أخبار السودان

 ندرة حادة في الأعلاف .. وأسعار فوق طاقة جيب المواطن

الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن أثرت عليه كثيراً، جعلته غير قادر على تلبية احتياجاته الأساسية، ويضاعف إلى رصيد معاناته ارتفاع أسعار الألبان السائلة، وبلهجة حادة حذرت غرفة الألبان من صعوبات قديمة متجددة تواجه القطاع، مع تراجع الانتاج، وعزت الأسباب إلى نتيجة شح الأعلاف وارتفاع تكلفة المدخلات العالية، بجانب نقص حاد في أعداد الأبقار بولاية الخرطوم.

الخرطوم: مآب الميرغني

(1) زيادات خرافية

وفي الأسبوع المنصرم، كشفت الغرفة القومية للإنتاج الحيواني والزارعي باتحاد أصحاب العمل السوداني عن زيادة مرتقبة في أسعار الألبان، حيث يتوقع ارتفاع سعر رطل الحليب ( 500) جنيه بدلاً عن (160) جنيهاً، وعزت الزيادة لتغطية تكاليف الإنتاج، مرجعة الخطوة إلى إرتفاع تكاليف الإنتاج. وبحسب التصريحات الصحفية التى أقر بها عضو الغرفة القومية محمد عمر، خروج (45)% من حظائر ومزارع وشركات وإنتاج الألبان عن الخدمة، مشيراً إلى زيادات خرافية في أسعار الأعلاف، لافتاً إلى إرتفاع فدان العلف إلى 14000 جنيه بدلاً عن 7000 جنيه، وإرتفاع أسعار فدان أبو سبعين إلى (350) ألف بدلاً عن (150000) جنيه. وفي ذاته الوقت انتقد محمد عمر السعر الحالي لرطل الحليب، وقال إنه لا يغطي تكاليف إنتاجه، قاطعاً بأن المنتجين بالأشهر الماضية كانوا يعملون رغم الخسائر التي يتكبدونها في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار الأعلاف.

(2) آيل للانهيار

وعلى هذا المنوال، كشف رئيس غرفة الألبان سابقاً محمد الكردي عن انسحاب كبير في عدد الأبقار المنتجة للألبان، وعزا ذلك النقص في الارتفاع الكبير للأعلاف مما يضاعف تكلفة وتربية الأبقار، مؤكداً في حديثه لـ(الجريدة)، وأرجع ذلك نسبة إلى ارتفاع تكاليف الانتاج، ووصف قطاع الألبان بالايل للإنهيار، وأنه يعاني من أوضاع قاسية وتزايد مستمر لارتفاع تكلفة إنتاج الألبان بالمزارع مما أدى إلى خروج عدد من المنتجين بشكل شبه يومي عن الاستثمار في المجال.، وتوقع الكردي انعدام الألبان في العاصمة الخرطوم خلال الفترة القادمة، سوف تشهد أسعاراً عالية في الألبان إرتفاع قد يصل إلى (600) جنيه للرطل الواحد.

(3) الاكتفاء الذاتي

وفي ذات الاتجاه، أوضح منتج الأعلاف ومربي الماشية بمشروع سندس الزراعي رأفت عبدالرحمن بلة، السبب الرئيسي في زيادة أسعار الألبان، عدم انتظام وجود المنتج، مع عدم استمرارية المنتجين في زراعة الأعلاف، إذ أنه أصبح يعتمد على ظروف المشاريع من كهرباء ووقود، وأضاف في حديثه لـ(الجريدة) خروج عدد من المنتجين خارج دائرة الإنتاج. لافتاً، تصدير الأعلاف إلى الخارج أدى إلى عدم الإكتفاء الذاتي داخلياً مما نتج عنه ندرة للمستهلكين وضاعف الأسعار التي ظهرت على أسعار الألبان اليوم، ويرى طه من الأفضل فتح باب الصادر في وقت معين بحساب مرة في العام حتى لا يكون خصماً على المستهلكين، وتابع حديثه، لجأ بعض المستهلكين إلى استيراد الأعلاف من الخارج بذات التكلفة التي يصدر بها إلى الخارج. وذكر أن هذا القطاع يواجه مشاكل أخرى عدم الاستفادة من فصل الخريف والأعلاف التي تنبت في الصحراء والأراضي الهامشية، إضافة إلى ذلك، هدر مخلفات الزراعة التي يتم حرقها بعد عملية الحصاد، تستطيع أن تغطي 30% من الحوجة، مبيناً أن سعر جوال علف الدريش أصبح (28) الف جنيه بدلاً عن ما كان يتراوح بين (13 – 15) ألف جنيه، واستطرد، أن الأعلاف تتأثر بشكل مباشر في زيادة أسعار الكهرباء والوقود والجمارك كذلك الدولار، أيضاً سبب في زيادة الأعلاف. ودعا إلى التركيز على الإنتاج بطرق يتم التأسيس لها بتطبيق حزم تقنية صحيحة، علاوة على ذلك، وشدد على ربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك وتنشيط قطاع الخدمات والولاية الأكثر إنتاجاً (كردفان، النيل الأبيض، الجزيرة، البطانة، سنار)، لتصل البلاد إلى مرحلة الاكتفاء بأسعار جيدة تفيد المنتج والمستهلك.

