أخبار السودان

الإسلاميون انتحار اخلاقي وسياسي.. التغيير ثقافه وممارسة للسودانيين

منتصر عبد الماجد
الحركات الفكريه ونوافذها السياسية والمدنية ، كالبحار دوما تكون في جذر ومد . تتمتد احيانا وفق شروط محددة . تاخذ وقتها التمدد والانتشار حسب معطيات نوعية ودولية ، وتنحسر بزوال المعطيات ، وقد شهدنا منذ أربعينيات القرن الماضي ، الي يومنا هذا ، صعود عدة تيارات فكريه وانحسارها ، كان مد اليسار الشيوعي ايّام المجد الشيوعي العالمي ، ثم أفل نجمه ، ليصعد مد اليسار العربي ايّام زعامة عبد الناصر ثم ان انكساره بعد النكبة ، ليفور ويتمدد الاسلام السياسي كزخم للثورة الإيرانية ، ونشهد الان همود نيران الاسلام السياسي وإسدال ستاره ، لترتدي القفاز الافكار الليبرالية وإملاء فراغ الساحة . هذا ما عاصرناه وشهدناه ونشهد به .
حالة عدم الثبات والاستقرار للتيارات الفكرية تقول اَي حالة مد أوجذر لهذه التيارات لا تقراء بمعزل عن ( ماكنزم الجذور الفكريه ) وعلاقته بالتيار الآفل ، و ويرتبط هذا الانحسار ارتباطا وثيقا بطرق تفكير وقيم وسلوك قيادة التيار المعني وقت الانحسار، فيأتي المردود متسقا مع الأصول الفكريه للتيار والظروف النوعية التي تؤثر في مناطق نفوذه ، وغالبا ما يتحكم سمات الشخصيات القياديه وسلوكها في رفع وتيرة الصعود او الانهيار ، ويمثل انعكاسات سلبية . يودي مزاج الطاقم القيادي وسلوكهم دورا في الانحسار .
ما نشهده من حراك بطولي يوكد (ما ذهبنا اليه ) فترة مد وزخم الاسلام السياسي ، وصلت خواتيم الطريق ، وعلي قيادة الاسلاميين( ان أوتيت الحكمة ) التقارب وفتح الباب علي مصرعيه للقادم الجديد ، الذي لن تحيد عنه الأجيال الصاعدة ، وهي قيم ليبراليه في الحريه والكرامه والعداله تنشد المواطنه والسلام الاجتماعي وتصون مفاهيم حقوق الانسان ، والشاهد انه فهم متنافي مع أصول فكر الاسلام السياسي ، لذا نشهد انقطاع اَي تقارب بين الطرفين يمكن ان يودي حلول وسطية تصالحية ، تضمن عدم التناحر والتنازع ، وتوقف عمليات القتل والسحل والتعذيب التي يمارسها النظام الاسلامي ، مقابل اصرار احتجاجي لا يرفع الا شعار الإسقاط متخذا السلميه طريقا للتغير ، هي علاقة (طرفي النزاع) جدلية تنافيه . في المنطلقات والاسلوب والوسائل . وطبيعة هذا الصراع يقول ان انتصار روية طرف تنفي الاخر ،ولا حل لهذه المعضلة الا بانتصار طرف ، وإعلان اانتصاره بطريقة حاسمة ، والتاريخ يشهد ويسجل إفادته ويقول (الشعوب اقوي من اَي نظام او حكومه ) وهي المنتصرة دوما .
الحالة الجدلية االنقيضه ( التنافي ) بين النظام والحراك الجماهيري ، يمكن اتخاذها منهجا لقراءة (ثقافه التغيير )التي تغلغت في وجدان السودانيين وأصبحت حلم ونشاط وممارسه حياتية وخطاب ولغة بين الناس ، بداء من لعب الأطفال الي حنه النساء وملوبسات الموضة ، الي أغاني الأعراس وأغاني البنات ، وهتافا في الشوارع ومواكب هادرة ، تتوج بدماء الشهداء ، ثقافه وحياة كاملة الأركان غير منزوعة الدسم .
مقابل ثقافه التغيير التي انتظمت السودانين ، نضب معين النظام والإسلام السياسي من ناصح امين ( حكيم ) . يسعي فيهم ويقدم النصح الراشد ويقنعهم ان التجارب تقود الي استحالة الوقوف ضد إرادة الشعوب وتطلعاتها ، ولَم يسجل التاريخ سابقة حاكم حكم شعب من دون ارادته ، او علي الاقل ارادة جزء معقول منهم ، وان القيادات الرشيدة للتيارات الفكرية دوما ما تضحي وتتخلي الحكم في سبيل ضمان استمرارها وتغلغلها في المجتمعات ، لتضع الخطط لترميم وأعاده بناء مؤسساتها بمراجعات فكريه وسياسيه .وان القبضة الأمنية والقمع لن يحفظ الحكم . والمصير المحتوم سقوط النظام وانهيار مؤسساته القمعية .
