أخبار السودان

مايك هامر.. مبعوث أمريكي جديد للقرن الأفريقي وسط تحديات متزايدة

عينت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الدبلوماسي مايك هامر، مبعوثًا جديدًا لواشنطن إلى القرن الأفريقي، حيث تواجه السياسة الأمريكية تحديات متزايدة بعد الانقلاب العسكري في السودان وتداعياته السياسية والاقتصادية، واحتدام الصراع المسلح في إثيوبيا، وتنامي نشاط الجماعات المتطرفة في الصومال.
الدبلوماسي هامر هو ثالث شخص يتم تعيينه في هذا المنصب خلال (13) شهرًا، ترك ديفيد ساترفيلد المنصب في أبريل بعد (3) أشهر، وغادر جيفري فيلتمان في يناير بعد (9) أشهر، وهو ما يشير إلى وجود مشكلة.
وفي بيان نهاية الأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، أن تعيين هامر يؤكد التزامهم الراسخ بالجهود الدبلوماسية في المنطقة، مشددًا على أهمية “عملية سياسية شاملة نحو السلام والأمن المشترك والازدهار لجميع الناس في إثيوبيا”.
المبعوث الخاص الجديد للقرن الأفريقي مايكل هامر، شغل منصب سفير الولايات المتحدة في الكونغو منذ 2018، حيث أدار بنجاح برامج أمريكية لدعم جهود الحكومة الكونغولية في تحسين العلاقة بين قوى الأمن والمواطنين، وإعادة ملف مكافحة التغلغل الصيني، ليكون أولوية في تحديد التعامل مع الدولة المستضيفة.
عمل هامر من قبل سفيراً في تشيلي ومساعداً لوزير
الخارجية للشؤون العامة، ومساعداً خاصاً لوكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وفق وزارة الخارجية الأمريكية. وخدم في البيت الأبيض، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، حيث عمل مساعداً خاصاً للرئيس، ومديراً للاتصالات، والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي.
وقد نشأ السفير في أمريكا الجنوبية، حيث عاش في هندوراس والسلفادور وكولومبيا وفنزويلا والبرازيل، وهو يجيد الإسبانية والفرنسية.
الدور المتوقع
يرى مراقبون أن الدور الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي شهد تراجعاً كبيراً خلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترمب، وهو ما أسهم في خلق مزيد من فرص التقدم للنفوذ الصيني والروسي. ليأتي اهتمام إدارة بايدن بالقرن الأفريقي وتعيين مبعوث خاص للمنطقة، في إطار مواجهة أوسع وصراع على النفوذ الدولي، إضافة إلى المخاطر التقليدية المرتبطة بالإرهاب وعمليات القرصنة البحرية عند مدخل البحر الأحمر، في الوقت ذاته الذي شهدت فيه المنطقة تراجعاً في ملفات الاستقرار والحريات وحقوق الإنسان.
الكاتب والمحلل المهتم بقضايا القرن الأفريقي، أمير بابكر، يقول في حديثه لـ (الديمقراطي): “اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بدول القرن الأفريقي والسودان بصفة خاصة، ينظر إليه في إطار استراتيجياتها السياسية والاقتصادية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور ما عرف بالنظام العالمي الجديد”.
ويشير بابكر إلى أن الموقع الاستراتيجي للقرن الأفريقي الذي يشكل أهمية خاصة للولايات المتحدة للربط بين مناطق البحر الأبيض وجنوب ووسط آسيا، فضلاً عن السيطرة على ممرات بحرية حيوية خاصة البحر الأحمر والخليج العربي المطلة على مناطق تضم أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم.
أضاف بابكر أن السودان يتمتع بموقع جيواستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي، فضلاً عن تأثيره على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها فيما يلي قضايا الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فضلاً عن محاولة قطع الطريق أمام روسيا والصين ومحاصرة تمددهم.
وقد شنت إثيوبيا في أواخر عام 2020 هجوماً في إقليم تيغراي بعد هجوم على قاعدة عسكرية ألقي باللوم فيه على قوات جبهة تيغراي، وهو ما أشعل صراعاً دموياً أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص، دفع الإدارة الأمريكية لاتهام حكومة أديس أبابا بالتطهير العرقي.
وقبل أسبوعين من تسمية المبعوث الثالث للقرن الأفريقي، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمراً يسمح بإعادة نشر مئات من قوات العمليات الخاصة في الصومال، بعد مضي ما يزيد على عام من أمر سلفه دونالد ترامب بسحبهم.
وافق بايدن على طلب من وزير الدفاع لإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي مستمر في الصومال، بما يشكل حضوراً أمريكياً قادراً على مواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة، كما تعكس اهتمام واشنطن المتزايد بمنطقة القرن الأفريقي.
