كيفية الارتقاء بطرق التدريس بالجامعة (1/6)

نبيل حامد حسن بشير
قسم المبيدات والسميات
جامعة الجزيرة (سابقا)
مجموعة شركات سي تي سي
تم نشر هذا الموضوغ بحلقاته الست قبل سنوات عدة عندما كنت استاذا بجامعة الجزيرة (اكتوبر 1977حتي أغسطس 2020م) قصدت منه أن يستفيد الأخرون من خبراتنا المتراكمة وتخريج 38 دفعة من تلك الجامعة التي (كان) يشار اليها بالبنان محليا واقليميا، وفقدت مكانتها التي تستحقها بفعل فاعل. ينطبق ذلك أيضا على كل مستويات التعليم حاليا بالبلاد، أساس وعالي وجامعي ودراسات عليا. حان الوقت أن نراجع أنفسنا ومناهجنا وطريقة تقديم هذه المناهج وأساليبها حتى نلحق بركب الدول المتقدمة والا سيكون موقفنا في كل مناحي الحياة لا يسر عدو ولا حبيب، وستلعننا الأجيال القادمة.
تقديم:
التدريس بالجامعات والمعاهد العليا يهدف الى تنمية القدرات والمهارات والارتقاء بها، واعداد الخريج بطريقة تسهل له التعامل مع ما سيواجهه مستقبلا بطريقة عقلانية مبنية على العلم الذى اكتسب منهجيته بالجامعة كنتيجة لتعرضه للعديد من المواد والعلوم الأساسية والمتقدمة، وللمدارس الفكرية المتعددة والمتنوعة المتمثلة فى أساتذته وما يعكسونه له فيما يقدمونه له فى شكل محاضرات وفترات عملية وغيرها من طرق التعلم الجامعية.
فالاستاذ الجامعى يضع أو يتبنى منهجا أو خطوطا عريضة لمادته/ مواده التى سيقوم بتقديمها، تعرض فى مجلس القسم، وبعد الاجازة بواسطة مجلس الكلية يقره مجلس الاساتذة، ثم يقدمه الاستاذ في شكل محاضرات ودروس عملية، ويكون الاعتماد فى تكملة الصورة بالنسبة لكل من المحاضر والطالب الجامعى هو اللجؤ الى المكتبة ومساعدى التدريس والفنيين.
هنالك فرق كبير مابين القاء محاضرة lecturing ومابين التدريس teaching ، كما يحدث تقليديا فى مدارس الأساس والمدارس الثانوية. المحاضر يسمى lecturer فى حين أن الذين يحملون درجات أدنى من درجة الدكتوراه فى “الجامعات العريقة” يرتبط أسم وظائفهم بكلمة مدرس أو تدريس. من يحمل درجة الماجستير يسمى مدرس teacher ، أما مساعد التدريس فيسمى Teaching Assistant. طبقا للوصف الوظيفى فهما يقومان بالتدريس بالمعمل أو توضيح وشرح ما قدمه المحاضر للطلاب في ساعات زمنية محددة، ولايسمح لهم بتقديم محاضرات، وهذا يعتبر جزء رئيسى وأساسى من منظومة التعليم الجامعى.
التدريس بالمراحل قبل الجامعية:
التدريس بالمراحل قبل الجامعية بدول العالم الثالث يعتمد على “التلقين“، أما فى الدول المتقدمة فهو يركز على “الأساسيات واكتساب المهارات” التى يجب أن يتعلمها الانسان منذ طفولته لتساعده على اكتشاف نفسه، وتنمية قدراته، بمساعدة من الذين يقومون بالعملية التدريسية والأسرة بالمنزل. فالمدرس (المعلم) فى الدول المتقدمة عند دخوله الى الفصل الدراسى فى بداية العام الدراسى أول ما يقوم به هو التعرف على الأسماء ،واكتشاف الشخصيات وتحليلها على حسب امكانياته الشخصية والتدريب الذى تلقاه بالجامعة، ويحاول اكتساب ثقة تلاميذه، ثم يقدم لهم مادته بطرق تدرب عليها، وأخري نابعة من شخصيته هو وابداعاته، لكن دون الخروج عن المنهج المتفق عليه.