وللاسف لم يفتح القدر علي الحركه الاسلاميه بهذا الناصح (الرجل رشيد) ، فقتلت الحركه الإسلامية المتظاهرين العزل ، ومارست شتي انواع الانتهاكات والمحرمات التي لن تغتفر لها ، ونحتت هذه الفظاعات والموبقات في الذاكرة الجمعيه للسودانين، مثلما نحتت فظاعات الحقبة التركية السابقة ، وستودي هذه الفظاعات لاقتلاع وعزل واستئصال الاسلام السياسي وحركاته الفكريه والسياسيه من الخريطة الفكرية والسياسيه كرقم فكري يمكن ان يلعب دور في مستقبل البلاد ، سقطوا اخلاقيا امام الشعب . وغذوا كراهيه ضدهم ، ولَم يسلم قلب سليم من أوجاعهم وتنطعهم وقسوتهم ، ولَم يتركوا مجالا لفؤاد الا كرهم ولا للسان الا شتمهم والدعاء عليهم .
وان كانت الجذور الفكريه للإسلام السياسي تعاكس عقارب الساعة العصريه ، وتنافي الفطرة الانسانيه السليمة التي فطرت علي المحبة والسلام وقيم التسامح ، فان طبيعة اَلنفس انسانيه تحمل هذه القيم (كتكوين بيلوجي نفسي ) حباه الله لبني ادم كاعظم عطاء يميزه ، فما يدعو الدهشة حد الاستنكار ، ان تجد تشكيلا فكريا وحركة سياسيه ( كالحركة الاسلاميه ) تحتوي جميع تقسيمات المجتمع السوداني الطبقية والتعليمية والاثنية، تتواطأ علي هذه الانتهاكات التي تمارس اليوم من قتل واغتصاب وتعذيب وقمع وسرقات، ولا تحرك فيهم ساكنا ، مع انها أزمة اخلاقية مستفحلة في المقام الاول تعافها النفس السوية ويرفضها اَي عاقل او حتي انسان ،
العار والسقوط هو رهن التيار الاسلامي نفسه ومستقبله وتضحيته بتاريخه وانتحاره فداء ( للبشير وبطانته الفاسدة ) الذي هو ( مجرد دكتاتور) وافاك اشر ، اختطف منهم الاسلام السياسي وعاث باسمه ومشروعه الحضاري فسادا وفشلا ، والحزن ان لا ينبري أنصار المشروع الاسلامي الفكري للدفاع عن مشروعهم ومناهضة البشير وابانة خيطهم الأبيض من سواد خيطه المرعب ، او علي الاقل التعاطف او الانحياز الي الشارع الرافض لهذه الممارسات ، والمحزن حقا انهم يدافعون عن هذه الممارسات التي يمارسها الدكتاتور وبطانته باسمهم ، والتي لاتمت لدين او اخلاق او فكر اوحتي فطرة انسانيه بصلة ، فبئس ما يدعوه اليه فكرهما كان لهم فكر وعقولهم الخربة ان كان لهم نصيب فيها وضميرهم المتصحر .
المبشر في الامر ان الاسلام السياسي انحسر عهده ، وبريقه قد اقل ، تجربة الاسلاميين الفاشلة والفظيعة في السودان سقطت ، تلك التجربة التي خلفت ماسي ودمار وحروب وضحايا ، بشكل لا يكمن وصفه ولا تصديقه . قسمت بلادناا . وزرعت نعرات عنصريه ، وأججت الحروب وقتلت الأبرياء ، واغتصبت الحرائر ، واورثتنا الفقر والعوز والهوان ، هذه التجربه الفضيحة كانت عامل أساسي عوامل هذا انحسار مد الاسلام السياسي في البلاد وفِي العالم بأسره ، اختاروا طوعا طريق الانتحار والإقصاء في وجدان السودانيين الاجتماعي. والفكري والسياسي ، ولَم يعد أمامهم سوي مستقبل قاتم النسيان ، المحاسبه والعزل والإقصاء ، الم يشاهد إسلامي السودان حين يذكر الاسلام السياسي تطارده اللعنات ويفتح جروح الانتهاك لضحاياه وهم جل الشعب السوداني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..