مقالات وآراء

بانوراما ثقافية

حسن الجزولي

 

 

* مطلع حزين للسنة:-

ما أن بدأت هذه السنة ثم ما لبثت أن انتصفت، فإذا بأخبارها الحزينة تنقل رحيل عدد من المبدعين والكتاب في أوساط الثقافة السودانية، فقد اختطف الموت كل من الشاعر والمبدع المتكامل السر قدور، محمد إبراهيم عبده كبج الكاتب والاقتصادي البارز، أحمد عبد الباقي حمودة العازف في أوركسترا الاذاعة والتلفزيون، الموسيقار د.بشير صالح العازف في فرقة وردي، الدرامية القديرة فتحية محمد أحمد، المسرحي المغدور محمد يوسف احمد، الاعلامي والمخرج محمد طاهر، الموسيقار بشير عباس، التشكيلية والباحثة جيريزيلدا الطيب، إلى جانب كل من التشكليين البارزين الطاهر بشرى مراد،  محمد حمزة والباقر موسى وسيف اللعوتة. وبذا نرفع الأكف ونتطلع للرحمن الرحيم أن تكون هذه الكوكبة العزيزة هي آخر أحزاننا لما تبقى من هذه السنة، فقد جرحنا ما يكفي في فقدنا الجلل لمبدعين وكتاب في سنواتنا الأخيرة!.

* ومع أنباء الرحيل المر من حقل الثقافة السودانية، يبدو أن المأساة خفت نحواً بأنباء أخرى مفرحة في ذات الحقل مع انطلاق الأشهر الأولى للعام الذي قطع شوقاً لمنتصفه.

ـ حيث تناقلت أنباء السينما اختيار السينمائي طلال عفيفي أحد مؤسسي سودان فيلم فاكتوري، ضمن أهم  “101” شخصية في  السينما العربية في مهرجان كان السينمائي خلال دورته الخامسة والسبعون في الفترة 17 ـ 28 مايو الماضي بفرنسا، وعفيفي المشتغل بقضايا السينما السودانية منذ فترة باكرة شارك في عدد من الأفلام السودانية وضمنها فيلم “ستموت في العشرين” الذي حاز على عدد من الجوائز الاقليمية والدولية.

ـ  وفي مدينة سكل الايرلندية نقلت الأنباء المفرحة فوز فيلم  شهداء-الخرطوم بجائزة  (آن-صوفي فونتين) لحقوق الإنسان للأفلام الوثائقية، وذلك ضمن فعاليات مهرجان الأفلام (فاست نت) من انتاج وإخراج كل من سايمون مورتا ومارك ميرفي وهو الفيلم الذي يوثق  لأحداث فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو 2019 ، وهو الحدث الذي ةجد إحتفاءاً واسعاً في أوساط الثوار السودانيين مع مرور الذكرى الثالثة للحدث المأساوي الذي هز الضمير الانساني محليا وإقليمياً وعالمياً.

ـ الحدث المفرح الثالث يأتي من كوبانهاجن العاصمة الدنماركية والتي إحتفت بالمطربة السودانية ـ الدنماركية الراحلة ناتاشا ابنة السوداني أحمد قسم الله سعد المنتمي لقرية قندتو جنوب مدينة شندي، حيث ذاع صيت المطربة ناتاشا وأصبحت أشهر مطربات ومطربي الدنمارك، وما أن أصبحت تشق طريقها نحو العالمية حتى وقع لها حادث الحركة المروع  المأساوي الذي أودى بحياتها الشبابية الشفيفة في العام 2007، وتقديراً لها وعرفاناً بما قدمته ناتشا في الحياة الفنية والثقافية الدنماركية فقد أصدرت ملكة الدنمارك مرسومها الملكي بإصدار الطابع البريدي الذي يحمل بروفايل صورتها، لتجد السودانية ناتاشا تمجيداً على أعلى مستويات العرفان من مملكة الدنمارك وملكتها المشتغلة بالفنون والتشكيل والنحت على المستوى المحلي والعالمي. (تفاصيل أوفى في أعدادنا القادمة).

* أحداث فنية إنسانية أخرى طبعت الأنباء الثقافية السودانية ومنحتها بريقاً له مدلولات وطنية ذات قيمة عالية:-

+ الأول مشاركة المطربة نانسي عجاج بالغناء في مدينة بابل للثقافة والفنون العالمية بالعراق، الأثرية كممثلة للفن والطرب والموسيقى السودانية، حيث تأتي مشاركتها بعد نحو من سنوات طوال عجاف غابت فيها الموسيقى السودانية عن المشاركات الدولية الجادةّ في ظل حياة الجدب  الثقافي والفني خلال سنوات الانقاذ!. وكانت نانسي كما العهد بها خير ممثل للسودان وأهله في هذا المجال، عندما حيت شعب العراق باسم الثورة السودانية ممجدة نضال الشعبين وشهدائهم بين الفرات والنيل. واستقبال الجمهور العراقي لما قدمته بمحبة وانفعال.

+ الحدث الآخر يتعلق بمواقف وطنية كبيرة لفرقة “راي” والتي الغت حفلها الغنائي الجماهيري بالمسرح القومي في 21 مايو الماضي، وذلك إنفعالاً بالقمع والتنكيل الذي لازم موكب ثوار أم درمان وسقوط  الثائر محمد خالص شهيداً، حيث فوجئ الجمهور باعتلاء أعضاء الفرقة لخشبة المسرح وإعلانهم إلغاء حفلهم حزناً على الحدث وتضامناً مع الثوار والشعب السوداني، ووعدهم بتعويض جمهورهم لليلة أخرى في ظروف مناسبة، حيث استقبل الحضور القرار بصدر رحب وهتافهم “الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية” .

