مقالات وآراء

ليه السودان كان أحلى زمان؟

محمد التجاني عمر قش

“كان زمان ندلى

لما كنا صغار

من فريع لي فريع

نطارد الأطيار”

كلما عادت بي الذاكرة إلى أيام الصبا الباكر في تلك القرية الوادعة من قرى شمال كردفان، تراءت لي تلك المرأة فارعة الطول، صارمة القسمات، كريمة الأصل، عمتنا زينب بت جماع، رحمها الله وغفر لها، فقد كانت مثالاً للكرم والأمومة بيد أنها لم تكن لها أطفال. كانت عمتنا زينب تعيش في كنف أخيها محمد ود جماع، الذي كان رجلاً ثرياً لا يبخل عليها بشيء. كان منزلهم في الطرف الشمالي الشرقي لقريتنا دميرة، وهو منزل كبير تحفه أشجار اللالوب والعلق الكبار، ولذلك كنا نلعب حول ذلك المكان، حيث كنا نتسلق تلك الأشجار ونطارد الطيور وعندما يحين منتصف النهار تخرج عمتنا زينب قدحاً مترعا بالطعام الذي يغطيه السمن البقري الصافي وتأمرنا بالأكل ونحن بدورنا لم نكن نعصي لها أمراً فهي إحدى النساء الموقرات في تلك القرية. هذه الصورة أو المثال يوضح كيف كان المجتمع السوداني متراحما، يوقر فيه الصغير الكبير، ويرحم الكبير الصغير بلا منٍ أو أذى.

مرت السنين وحملتنا اللواري إلى العاصمة حيث كان مجموعة من شباب منطقتنا يعلمون في الوظائف العامة ويسكنون في منزل بالحارة التاسعة في حي الثورة بأم ردمان. كان ذلك البيت قبلة لكل قادم من المنطقة بسبب التجارة أو الدراسة أو العلاج. وهذا أمر طبيعي أن يحل الضيوف بتلك “المنزلة” لكن اللافت للنظر أن أهل الحارة التاسعة صاروا يتعاملون معنا كجزء منهم، ففي رمضان كانت ترفع إلينا “الصواني” من فوق الحائط إذا لم تقدم لنا الدعوة لتناول الإفطار مع الجيران. ليس هذا فحسب فعندما تزوج الأخ محمد عبد الرحمن مسلم من إحدى حسناوات ذلك الحي، رقص كل السكان على أيقاع الجراري الذي قدمه عبد الرحمن عبد الله، وطربت الحسان لغناء عبد القادر سالم على إيقاع المردوم، وأستطيع القول إن السودان كله قد اجتمع تلك الليلة.

هذا الشعب فريد في طباعه وكرمه ولكن يبدو أن الأمور آخذة في التغير إلى الأسوأ وقد بدأت تلك الصور الجميلة تختفي من حياتنا بسبب مستجدات لم تكن معروفة في السودان فلم تعد الدار كما كانت ولا الجيران، ولا حتى طبائع الناس. كل شيء في بلادنا كان له مذاق خاص وجميل، كان كل الناس يفرحون معاً ويحزنون معاً، دون تفريق بين بعضهم البعض. بالطبع السبب ليس هو المدنية ولا التطور فكل هذه الأمور لا يعرفها المجتمع السوداني، ولكن دخلت عوامل غيرت نمط حياتنا وعلاقاتنا رأساً على عقب.

رحم الله الناصر قريب الله القائل:

يا ديارا إذا حننت اليها فحنين السجين للترحال
لست انساك والبروق تجاوبن وروح النهار في اضمحلال
وكأن السحاب ضاق به الجو فانخي عليْ بالإقبال
يتنادى كأن كل هزيم صائحا بالمسافرين عجال

ليه السودان كان أحلى زمان؟  هل من سبب أو هل من مجيب .

