أهم الأخبار والمقالات

رفع التجميد عن المساعدات المالية العالمية.. اللحاق بالفرص الضائعة

منذ وقوع انقلاب 25 أكتوبر 2021، فقد السودان فرص الاستفادة من المنح والقروض والمساعدات المالية التي كانت مُبرمجة في الاتفاقيات الموقعة من قبل الحكومة الانتقالية مع صندوق النقد والبنك الدوليين وشركاء التنمية، وبالتالي فإن عودة المساعدات المالية الدولية المقدرة بأكثر من 6 مليار دولار مرهون بهزيمة انقلاب 25 اكتوبر والعودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي، ثم الشروع في استهلال عودة العلاقات مع البنك الدولي ومُضاعفة مبالغ الدعم المالي المباشر للموازنة والتي سقطت في نوفمبر2021 والمقدرة بـ 500 مليون دولار ومن المتوقع مضاعفتها إلى مليار دولار حال عودة المسار الديمقراطي وتشكيل حكومة مدنية معترف بها دولياً، واعادة دعم السودان بمبلغ 2 مليار منحة مخصصة من وكالة التنمية الدولية (IDA) للمساعدة في النهوض بقطاعات خدمية مختلفة والسعي إلى توسيع المنحة لتشمل قطاعات أخرى، هذا بالإضافة إلى عودة الدعم المالي والفني المقدم من الولايات المتحدة عبر وكالة التنمية الدولية (USAID) والمقدر بحوالي 700 مليون دولار، وبعثات الدعم الفني من المنظمات الدولية في جميع المجالات والتخصصات

الديمقراطي – آلاء عبدالرحيم

كل ما ذكر من مساعدات أعلاه، سيدعم اجراءات الاصلاح الاقتصادي الذي انتهجته الحكومة الانتقالية منذ منتصف  2020 وحتى الانقلاب وسيكون لها أثر في استعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي المفقود منذ جريمة الانقلاب حتى اليوم.

الفرص الضائعة

بما لا يدع مجالاً للشك فإن تبعات الانقلاب أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد وأدت إلى تجميد المساعدات المالية الدولية وايقاف مساعي إعادة تأهيل السودان ودمجه في مجتمع التنمية الإقليمي والدولي، كما أدت  تداعيات الانقلاب إلى خسارة فرص السودان في الحصول على التمويل التنموي وعليه خسر السودان مبلغ 2 مليار دولار من مؤسسة التنمية الدولية (التابعة للبنك للدولي) التي كانت مخصصة لدعم 9 قطاعات من أهمها الصحة والطاقة، إضافة الى خسارة مبلغ مليار دولار من صندوق النقد الدولي موزعة في شكل دفعات تبدأ في 30 مارس 2021 وتصرف بعد كل مرحلة تقييم لبرنامج التسهيل الائتماني المُمدّد (ECF) وتستمر حتى يونيو 2024 الموعد المقرر لإعفاء ديون السودان الخارجية ولكن للأسف تم تجميدها بعد الانقلاب. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الانتقالية قد وقعت برنامج التسهيل الائتماني المُمدّد بقيمة 2.5 مليار دولار في نهاية يونيو 2021 بعد أن نحجت في تنفيذ البرنامج الذي يراقبه موظفو الصندوق (SMP)، حيث نالت إشادة المجلس التنفيذي للصندوق وبالتالي وصل السودان لنقطة اتخاذ قرار مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون الهيبك (HIPC) Initiative والخاصة بتخفيف أعباء مديونية السودان الخارجية.

تجميد الأموال الواردة الى السودان “بسبب الانقلاب” أدى إلى نزيف الخزانة وفقدان أحد الموارد التي كانت ستتدفق إلى البلاد

وفي 15 يوليو 2021، تم في باريس توقيع اتفاقية مع دول أعضاء نادي باريس بشأن إعفاء مبلغ 14.1 مليار دولار في شكل إعفاء حوالي 67% من المديونية المستحقة لدول نادي باريس، وينتهي أجل الاتفاقية في 30 أبريل 2022 الجاري، وعملياً مع استمرار الانقلاب فَقدَ السودان فرصة الاستفادة من إعفاء المبلغ المذكور.

كذلك فقد السودان 700 مليون دولار كانت مقدمة من وكالة التنمية الأمريكية (USAID) و348 مليون دولار من البنك الدولي لبرنامج ثمرات وتوقف التمويل الإضافي من المانحين بمبلغ 223 مليون دولار، وأيضاً  توقف مبلغ 2 مليار دولار مخصصة للاستثمار من بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي ومؤسسة التمويل الدولية.