الهدف النهائى المطلوب من المدرس فى هذه المرحلة هو أن يقدم المعلومات طبقا لأسس ومعايير تعلمها هو أثناء اعداده بكليات التربية، ويكمل المنهج باسلوب يتناسب مع ما وجده واكتشفه فى المجموعة التى يتعامل معها وينمى قدراتها طبقا لأهداف المادة التى يدرسها وفى اطار المنهج العام والذى لايحيد عنه أبدا. كما يقوم بتقييم نفسه بنهاية الفصل الدراسى وهو مقتنع بأن ماتحصل عليه الطلاب هو مسؤوليته الشخصية ولا يلومن الا نفسه فى حالة تدنى النتائج أو ضعف استيعاب التلاميذ لمادته ، حيث أن كل الامكانيات متوفرة له لاستغلالها فى توصيل المعلومة.
فى دول العالم الثالث بنى التعليم فى بداياته على أسس ومتطلبات تناسب (احتياجات المستعمر) الذى كان يحتاج الى نوعية خاصة من الخريجين لتسيير أمور الدولة (المستعمرة). كان المستعمر في السودان يعد الطالب عن طريق (تلقينه) معلومات محددة فى مجالات بعينها تسهم فى جعل المتلقى آداة طيعة فى يد من يرأسه من كبار الموظفين الأجانب من انجليز وشوام ومصريين. الدور المطلوب منه فى أغلب الآحيان هو دور كتابى أو فى السلك الحسابى.
لكن بعد خروج المستعمر، ونيل الأستقلال واعادة صياغة بخت الرضا (التي أسسها المستعمر) التى كانت مسؤولة عن وضع المناهج للمراحل المختلفة ابتدائية ووسطى ثم ثانوية، وتغييرها الى السلم التعليمى الذى وضع فى عهد مايو المعروف بسلم د/ محى الدين صابر (أساس، ثانوى عام ، ثانوى عالي) لم يتغير الحال كثيرا، حيث أن من وضع المناهج ببخت الرضا هم قدامى الأساتذة الذين تلقوا العلم بأيدى أساتذة أعدهم المستعمر، واستمر الأساتذة يعلمون الطلاب بذات الطريقة التى تعلموا هم بها، وهى طريقة (التلقين)، ومد الطالب بكميات من المعلومات (المفيدة وغير المفيدة) وتلك التى قد يستفيد منها من سيلتحق بالتعليم الجامعى فى كلية معينه ، وتلك التى قد لا يستخدمها فى أى مجال من المجالات علمية كانت أو عملية ، خاصة الذين لاينوون الالتحاق بالجامعات، أو الذين لم يوفقوا فى الالتحاق بها لسبب أو لآخر.
نعم قد يكون الخريج على درجة كببرة من (الثقافة) نظرا لكبر حجم المعلومات التى تلقاها، لكنه فى حقيقة الأمر لايعرف كيف يستفيد من هذه المعلومات. السبب الرئيسى هنا أنه قام بحفظها دون التمعن فيها وفى أهميتها، ولم يستطع ربطها بواقعه وحياته اليومية، بل لم تساعده هذه المعلومات المتكدسة بذهنه فى (حل) أبسط المشاكل التى تواجهه يوميا، ولم توفر له وظيفة حتى وان كانت فى بداية السلم الوظيفى، كما كان حالها أيام المستعمر الذى ابتدع هذا المنهج وطريقة تدريسه للأغراض التى ذكرناها سابقا. من هنا جاء ما يعرف (بالفاقد التربوى).
من المفترض أن ينتقل التعليم فى المرحلة الثانوية بالطالب الى مرحلة (اعداد حقيقى لمستقبله العملى) كما هوالحال فى بعض المناهج الأوروبية (رومانيا وبلغاريا كمثال)، حيث يدرس الطالب مواد تؤهلة لحرفة معينة بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية، كما تؤهلة للالتحاق بالكلية التى تناسب تعليمة الثانوي هذا ان أراد هو ذلك.
