مقالات سياسية

كيف يلعب العسكر بالبيضة والحجر في شرق السودان؟

أو: سيناريو العسكر للتشويش على الحراك الثوري القادم بمخلب مجلس ترك

محمد جميل أحمد
يبدو أن المركز العسكري في الخرطوم يلعب لعبةً قذرةً ومزودوجةً بمجلس ترك في شرق السودان ليصرف الأنظار عن الحراك الثوري العظيم في مقبل الأيام.
الجميع يدرك أن رفع حالة الطوارئ هي نتيجة لضغوط داخلية ودولية وإقليمية كبيرة، وهي ضغوط لم يكن بمقدور العسكر أن يتفادوها، والدليل على ذلك اقتران رفع حالة الطوارئ بإطلاق معظم نشطاء الثورة من السجون وبطبيعة الحال ستعني هذه الخطوة فيما تعني؛ اعلاناً بكثافة التظاهرات والمليونيات بنشاط غير مسبوق في الأيام والأسابيع القادمة. خصوصا في يوم 30 يونيو القادم (ذكرى قيامة الثورة الثانية)، لهذا فإن توجيه العسكر لترك بإطلاق تلك التصريحات الهوائية بإغلاق الشرق من شأنها أن تخلق أصداء وتشويش على الحراك الحقيقي للصيف الثوري الساخن من القوى الثورية للشعب في وجه العسكر بكافة المدن السودانية. فالعسكر يدركون تماماً أن لترك أتباعا وحشود من قبائل الهدندوة وغيرها يطيعونه فهو ناظر أكبر قبيلة في شرق السودان، إلى جانب أن العسكر يدركون جيداً قدرة ترك على استغلال مظلومية البجا التاريخية – بواسطة أشخاص يفذلكون تلك المظلومية فذلكةً عنصرية كريهة من أمثال سيد علي أبو آمنة – كما يدركون الاستعداد الهش الذي يجعل لكثيرين من البداويت في شرق السودان قابيلة للاستجابة لترك تحت شروط عاطفية تستجيب للشعارات ولاتعكس وعياً حقيقياً بمغزى التوظيف السياسي الخبيث لمجلس ترك من قبل العسكر في المركز (بالرغم من ظهور بواد خجولة من بعض أبناء البداويت انكشفت لهم لعبة ترك لكنهم حتى الآن لم يشكلوا تياراً للمعارضة لأسباب يطول شرحها)
كيف يعمل التوظيف المزدوج لمجلس ترك من قبل العسكر؟
الملاحظ أن ترك لايتحدث في تصريحاته عن إقالة الوالي، خصوصاً تصريحاته للقنوات الإعلامية الكبيرة (مثل حديثه إلى مراسلة قناة العربية الحدث لينا يعقوب) بل وحتى في المؤتمر الصحفي لماسمي بالتنسيقية الشعبية الأهلية لأقاليم الشرق والشمال والوسط – وهو جسم كيزاني جديد – لم يتحدث ترك عن إقالة الوالي مباشرة، وصور ماسمي بتتريس أمانة ولاية البحر الأحمر من قبل أنصاره في البحر الأحمر كاحتجاج على اجتماع الوالي بشخص اتهمه بأنه متهم شارك في جريمة قتل شخص يسمى ” أركة ” (يقصد الاستاذ حامد محمد آدم أدالة رئيس جمعية عمال الشحن والتفريغ بالميناء – الذي هو من مكون بني عامر والحباب- وطبعاً لم يتم اتهام حامد أدالة بالقتل – لأن جريمة الاتهام بالقتل تحت المادة 130 ليس فيها ضمانة – وإنما تم اتهام حامد أدالة ومعه مجموعة من الشخصيات المعروفة في الشرق مثل: تراجي مصطفى ود. آمنة ضرار وآخرين بإقامة تجمع في ظرف أمني حساس ثم تم شطب البلاغ عنهم وإبراء ذمتهم) فحين لايصرح ترك بمطلب إقالة الوالي بصراحة واضحة فمعنى ذلك هو تقاسم لعبة الأداء بين ترك من ناحية، وبين بعض أنصاره من ناحية ثانية، لماذا؟ لأن الوالي المعين هو أولاً أكبر ضابط إداري لذا تم تعيينه والياً، ولأن حميدتي داعم لهذا الوالي وفي الوقت ذاته داعم لترك. لهذا نرى هذه الازدواجية فمثلاً يصرح عبد الله أوبشار مقرر مجلس ترك بعزم المجلس على تتريس بعض الموانئ والشركات، فنجد تصريحاً آخر من ترك – كما صرح لقناة العربية الحدث – أنه لن يتم اغلاق شرق السودان..
إذاً كما يبدو بكل وضوح أن العسكر هم الذين يوظفون مجلس ترك في اتجاه مزدوج الهدف منه ليس تنفيذا لغلق الموانئ أو المرافق القومية – كما فعل ترك في العام الماضي بتوجيه منهم – بل كيف سينفذ مجلس ترك إغلاقاً للشرق وترك يكرر في العلن شكره للعسكر وأن انقلاب 25 أكتوبر كان انقاذاً للدولة؟
