مقالات وآراء

وحدة قوى الثورة… الفريضة الغائبة

 

 

لؤي قور

الندوات التي نظمتها لجان المقاومة خلال مايو الماضي، واستضافت فيها عدداً من السياسيين من داخل تحالف قوى التغيير ومن خارجه، كانت بادرة حوار جيدة داخل قوى الثورة. تناول الفرقاء فيها نقاط التباين في نظرة كل طرف لما ينبغي فعله، على طريق بناء الثقة، وتوحيد قوى الثورة في نهاية المطاف، لكنها سرعان ما توقفت بسبب تصاعد وتيرة الحراك الثوري.

كان من الأولى أن تستمر تلك الندوات بالتزامن، سعياً للوصول لخلاصات يمكن البناء عليها، على طريق الوحدة، والتي بدونها لا يمكن الحديث عن هزيمة الانقلاب، أو تحقيق شعارات الثورة، والبلاد تستشرف ذكرى مجزرة القيادة العامة، والتي ظن العسكر أنها ستقضي على الثورة، فإذا بها تستنهض الهمم، وتذكر بفداحة الفقد، وضرورة المحاسبة، ولو بعد حين. صارت مجزرة القيادة العامة بمثابة سؤال كبير يبحث عن إجابة وأزمة تتطلب الحلول وفي بعض الأحيان كانت العقبة الكؤود أمام الوصول لأي توافق يلبي مطالب الثورة، ومن الواضح أن العودة للمسار المدني تتطلب إيجاد الحلول لذلك السؤال المشروع عن المجزرة.

تحالف قوى الحرية والتغيير، وفي بيان له “الجمعة”، وعقب اجتماع المجلس المركزي للتحالف الخميس الماضي، كشف عن إجازة الرؤية التفصيلية للتحالف حول العملية السياسية. وقرر التواصل الواسع بها مع كافة قطاعات الشعب السوداني، ومع الأسرة الإقليمية والدولية، لقطع الطريق أمام أي حلٍ “زائف”، والتعريف الواضح بالحل الذي يحقق غايات الشارع ولا يحيد عنها. وذلك بعد أن ناقش الاجتماع رؤية التحالف “التفصيلية” حول العملية السياسية المقترحة من قبل الآلية الثلاثية.

وشدد الاجتماع -بحسب البيان- على تمسك الحرية والتغيير بموقفها المُعلن من أن أي عملية سياسية “ذات مصداقية”، يجب أن تؤدي وبوضوح لإنهاء الانقلاب، والتأسيس الدستوري الجديد لمسارِ انتقالي تقوده سلطة مدنية كاملة. والنأي الكامل للمؤسسة العسكرية عن السياسة، مع ابتدار عملية شاملة للإصلاح الأمني والعسكري، الذي يقود لجيش واحد مهني وقومي. مع المعالجة الشاملة لقضايا العدالة بما يخاطب كافة الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت، بصورة شاملة ومنصفة.

وشدد المجلس المركزي على ضرورة تكثيف الجهود والعمل لبناء جبهةٍ موحدة، وتوحيد قوى الثورة، وتوسيع قاعدةِ المقاومة الشعبية والجماهيرية، وتنويع أدواتها. وتم التأكيد على أن العمل الجماهيري المقاوم هو الأداة الرئيسية التي يعتمد عليها التحالف في مواجهته لسلطة انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. لافتاً النظر لمحاولاتِ إعادة النظام البائد وعناصره للمشهد السياسي بعد أن قبرته ثورة ديسمبر، ومؤكداً على ضرورة التصدي الحازم لذلك بواسطة قوى الثورة.

وبحسب البيان، فقد “شكل المجلس المركزي خمس عشرة لجنة داخلية متخصصة بناء على اللائحة التنظيمية المجازة بتاريخ الخامس والعشرين من مارس الماضي. واختار رؤساء ومقرري هذه اللجان، ووجهها بشكل فوري لتولي مهامها، بما يزيد من فاعلية وكفاءة عمل التحالف السياسي والتنظيمي. وقرر عقد اجتماع آخر للمجلس بعد أسبوعين، لمتابعة عمل اللجان المتخصصة والاطمئنان على سيرها في مسار تطوير عمل التحالف وتقويته. وأجاز الاجتماع تصور ورشة تقييم الفترة الانتقالية التي يعمل التحالف على تنظيمها بشراكةٍ مع جهة مستقلة، هي صحيفة (الديمقراطي)، خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ووجه المكتب التنفيذي بضرورة الإسراع في قيامها على أن تشمل تقييماً مفصلاً ومستقلاً”.

وعلى الرغم من كل الجهود سالفة الذكر، فإن التحالف مُطالب بالعمل بشكل خاص على صعيد وحدة قوى الثورة، من خلال لجان الاتصال، أو من خلال لجان محددة تُشكل لهذا الغرض. على قوى الثورة أن تتحدث إلى بعضها مباشرة كمقدمة صحيحة للتوافق حول برنامج حد أدنى، عنوانه الأساسي (إسقاط الانقلاب)، وعبر اعتماد كافة أشكال المقاومة من الحراك في الشارع والعمل الثوري المقاوم إلى الصراع السياسي جنباً إلى جنب، ومحاولة توحيد موقف قوى الثورة التفاوضي في الحوار مع الآلية الثلاثية ليحظى بقوة دفع جماعية تفضي لهزيمة الانقلاب، أو تراجعه، أو الاثنين معاً.

وعلى لجان المقاومة المضي قدماً في اتجاه الحوار بين قوى الثورة، والذي اعتمدته في الشهر الماضي. فما يجمع قوى الثورة الرافضة للانقلاب، هو أكثر مما يفرقها. ولنُغادر محطة ضرورة تقييم التجربة الانتقالية والاعتراف بالأخطاء التي صاحبتها عبر الورشة التقييمية التي ينظمها التحالف بالتعاون مع صحيفة (الديمقراطي)، ولنعتبر بما يستبين لنا من عبر ودروس. ونكف للحظة عن النظر للوراء، فلا يستيقظ الصيادون على خيبات الماضي، بل على فُرص الحاضر.

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..