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. جيت لي جيت لي يا قش تعال جاي! هذا التساؤل ومنك بالذات يثبت أن هذا التنظيم الملعون دا بغيب المنتمين إليه تغييباً كاملاً عن واقع الحياة للمجتمع الكان سائد وقيمه السمحة ويصوره في عين عضويته بالمجتمع الجاهلي المشرك تمهيداً لاعادة صياغته وفق رؤية التنظيم للمجتمع الرسالي والمشروع الحضاري الذي فرضتم به أنماطاً جديدة حتى في الفن ومن الفنانين أمثال قيقم وبه مسحتم واتلفتم روائع الفن السوداني من ذاكرة الاذاعة وارشيفها وباختصار اعدتم صياغة المجتمع الذي وصفته وحنيت اليه مفتقداً اياه!!
    معقولة يا شيخنا بعد 30 سنة من النغييب يدابك صحيت وشفت التغيير الذي أحدثه تنظيمكم الشيطاني المسمى زورا بالاسلاموي والخراب الذي حل بالمجتمع وقيمه الفريدة في العالم حتى أصبحنا اليوم كبقية المجتمعات الأخرى من حولنا حبث لا كرم ولا حسن نية ولا سماحة معاملة ودين؟ باختصار لقد أحدث مشروعكم الحضاري العكس تماماً حيث أعادنا للجاهلية بدلاً من إنقاذنا منها وقد لاحظ غيركم هذا النفاق والخبث من قادتكم بتعاملهم مع المجتمع بإظهار خلاف ما يبطنون فإن وعدوا خيراً فعلوا عكسه شراً ولؤماً ولم يفعلوا خيراً يشكرون عليه طيلة 30 سنة بل خلالها دمروا كل شي وعدموا المجتمع والدولة كافة مواردها التي ورثوها عليها – فإن لم تصدقني ففكر أين مشروع الجزيرة وأين السكة حديد ومصلحة مرطباتها التي كانت تستورد حتى الكافيار وأين السفن العالمية التي كانت تجوب بحار العالم ومحيطاته مثل مروي ودنقلا ونيالا والأبيض الخ وأين البواخر النيلية والنقل النهري وأين الخطوط الجوية يا رجل وأين النقل الميكانيكي وعربات الحكومة؟ وأين وأين؟؟ فإذا عرفت أين ذهبت هذه الأشياء التي كانت تمثل جهود حكومات السودان المتعاقبة إلى تلبتوا بالليل كاللصوص بل لصوص فعلاً فقضيتم على الأخضر واليابس والانقضاض على مقدرات المجتمع بهذا الشكل لا تفعله عصبة إلا بعد فرمطة قيم الشعب وأخلاقه التي تأبى اللصوصية والسطو على المال العام فاستلزم لديهم تغيير مفهوم المال العام نفسه إلى مال الفيء فالله هو الذي مكنهم وأفاء عليهم بغنيمة التمكين ولو وقفت فقط على هذا التدليس في المفاهيم فاحسب نتائجه على ادارة الدولة والتعامل مع مواردها بمفهوم التمكين بمعنى التمكين على رقاب الشعب واغتنام ايرادات الدولة وتحويلها للمتمكنين وليس الممكونين في شكل خدمات كما تفعل دول بني الانسان في كل العالم لأن الدولة هي مشروع مشترك بين مواطني الدولة أو صندوق مشترك يساهمون فيه للحصول على الخدمات والتمكين معناه قهر الشعب للاستمارار في المساهمة والجبايات ولكن العائد يعود للمتمكنين وتطبيق هذا التمكين يلزم تدمير كل قيم الحق وحرمة المال العام وتحليل الاستيلاء عليه باسم التمكين … والحديث ذو شجون إن كان هناك متسع من الوقت والمكان.

  2. نعم كان هذا الشعب فريد في طباعه وكرمه ولكن تغيرت احواله إلى الأسوء بفعل الكيزان القتلة الفسقة المنافقين عديمي الخلق والدين ونقول لهم الله لاكسب الإنقاذ ولاكسب كل كوز عتل بعد ذلك ذنيم.

