مقالات سياسية

لماذا ندعوا لليسار الديمُقراطي الجديد في السُودان .. (2)

نضال عبدالوهاب
للذين تابعوا الجزء الأول من كتابتنا عن دعوتنا لقيام ونشوء يسار ديمُقراطي جديد في السُودان كبديل طبيعي وعصري ومواكب لقوي اليسار القديم بمُختلف مدارسها الفكرية وعلي رأسها الحزب الشيوعي السُوداني وأحزاب البعث العروبية والناصرية وغيرها ..
كنت قد ختمت الجزء الأول بالقول أن من أهمّ ما جعل الكثيرين ممن دخلوا للحزب الشيوعي السُوداني وأصبحوا أعضاء أو حتي تعاطفوا معه كانوا يبحثون عن قضيتين أساسيتين وهما تحقيق العدالة الإجتماعية في السُودان وكذلك قضية الديمُقراطية وتحقيقها في السُودان وإستدامتها ، وأتبعت تلك الجزئية بسؤال مباشر وهو هل نجح الحزب الشيوعي السُوداني في دعوته للعدالة الإجتماعية في السُودان بمفهومه الماركسي وحصره لها في مسألة الصراع الطبقي ؟ ، وتسآلنا عن هل نجح أيضاً في مسألة الديمُقراطية ؟ وختمنا بالسؤال الكبير وهو هل الدعوة للعدالة الإجتماعية والديمُقراطية في السُودان لا تأتي إلا من داخل اليسار القديم ؟؟ ..
وللإجابة علي الأسئلة أعلاه فإن مسألة تحقيق العدالة الأجتماعية بالمفهوم الماركسي وصراع الطبقات فقد فشل فيها الحزب الشيوعي فشلاً كبيراً ولعل أبسط دليل علي ذلك في إنه وبرغم دخول غالبية الشعب السُوداني خاصة في الريف والأقاليم ومناطق الحرب والهامش لخط الفقر الشديد والتهميش إلا أن نفوذ الحزب وسط كل هذه الجموع من السُودانين يكاد لا يُذكر لا من حيث عضويته ولا حتي تأييده ، فقد ظل الحزب وبجعله للماركسية والصراع الطبقي كمعيار لتحقيق الإشتراكية التي يتم بها تجاوز التفاوت الطبقي داخل السودان ، وفق المفهوم الماركسي الذي يؤمنون به هو الخط والرؤية التي يسيرون عليها .. وفي هذا الجانب تعامل الحزب الشيوعي مع ظاهرة التهميش ايدلوجياً ، من مفهوم الصراع الطبقي حول الموارد ، ووجود طبقة اغنياء واصحاب مصالح تتحالف مع السلطة لإفقار المُهمشين وإستغلال ضُعف وعيها الطبقي ، لذلك ظل الحزب في نظر العديد من ابناء الهامش حزب نخبوي يدعم عروبة وإسلامية الدولة ولا يمثلها في نضالاتها من اجل العدالة الاجتماعية والمساواة الحقيقية وإزالة الفوارق والغبن الإجتماعي والهيمنة والإعتلاء الثقافي والإجتماعي وإختلال ميزان السُلطة والثروة والتنمية .. إذاً دعوة الحزب الشيوعي السُوداني وفق المفهوم الايدولجي الماركسي وصراع الطبقات والنواحي الإقتصادية وإمتلاك وسائل الإنتاج أفشّل هذه الدعوة ولم يوجد لها أرضية تشاركه فيها الجماهير والشعوب السُودانية التي تعاني من مسألة إنعدام العدالة الإجتماعية في السُودان وتوقها لها ..
كما إن تركيز الحزب علي شريحتي وفئتي العمال وصغار المزارعين والتي ورثها من أيدلوجيا الماركسية وسيادة طبقة العمال أو ما يعرف بطبقة البولتاريا وإهماله لبقية الفئيات المطحونة من رعاة وأصحاب مهن هامشية وحتي شريحة المعلمين والموظفين والكثير من المهن والحرف أصبحت فئيات مطحونة وفقيرة تُعاني من إختلال توزيع الفرص وتساويها وإختلال ميزان العدالة الإجتماعية والتنمية في السُودان ، بخلاف البطالة عن العمل وضحايا الحرب والنازحين والمُشردين .. فالخطاب الايدولجي المُرتكز علي الصراع الطبقي أفرغ مفهوم العدالة الإجتماعية من سماته الأساسية وجعله تفكير وخطاب نخبوي وغير واقعي ولا يصلح لمعالجة قضية العدالة الإجتماعية وتحقيقها في السُودان ..
ونواصل في الجزء الثالث الإجابة علي أسئلة الديمُقراطية وكذلك قضية الدين ثم نناقش رؤيتنا في اليسار الديمُقراطي لقضايا العدالة الإجتماعية والديمُقراطية والدين وغيرها تباعاً ..

