مسلسل سكة ضياع

محور اللقيا
د. عمر بادي
أعوام طويلة مضت منذ أن أسعفتني الظروف كي أتابع مسلسلا تليفزيونيا متابعة لصيقة وذلك لإنشغالاتي الكثيرة في قضايا عدة , لكنني وجدت نفسي منذ بداية شهر رمضان هذا العام أواصل على متابعة المسلسل الدرامي سكة ضياع , حتى إذا فاتني موعده على قناة معينة إنتقلت لرؤيته في قناة أخرى فهو كان يُعرض على أربع قنوات فضائية سودانية , والسبب الرئيسي لمتابعتي له هو واقعيته التي بدأت كواقعية إشتراكية لكنها شملت بعد ذلك واقعية برجوازية أيضا ,
في بدايات المسلسل في الأيام الأولى من عرضه كان إنطباعي كآخرين غيري أنه يشوه صورة الشباب خاصة شباب ثورة ديسمبر المجيدة كما كان يحدث من جماعة الثورة المضادة المندسين أثناء إعتصام القيادة العامة فيعطون إنطباعا بأن الثوار يتعاطون الخمور والمخدرات التي يتحصلون عليها من منطقة كولمبيا تحت جسر النيل الأزرق (كوبري الحديد) والثائرات منحلات وفيهم أطفال الشوارع المنحرفين ! هكذا كان الإنطباع في لقاءات المؤانسة و في غالبية مجموعات التواصل الإجتماعي . لكن تغير الحال وصار الناس ينظرون إلى المسلسل نظرة ثاقبة مع تعاقب الأيام . ركّز المسلسل على المسكوت عنه في المجتمع السوداني وهو حقيقة سكوت عن الإضاءات الإعلامية أكثر من السكوت عن إيجاد الحلول و يكفي أنه توجد وزارة للشؤون الإجتماعية تهتم بقضايا الأطفال فاقدي السند المشردين وتوجد دور لهم وللمسنين و لذوي الإحتياجات الخاصة .
ناقش المسلسل قضية التغيير للمسكوت عنه من ناحية النظرة العامة تجاه فاقدي السند الذين يعيشون في قاع المجتمع وكيفية إندماجهم في المجتمع وقبول المجتمع لهم , والواقع يقول أنه يوجد تغيير نحو الأحسن عما كان عليه الحال قديما خاصة بعد إنتشار الوعي والثقافة .
الممثلون كلهم كانوا وجوها جديدة علي التمثيل ورغما عن ذلك فقد أجادوا أدوارهم ومنهم المغنون وتلأطباء واصحاب مهن أخرى . الدكتور جلال حامد وثق بنجاح المسلسل ف (جازف) بإنتاجه والمؤلف والمخرج هيثم الأمين وضع كل جهده ووقته في كتابة وإخراج المسلسل وكالآخرين هي تجربته الأولى . أما الفنان أحمد الجقر وروبي كمال (عبادي و رشا) فأنا متيقن أنهما سوف يكونان في أحاديث الناس عن المحبين مثل مهند ولميس بطلي المسلسل التركي أو مثل فارس و نجود بطلي المسلسل السوري ! لقد أعجبني حد الإمتاع الممثل هاني كابوس (أبو الدبش) فقد أجاد دوره حتى في طريقة النطق لأصحاب المزاج و في لغتهم الجسدية و في لغتة الراندوق مع صبيانه .
الإمكانيات المادية لم تكن كافية لإخراج المسلسل بصورة أفضل من ناحية الإنتقالات السريعة والتصوير من زوايا مختلفة , ومن ناحية ضبط الصوت الذي كان يعلو ويهبط , ورغم ذلك كانت رسالة المسلسل واضحة في أن العدالة الإلهية سوف تأخذ مجراها مهما تفشى الشر والظلم وأن الخير باقٍ . ربما كان الرومانسيون يتوقعون أن تعود رشا لعبادي حتى لا تبقى النهاية محزنة لكنها هي الواقعية التي تتيح حبا آخر لعبادي يكون هو النهاية السعيدة .
لم يعجبني إعتبار معظم أطفال الشوارع لصوص ومجرمون فإن فيهم المسالمون المتسولون والذين يعملون في المهن الهامشية , كما لم يعجبني التدخين الكثير لعبادي في أدواره فما هي رسالة المخرج وراء ذلك ؟ . التدخين مضر بالصحة وتوجد دعوات كثيرة للإقلاع عنه .
أخيرا أشد على يد المخرج والمنتج والممثلين وأتمنى أن أراهم في مسلسلات درامية قادمة .
عندما كان يخاطب والده الحرامى المجرم المسجون جانى احساس زى كانوا بيخاطب المخلوع بشة ..ما عارف ليه ؟؟؟