أخبار السياسة الدولية

المليونير جانب سائق الأجرة.. الجميع يتطوع لوحدات الدفاع في أوكرانيا

لم يتردد رجل الأعمال الأوكراني البارز، فسيفولود كوزيمياكو، في قطع إجازته الباذخة في جبال الإلب بالنمسا ليحمل السلاح ويتصدى للقوات الروسية الغازية.

فعندما دخلت قوات الرئيس الروسي بوتين، أوكرانيا، قرر كوزيمياكو، البالغ من العمر 49 عاما، التطوع للدفاع عن بلاده، وليقود مجموعة من المحاربين الذين تنقصهم الخبرة العسكرية، ولكن لا يعوزهم الحماس الكافي للقتال حتى آخر لحظة.

وعن قراره بحمل السلاح، يقول كوزيمياكو،: “بالنسبة لي كان هذا أمر طبيعيا، إذ لم أجد أي خيارات أخرى للدفاع عن وطني”، حسبما قال لـ”وول ستريت جورنال”.

وكانت النسخة المحلية من مجلة فوربس قد وضعت ذلك الثري الذي يعمل في قطاع الزراعة على في المركز 88 ضمن قائمة أغنى الأوكرانيين لعام 2020، حيث بلغ صافي ثروته حوالي 100 مليون دولار.

وجنبًا إلى جنب مع رجال أعمال آخرين في مدينة خاركيف، لم يتوان كوزيمياكو عن ضخ جزء من أمواله وثروته للإنفاق على وحدة عسكرية من المتطوعين الذين لبوا نداء الواجب لمواجهة قوات بوتين.

وفي هذه الأيام، تخوض وحدة كوزيمياكو مهمتها القتالية الأولى مدينة روسكا لوزوفا، حيث استطاعوا استعادة إحدى القرى الواقعة على الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى الأراضي الروسية.

وتمكنوا من تحقيق ذلك في في 29 أبريل، في بداية الهجوم المضاد الأوكراني في ذلك الجزء الشرقي من البلاد.

ومع احتدام القتال عبر شرق وجنوب أوكرانيا، تمكنت القوات الأوكرانية من تحرير العديد من البلدات والقرى في محيط مدينة خاركيف هذا الشهر حتى عندما أُجبرت على التراجع تحت النيران الروسية من بلدات مثل بوباسنا في إقليم دونباس.

لا تزال القوات الروسية تقصف روسكا لوزوفا مما دفع معظم المدنيين منها خوفا من القصف الروسي الذي لم يرحم منازلهم.
“انضباط صارم”

ويوضح كوزيمياكو وهو يعطي التعليمات لرجاله: “مهمتنا هي دخول المناطق المحررة، وحفر الخنادق والاستعداد لشن هجوم مضاد حتى لا يعود العدو إليها”.

في حين أن كوزيمياكو نفسه لم يكن لديه خلفية عسكرية قبل الحرب، فإن حوالي 20٪ من قوات وحدته هم من قدامى المحاربين الذين خدموا في إقليم دونباس، بينما البقية هم من المدنيين.

ويردف قائلا: “انضباطنا صارم، وربما أكثر صرامة مما هو عليه في بعض وحدات الجيش.. إذ لا يمكنك الاسترخاء عندما تكون في حالة حرب”.

وتأسست قوات الدفاع الإقليمية في يناير، وهي جزء من الجيش الأوكراني، وهي تتبع التسلسل القيادي الشامل للمؤسسة العسكرية، وتعمل بشكل مشترك مع فرق الخدمات الأخرى في ساحة المعركة.

ولكن وعلى عكس الانضمام إلى الجيش النظامي، فقد جرى تجنيد المدنيين من خلال إجراءات مبسطة بمجرد بدء الحرب، وفي تلك الوحدات يمكن أن تجد رجال أعمال أثرياء للغاية ومعلمين وسائقي سيارات أجرة بسطاء ونجوم غناء وموسيقى.

وفي حين تعمل بعض وحدات الدفاع الإقليمية هذه في الغالب ضمن نقاط تفتيش، فإن هناك وحدات منها والتي تتمتع بتدريب أفضل تقاتل على الخطوط الأمامية لا سيما هنا في منطقة خاركيف، التي ساهم لواء دفاعها الإقليمي في صمود المدينة ومنع الاستيلاء عليها من قبل الروس في مارس الماضي.
الرهان على “الحافز”

وأوضح الكولونيل رومان هريشينكو، قائد لواء الدفاع الإقليمي 127 ومقره خاركيف، والذي خدم قبل الحرب كمدعي عام عسكري وحاكم منطقة سومي المجاورة أن “هؤلاء المتطوعين لديهم الحافز، وبسبب ذلك يتعلمون أسرع بكثير مما كنا نتصور. إنهم يعلمون أنهم سيحتاجون إلى كل هذه المهارات غدًا، وليس في غضون عام أو عامين”.

وأكد هريشينكو إن مسلحي اللواء قد تمكنوا مؤخرا من تدمير فخر الصناعة الروسية المتمثلة بدبابة من طراز T-90 شمال شرق خاركيف، وذلك باستخدام قذيفة من بندقية عديمة الارتداد من طراز كارل غوستاف السويدية، وهو أول نجاح موثق لهم منذ بدء الغزو.

وسمح التشريع الأخير بنقل قوات الدفاع الإقليمية الأوكرانية من مواقعهم إلى جميع أنحاء البلاد، حيث أن القوات الرديفة المنتشرة على جبهة خاركيف تضم الآن الكتيبة 130 للدفاع الإقليمي القادمة من كييف، ومن بين جنودها، تاراس توبوليا، وهو المغني الرئيسي لفرقة الموسيقى الأوكرانية Antytila ​.

وفي هذا الصدد يقول توبوليا إنه قرر مع أعضاء الفرقة، الذين انضموا إلى قوات الدفاع الإقليمي الخدمة في مجال التمريض، مشيرا إلى عبارة “الأجسام المضادة تقتل الفيروسات” الملصقة على جدار عربة الإسعاف الخاصة بهم، في إشارة إلى أن أنهم يقاومون فيروس الغزو الروسي.

وقال توبوليا إنه أرسل زوجته، وهي مغنية أيضًا، وأطفالهما الثلاثة إلى ولاية نيوجيرسي عندما غزا الروس بلاده يوم 24 فبراير، ليقرر الانضمام إلى وحدات الدفاع الإقليمي فورا.

ولفت إلى أن مرونة أوكرانيا في مواجهة عدو أقوى بكثير تكمن في مشاعر التضامن التي انتشرت بين الناس، مردفا: “نحن مثل النحل. كل شخص يفعل ما يتوجب عليه، ويجمع عسله بنفسه ليواجه دببة تلطخت أيديها بالدماء”.
الحرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..