مقالات وآراء

كسلا تجمعنا

د. السموءل محمد عثمان

 

وأنا استمعَ للتاج مكي من شعر المرهف الحلنقي

أوسدك قلبي وأرعاك بعينيا

وأسقيك مياه توتيل عشان تعود ليا

ظللت أتساءل ناس زي ديل هل ممكن يكون بينهم مشاكل ؟! .

ناس سمحين في معاملتهم وطيبين في طباعهم وشعارهم نحن ناس بنعيش حياتنا الغالية بالنية السليمة .

وكل زول دايرين سعادتو تشهد الأيام عليمة سيظلون وتظل مدينتهم رمزاً للتسامح والتعايش السلمي سيكونون هم من يطفئون نيران الفتن في المناطق الأُخرى سفراء للسلام والمحبة بين الناس…

وأهل السودان كلهم أجمعموا على أن ناس كسلا ناس طيبين ، تلك عبارة يرددها أي شخص عرف أنك من كسلا وهي تعني الكثير .

تعني إنه يشعر بالأمان من التعامل معك ويفتح لك قلبه ، تلك الطيبة يحسها معك وأنت تدعوه لفنجان قهوة وتتحدث معه حديث القلب للقلب .

تلك الطيبة تسقيها كسلا لضيوفها في مياه توتيل وتلك إلفة يشعرون بها وهم يتنقلون بين سواقي كسلا وتلك ألفة اعتادوا عليها في منظر كسلا ذلك

الجبال وخضرة السواقي حوله …

أهل كسلا، رجالها سماحتهم غوث ونجدتهم غيث، كلامهم كله ظريف، كأنه يضحك، كلامهم كله عفيف كأنهم يغسلونه قبل الحديث به.

كما قال الأديب الأريب عمر الحاج موسى ..

معظم أهل السودان الذين زارو كسلا نحتوا ذكرياتهم على صخور جبال كسلا

من شدة إعجابهم بها

يخافونها أن تندثر

لتظل باقية مابقيت الأيام

وهي باقية في أذهانهم أولاً ، من عرف أنك من كسلا حكى لك عن تلك الأيام وألقها وجمالها وسماحة أهل كسلا وذكرياتها بين قاشها وسواقيها وتوتيل في العصاري وقهوتها وحديث ناسها ..

أهل كسلا من أراد منهم تعريف نفسه في أي مجتمع عرف نفسه أنه من كسلا دون أن يذكر قبيلة أو منطقة لأنه يشعر أن ذلك جواز سفر له عند كل الناس …

كسلا مدينة يرفرف السلام بين أشجار سواقيها ، ويجري الحب مع مياه قاشها ويبقى فيها الود مابقيت جبالها ، فالذي حدث في كسلا في الفترات الأخيرة، كان مثار
الدهشة لسكان كسلا قبل أهل الولايات الأخرى لأن مجتمع كسلا كان مثالاً للسلام الاجتماعي، ولم ترتبط كسلا في أذهان الناس إلا بالجمال والخضرة وجبالها الشامخة وسواقيها وطيبة أهلها وكرمهم .
مجتمع كسلا دوما فاتحاً ذراعيه لكل الناس ، فهناك كثير من موظفي الحكومة الذين حملتهم تنقلات العمل إلى كسلا ، فانصهروا في مجتمع كسلا ، وبعد تقاعدهم للمعاش استمرت حياتهم في كسلا ، وأصبحوا جزءاً من كسلا.
وكذلك كل من أتاها
احتضتنه بقلب أخضر
كما قال كجراى

قلبي أخضر وفي ريعان شبابو
توجد في كسلا قبائل متنوعة ، ولا نقول مختلفة من جميع مناطق السودان، إلا أن الناس في كسلا تناسوا قبائلهم وأصبحت لهم قبيلة واحدة هي كسلا، ولم تعرف كسلا إلا بسماحتها وطيبتها وعاش الناس فيها في سلام ومحبة يميزهم ترابطهم الاجتماعي عاش أهلها طوال هذه السنوات بكل هدوء . وصار تعدد مكونات كسلا الاجتماعية من قبائل متنوعة محمدة فأصبحت كسلا من أهم المدن التي تعتبر غنية بالسياحة التراثية والفولكورية.
الدرس المستفاد أن السلام الاجتماعي في كسلا مسئولية كل مواطن فيها ، مسئولية الدعاة ورجال الدين ييشرون به ويجعلونه من اليوم أولوية في خطبهم ودروسهم

ويشدون له الرحال للمساجد في أرجاء المدينة المختلفة ، وهل هناك شئ أعظم من حقن الدم في الإسلام .