ويلفت الصحفي المهتم بقضايا القرن الأفريقي عبدالمنعم أبوإدريس في حديثه لـ (الديمقراطي)، إلى أن قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بإعادة نشر مئات الجنود في الصومال، أعطى إشارة بأن الولايات المتحدة لا تريد مغادرة هذه المنطقة لكن تضارب السياسات وتغيير المبعوثين في فترات قصيرة يؤدي إلى تراجع الوجود الأمريكي في المنطقة.
ويشير أبو إدريس إلى أن تعاقب (3) مبعوثين للقرن الأفريقي خلال نحو عام يعبر عن خلافات في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، سواء داخل البيت الأبيض أو الخارجية عبر الإدارة الأفريقية.
أدت الخلافات داخل مكتب الشؤون الأفريقية بالخارجية في السابق إلى تقويض السياسة الأمريكية في المنطقة، وأدت في النهاية إلى رحيل ساترفيلد.
ويشير أبو إدريس إلى أن الكونغرس الأمريكي اتخذ مواقف أكثر تشدداً تجاه إدانة الانقلاب العسكري في السودان، ودعم تطلعات الشعب السوداني في بناء دولة مدنية ديمقراطية، بينما لا يظهر ذلك واضحاً في بيانات الخارجية أو حتى قرار تعيين هامر.
في الأثناء، يقول المسؤول السابق بالبيت الأبيض، والخبير حالياً بمركز السياسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن، كاميرون هدسون، في تصريحات صحفية، إن هامر يحمل خبرة ومعرفة جيدة بالقارة الأفريقية على عكس سابقيه ممن كانوا مهتمين بالشرق الأوسط، مضيفاً: “إنه قادم من مكتب أفريقيا بوزارة الخارجية الأمريكية، وسيُنظر إليه على أنه ضمن الفريق أكثر من المبعوثين السابقين”.
تحديد الاولويات
تعيين هامر مبعوثاً خاصاً للقرن الأفريقي يبدو مؤشراً على تغيير في طرق تعامل الإدارة الأمريكية مع هذه المنطقة الاستراتيجية وغير المستقرة من العالم، عبر تغيير تكتيكات العمل الدبلوماسي واتخاذ أشكال أكثر فعالية في تحقيق أولويات واشنطن.
كاميرون هدسون يشير إلى أن هناك “أسئلة كثيرة حول ما ستكون عليه صلاحيات واختصاصات المبعوث الثالث، وما يتوقع أن يحققه”. موضحاً: “كان الإعلان عن مبعوث أمريكي جديد للقرن الأفريقي وللمرة الثالثة فرصة لإعادة تحديد أولويات الولايات المتحدة في القرن الأفريقي واستراتيجيتنا تجاهها، وهو ما أخفقت فيه وزارة الخارجية حتى الآن”.
ولا يتفق سفير واشنطن السابق لدى إثيوبيا، ديفيد شين ، مع رؤية هدسون، ويعرب شين عن اعتقاده “أن إدارة بايدن لديها استراتيجية شاملة للمنطقة، على الرغم من أنه قد تكون هناك خلافات حول تكتيكات تحقيق تلك الاستراتيجية”.
ويشرح شين استراتيجية إدارة بايدن، فيقول: “تريد الإدارة أن ترى تطور الحكومات الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة، ووضع حد للحرب الأهلية في إثيوبيا، ووصول المساعدات الإنسانية من دون قيود إلى تلك المناطق من إثيوبيا التي تعاني من نقص خطير في الغذاء والخدمات الاجتماعية. بالإضافة إلى ضمان استمرار الانتقال الديمقراطي من الحكم العسكري إلى الحكم المدني في السودان، وأن يحل السودان وإثيوبيا ومصر خلافاتهم حول سد النهضة عن طريق المفاوضات. وتريد واشنطن كذلك إنهاء التدخل العسكري الإريتري في إثيوبيا وهزيمة جماعة الشباب الإرهابية في الصومال”.
في المقابل، يرى هدسون أن “واشنطن تحاول تحقيق أقصى استفادة من مبعوثيها في القرن الأفريقي، لكن حتى الآن لم يتم منحهم استراتيجية لاتباعها أو صلاحيات سياسية واضحة، ولا يوجد لديهم إمكانية للتواصل المباشر مع المسؤولين رفيعي المستوى في واشنطن. وببساطة لا يمكننا تعيين أشخاص من دون تمكينهم ونتوقع أن نرى تقدماً”.
ويؤكد هدسون أن غياب استراتيجية واضحة لبايدن تجاه منطقة القرن الأفريقي ومشاكلها وأزماتها “يمثل تراجعاً كبيراً، وعندما تم إنشاء دور هذا المبعوث، كانت هناك 3 أهداف سياسية معلنة: إنهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا، والمساعدة في الانتقال الديمقراطي في السودان والتوصل إلى اتفاق نهائي وملزم بين أطراف سد النهضة”.
ويواصل حديثه: “لكن اليوم، لا يوجد إحساس واضح بماهية الأولويات داخل المنطقة. وإذا كان كل تحرك أولوية، فلا شيء يمثل أولوية في هذه اللحظة. ويتعين على الإدارة أن تحدد بوضوح صلاحيات وأهداف هذا المبعوث الجديد وأن تمنحه الموارد اللازمة سياسياً وبشرياً لتحقيق النجاح”.

الديمقراطي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..