لَوْ كانَ لي جناحُ!!

خطرفات ذاتية
سايمون دينق
زبون عزيز وفريد من نوعه.. بيني وبينه صداقة عمرها لحظات فقط! لكنني تمنيت لو تجمعني به الصدفة مرة أخرى…! حضر الي مكاني قبل يومين بغرض اصلاح هاتفه الذكي الذي تحطمت شاشته، القى عٓلىً التحية ولم ينتظر مني الرد، مد لي هاتفه وجلس على الفور الي جواري، ثم بدأ منشغلا بشيء ما قبل أن يعود ويسألني عن أحوال السوق والعمل..!
حكيت له كعادتي المعاناة التي نعيشها في سوق (كاستوم).. حدثته عن عمدة مدينة جوبا، وكيف حاربتنا البلدية التي يتربع هو على عرشها وقد اخذت أموالنا بدون وجه حق وأزالت محلاتنا عن الوجود ليستولى عليها أشخاص آخرون، وانتهى بنا المطاف بافتراش أطراف الشوارع في العراء كما هو الحال الآن.. بينما كنت مسترسلا في الحديث، انتبهت إلي أن صاحبي غير مبال بما اقول، نظرت اليه.. كان يحدق نحو السماء بتمعن ..!
سألته إن كان يخشى هطول المطر، فان سحاب السماء الذي يحدق فيه لايزال ابيض اللون ولن يهطل هكذا قبل أن يتحول لونه الي الاسود، مما يعني أن هنالك متسع من الوقت يسمح له بالذهاب الي المنزل قبل المطر.
كانت هذه محاولة مني للفت انتباهه حتى نكمل الحديث الذي بدأناه، وبالرغم من ذلك، لم يكف الرجل عن التحديق الي السماء!، بدوري تركته وشأنه وواصلت العمل الذي كان امامي فوق التربيزة.. ساد الهدوء للحظات، ثم باغتني بسؤال آخر وعيناه لم تبرحا السماء: هل ترى هذه الطيور ياصديقي..؟ اجبته: نعم، هذه طيور (الصقر) ونظام حياتها كلها مبنية على التحليق في السماء حتى يستطيع رصد فرائسها وطعامها على الأرض، فما الجديد في ذلك؟.
قال: ابدا.. لا شيء على الإطلاق ولكن ما يستغربه المرء ..! ماذا تفعل هذه الطيور هنا في جنوب السودان وهي تملك تلك الاجنحة الرائعة وتستطيع بها الطيران بعيدا عن اوضاعنا المأساوية التي نعيشها.!؟. غلاء طاحن في السوق، الدولار في حالة الصعود بلا توقف، تعرفة المواصلات تتضاعف بين عشية وضحاها من غير حلول، معظم اطفالنا خارج المدارس لعجزنا عن دفع رسوم التسجيل الذي أصبح بالدولار في بعض المدارس، وفاتورة الدواء استفحلت حتى التداوي بالاعشاب أصبح مكلفا ايضا، و…..!
سالته مقاطعا: من فضلك اخي، وما علاقة الطير بكل هذه الأشياء التي تسردها..!؟
اجاب: يبدو انك لم تستوعب بعد ما اعنيه، قطعا انا لا الوم الطير ولم أحمله مسؤولية تردي الأوضاع… فقط أتساءل ياترى ألا يعرف قيمة ما يملك..! وان كان يعرف، فلماذا هو معنا هنا وهو قادر على المغادرة دون صعوبات بفضل جناحيه.!؟
اجبته: صحيح ..! ارض الله واسعة…!!.. عفوا.. اعني انني انصحك يا صديقي بأن الوضع ليس سيئا لهذه الدرجة التي تتخيلها..! من يدري..!! ربما يخفى القدر لي ولك أشياء جميلة سيفاجئنا بها في قادم الأيام، ومن المهم جدا أن تنتبه الي صحتك العقلية مثل اهتمامك بصحتك البدنية.. لان قيمة العقل افضل بكثير من أجنحة الطيور، وقبل هذا وذاك، دعني اخبرك أن شاشة هاتفك المكسورة تبلغ كلفتها “١٥” الف جنيه.
ذهب الرجل على أمل العودة لإصلاح هاتفه الوحيد حالما يسمح له وضعه المادي بذلك.. أما أنا، فمنذ ذلك الحين كلما نظرت إلي طير السماء عاد بي الحنين الي ذكريات الابتدائية والطفولة البعيدة ولسان حالي يردد: لو كان لي جناحُ!!؟
ألقاكم
وانت يا سايمون لا اعرفك ولكنك أثرت في شجونا لا حد لها.قلت (القالكم) في ختام سفرك الزاهي وانا من المتشوقين لعودتك
يا سايمون.. لك التحية والأشواق.. وهل عندك صفحة في الواتساب.. لو تتذكرني انا awamaha الكنت بكتب في منتديات الراكوبة
مقال بسيط ورائع وسهلة الهضم، ويقنع ما كُتب فيه،
قرأت قبل شويه مقال طويل جدا، ورد احد القراء
يا زول مقال طويل وتركته، وكان حول ان
قحت وصلت الى الدرك الأسفل، واعتقدت
ان مقال مدفوع الاجر للكاتب وتركته،
يا ابنى سايمون دينق قبل مدة كنت اقرأ لكاتب من
جنوب السودان الحبيب في صحيفة اعتقد جريدة الأيام
يكتب قل ولا تقل، عن الأخطاء الشائعة في تلك الفترة،
وللأسف الآن أسوأ من السابق.
سايمون الله لا يحرمنا من امثالكم انت رجل نبيل
مقال رائع والله جدا جدا والله.
شكرا الأستاذ سايمون علي تزكيرونا بتلك الأيام الجميله.
( ماذا تفعل هذه الطيور هنا في جنوب السودان وهي تملك تلك الاجنحة الرائعة وتستطيع بها الطيران بعيدا عن اوضاعنا المأساوية التي نعيشها.!؟. غلاء طاحن في السوق، الدولار في حالة الصعود بلا توقف، تعرفة المواصلات تتضاعف بين عشية وضحاها من غير حلول، معظم اطفالنا خارج المدارس لعجزنا عن دفع رسوم التسجيل الذي أصبح بالدولار في بعض المدارس، وفاتورة الدواء استفحلت حتى التداوي بالاعشاب أصبح مكلفا ايضا، و…..!) والله يا سايمون احيك تحية كبيرة للغاية. اعجبنى منطقك كيف للطير صاحب الاجنحة التى وصفتها يعبر القارات والمحيطات ينتهى به المطاف فى دولة كما دكرتها. سايمون انت قمة الابداع . لله درك.
ومؤخرا لو كان لك جناح لعبرت المحيطات الى بلاد الله الواسعة المتوفر بها كل شئ. سايمون كتبت وجسدت وافصحت وكفيت . لك كل الشكر.