وفقد السودان أيضاًً منحة الولايات المتحدة من القمح المقدرة بـ 1.2 مليون طن قمح  والتي وصل منها فعلاً 250 ألف طن وبسبب توقف هذه المنحة توقف الخبز المدعوم في المخابز، الأمر الذي ضاعف الصرف على الأسر ذات الدخل المحدود من خلال شرائها للخبز التجاري بدلاً عن المدعوم.

وتظهر آثار الانقلاب جلياً بفقدان السودان بعد يومين فقط من وقوع الانقلاب مبلغ  150 مليون دولار المبلغ الذي وافق صندوق النقد الدولي على منحه للسودان تحت بند الإنفاق الاجتماعي لدعم الادوية والزراعة والكهرباء والسلع، كما هو موضح في الشكل البياني، مما أثر على نجاح الموسم الزراعي الشتوي، وأثر فقدان مبلغ 56 مليون دولار المخصصة للسماد على زيادة تكلفة الزراعة للمزراعين نظراً لشرائهم السماد من السوق بدلاً عن البنك الزراعي.

المساعدات المالية

المساعدات المالية – الموسم الزراعي الشتوي 

ومن الخسائر المباشرة على المواطن، فقدان القطاع الزراعي 56 مليوناً مخصصة للأسمدة (٢٤ مليار لشراء الجرعة الثانية من سماد اليوريا للقمح)، أدت الى فشل الموسم الزراعي الشتوي. الخبير الزراعي وعضو اللجنة العليا المنحلة لانجاح الموسم الزراعي باشمهندس فيصل محمد علي، أشار إلى أن السياسات التي وضعت لانجاح الموسم لم تنفذ، وكانت مستهدفة زراعة 800 ألف طن قمح تشتري الدولة منها 600 ألف طن للخبز المدعوم وللاسف لم تزرع المساحة المستهدفة ولم يتم توفير السماد ولا التمويل المتبقي للعمليات الزراعية بواسطة البنك الزراعي، وزاد: (وبعد ان علمنا انه تقرر سعر تشجيعي للقمح 43 ألف الجوال 100 كلجم، ورفض وزير المالية فكرة شراء القمح من المزارعين ثم عاد وقرر الشراء ولم ينفذ ذلك إلى الآن).

وحتى تاريخه فإن البنك الزراعي ليس لديه موارد للموسم الصيفي (مايو المقبل)، ومازال قمح المزارعين للموسم الحالي بيدهم وتراجعت المالية عن توفير المال للبنك الزراعي لاتمام عملية الشراء المتفق عليها، أما الخطة المحكمة التي وضعتها اللجنة العليا لإنتاج الموسم الصيفي الماضي والذي قدر عائده بـ 2.5 مليار دولار ذهبت أدراج الرياح وفشل المزارعون في تسويق انتاج القطن.

وقد حذرت كل من منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من أن التأثيرات المجتمعة الناجمة عن النزاع والازمة الاقتصادية وضعف الحصاد تؤثر بشكل كبير على إمكانية حصول الناس على الغذاء ومن المرجح أن تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر 2022. وقال إيدي رو، ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان: “هناك بالفعل علامات مقلقة على تقلص إمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه وتوفره بالنسبة لمعظم الناس في السودان، مما يدفع عدداً أكبر من الناس إلى المزيد من الفقر والجوع”.

وقال باباغانا أحمدو، ممثل منظمة الاغذية والزراعة في السودان إن: “ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة المدخلات الزراعية الاساسية مثل الأسمدة والبذور يعني أن المزارعين ليس لديهم خيار آخر سوى التخلي عن إنتاج الغذاء إذا لم يتلقوا الدعم الفوري. ومن المحتمل أن يكون لذلك عواقب وخيمة ليس فقط على أمنهم الغذائي، ولكن ايضا على مدى توفر الغذاء في السودان وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من الصراع والنزوح.

