
محمد حسن شوربجي
للاسف الشديد حالنا بعد ستة وستون عاما من الاستقلال ضياع وتوهان.. وقد هرمنا حقا اخوتي وكما قال شاعرنا الراحل محجوب شريف ونحن نحلم بوطن عظيم .. وطن عاتي وطن خير ديمقراطي وطن مالك زمام أمرو ومتوهج لهب جمرو وطن غالي نجومو تلالي في العالي مكان الفرد تتقدم قيادتنا الجماعية ِ مكان السجن مستشفى مكان المنفى كلية مكان الأسرى وردية مكان الحسرة أغنية مكان الطلقة عصفورة تحلق حول نافورة تمازج شفع الروضة فبعد ستة وستون عاما من الاستقلال ها هو الفشل وها هي الإخفاقات تلازمنا .. وقد اصابنا الاحباط .. واحوال الوطن تعيسة .. البنحلم بيهو يوماتي وطن للسلم أجنحتو ضد الحرب أسلحتو عدد ما فوق ما تحتو مدد للأرض محتلة سند للإيدو ملوية البنحلم بيهو يوماتي وطن حدادي مدادي ما بنبنيهو فرادي ولا بالضجة في الرادي ولا الخطب الحماسية وطن بالفيهو نتساوى نحلم .. نقرأ .. نتداوى مساكن كهرباء وموية تحتنا الظلمة تتهاوى نخت الفجر طاقية وتطلع شمس مقهورة بخط الشعب ممهورة تخلي الدنيا مبهورة إرادة وحدة شعبية فحاجتنا ماسة إلى نفس جديد على كل المستويات .. فنحن اخوتي ندور في حلقة مفرغة وتفاهات وجزئيات ونقاشات عقيمة .. رغم حوجتنا لانطلاقة نحو سودان خال من الاختلافات السياسية والتاريخية التي تفرقنا .. فما زالت تلكم النفوس المريضة بالحقد والكراهية والجهوية والإقصاء راغبة في الانتقام من أجيالنا الغضة التي لا ذنب .. فلقد ضيعوا عليهم السنون والايام والجهد والمال وقد فشلوا في بناء دولة .. فلم نتمكن كشعب من تجاوز مشاكل الهوية والثقافة .. ولم ننعم بمشروع اجتماعي ملائم.. ولم نتجاوز جل مشاكلنا في الحياة سكنا وصحة وتربية رغم قدراتنا وإمكانياتنا البشرية المهولة .. ولا ندري حتي يومنا الي أين تتوجه امورنا .. ومتى سنتخلص من كل هذا الجمود والتردد .. ومتي سنتفرغ للبناء وتنمية قدرات شبابنا وبلدنا والاستثمار في ثرواتنا المختلفة .. نعم لدينا في الواقع قصرا جمهوريا ووزارات وجيوش ولكن لا ندري ماذا يفعل من بها من مسؤولين لهذا الوطن .. لدينا احزابنا كثيرة ولكن لا طائل منها .. فكل سعيها للكراسي تهرول نحوها لتتحكر فيها انتفاعا .. وللاسف فكل قطاعاتنا الحياتية تعاني التراجع والتخلف رغم ما تزخر به من مسؤولين و كفاءات متمكنة وشابة .. بدرجة انهم يعجبونك في القنوات الفضائية ندوات ينظرون فيها بالحديث والسرد والثرثرة والفخر بثروات السودان .. ونحن نصفق لهم اعجابا رغم احاديثهم الممجوجة والتي يغني في نهايتها فنان .. نعم مكنوا انفسهم في مربع سياسي مغلق ظلوا يتداولون الكراسي فيها بأسم الديمقراطية .. وكل مرة نجد القوي منهم يتحالف مع العسكر ليصنع انقلابا.. وقد ظلت هذه الكارثة تلازمنا ودون تغيير او نفس جديد حتى انتشر الفساد والظلم والتخلف.. وبدأت الأجيال الصاعدة تفقد الأمل في غد أفضل.. فلم ننطلق كغيرنا من الشعوب نحو الاعالي .. ولم نغير ممارساتنا السالبة في مواطنتنا .. ولم نتخلص من ردائتنا وتطبيلنا وتهليلنا .. وبعد ستة وستون عاما اخوتي من الاستقلال وجدنا انفسنا غرقي في دولة فقيرة معدمة تستجدي المعونات شرقا وغربا .. وبعد ستة وستون عاما اخوتي من الاستقلال اصبح السودان ضمن افقر دول العالم .. وبعد ستة وستون عاما اخوتي من الاستقلال مازلنا نتخبط في ازمة الحكم .. وبعد ستة وستون عاما اخوتي من الاستقلال مازال نفس الفشلة يديرون كل المشهد .. فأليك ربي نشكو ضعفنا .. ولا نملك الا ان ندعوك كما دعا نبيك الكريم عليه صلواتنا واتم التسليم حين توفي أبو طالب وخرج إلى الطائف ماشيا على قدميه فدعاهم إلى الإسلام فلم يجيبوه فانصرف فأتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال : (اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك).. اللهم رحمتك بأهل السودان..
جهذ. مراكبك يا شيخنا.. نحن في منتصف الفوضى الخلاقة.. احتمال الخروج منها بسلام لا يتجاوز ال10%.. خليها على الله.