خالد عبدالحميد عثمان
محجوب
(ولتكن يا شعب ضد
الانكسار وليكن ما قد دفعنا من دماء لانبلاج الفجرِ مَهراً أو ثم)
كانت نيوجيرسي في
الموعد، تماما كما عوَّدَتنا. أمسية رمضاني كاملة البهاء تُعطِّرها وتُظلِّلها ذكرى أوسم الناس، شهداء و شهيدات الوطن، من لأجلنا ارتادوا المنون وكسرب قماري ارتقوا نحو رحاب الله يرجون رحمته التي وعد، {ومن أصدق من الله قيلا} قدَّموا أغلى ما يملك الواحد منَّا للوطن الأفضل والأنضر، خرجوا سعياً نحو الحرية والسلام والعدالة والتغيير، خرجوا رفضاً للظلم والقهر والاستبداد وما عادوا. فيا لعِظم التضحيات ويا لنُبل الأهداف،،،
كان لزاماً أن نتوقَّف مع
ذكرى فض اعتصام مدينتنا الفاضلة بتلك الوحشية الًتي يعرفها الجميع، وما حدث يومها من قتل وتنكيل وجرائم تنوَّعت، تلقَّفنا كأُمَّة ذاك التاريخ ليكون يوماً وطنياً للاحتفاء بكل شهدائنا عبر التاريخ، التاسع والعشرين من رمضان، ربَّما كانت ليلة
قدر، لكن اختار الظالمون أن تكون ليلة غدر، فتبَّت يد القتلة، أرادوها تكون الفاصلة ليستتب لهم الأمر، فإذا هي تنبُت كل عام في ذات الأيام المباركات بكل مدن العالم، ورداً وعهداً وذكرى …
كانت نيوجيرسي حاضرة وهي تُحيي باحترام يوم الشهداء، تُجدّد الوعد أننا لم ولن ننسى، وأنَّ السعي نحو الضوء والغد الأجمل فكرة، والفكرة لا تموت، المسافة من الممكن حتَّى الحلم الَّذي استشهدوا أملاً في تحقيقه مليئة بوجودهم، كثيفة هي
التفاصيل وراء قصَّة كل شهيد/ة، آما وعائلة ورفاق وأصدقاء وصديقات وجيران وأمنيات وئدت. ازدان المكان بصور وأشعار وأعلام وغضب في الصدور وعزيمة وإصرار على مواصلة المسير،، وسمعنا من الضيوف
الكرام، عبر الهواتف أوالحاضرين، ما يستحق الاحتفاء،،
السيدة شريفة عوض محمد عبدالله، اختصَّتنا برسالة صوتية وهي والدة الشهيد دكتور بابكر، طيّب الله ثراه، تحدّثت
فاذا القوم في كامل الإنصات، تحكي عن كيف ارتقى، وكيف أنَّ النضال واجب الاستمرار في الداخل والخارج كيفما تكون الوسائل السلمية.
تنزَّل حديثها برداًوحماساً على السامعين، وكانت خير ممثِّل لأسر الشهداء جميعهم،
حدَّثتنا بأقوى وأصدق العبارات كنداكة من سكّان الولاية عن سويعات فض الاعتصام بعين الشاهدة، كانت هناك،
ولعلّها الوحيدة في الولاية شهوداً على الواقعة،
وليس من رأى كمن سمع، قويةٌ عبا اتها، رصينٌ تحليلها برعت في
وصف الأحداث و تحدّثت حديث العارفين، فشدَّت الانتباه، تُنبِّئك بهذا ملامح الحاضرين، وشهادة أخرى لما حدث أثناء الاعتصام يحكيها أحد ضيوف الفعالية الكرام وتفاصيل دقيقة لما حدثلأحد آل
بيته الأقربين،،تسمع كل هذا فتعرف بدقَّة من فعل ومن قتل وتعلم حين ترفع يدك بالدعاء، على من
ستمطر الرحمات ومن تسأل اللهَأن يأخذ أخذ عزيز مقتدر وعلى من
تسأله أن تتنزل اللعنات..
وبين هذا وذاك احتفينا ووقفنا مع كلمات عديدة
من ثوار وماجدات تنسيقية مقاومة نيوجيرسي، الجهة المُنظِّمة،كلمات كما الأنهار
تتجمَّع نحو مصب الثورة الماضية نحو نهاياتها المنصورة رغم وعورة المسار ومزالق الرحلة وتواطؤ التحالفات
الرخيصة، فالنهر يصنع مجراه وشعبنا العظيم أقوى وقد أعلنها داوية أنَّ الرِدَّة مستحيلة،
كان شِعر المقاومة حاضراً، يضيف نوراً ولهباً ونار ويُجمَّل المكان مع تناسق المفردة الثورية ومعرض صور الشهداء الَّتي ازدان بها المكان،فتكاملت لوحة فنية مكتملة الأركان،،،
كان من الرائع حقّاً حين
ارتفع صوت الأذان من الهواتف بينما شاعر الثورة محمد إبراهيم يلقي في إحدى قصائده،، فتوقَّف
لفوره وتوجّهت القلوب والآذان لسماع الأذان فلا تسمع إلَّا همس همهمات المُكبِّرين .. صمت تلك الثواني اختصر ما يمكن الجدال فيه لساعات. تلك كانت وقفة بيَّنت الكثير ..
الشكر لكل من جعل هذا
ممكناً الحضور الجميل، طيِّب الطعام، الإخراج الفني والنظام والاحترام الذي ساد المكان، الأمر كله يليق بنا وبشعبنا ويليق بذكرى الأوسم منَّا جميعاً وهم في عليائهم يرفلون.