الأجهزة التشريعية والتحدى الأكبر

سعيد أبو كمبال
قلت فى مقالى بعنوان (هزيمة الإنقلاب وخواء الخطاب) إن من الأسباب الرئيسية لقرارات الرئيس عبدالفتاح البرهان فى 25 أكتوبر 2021 الشلل شبه الكامل فى أداء الحكومة بسبب التباين وعدم الإنسجام بين رؤى ومواقف مكوناتها الحزبية حول المطلوبات الأساسية للفترة الإنتقالية مثل الإصلاح الإقتصادى والإصلاح المؤسسى (الأطر القانونية والإدارية) وتحقيق السلام وإقامة العدل. ولم تكن مكونات الحكومة جاهزة ومستعدة لمخاطبة تلك المطلوبات ولم تفكر فيها أو تبحثها قبل أو بعد ثورة 18 ديسمبر2018. ولا يوجد ما يشير إلى أنها قد فعلت ذلك حتى اليوم والهراء الذى يردده قادة الأحزاب المشاكسة دليل على ذلك. وأخشى أن يؤدى هذا الإخفاق إلى إٍستمرار حالة الفشل والعجز عن إدارة الدولة الذى لازم السودان منذ فجر الإستقلال.
ويكثر قادة الأحزاب المشاكسة الحديث اليوم عن (هزيمة الإنقلاب) بدون توضيح لمعنى ما يقولون أو كيف يجوز تحقيق ما يريدون مع تمسكهم بلاءات صبيانية وعبثية وهى بالتحديد لاحوار مع العساكر ولا شراكة مع العساكر فى إدارة الدولة . وإزاء هذا الواقع لا يجوز عقلاً أن تظل البلاد بدون حكومة إلى ما لا نهاية ويجب تجاوز تلك المجموعات وشعاراتها العبثية والعدمية ودعوة من يقبلون الحوار من مدنيين وعسكريين إلى الجلوس مع بعضهم للتفاكر الهادئ والعميق فى إيجاد مخرج للسودان من هذا المستنقع الذى أوقعنا السودان فيه بسبب تخلفناوجهلنا لبعض أساسيات إدارة الدولة وبسبب السقوط الأخلاقى لبعضنا الذى يكذب ويكابر بدون حياء فى توزيع (تهمة الفلول) التى لن يسلم منها حزب من الأحزاب السودانية التى شاركت جميعها فى حكم (الإنقاذ). ولن ينفع البكاء على الماضى وما ينفع الناس هو صناعة حاضر ومستقبل يخاطب بطريقة جادة شواغل وهموم السودانيين وطموحاتهم وتعويضهم بعض ما فاتهم.
إصلاح وتجويد مؤسسات إدارة الدولة :
ويقصد بمؤسسات إدارة الدولة القوانين والأطر الإدارية مثل البرلمانات والحكومات والخدمة المدنية والجيش والشرطةالخ وربما يتذكر القارئ الكريم إننى قد قلت وأعدت القول فى أكثر من مقال ، لمصلحة الشباب، أن المختصين فى العلوم السياسية يقولون إن الدولة تتكون من أرض يسكنها شعب وتقوم على كل من الارض والشعب سلطة تدير الشؤون أو المصالح العامة وهى بالتحديد حفظ أمن أرواح وأعراض وأموال الناس وأمن بيئتهم وإقامة العدل وتنظيم وتسهيل المعايش. وفى المجتمعات صغيرة الحجم التى تتواجد فى نطاق جغرافى ضيق يشارك كل الناس أو على الأقل أغلبيتهم فى مناقشة الشؤون العامة و إتخاذ القرارات بشأنها وتحديد الجهة المناط بها تنفيذ القرارات والإشراف على أدائها وومتابعته ومحاسبتها على القصور وسوء التصرف والفساد . ولكن مع إتساع المساحة الجغرافية للدول وكبر حجم السكان طور الناس نظم للمشاركة فى إدارة الدولة تقوم على التمثيلrepresentation بأن يفوضوا أفراد منهم وفيهم ليناقشوا الأمور العامة ويقرروا بشأنها إنابة عن الجميع ويشرفوا على أداء الجهة المناط بها التنفيذ ويحاسبونها. وحق المشاركة فى إدارة الدولة مباشرة أو عن طريق التمثيل حق طبيعى لكل مواطن ولايوجد اى مسوغ أخلاقى أو دينى أو عرفى يعطى شخص أو جماعة من الناس الحق للإنفراد بإتخاذ القرارات والوصاية والإستبداد على الآخرين. كما أن الله تعالى يقول فى كتابه الكريم إن أمر الناس شورى بينهم (الشورى 38). ويعنى ذلك كما يعرف القارئ الكريم أن يدير الناس شؤونهم العامة بالتفاكر والتشاور والتناصح والتراضى بدون إنفراد بالرأى أو وصاية أو إستبداد من فرد أو جماعة مثلما كانت تفعل الحركة الإسلامية.
تحدى الندرة :
والتحدى الأكبر فى إدارة الدولة وخاصة سودان اليوم هو الندرة scarcity أوعدم توافر الموارد البشرية والمالية وبكميات كافية لتلبية رغبات كل الناس الكثيرة والكبيرة الأمر الذى يوجب وضع الأسبقيات والتضحية ببعض الرغبات بالتخلى عنها مؤقتاً أو إلى الأبد . ومن هنا تأتى أهمية الأجهزة التشريعية بسبب ، كما أردد القول، عدم جاهزية كل الأحزاب السودانية لمخاطبة مطلوبات الفترة الإنتقالية ولأن الأجهزة التشريعية تتيح للناس فرص قيمة :
أولاً توفر الفرص لإشراك أكبر عدد من السكان فى إدارة الدولة مما يعزز شرعية القرارات ويخفض إحتمالات التوتر ويحقق الإستقرار .
