن موقفه السياسي وعن كفاح الشعب ونضاله من أجل الديمقراطية والحرية والعيش الكريم عبر أسلوبه الخاص والمميز في نظم القصيدة بالعامية، الأمر الذي أدى لاعتقاله مرات عدّة.
=-=-
اليوم التالي