أما اذا أردنا أن الاستمرار فى طريقتنا الحالية (أى تلك التى لاتعد الطالب لحرفة محددة بعد الثانوى) فيجب أن يتلقى الطالب العلم بطريقة مبسطة وسلسة وبعدد محدود من المواد التى تؤهلة للالتحاق بالكلية التى يرغبها مع التركيز على (الأساسيات) التى تعده للتخصص الجامعى، والبعد عن ماهو (متقدم) منها وتركه للجامعات، وهى الأقدر فى تقديم ما هو متقدم فى مجالات العلوم التى درست أساسياتها بالمدارس الثانوية. كما يعلم الجميع فان الطالب بالمرحلة الثانوية العليا حاليا مطلوب منه دراسة 14 الى 20 مادة للحصول على الشهادة السودانية. كما يجب النأى بالطلاب عن اكتساب عادة الحفظ memorization التى أعتقد وأكاد أجزم أنها مدمرة لذهن الطالب، وبالتالى مقدرته على (الابداع والتحليل)، فيصبح كسولا من ناحية ذهنية. سيلجأ الى الحفظ عندما يفشل فى الفهم، ونتيجة هذا الأمر معروفة للجميع، خاصة من الناحية الاجتماعية والنفسية. الأمثلة على ذلك كثيرة ويعرف كل منا أمثلة حية عاصرناها جميعا أثناء تلقينا العلم بالجامعات حيث كان بعض زملاؤنا لهم القدرة الهائلة على الحفظ، وكانوا يحرزون درجات عالية جدا، لكنهم لم يفلحوا بعدها فى الدراسات فوق الجامعية.
((هنالك فرق كبير مابين القاء محاضرة lecturing ومابين التدريس teaching ، كما يحدث تقليديا فى مدارس الأساس والمدارس الثانوية. المحاضر يسمى lecturer فى حين أن الذين يحملون درجات أدنى من درجة الدكتوراه فى “الجامعات العريقة” يرتبط أسم وظائفهم بكلمة مدرس أو تدريس.)) ؟؟؟؟؟؟
أنا لا أدري البروف رغم خدمته الطويلة افتراضاً لماذا يتغمد تسمية الأشياء بغير ما تسمى رسمياً في الجامعات؟؟ ففي مقال سابق اشتبكنا معه في مسمى مدير الجامعة الذي اعتبره نائباً لرئيس الجامعة الذي هو في نظره رئيس الجمهورية أو من يكون في محله! وبينا له أن مدير الجامهة يسمى المدير بالعربي وبالانجليزي (Vice Chancellor) تترجم حرفياً النائب المستشار أو المستشار النائب وذلك لاعتبار تاريخي بالنسبة للجامعات البريطانية اشارة للراعي الرسمي للجامعات البريطانية الذي كان الأمير فيليب. باعتبار مدير الجامعة هو الأدرى باحتياجاتها المادية ليبيتها للراعي الرسمي ليقوم بتوفيرها.
أما اليوم فهو يميز بين المحاضرة أو المحاضر وبين التدريس أو المدرس ونسي أن هيئة الندريس في الجامهة تجمع البروفات والأساتذة المساعدين الدكاترة والمحاضرين ومساعدي التدريس – كلهم على بعضهم يسمون بـ(هيئة التدريس) وليس بهيئة (المحاضرين) وأنا شخصياً كنت في وظيفة محاضر بجامعة الخرطوم وذلك بالماجستير ولازال مساعدو التدريس يرقون لوظيفة محاضر بمجرد حصولهم على الماجستير!!
فالتمييز بين المحاضرة والتدريس يا بروف هو بطريقة إلقاء المحاضرة أو الدرس وليس بدرجة المحاضر أو المدرس- بل عندك في أمريكا التي درست فيها المحاضر أو المدرس يسمى بالانجليزية بروفسور بمعنى استاذ مدرس وليس استاذ بروف!- فالمحاضرة كما تفضلت هو استغراض الموضوع للطلاب كخطوط عريضة وموجهات ويقوم مساعد التدريس إن شئت بتدريسها وشرحها.
هناك الكثير من المفاهيم بالعلم والاصطلات والمسميات مابين اوربا التى شاخت وما عادت تسود الا الدول التابعه لها ولا ترى ابعد مما تراه اوربا …اما اميركا وكندا …فهى عالم أخر يجرى بخطى متسارعه ولا تنظر للبيروقراطيه والتفكير البطئ الذى يسود اوربا . حتى المسميات بالطب والاطباء يختلف تماما .لذا ما ذكره البروف يختلف تماما عما ذكره المعلق …والاختلاف لا يفسد للود قضيه …وهى ليست اختلاف فى التعريف …ولكنها للمفاهيم .