بعيداً عن “اسقاطات” حميدتي

فايز السليك
من الملاحظ أن التعاطي مع المشهد السياسي العام، وفي دارفور على وجه التحديد، يغفل الغوص العميق في جوهر القضايا ويتعامى قصداً أو جهلاً عن السعي من أجل سبر أغوار الأزمات، ويكتفي المتعاطون بالملاحظات السريعة والقراءات السطحية، وبالتالي اصدار أحكام جزافية تعبر عن أزمة تفكير عقلٍ مأزوم وخطاب أزمة مستفحلة.
إن تناول الصراع يحتاج إلى رؤية مغايرة وتفكير خارج الصندوق، دون اغفال “اسقاطات” محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وتصريفات مني أركو مناوي المتمثلة في أن التغيير يعني تصدر القادمين من “الهامش الجغرافي أو السياسي والثقافي” للمشهد، ونيل قادة الحركات المسلحة من دارفور لمناصب دستورية رفيعة، ولا يمكن في ذات الوقت اهمال مواقف “عدائية تجاه حركات الاحتجاج المسلح؛ تزايدت لدى بعض النخب في المركز؛ لا سيما بعد تورط الحركات المسلحة في انقلاب ٢٥ أكتوبر المشؤوم، والمؤسف أن تصل هذه المواقف المتطرفة في المقابل حد التضحية بمبدأ السلام أحياناً”.
لن نتمكن من تقديم قراءة صحيحة للمشهد دون التوقف عند خبرات كثيرٍ من الشعوب التي مرت بتجارب الصراعات المسلحة، أو شهدت دورات تاريخها فصولاً مظلمة من فصول الحكم عناوينها الاستبداد والتطرف العقائدي وإرهاب الدولة ودوامات العنف المتطاولة.
وتشير كثير من الدراسات المرتبطة بسيكولوجية الجماهير، والتي تحلل الصراعات السياسية والمسلحة بمناهج أقرب إلى علم النفس الإجتماعي، إلى أن الجماعات المقهورة، تتخذ عدداً من “الميكانيزمات الدفاعية” في مواجهة الجماعة القاهرة، أو المتسلطة عليها فترات طويلة، مثل العنف، التمرد، العزلة، والتماهي.
وتستخدم الجماعات المهمشة آلية “التماهي” في شخصية ونفسية المتسلط، أو الاستلاب داخل منظومة القاهر الثقافية والفكرية، والمنهجية، والتماهي مع سلوك القاهر، وقيمه، ووسائل قمعه. يمكن مراجعة كتابات غوستاف لوبون، مصطفى حجازي، وتوسعت شخصياً في هذه القضية في كتابي (الزلزال.. العقل السوداني ذاكرة مثقوبة وتفكير مضطرب) وأشرتُ إليها منذ عام 2013م.
يمنح السلاح المقهورين ميزة رمزية، ومعنوية، ومادية يعتبرونها تفضيلية، تشعرهم خلال حروب التحرير بالتميز على غيرهم من شعوبهم، ويرتفع معدل الشعور بالتميز أكثر بعد انتهاء الحرب، حيث يصادر حق الآخرين في التعبير، وفي الوجود، وفي العمل لشعوره بأن بندقيته هي التي حررت هذا التراب.
تكمن المفارقة في أنَّ ذات الشخص المقهور يضمر في لاوعيه اعجاباً بالمستبد الذي كان يحاربه، فهو قوي من وجهة نظره، بل يستحق التقدير لدرجة التماهي في عدوانيته، وسلوكه، وقيمه. فترى القادة يحتفون بالتدرج في سلم الوجاهة الاجتماعية، ويتبارون في نيل المناصب وجمع المال، ولو كان من المال العام. يشعر هؤلاء القادة بأنهم محصنين بحصانة ثورية، لذلك تكثر مظاهر أثر الاستعراض “الإدلال”، وهو مصطلح يستخدمه خبراء علم الاجتماع والتنمية، والاستعراض هو ميل رموز المجتمع، أو حتى أفراده إلى استعراض ما يمتلكونه من ثروات، ومن وسائل الرفاهية، لدرجة المبالغة في الصرف البذخي في المناسبات العامة، والخاصة، وفي إظهار مقتنيات الذهب، والسيارات الفارهة، والملابس الغالية الثمن، والتحف، وربما تتحول حتى النساء إلى زينة، وديكور مكمل للوجاهة الاجتماعية.