  3. من القيم الفسدت بمسلك اللصوص الأنجاس هو أن الحصول على الوظيفة هو نوع من التمكين و لا يتم إلا بالعلاقة بالمتمكنين وأن أهمية الوظيفة ليست بالراتب وانما هي وسيلة للصوصية ونهب المال العام مباشرة من الإيرادات العامة أو غير مباشر بالرشوة والجباية على المواطن وأصبح التنافس هو في سرعة جمع المال من الوظيفة والتفاخر به في تشييد الفلل والعمارات واقتناء السيارات والمفاخرة بحياة البذخ والترطيب وهي أمور كان حرامية ما قبل الأنجاس على قلتهم يخفونها خوفا من المجتمع وقيمه الاخلاقية التي تعتبر مجرد محاسبة موظف على عهدة تحت يده فضيحة كبيرة تحرمه من التوظيف مدى الحياة إلا أن الأنجاس بقدرة قادر جعلوا العامة تحتفي بموظفي الدولة الحرامية(التفتيحة) وخاصة الصغار الذين يمتلكون الڤلل والابراج والسيارات الفارهة والنساء مثنى وثلاث ورباع بدون حد جعلوا العامة بدلا من فضحهم وتشنيع فعلهم كما في سابق عهدها السودان أصبحوا يمجدونهم و يتمنون أن يكونوا مثلهم تماما مثل أهل قارون يتمنون أن يكونوا مثله رقم أن قارون كما ادعى جمع ماله بحنكته وجهده!! المهم اللصوص الأنجاس أعادوا صياغة المجتمع ليحتفي بهم ويمجد كسبهم ويتمنى أن يكون مثلهم إذا اتيحت اهم الفرصة وتمكنوا من الوظيفة العامة وللأسف مازالت هذه القيم المنحرفة سائدة ولا فكاك للمجتمع منها إلا بولوج الدولة الحدبثة ونظ من الادارة الالكترونية والخدمات الرقمية التي تلغي العامل البشري تماما او حصره في أضيق الحدود وذلك لعزل فلول اللصوص الأنجاس ومن تشربوا بلصوصيتهم وابعادهم من التعامل في موارد الدولة والتعامل المباشر مع افراد المجتمع فيما يتعلق بالإيرادات.

  4. من القيم الفسدت بمسلك اللصوص الأنجاس هو أن الحصول على الوظيفة هو نوع من التمكين و لا يتم إلا بالعلاقة بالمتمكنين وأن أهمية الوظيفة ليست بالراتب وانما هي وسيلة تمكين للصوصية ونهب المال العام مباشرة من الإيرادات العامة أو غير مباشر بالرشوة والجباية على المواطن وأصبح التنافس هو في سرعة جمع المال من الوظيفة والتفاخر به في تشييد الفلل والعمارات واقتناء السيارات والمفاخرة بحياة البذخ والترطيب وهي أمور كان حرامية ما قبل الأنجاس على قلتهم يخفونها خوفا من المجتمع وقيمه الاخلاقية التي تعتبر مجرد محاسبة موظف على عهدة تحت يده فضيحة كبيرة تحرمه من التوظيف مدى الحياة إلا أن الأنجاس بقدرة قادر جعلوا العامة تحتفي بموظفي الدولة الحرامية(التفتيحة) وخاصة الصغار الذين يمتلكون الڤلل والابراج والسيارات الفارهة والنساء مثنى وثلاث ورباع بدون حد جعلوا العامة بدلا من فضحهم وتشنيع فعلهم كما في سابق عهدها السودان أصبحوا يمجدونهم و يتمنون أن يكونوا مثلهم تماما مثل أهل قارون يتمنون أن يكونوا مثله رقم أن قارون كما ادعى جمع ماله بحنكته وجهده!! المهم اللصوص الأنجاس أعادوا صياغة المجتمع ليحتفي بهم ويمجد كسبهم ويتمنى أن يكون مثلهم إذا اتيحت اهم الفرصة وتمكنوا من الوظيفة العامة وللأسف مازالت هذه القيم المنحرفة سائدة ولا فكاك للمجتمع منها إلا بولوج الدولة الحدبثة ونظ من الادارة الالكترونية والخدمات الرقمية التي تلغي العامل البشري تماما او حصره في أضيق الحدود وذلك لعزل فلول اللصوص الأنجاس ومن تشربوا بلصوصيتهم وابعادهم من التعامل في موارد الدولة والتعامل المباشر مع افراد المجتمع فيما يتعلق بالإيرادات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..