مقالات وآراء

يا من تري الحياة بأذنيك

محمد حسن شوربجي

ما يقلقني حقا في مجتمعنا السوداني اننا اصبحنا لا نعير اهتماما للكثير من سلوكياتنا الحياتية الخاطئة وهي تأخذ بخناقنا ..
ولعل اكثر ما يثير قلقي هو قلة اهتمام المختصين النفسيين في بلادنا ..
وارجو ان لا يكون السبب هو انشغالهم برغيف الخبز والبنزين ومستلزمات الحياة اليومية ..
فحتي اعلامنا نجده مشغولا بالسياسة والحكومة وترك وقوش وحمدوك وفتح المينا وقفلوا المينا والكيزان ..
ولا وقت لديهم لتوعية الناس بهذه السلوكيات الهشة التي تنخر أجساد الناس ..

وان كنت استميح عذرا للمواطن وقد أهمل معالجة مثل هذه الامراض وقد طغت عليه الاحداث اليوميه بأثاراتها وضجيجها ..
فلم تعد مشاكل الناس النفسية او العصبية او السلوكية قضايا ذات اهمية كبري في حياتنا ..
ولعل اكثر ما لفت نظري هو ذلك السلوك المنتشر في المجتمع والذي اصبح ملازما للكثيرين في حياتهم العامة وهو النشاط الاذني الذي انتشر كثيرا ..
فما اكثرها سخافات نقل اخبار الناس بعد فلترتها وتزينها بالزيادات بمختلف

اصباغها ..
فالكثيرون منا قد اصبحوا اهل نميمة و(شمارات) ..
وقد اصبحنا نعايش هذا الامر الخطير علي الدوام ..
فبكل برود قد يقول لك قائل (عندي ليك شمارات عن فلان) (وانا عندي كل الزيت) ..
رغم ان الشمارات او النميمة بالمفهوم القديم كانت سلوكا مجيرا للنساء فقط ..
فاحيانا كان يقال لك (انت مالك زي النسوان تقطع في الناس) ..
فكم من شخص ظلم بسبب قصص “مفبركة” تم نسجها في بعض الجلسات..
وكم من بيوت دمرت بسبب وشايات كاذبة ..
وكم من نساء طلقت بسبب كلام منقول ..
وكم من موظف او موظفة فصلت بسبب حاقد ..
وحقا فلقد انتشرت هذه الظاهرة القبيحة في مجتمعنا ..
وقد تكون دوافعها في الغالب دوافع اجتماعية .. او سياسية .. او إيديولوجية .. او نفسية..
واصحابها ربما يكونوا مرضى نفسيون ..
فاكثر ما يروق لهم هو الحديث عن قضايا الناس وأخص خصوصياتهم وفي غيابهم ..
وأصبح الالتقاط الأذني ونشر الشمارات والاخبار شغلهم الشاغل ..
وانتشر هذا الوباء كالنار في الهشيم ..
وليتنا ندرك مدى خطورة نقل هذه (الشمارات) بين الناس فقد تزرع هذه الشمارات العداوة والبغضاء في النفوس وتكون سببا رئيسيا للكثير من الخصومات في المجتمع ..
ولقد كشفت دراسات ان انتشار جلسات النميمة بين الشباب عامة والفتيات خاصة بهدف التسلية وشغل وقت الفراغ هو في النهاية نتيجة شعور نفسي بالكبت والإحباط يسيطر على هؤلاء الشباب ..
واكيد تدخل الإشاعة والكذب والتدليس
والقراءة الكيدية للأحداث في هذه السلوكيات الضارة التي انتشرت ..
لذلك يقول بعضهم ان ما بين الحقيقة واللاحقيقة مسافة صغيرة جدا ..
وقد تقارب هذه المسافة المسافة ما بين العين والأذن تقريبا ..
وحتي “ساستنا” أصبحوا صناعا مهرة للشمارات فلا يحلو لهم الا سماع (الشمارات) في الميديا والمواقع الالكترونية ..
فكم يجندون من أفراد نمامون وبمخصصات كبيرة لخدمة أغراضهم الدنيئة ..
وكم هم كثر البارعون في حكوماتنا من الذين يلفقون الاكاذيب و ‬الأخبار‮ ‬المزيفة..
ودعوتي هنا للجميع ان نحارب وبقوة ناقلي (الشمارات) والنميمة لانهم حقا (خرابين بيوت) ..
وهم كذلك يخالفون الله ورسوله ؛

«وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوه»
وكذلك (تجِدُ مِن شِرار النَّاسِ يومَ القيامَةِ عندَ اللهِ ذا الوجهينِ الَّذي يأتي هؤلاءِ بوجه وَهؤلاءِ بوجهٍ).
واكيد ان بعضنا قد تعرض لمثل هذه الآفات الضارة في مسيرته الحياته ..

لذا فدعوتي في النهاية ان يعمل المختصون في الحد من مثل هذه السلوكيات الضارة ..
وان يعمل العقلاء علي توعية المجتمع ..
فخطورتها الحقيقية في انها تصيب اجيالنا في مقتل ..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..