كثيراً ما تقع الحركات الثورية في خطأ منهجي كبير بسبب عدم تبني برامج نفسية واجتماعية بعد نهاية الحرب للمحاربين، أو إدخالهم في برامج الدمج، ونزع السلاح بطريقة علمية، والعمل على دمجهم من خلال برامج لبناء السلام، وترسيخ ثقافته، والتحفيز على رفع القدرات التنظيمية والفكرية.
يستمر هذا الخطأ مع غياب برامج التوعية السياسية، وهو أمر قد يحول الثورة إلى دمار شامل، وإلى فوضى، لقصور الرؤية والمنهج السياسي والفكري، وغياب برامج التغيير، إنه تحدي يواجه كل الحركات المسلحة في العالم، ويشمل تلك التي تعبر عن الهامش. إنَّ بندقية بلا وعي ستولد سلوكاً فوضوياً، لا يفرق في نهاية الجولة بين الجاني والضحية، وبين المستبد والمقهور، وأن عملا مسلحا بلا مشروع أشبه بعمل العصابات، وجماعات النهب المسلح.
إنَّ المدخل الخاطئ يختزل كل عملية السلام في جني مكاسب شخصية، وهو ما ظلَّ “حميدتي” يكرره باستمرار، ويعكس مثل المدخل قصور تفكير، ويعبر عن عقلٍ لا يدرك عمق القضايا، ولا يمتلك القدرة على النظر الى القضايا نظرةً شمولية تنطلق من الجزئيات الى الكليات، أو بالانطلاق من الخاص إلى العام وفق منهج الاستقراء، ولا يستطيع نوع هذا التفكير كذلك استخدام منهج استنباط؛ ينقل الذهن من عدة قضايا أو من قضية واحدة كبيرة الى قضايا أخرى وتفريعات ونتائج.
إنَّ التوهم بأنَّ اغتصاب السلطة عبر فوهة بندقية دائماً تكون نتائجه كارثية، وسوف يقود أهل السودان في آخر المطاف إلى الدخول في غياهب نفق “شخصنة” تختزل الكل في الأنا، وتعبِّر عن بؤس السياسة، وعجز الساسة، وشح النفوس التي لا تتسع لغير جماعات المنتفعين، وأمراء الحرب، وجوقة التابعين.
إنً حل الأزمة في دارفور يظل رهيناً بتوفر شروطٍ موضوعية، لا غنىً عنها، تتمثل في؛ اصلاح أجهزة الحكم، بناء الجيش الواحد، إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، إصلاح الأجهزة العدلية، تحقيق العدالة، ضمان عدم الإفلات من العقاب، دفع التعويضات للضحايا والمساعدة في انتقالهم إلى أراضي الإنتاج، ونشر ثقافة السلام الاجتماعي ومن ثَمَّ؛ التوصل إلى مصالحة شاملة تنتزع فتيل الاحتقان القبلي، وتمهد الطريق إلى التصالح والتعافي.
المؤكد أن هذه الرؤية لن تتحقق دون تفكيك هيمنة نخب المركز؛ لكن ليس عن طريق تبديل هيمنة بهيمنة، أو احلال أشخاصٍ من جهة بأشخاص من جهةٍ أخرى، فيما يسميه البعض خطلاً بنيل امتيازات تاريخية، وفي مثل هذا الوضع سوف تكون نتيجته النهائية خلق معادلة شائهة ترسخ لقمعٍ جديد. واستبدادٍ آخر، وتصاعد ألسنة لهب الحروب الشاملة التي ترشح من بين شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن.
الديمقراطي
فعلا كما قال سعيد أبوكمبال خوائ خطاب وشباب صغار السن وقليل التجربة وبعضهم ( ما خد مقلب فى روحه) كما كانت تقول المرحومة زوجته؛ موهوم ويعتقد إنه ( فات الكبار واللى قدره) – هسع دحين حدثتنا على التناول السطحي للأمور وعدم الفهم العميق لها – ولكن لم نفهم منك ولو لمحة من هذا الفهم العميق!!