مسئولية قبيلة الرياضيين في كسلا ، فالرياضة كأداة من أدوات الدبلوماسية الشعبية كان لها دوها المتعاظم بين الشعوب عالمياً ، ناهيك عن أبناء المدينة الواحدة ، ظلت كسلا تعيش في سلام اجتماعي رغم مكوناتها المتعددة ، فبحمد الله لم تعرف الفتن . عاش أهلها بهدوء ومارسوا مناشطهم الحياتية ،ففي الرياضة ضمهم استاد كسلا واشتهر كبار المشجعين بالطرفة والنكتة وإشاعة الفرح في مدرجات الاستاد دون أن

يسأل أحدهم في قبيلة الثاني .

.لم تكون الرياضة في كسلا إلا وسيلة تقرب بين الناس وتجعلهم يد واحدة، فكانت قهوة الرياضيين في كسلا نادي اجتماعي ، يعرف من خلاله أهل كسلا الأفراح والأحزان في كسلا، ليتحرك من هناك الناس زرافات ووحدانا لواجب العزاء أو التهنئة أو زيارة المريض الذي يرقد في المستشفى ، وتفقده لو كان يحتاج المساعدة أو التبرع بالدم ، أوغيره من الأشياء الجميلة التي تميز أهل كسلا وحبهم لبعض وترابطهم وتكافلهم .

عبر الدورات والأيام الرياضية والمباريات يمكن أن تكون هناك كثير من المبادرات مسئولية المعلمين في كسلا ، فالعلم كم أضاء دروباً بالنور والحق ، وعلموا النشء علماً تستبين به سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا ، وهم يؤدون هذه المهمة من سنوات بغرس القيم السمحة ونبذ العنف والكراهية .

إذاعة وتلفزيون كسلا والإعلاميين بكسلا ، أهل الكلمة ببرامجهم التي تبث الوعي والقيم الجميلة في المجتمع ، فدور الإعلام يتعاظم في ظل ثورة التقنية والسوشيال ميديا.

مسئولية الفنانين والمسرحيين في كسلا ، فالفن رسالة لنشر المواخاة والترابط والتعاضد والتكافل بين مكونات المجتمع ، فهناك كثير من القيم يمكن توصيلها عبر المسرح والكثير الذي يمكن توصيله عبر الرسومات والألوان والجداريات .

مسئولية شباب كسلا بالأحياء المختلفة ، لدورهم المتعاظم في المجتمع فهم نصف الحاضر وكل المستقبل .

مسئولية أبناء كسلا خارج كسلا في دول المهجر أو داخل السودان .بروابطهم

وجمعياتهم .

مسئولية البنوك والشركات بكسلا لرعاية مبادرات السلم الاجتماعي ونشر ثقافة السلام .

مسئولية إتحاد وجمعيات المزارعين ، الذين كان شعارهم سندق الصخر حتى يخرج الصخر لنا زرعاً وخضرا ، لأن لهم من طول البال والصبر مايكفي ليألفون به بين أبناء المدينة الواحدة .

إتحاد وجمعيات الرعاة لهم من الطرق والأساليب مايحقون به الدماء .

جامعة كسلا انطلاقا من دور الجامعات في المجتمع، فإن كانت وظيفة الجامعات الأساسية التعليم والبحث العلمي ، فهي أيضاً تعمل على خدمة المجتمع الذي يحيط بها.

وقفت للفجر حتى طلع
مشرق الجبهة مخضوب الجناح يحمل الفكرة والوعي معا مشهدا ياموطني ما أروعه . كانت الجامعات بداية بجامعة الخرطوم دوماً في طليعة الحراك الوطني في السودان منذ مؤتمر الخريجين العام 1938م، مروراً بثورة أكتوبر 1964وانتفاضة أبريل 1985 ، ثم ثورة ديسمبر المجيدة ، وتنظم الجامعات منتديات الحوار حول السلام والتنمية والتعايش السلمي في السودان .

كنت قبل سنوات اقترحت على الزملاء بجامعة كسلا إقامة مركز بحثي لدراسات السلام ، يحول كل مهددات السلام لفرص للسلام والتنمية .

أجعلوا من كسلا عاصمة للسلام الاجتماعي ، فكسلا تلح دوماً أن تكون في المقدمة وتأبَى المؤارة ، وتلح دوماً أن تكون متميزة.

وحبيت عشانك كسلا .

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..