مقالات وآراء

زيارة البطل المغوار الى السودان ..؟؟     

حمد مدنى حمد                                                                                           
جاءت تلك الممثلة المصرية الى السودان وتسمى داليا البحيرى  .. وتم استقبالها فى المطار كما يستقبلون زعيما او محررا لبلاده من الاستعمار  .. والفيديو المتداول يظهر مجموعة من المرافقين والحرس والعشرات من مقدمى البرامج والمعجبين يتهافتون لرؤية محرر الامة العربية .. ومن شدة الزحام احتاجت ذلك البطل المغوار الى ما يقارب الثلث ساعة حتى تدخل إلى صالة المطار .. وقد تعالت الهتافات .. وقيل انه قد تم الاعتداء على معجب اعاق مسير المغوارة اثناء دخولها الى صالة المطار والتى امتلات عن بكرة ابيها وجدها وحبوبتها .. عشرات الكاميرات تلتقط الصور  بعضها للقناة الفضائية صاحبة الحدث الأسطورى وعشرات المصورين وعدة مرافقين لحماية تلك المغوارة ويسمونها كما علمت مؤخرا بالبودى قارد .. وانتشرت فى الوسائط صورة للبطلة مع من يطلق عليه بالكاردينال وصورة  للبطلة مع المغنى ترباس وقد انتفخت اوداجه وتكاد عمامته ان تطير به من الفرحة .. وصور كثيرة للبطلة ملأت الأساطير منها وهى ترتدى الثوب السودانى  وأخرى  وهى بوضع الحناء لها  .. الخ من السخف .. ؟؟
لو عدنا الى الوراء زمن بوب مارلى وهو فنان انجليزى من ام جامايكية اسس موسيقى اسمها (الريغية) والسبب فى شهرته ليست الاغانى التى غناها وانما محاربته للعنصرية .. فقد غن للسود فى فترة كانت اوربا تعانى من العنصرية .. وكانت امريكا وقتها اعلنت واقرت حركة الحقوق المدنية وما زال البعض يعارض اقرارها .. وقد اصدرت صحيفة الهيرالد تربيون واسعة الانتشار ملحقا خاصا بمناسبة الذكرى ال 25 لوفاة هذا الفنان ذكرت فيه حجم التاثير الواسع لهذا الفنان واغنياته التى دعت السود الى الوقوف ومناهضة العنصرية .. وكيف اصيب هذا الفنان بالسرطان واصر رغم ذلك على الغناء وكانت اغلب حفلاته يذهب ريعها اما لدعم السود او لحماية الاطفال او للمعاقين .. ؟؟
نحن هنا نتحدث عن صورة مختلفة لممثلين او لمغنيين ياتون لبلادنا من دون رسالة ويجمعون الاف الدولارات لقاء حفلة واحدة يغنون فيها اغنياتنا كما قامت بذلك تلك الحبشية التى اتت لبلادنا لتردد لنا اغنيات حمد الريح يا الغاريك جمالك وسيد خليفة ازيكم كيفنكم  وعثمان حسين من عيونك يا غزالى وبلغة ركيكة جدا و نحن نصفق لذلك بكل سذاجة وهى قد ادت رسالتها فى جمع المال والعودة محملة بالهدايا الى بلادها فبلادنا قد صارت محطة عبور لكل من اغلقت امامه القاعات فى بلاده وقام بتعويض ذلك باقامة حفلات فى بلادنا وفى النهاية يجنى المال الوفير ويعود لبلاده بعد ان باع لنا بضاعتنا..؟؟
السؤال المطروح : اين حكوماتنا عن مشاهدة مثل هذا العبث فى بلد ما زال مئات الالوف من ابنائه يقفون امام ديوان الزكاة والجمعيات الخيرية من من اجل مساعدتهم فى دفع تكاليف العلاج او التعليم .. والالوف ياتون من الاقاليم الى العاصمة من اجل غسيل الكلى.. ؟؟ اين حكوماتنا وحتى تلك التى كانت تدعى تطبيق شرع الله فيما يحدث من هياصة ومياصة وعبث عن مجتمع يتفشى فيه الفقر وغلاء طاحن ياكل الاخضر واليابس ونترك بالمقابل فئة عابثة همها احضار الفنانات والفنانين من خارج حدود الوطن لاجل لا شئ يهمنا يتم بعدها اخراج الاف الدولارات والعودة بها لاوطانهم (كما حدث مع الفنانة السورية اصالة نصر) من بلد يعانى من توفر الدولار للعلاج واحضار الدواء .. ؟؟