‫6 تعليقات

    1. بعد التحية .. شكراً علي النصيحة فالتعالي علي القراءة والمعرفة اول درجات الجهل .. لذلك بنحاول نجتهد “قدر الإستطاعة” لنفيد ونقدم الوعي برضو “بقدر الإستطاعة” ونتعلم بشكل يومي .. إحترامنا ..

  1. الاستاذ نضال بالرغم من اني بعيد كل البعد عن الشيوعيين وغير متعمق في دراسة منهجية الحزب الشيوعي السوداني ولكن لا يعقل انسان يضرح مشروع تجديد و يبني دراسته على افتراضيات ودون الاستدال بالمراجع (لم تشير حتى لمرجع واحد هل هذا شيء طبيعي) ومفهوم مغلوط لعلاقة الحزب الشيوعي مع الماركسية كمنهج معرفي وتحليلي داخل الحزب وبين برنامج الحزب واهدافه المعلنة وطرق تحقيقها والمعلنة من الحزب ، اولا الحزب السودان لا يجمعه مع حزبي البعث والناصري غير السودان و كلمة اشتراكية والتي لا تعني شيء عندما تتعمق لمفهوم وتعريف الكلمة عند كل من تلك الاحزاب واعتقد لا يوجد ما يميز علاقة الحزب الشيوعي مع الاحزاب العروبية منها عن الاسلامية ، ربما يتفهمون المرجعية الاسلامية ولكن لا يتفهمون المرجعية القومية العروبية في السودان ، بمعنى اخر ممكن ان تكون عضو في الحزب الشيوعي ومسلم ولا يمكن ان تكون شيوعي وقومي عربي ، ارجو أن لا يغضب من الشيوعيين على تحليلي وفهمي البشيط لحزبهم

    1. تحياتي صلاح .. مع إحترامي وتقديري فهذه كتابة سياسية مبنية علي فهم ومقاربة للواقع ونقد وصولاً لرؤية نجتهد في إيصالها ، وليست كتابة بحثية او اكاديمية ..

  2. يا استاذ لم تاتى بجديد فقد سبقك اليه الخاتم عدلان له الرحمة فى “ان اوان التغيير”

    1. سلامات .. لنا كثير من المشتركات مع الراحل الخاتم عدلان وبعض الاختلاف ، مع مراعاة الكثير من المتغيرات في السودان والعالم منذ رحيل أ. الخاتم الذي كان يؤمن كذلك بالتغيير عبر الانتفاضة المحمية بالسلاح وندعوا نحن للسلمية والتغيير والثوري المدني .. كما لنا رؤيتنا الخاصة كيسار ديمقراطي جديد في العدالة الاجتماعية و الديمقراطية والدين والعلاقات الدولية والاقتصاد وغيرها وكيفية تحقيق ذلك في السودان .. فقط تابع معنا إن كنت مهتم .. تحياتي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..