عودة إلي مذكرات الاستاذ حسن نجيلة في بادية الكبابيش
مع دعوة لانتاج بعض الأفلام من تلك الحياة الجميلة

إسماعيل آدم محمد زين
شاهدتُ في إحدي القنوات الفرنسية منذ عهد بعيد ، مسابقة يشترك فيها طلاب للسينما – حيث يتم أخذهم إلي مدينة بعيدة أو إلي بلد في قارة أخري ويتركون لهم حرية إختيار مواضيعهم لانتاج وإخراج أفلام ،من تصويرهم وتخيطهم!فيلم وثائقي قصير في حدود 10 إلي 15 دقيقة تقريباً.
تُعرض الافلام في ذلك البرنامج ، مع وجود مُحكمين لاختيار أفضل الأفلام.في التصوير – الاخراج و الانتاج. وهومجال يتجدد مع الزمن ومع القضايا المستجدة في عالمنا.
وقد أعادتني مذكرات الاستاذ حسن نجيلة إلي ذلك البرنامج وفكرة إنتاج افلام وثائقية قصيرة من أبوابه المتعددة.وربما يقدم أحدهم علي إنتاج المذكرات كلها في فيلم عن حياة معلم رحال أو البدو وحياتهم الجميلة.
كانت دوافع حسن نجيلة لتسيل المذكرات، أن يحتفظ بها للاجيال القادمة وأري في إنتاجها أفلاماً ذيوعاً لها وتحقيقاً لذات دوافع الاستاذ الكبير- رحمة الله تغشاه.
أشعر بأنني لا أقرأ كتاباً ولكنني أشاهد الحياة اللطيفة في تلك البقعة الجميلة.
1- رحلة الأستاذ حسن نجيلة إلي بادية الكبابيش
رحلة علي ظهر جمل، ولأول مرة يركب نجيله جملاً، بينما المفتش يجد راحة وهدوءاً وهو يمتطي الجمل في ثبات ! بل يستمتع بغليونه وينظر خلسة إلي الاستاذ الشاب ويتوقع سقوطه في إي لحظة ! لقد كان ذلك المفتش فظاً مع رجل بوليس كان ذاهباً إلي مكان عمله و معه أسرته الصغيرة.
وصف الاستاذ المناظر في تنوعها وجمالها، من تلال إلي وهاد وجبال وأخبية البدو هنا وهناك، غزلان ترعي وأرانب تتقافز وإبن آوي يصيح في البرية.
2-المدرسة
المدرسة الأولية ولامدرسة، في صباح يومه الأول ولما يصحو من نومه يسمع همسات وضحكات تلاميذه وقد بكروا بالحضور! مجتمعين قريباً من سريره في خيمته! وهم في إنتظار الاستاذ النائم! لقد كان السفر شاقاً ومجهداً.
بدأ الأستاذ تدريسه تحت ظلال الأشجار – حيث يضع سبورته وكثيراً ما كانت السبورة تطير جراء هواء عنيف أو إعصار مفاجئ ويجري التلاميذ لاحضارها.
وجدت المدرسة شهرة وصيتاً، فهي متفردة وربما الاولي في البلاد لخدمة البدو في حلهم وترحالهم. وقد كان يزورها المفتشين البريطانيين وغيرهم من الموظفين في زياراتهم لدارة الحمراء ،معقل الشيخ علي التوم، ناظر الكبابيش.كان بعضهم يستعرض لغته العربية مع الاستاذ حسن نجيلة وكان بعضهم يجيدها، بل يحفظون شعر البدو:
سمحات تلات فيات
البل مع البنات
وخيلاً مربطات
صهباً مجنبات
ليلة الكبوس كان جات
في التور أبو ضرعات
أحضر الأستاذ يوماً كرة قدم وجعل التلاميذ يضربونها و يركلونها وهم يتقافزون في سرور وبهجة وقد شاركهم الكبار من أهل الحي! أو يتفرجون.
3- من التراب و إلي التراب – الموت في البادية مع الرحل! .
وفاة أحد البدو في مكان قصي وبعيد عن معقلهم يثير فيهم الأشجان ويزيد من أحزانهم ، لذلك تراهم يبكون بصوت عالِ وينوحون: الخراب جاني…..وو…..الخراب جاني…وو ولكم شرقن عيون الاستاذ من هذا النواح.
يجتمعون ويتشاورون في مكان لدفن الميت ويقترح أحدهم موقعاً قريباً من موقع دفنأحدهم قبل عام أو أعوام خلون! فلا توجد قبور للبدو في مكان معلوم.فهم من التراب والي التراب يعودون.
يحضر البدو جملاً ضخماً وقرفةً كبيرة يتم ملؤها بالتراب و يأتون بالميت محمولاً علي الأيدي ليوضع علي حويتين ويعادل الحمل بالقرفة المملؤة تراباً! وينتقلون علي ظهور الابل والخيول إلي موقع الدفن-يصلون عليه ويحفرون له ويدخلونه القبر ويهيلون التراب، بما في ذلك تراب القرفة (سعن كبير).ويأتون باحجار كبيرة لتوضع علي القبر، حماية له من الضواري والحوانات الأخري المتوحشة!
أري في مذكرات حسن نجيلة عدداً من الأفلام الجيدة وربما فيلماً طويلاً – ستحصد جوائزاً،باذن الله.
وقد يقول أحدهم أهذا زمان مشاهدت الأفلام؟ أقول نعم ! فليعمل جماعة في الجهاد و الحرب وليسعي آخرون في سبيل العلم و آخرون للانتاج. للبلد الذي يموتمن أجله الشباب! و بذلك نحببهم فيه و نرسخ تراثه وثقافته، ليكون جديراً للشهداء و للشباب الرائع.
ما شاء الله فقد قرأت مذكرات حسن نجيلة في كتابه وقد شوقني جدا خصوصا وانا بدأت الدراسة تحت شجرة حراز ظليلة بالعلق)(الزقي) ولم تكن لدينا سبورة تعبث بها الرياح ولكن لدينا الواح من خشب الالوب القوي.
رسالة من صديق..حول هذه المذكرات