لن تتضح صورة الصراع في دارفور بغير التحليل المادي للمشكلة، علاقات الارض هي اصل المشكلة، فالقبائل التبع، وهي المسموح لها بالعيش مقابل اتفاق والتزامات معلومة تجاه القبائل صاحبة الارض، هذه القبائل التبع قد تعلم ابناؤهم واصبح فيهم الطبيب والمهندس والضابط العظيم، ولن يقبلوا ان يكونوا تبعاً او مواطنين من الدرجة الثانية في مناطقهم.
المدخل لحل الصراع في دارفور، وكذا في شرق السودان حيث يتم استتباع قبائل الهوسا، هو ايلولة الاراضي للدولة التي تنظم حق الانتفاع بها لجميع المواطنين. كذلك تغيير نمط الانشطة الاقتصادية، وخاصة الرعي، وذلك بانشاء مشاريع استقرار الرحل في مزارع ضخمة تتوفر فيها مصانع الالبان ومشتقاتها، والمسالخ ومصانع الجلود، وغيرها من الصناعات التحويلية المعتمدة علي الانتاج الحيواني.
اقتباس :( إنً حل الأزمة في دارفور يظل رهيناً بتوفر شروطٍ موضوعية، لا غنىً عنها،)
.. كلام مكرر ممجوج،، حاول الكيزان وجربوا كل السبل لحل معضلة دارفور وفشلوا فشلا ذريعا وهذا بعض منها :
…. تجنيد الدارفوريين في تنظيم الاخوان ومنحهم المناصب السياسيه العليا في دارفور وفي كل انحاء البلاد…
…. اجزل الكيزان العطايا والهبات على زعماء القبائل والطرق الصوفيه في دارفور…. .
…. ،،أصدر الكيزان أوامر لاخوات ( نسيبه) بالزواج من الدارفوريين وتوطينهم في العاصمه…
… مارس الكيزان كل أساليب الترغيب والترهيب مع الدارفوريين ولم تحصد بلادنا سوي الدمار والقتل.
.. اليوم بعد مهزلة جوبا وانقلاب 25 أكتوبر الكيزاني الدارفوري وسيطرة جنجويد الريزيقات على ما تبقى من جيش الكيزان،، رغما عن ذلك مازال القتال والنهب مستمرا في دارفور أعنف واشد مما كان عليه قبل مهزلة جوبا..
… خلاصة القول استاذ السليَك ان تجريب المجرب لن يحل مشكلة دارفور..
… لم يبقى سوى خيار فصل دارفور عن بقية السودان ووضعها تحت الوصاية الدوليه لحماية المواطنين العزل من جرائم ذوي قربتهم والوافدين من دول غرب أفريقيا..
… خيار فصل دارفور هو الخيار الذي لا بديل له عسى ولعل ان تنعم دارفور بالامن والاستقرار..
… افصلوا دارفور اليوم قبل غدا.
دارفور لم تكن ابدا جزءا من السودان، الامتداد القبلي والعرقي والثقافي والعادات والتقاليد في دارفور هي جزء من تلك التي في غرب أفريقيا..
… انفصال دارفور قادم لا محال، لماذا لا يتم ذلك بكل الوسائل السلميه وتحت إشراف دولي بدلا من مسلسل الحرب والقتل والدمار الذي ستعاني منه أجيال المستقبل في بلادنا.
هذه هي الخلاصة
صدقت يا “سيف العزل”.
نتفهم كلام سيف العزل ولكن انا كدارفوري لا أقبل بهذا الطرح عشان نحن نريد ان نحكم كل السودان ونستمتع بخيراته مثل ما استمتع الجلابة طوال المائة عام الماضية. دعوتكم لفصل دارفور هي عبارة عن خوفكم وجبنكم من مواجهتنا ونحن سنعملو على ارجاعكم من المكان الذى أتى منه اجدادكم قبل ٧٠٠ عام ولدينا القوة البشرية واتعسكرية لتنفيذ ذلك فاعملو حسابكم وغادرو ارض السودان لاننا سنتمدد على طول الشريط النيلي أو الشريت النيلى كما يحلو لكم تسميته