هل هذا هو السودان .. ؟؟ وهل هذه هى شيمنا واخلاقياتنا ورجولتنا وعزة نفسنا التى تربينا عليها..؟؟ هل هذا هو جيل الشباب الذى نريد تغيير همه من الانتاج والعمل وتحقيق الذات الى الهتاف لممثلة مصرية او لمغنية سورية  او فنانة حبشية على باب قاعة والبكاء من اجل اخذ صورة معها .. ؟؟ لو انها كانت صاحبة رسالة تريد إيصالها للمجتمع مثل وردى او ابو اللمين او بوب مارلى او مثل ديميس روسز الذى غنى بكل لغات العالم ومع ذلك ظل وفيا للاسكندرية التى عاش صباه فيها وقد وقفت اليونان كلها لوداعه حين مات .. لو كانوا مثل هؤلاء اصحاب رسالة لقلنا من حق الشباب ان يهتفوا للبطل ومن حقهم ان يتقاطروا لمشاهدته واخذ الصور التذكارية معهم لكن وللاسف هؤلاء مجرد ممثلين او مغنيين بل مرددين لغناء غيرهم وما يهم بعضهم اولا واخيرا هو الدولار .. ؟؟
الحكومات يا سادة : مؤتمنة على الوجدان ونحن فى السودان احوج ما نكون لقانون يحمى الذوق والحس الوطنى ويحصن من معنويات الناس ولسنا بحاجة إلى من يحدثنا عن تجربته فى التمثيل ومشواره الطويل او لمرتزق يعتلى مسارحنا ليؤدى اغنياتنا .. ونقابة الفنانين وعلى راسها استاذ مثل عبدالقادر سالم هى الاخرى عليها مسؤلية وطنية واخلاقية فهى من يجب ان تمنح التصاريح للاجانب وتسنطيع ان تمنعها عنهم بنص القانون .. عمالقة الفنانين عندنا عندما يمرضون لا يجدون ثمن العلاج كما راينا فى حالات كثيرة بينما ياتى ممثل او مغنى من خارج الحدود لإجراء مقابلات تلفزيونية لا تجدى نفعا او ليغنى لساعتين على الاكثر و يجنى الاف الدولارات ثم يغادر لبلاده بدون ضرائب .. ؟؟
لقد انكسر وجدانى وانا اشاهد هذا الشريط وتلك الصور المتداولة لتلك الممثلة وحطم الصبر فى داخلى ولولا سهر رمضان و ذوق القارئ وشروط النشر لقلت ما هو اقسى من ذلك .. لكنه السودان وطننا وتلك شوارعنا وهؤلاء شبابنا الذين خرجوا وضحوا بدمائهم  من أجل سودان جميل وغد أفضل هم مسؤليتنا جميعا  يجب حمايتهم .. وتلك المظاهر يجب ان تزول .. فنحن  لسنا بلدا متخلفا فى الفن لهذه الدرجة فما انتجناه اكبر بكثير من تماه هذا .. وتخبط تلك .. ؟؟
ولتسمعنى وزارة الثقافة (السخافة) ونقابة الفنانين مرة : عليك بايقاف ما يحدث فهة خطيئة بحقها قبل ان تكون خطيئة بحق المجتمع السودانى الذى انجب الفاضل سعيد وعلى مهدى وبلقيس عوض وتحية زروق  ود البادية  والكابلى ووردى ومصطفى سيد احمد وابوعركى .. حمانا الله من هذا السخف .. ؟؟ .

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. لدينا قضية اكبر من مما ذكرت
    قول يا سيدي جات وراحت اسمو يعني.
    كم شخص سيهتم بها
    بالمقابل
    كم شهيد صرعه رصاص حميدتي
    كم شهيد مات جراء الجوع
    نحن اعتقد ان نكرس جهد الناس في كيفية الخلاص من التشادي القاتل والبرطمان
    أما مسألة جات فنانة إثيوبية ومشت فهذا أمر غاية البساطة

  2. مع احترامي للكاتب الا ان الأحداث داخل البلد اكبر من تناول موضوع جات فنانة ورقصت عشمانه.. أوقفوا التدهور السياسي بعدين شوفوا ناس الرقيص ديل.

  3. كدي النسال عضوا لجنه علماء السودان الشيخ الدكتور الكاردينال
    يمكن نفهم حاجه
    وقس علي ذلك الاضمحلال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..