وهو الموقف الوطني الذي أصبح ديدن عدد من المطربات والمطربين في الساحة مؤخراً، تضامناً مع ثورة السودانيين ودعماً لحراك الثوار والكنداكات في شوارع البلاد، فقد الغى عدد منهم حفلاتهم لرأس السنة واعتذروا عن ارتباطات فنية أخرى حداداً  على أرواح الشهداء ومنهم على سبيل المثال كل من  محمد الأمين أبو عركي البخيت وأولاد الصادق أحمد وحسين، ميادة قمر الدين، عقد الجلاد طه سليمان وانصاف فتحين وقد عبر عن هؤلاء الموسيقار هيثم سليمان تعبيراً وطنياً يجد التقدير حينما صرح لصحيفة الحراك (عزاؤنا الوحيد أن شباب السودان ينجز ثورة عظيمة وعلينا أن ندعم الحراك الثوري بقوة حتى إذا أدى ذلك إلى تعطل نشاطنا)!. وهي المواقف التي يمجدها شعب السودان في مقابل أولئك الذين اعتادوا الغناء للديكتاتورية ومصادقتها!.

( يحيي فضل الله عندما يطلق عنان إنشاد القصيدة لديه)!.

أسئلة ليست للاجابة

شعر:- يحيي فضل الله

***

ما معني أن نحيا

و ﻻ ندري بأن العشق

قد يبقي سجيناً في الخلايا؟

ما معني أن نشهد موات الأغنيات؟

ما معني هذا الصمت الذي ﻻ ينتهي

برغم حاجتنا الصراخ؟

هل يختفي الظل الذي ﻻ ينتمي

إلا معرفتي وجهلي؟

هل نودع بعضنا ونذهب

في سراب الذكريات؟

كيف تبدو الذكريات؟

كيف يبدو طعم أيام الشجن؟

من يعلم ذكرياتي

كل أشكال التداعي

والرحيل المر دوماً

حين يصطدم المدى

بالمأسي والمخاوف

واحتضار الأمنيات؟

تعب هو البرق

الذي ﻻ يضئ أقبية الخفايا

ﻻ ينتمي للسحب

والعشب الذي ﻻ يرتوي

إﻻ بطعمك

يا عصيراً من خليط الدهشة الأولي

واحتراف الأغنيات

 

[email protected]

حسن الجزولي

دكتور حسن الجزولى هو قاص و اديب و سياسى و عضو باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني انتخب في الدورة الخامسة لمؤتمر الحزب الذي انعقد بالخرطوم و يكتب عامود راتب بجريدة الميدان الجريدة الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني كما يكتب بعدة صحف سودانية أخرى.

‫4 تعليقات

  1. هل يختفي الظل الذي ﻻ ينتمي
    إلا معرفتي وجهلي؟
    رحم الله مصطفى , هل كان يقصد بهذا البيت أنتصار الأسمنت القذر – على الجالوص و الدعاش و الصارقيل ؟
    عله رمى الى أندثار أغانى الدلوكة و أيقاع التمتم الذى يتجسد فى شكل سقطات متباعدة متتالية حتى يصيب مستمعه بالدوار !
    أم هل تراه يصف التسونامى الذى يجتاح ملبسنا و غذاء السودان فى أم بقبق و أم شعيفة و الكول السمح ؟!
    عماماتنا و جلاليبنا و جدلاتنا الصوفية الأصيلة هل أصابتها لعنة هذا البيت فمحقت جزء منها ؟!
    هل يعنى هذا بتوقف العرضات و البطان و الختان ودق الريحة السمح ؟!
    ربما بنبؤة الابداع لديه , أطل على زوال الطائفية و التقابات و الخلاوى و منارات العلم الاخدر اللدنى و حيرة الشيوخ لنقص الغلمان فيها ؟!
    أم هى صحف الغيب منشورة أمامه ليقرأ سقوط النخب السودانية الممكن لها عبر القبلية و الحزبية و الجهوية فى امتحان التمييز بين ماهو أنسانى و بشرى قذر من جهة – وما يشبه ثقافتنا السمحة من جهة أخرى ؟!
    هل يغيب الواسوق و السعن لصالح التكنولوجيا السطحية التافهة ؟!
    هل أطل من غيبه ذاك على أندثار حراس هيكل الهوية السودانية الاصيلة الغبشاء المذكورين اعلاه ؟!
    هل كان من الممكن أنقاذهم , أو جعل عزرائيل يرتدى جلابية على الله لتطمينهم وهم يعبرون نحو العالم الاخر ؟!
    من المطمئن جزئيا _ أن الثورة الحالية لا تقرأ من بيت مصطفى أعلاه , و تنحصر همومها فى تحسين الاحوال المعيشية جزئيا , كما أن القائمين عليها هم أمتداد لحراس هيكل الهوية السودانية الغبشاء السمحة بتمكينهم و غباشتهم و خدارتهم و اصالتهم السمحة.
    الجدير بالذكر هنا و كمقارنة ثقافية :
    فقد تابعت قبل ايام قناة جنوبنا التى تبث من ملكال , فتحسرت على ضياع هوية السودان الجنوبية عندما رأيت تحول الموسيقى الجنوبية الى العالمية , حتى بات يغنى معهم أولاد الغلفاء من الخواجات الانجاس.

  2. شكرا على هذه الإطلالة الهالة و إتاحة هذه المتابعة لدنيا الثقافة في هذا البلد المكلوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..