(4) تطوير واستعانة

وحول خروج عدد من المنتجين من دائرة الانتاج، أوضح الاختصاصي في الانتاج الحيواني باشمهندس عبد المعطي حجازي حماد، أن خروج المنتجين يعزى لأسباب كثيرة منها إرتفاع أسعار الأعلاف ومدخلات الإنتاج مع إرتفاع أسعار الأدوية والفاكسينات، إضافة إلى ذلك، إتجاه المربين إلى مشاريع تسمين الأبقار، أكثر من مشاريع الألبان المكلفة، وأضاف في حديثه لـ(الجريدة) أن عدم توفر أعلاف غير كافية مع عدم وجود مزارع طبيعية مستقلة للرعي في الخرطوم سببب في خروج المنتجين كذلك، وأشار إلى أن مشاكل تدني الإنتاج يرجع إلى عدم استخدام سلالات الألبان العالمية المخصصة في إنتاج اللبن مثل الفريزيان، مع عدم الاهتمام بالتقنيات الحديثة في تهجين أجيال من الفريزيان تتأقلم على أجواء السودان الحارة، مضيفاً: عدم الاهتمام بالقيمة المضافة للأعلاف المحلية والاستفادة من مخلفات الحصاد في تقليل الأعلاف المصنعة، منوهاً إلى أن المشاكل والحروب الأهلية أدت إلى انعدام القطعان المنتجة للألبان، ودعا المهندس حجازي من إنشاء مزارع متخصصة في الألبان في جميع ولايات السودان باستخدام التقانات الحديثة باستخدام الأبقار العالمية المتخصصة في انتاج الحليب، وشدد عبد المعطي لابد من تمويل المربين والمنتجين من بنك السودان ومدهم بمدخلات الانتاج للعمل على تطوير مشاريع الألبان، وتابع، وهو الأمر الذي يؤرق لمنتجين بسبب ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج وهو ما تسبب في تناقص الإنتاج اليومي. ويرى حجازي ان الاستعانة بالشركات العالمية المتخصصة في مجال الإنتاج الحليب لتطوير مجال الألبان في السودان، حتى تتم الاستفادة من الكم الهائل من الماشية السودانية.

(5) أزمة حقيقية

وفي ذات السياق أوضح صاحب مزرعة ألبان آدم الطاهر أن القطاع يمر بأزمة حقيقية، بسبب الزيادات في جميع الأسعار من (أدوية، علف، تراحيل، مدخلات إنتاج)، وكشف في حديثه لـ(الجريدة) عن إرتفاع غير مسبوق في الأعلاف واللمباز بالرغم من تصنيعها محلياً، موضحاً أن هنالك أعداد كبيرة من المربين خارج سوق العمل، سواء بغرض الألبان أو البيع، وطالب بتوفير مراكز بيع مخصصة للألبان باتفاق مع منتجي الألبان والحظائر في كل الأحياء بالمدن السكنية لإنهاء الوسطاء أصحاب البكاسي والكارو، لأنهم يضعون النسبة الأعلى من السعر على عاتق المستهلك، واتهمهم أيضاً بوضع مواد حافظة على اللبن لحفظه أطول فترة ممكنة خوفاً من الخسائر التي يمكن أن يتعرض لها المنتج من أشعة الشمس.

(6) ضعف القوة الشرائية

وفي ذات الإطار، رسم الأستاذ المختص في الانتاج الحيواني بجامعة النيلين بروفيسور علي أحمد حسابو، صورة قاتمة لقطاع الثروة الحيوانية بالعاصمة، موضحاً أن القطاع يمر بأزمة حقيقية، وكشف في حديثه لـ(الجريدة) عن أن الأزمة بسبب تكلفة مدخلات الإنتاج العالية والترحيل من مواقع الإنتاج إلى مراكز الإستهلاك وترحيل الأعلاف، حيث تضاعف سعر الترحيل نتيجة لزيادات أسعار الوقود المتكررة، إضافة إلى ذلك، غياب تأمين المزارع ونفوق عدد من الحيوانات بسبب الأمراض وتكاليف العمالة، وأضاف: “غياب الثلاجات جعل طريقة حفظ الألبان غير متطابقة لعملية الحفظ وتعرضه لخسائر قد تكون يومية مع إرتفاع درجات الحرارة العالية”. لافتاً إلى أن القوة الشرائية للمستهلك قليلة وأصبح المواطن غير قادر على شراء الحوجة الكافية من اللبن على عكس السنين الماضية، وأعرب حسابو عن سخطه من عدم توفر عماله فنية في الحظائر والمزارع واعتبر أنها أن من مكافحة الأمراض وتضمن المتابعة الدورية لصحة الحيوان، مع الاهتمام بالسلالة والتهجين وعمليات التلقيح، لافتاً إلى أن هنالك عدداً من حالات الإجهاض، مع المتابعة الطبية والفنية يمكن أن تقلل من ذلك. وأردف، الاعلاف الخضراء غالية و(اللمباز) يصدر وهما سبب في الزيادة، وزاد قائلاً: “كل هذه المشكلات والتحديات هي السبب في خروج المنتجين وزيادة الأسعار والدولة بعيدة عن هموم هذا القطاع مما يوقع المزيد من الأعباء على عاتق المنتجين لوحدهم“.

(7) المواطن على الخط

وعبر عدد من المواطنين عن سخطهم ورفضهم جراء الارتفاع المتواصل لأسعار قطاع الألبان، ووصف المواطن عثمان بلة إرتفاع أسعار الألبان بأنه غير مقبول، وقال في حديثه لـ(الجريدة) ان أسعار رطل اللبن متفاوتة وغير محددة، كذلك أسعار الزبادي البلدي والمصنع، ومضى بالقول: لدي ثلاثة من الأبناء، والغذاء الرئيسي اللبن واللحوم والاثنان سوف يصبحان لمن إستطاع إليه سبيلا، وأضاف: “مع الزيادة اليومية لأسعار السلع نشتري بحسب الأولوية، حرمنا أولادنا من تناول الفاكهة واللحوم بشكل يومي، وبذلك نتوقع سوء تغذية بسبب نقص الغذاء”.

الجريدة

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..