المساعدات المالية – ثمرات وسلعتي 

ومن التكاليف الباهظة للانقلاب التي أثرت على حياة المواطن مباشرة، إنهاء مشروع برنامج الحماية الاجتماعية، وتخفيف تكلفة الإصلاحات الاقتصادية (ثمرات) البرنامج الذي ينفذ بالمشاركة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمات دولية أخرى ودول مانحة، وقد كانت البلاد تتهيأ لانفاذ مشروع برنامج توسيع دعم الأسر وتخفيف الضغوطات عليها، وكان للبرنامج أثرين إيجابيين وهما تقديم الدعم المباشر للأسر، واستبدال أموال المانحين بأرصدة محلية ويكون مقابلها تعزيز احتياطيات بنك السودان المركزي ومنح السودان مبلغ 22 مليون دولار لبرنامج سلعتي لصالح الشركة السودانية للسلع، غض النظرعن قيمة الاموال التي كانت تدفع  للمواطن من البرنامج  والتي تقدر بـ 5 دولارت شهريا للفرد لما يقارب 12 شهراً قابلة للتمديد، إضافة الى دعم السلع الاستهلاكية (سلعتي) فإن أثر المنحة الحكومية قوبل باستحسان كبير بين المواطنين وذلك مع الوضع في الاعتبار أن طبيعة الدولة السودانية على مر الحقبة السابقة اتسم بالطابع الجبائي مما أثقل كاهل المواطن، يرى محمد عبدالغني، قانوني ومهتم بالشأن السياسي، أن التأثير على المدى القريب لثمرات لا يبدو ذا أثر كبير على صعيد الإنفاق الشخصي أو الأسري بالنسبة لقطاع كبير من المواطنيين، غير أنه يمثل لمحة من التغيرات المنشودة في العلاقة بين المواطن والدولة، كما أن البرنامج أسهم بشكل ملحوظ في خلق قدر من الإستقرار سواء على الصعيد الإقتصادي عبر تدفق النقد الأجنبي إلى خزينة الدولة اوعلى الصعيد السياسي في قبول نسبة كبيرة من المواطنيين للسياسات القاسية التي تبنتها الحكومة، حيث يرى الغالبية من المواطنيين أن هذه السياسات لا مفر منها، وأن الأمر يتعلق بدرجة كبيرة بمدى ثقتهم في الحكومة التي تقوم بإنفاذ تلك السياسات.

وأما برنامج سلعتي فقد أسهم بشكل أكثر وضوحاً في امتصاص صدمة السياسات الجديدة، حيث يوفر البرنامج معظم السلع الأساسية بأسعار أدنى من السوق، ومع توسع البرنامج كان من المتوقع توسع الجمعيات التعاونية مما يسهم بشكل كبير في ربط المستهلكين بالمنتجين والقضاء على شبكات الوسطاء الذين يقومون بالمضاربة في معظم السلع.

إن تجميد كل هذه الأموال يؤدي إلى نزيف الخزانة وفقدان أحد الموارد التي كانت ستتدفق إلى البلاد، وعلى المدى البعيد فإن تكلفة إعادة بناء الثقة مع المواطنيين أو المانحين ستكون عسيرةً بعض الشيء.

ويوضح الرسم البياني التالي فقدان السودان حوالي مليار دولار في شكل مساعدات خلال الفترة من 27 أكتوبر 2021 وحتى 30 مارس 2022، وهذه المبالغ حال وصولها كانت كفيلة بإحداث الاستقرار التام في سعر الصرف، ونتيجة لغياب تلك المبالغ قام بنك السودان المركزي، مضطراً، في 27 مارس 2022 بإجراء تخفيض مباشر في قيمة العملة الوطنية من حوالي 439 جنيهاً للدولار في أكتوبر إلى 570 جنيهاً في مارس 2022 وبنسبة 30%، وكما سعر السوق الموازي حالياً في حدود 600 جنيه للدولار، حيث كان السعر في السوق الموازي 445 جنيهاً للدولار.

المساعدات المالية

 

الديمقراطي

‫7 تعليقات

  1. ألا لعنة الله على الذين لا يرحمون.. ولا يعجبهم ان تنزل رحمة الله على الكادحين..

  2. الله يخيبكم همكم كلو في المنح والمساعدات.. والله لن تفيد شي اذا لم يتفق أهل السودان على إدارة البلاد بالتراضي الوطني.

  3. فكي جبرين .. كان ما عارف اعرف المقال ده بعرفك بالعصا السحرية القلت ما عندك عشان تحل بيها مشاكل الاقتصاد و المال في السودان.
    مع اني عارف انك عارف لكنك احد ابتلاءات السودان و السودانين نسأل الله السلامة منك و من معك من عسس الانقلاب و الكيزان و حركات النهب المصلح

  4. الراجي خير من البنك الدولي وامريكا قال تعالي ( وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) (120) البقره

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..