من خلال التحليل أعلاه سيبدو واضحاً لكل مراقب أن الهدف الخفي من تحريك العسكر لمجلس ترك هذه المرة ليس دفعه إلى اغلاق الشرق، بل إلى خلق ضجة إعلامية تغطي على التصعيد الثوري الكبير الذي سيقلق مضج العسكر خلال الأيام والأسابيع القادمة لاسيما قبيل يوم 30 يونيو القادم (نتوقع أن تكون قبل اسبوع أو أيام من 30 يونيو القادم تصريحات نارية لترك وحراك نسقي لأتباعه بهدف التشويش الإعلامي على الحراك الثوري العظيم الذي سيهب في وجه العسكر خلال هذا الصيف.
مامدى قدرة العسكر على استقطاب تناقضات مجلس ترك؟
بطبيعة الحال هذا المجال الذي يلعب فيه العسكر لعبة البيضة والحجر بشرق السودان من أجل التعتيم على الحراك الثوري القادم الكبير؛ هي لعبة بالغة الخطورة لكونها لعبة تمارس تحريكاً لقيادة قبلية (ترك) عارفة بحدود الدور المرسوم لها عبر استغلالها لقضية عادلة، لكن الخطورة في أن تفلت الأمور من ترك – وقد بدأت بوادر لذلك عبر استقالة بعض قيادة الشباب من مجلسه – وعبر التصريحات والاتهامات المتبادلة بين أعضاء مجلس ترك، وكذلك عبر خطاب الكراهية ضد مكون بجاوي آخر (بني عامر والحباب) الذي يسوق له الأمين السياسي للمجلس سيد علي أبو آمنة، وكلها بوادر خطيرة قد تخلق آثاراً كارثية في علاقة مكوني البجا بشرق السودان (لاسيما وأن مدينة بورتسودان كانت قد شهدت موجات اقتتال بينهما) خصوصاً تصريح ترك بإتهام حامد محمد آدم أمام الإعلام بأنه مشارك في قتل شخص هو بريء من أي تورط في قتله.
لكل تلك المعطيات ربما ترتد لعبة العسكر بمجلس ترك على نحرهم، وربما على فوضى كبيرة في شرق السودان في ظل التوتر الذي يخيم عليه اليوم. وإذا حدث شيء من ذلك لاسمح الله فربما تنفجر المور على نحو لاتحمد عقباه!
ما الذي يمكن أن تلعبه القوى الثورية بشرق السودان في هذا الصدد؟
نتصور اليوم أن هناك امكانية متوفرة للقوى الثورية بشرق السودان وخصوصاً للجان المقاومة في مدينتي بورتسودان وكسلا، لإفشال مخطط العسكر من توظيف مجلس ترك إذا ما أدركت تلك اللجان أن الهدف من تحريك العسكر لمجلس ترك هو التشويش الإعلامي على الحراك الثوري القادم بعد رفع حالة الطوارئ، وبالتالي بإمكان هذه القوى الثورية في شرق السودان – خصوصاً بمدينة بورتسودان – إفشال سيناريو العسكر، وذلك بتنظيم مليونيات متزامنة مع جداول لجان المقاومة في الخرطوم مع التفطن الواعي من لجان مقاومة بورتسودان بحيث يكون من ضمن استراتيجياتها في الحراك الثوري أخذ زمام المبادرة من أنصار مجلس ترك عبر زخم النشاط الثوري المتزامن جداول التظاهرات المليونية في الخرطوم.
في تقديرنا أن لجان المقاومة في بورتسودان إذا أمكنها التفطن والنجاح في خلق زخم ثوري كبير في بورتسودان؛ فستضرب عصفورين بحجر واحد، أولاً ستفشل سيناريو العسكر في توظيف مجلس ترك، وثانياً سيكون ذلك النشاط الثوري الكبير للجان المقاومة ببورتسودان سبباً لانخراط كل المكونات – ماعدا أنصار ترك – بالاصطفاف إلى جانب حراكم.

‫2 تعليقات

  1. البرهان يريد ان يبرهن للمجتمع الدولي ان المدنيين ليس لهم قوه كما راوهم ايام قفل الشرق وأنهم ضعفاء وليس لديهم قدره في الرد على الجاهل ترك وانه كوز وخدام العسكر ومعجب بحميرتي حتى السودان يكون ملك للجهلاء والحمير وما مشكله براطيش للمصريين ويستقبل الرشايده مصدري العبيد ومجرمين التهريب الذين اتو هاربين من ال سعود وفي السعودية يوصفوهم بالجبناء ويتهمو البني عامر بانهم ليس سودانيين اصليين عدوا عاقل خير من صديق جاهل والجاهل عدو نفسه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..