وثانياً إتاحة الفرص لكل المجموعات للتعبير عن شواغلها وطموحاتها كما تراها هى .
وثالثاً توفير فرص العمق والشمول عند بحث القضايا .
ورابعاً تؤدى أولاً وثانياً وثالثاً أعلاه إلى التراضى على الأولويات أو الأسبقيات وتقبل التضحية ببعض الرغبات مؤقتاً أو إلى الأبد .
خامساً سوف يؤدى تشكيل برلمان قومى إلى التخلى عن (الحاضنة) .
وسادساً تقوم المجالس التشريعية بالِإشراف على أداء الأجهزة التنفيذية.
ولأن الأحزاب المشاكسة لا ترغب فى قيام أجهزة تشريعية تصادر منها الوصاية على الشعب السودانى صار من الضرورى جداً ان يكون فى مقدمة مخرجات المحادثات التى يدعو إليها المبعوث الأممى السيد فولكر إنشاء برلمان قومى تمثل فيه كل الأحزاب السودانية عدا حزب المؤتمر الوطنى ويكون الإختصاص الرئيس لذلك البرلمان هو إختيار سودانى مشهود له بالنزاهة (الأمانة والصدق والعدل) ومشهود له بالجدارة المهنية العالية (الفهم والشجاعة والجرأة فى إتخاذ وإنفاذ القرارات) ليكون رئيساً لمجلس الوزراء.والسودان غنى والحمد لله بمن لهم خدمة لمدد طويلة وخبرات فى العمل التجارى وفى الجيش والشرطة والخدمة المدنية والجامعات ولهم تاريخ معروف.
تعويض السودانيين ولوقليل :
وقد عانت أغلبية الشعب السودانى من الإستبداد ومن الظلم والحرمان من طيبات الدنيا طوال فترة حكم (الإنقاذ) وهناك من قضى أكثر من نصف عمره فى المكابدة والشقاء ويستحق هؤلاء تعويض ولو القليل من ما فاتهم ولن يحدث ذلك بدون إستعجال التراضى على تدابير سياسية تحقق الإستقرار والمزيد من الإستقرار بتوفيق الله.
انت شخصيا أتفه من تستحق مجرد الرد على تفاهاتك… انت شخصيا كنت من القلة القليلة الكان مسموح ليك في حقبة الإنقاذ الأولى الكتابة بحرية… لماذا يا كمبال؟؟؟ الإجابة معروفة سلفا وببساطة لأنك كنت مسنود… مسنود.. والجميع يعرف إنك كنت مسنود من منو أيها التافه…. فما تجي الآن وتدعي بأنك حريص على مشاركة الشعب في اختيار مشرعيه ورئيس وزرائه… استحي وعدم إلى جحرك أيها الأفعى… حفظ الله الوطن والمواطنون من سمومك…
يا أبو كمبال نظرياً كلامك دا غلط فالحاضنة السياسية وكما هو معلوم هي الحزب أو الائتلاف الحاكم ويسمى حاكم لأنه يهمن على تشكيل الحكومة التنفيذية وفي نفس الوقت لديه الأغلبية البرلمانية التي تمرر سياساته عبر الحكومة التنفيذية – ولكن البرلمان الذي تعنية برلمان غير منتخب وهو معين بنسب محددة مفروضة سلفاً سواء كان بالوثيقة أو اتفاق جوبا – وهذا هو السبب الذي جعل قحت تتباطأ في تشكيل المجلس التشريعي الذي قبلوا بنصوصه في الوثيقة كأمر لابد منه ولا يستطيع أن يرفضه كل من ينادي بالديمفراطية – فقبلوا بها على مضض أو بتكتيك تعطيله لأطول وقت في الفترة الانتقالية ليحكموا هم بداله وهذه هي المعضلة التي عطلت نجاح الانتقالية – أما فيما يلي المكون العسكري فلم يوجد سبب يدفعه إلى عرقلة البرلمان غير كونهم في غيابه يستطيعون التدخل في الحكم وفرض الأمر الواقع استغلالاً لخطأ قحت في تعطيل البرلمان المؤقت ليحكموا كحاضنة وظهر هذا المسلك الخاطئ في المحاصصات ولكن العسكر بدلا من أن يوقفوا هذا المسلك من خلال اتفاق جوبا مع الحركات المتمردة قاموا بتشجيع الأخيرين على المطالبة بالمحاصصة كذلك كتكتيك للانقضاض على الوثيقة والانقلاب عليها عندما يحين دور المكون المدني في استلام مجلس السيادة الذي كان العسكر يستغلونه للتدخل في الحكومة التنفيذية ويخدمون من خلالهم حاضنتهم السياسية من فلول النظام الذي كانوا وما زالوا في خدمته سراً، وبتسليم الأمر للمدنيين يفقدون كافة الذرائع للتدخل ولذلك انقلبوا عندما حانت ساعة التسليم!
المقال ممتاذ وهو خارطة طريق لمن القى السمع وهو شهيد.. نسأل الله أن يقي البلاد شر السياسيين المراهقين.
هو انت كلمة ممتا؟ ما بتعرف تكتبها تقدر تعلق بلغة سليمة ومفهومة؟