مقالات وآراء
غرق وضياع في الصحراء.. الطغاة يتجاهلون

خارج السياق
مديحة عبدالله
لم يعد موت سودانيين غرقًا في عرض البحر أو عطشًا في الصحراء يسترعي انتباه أحد، فمثل هذه الأخبار تمر كغيرها من الأخبار في زحمة قوائم الموت الجماعي في مدن وأرياف البلاد، والطغمة العسكرية الحاكمة لا تكلف نفسها حتى مجرد إصدار بيان تعزية وترحم على من فقدوا أرواحهم.. أخر الأخبار المحزنة هو غرق (36) مهاجرًا بينهم سودانيين في مياه البحر الأبيض المتوسط بعد تعرض قارب كان يقلهم لإطلاق نار من مسلحين حسب سودان تربيون 27 يونيو 2022.
وقال رئيس منظمة برنامج الحد من الهجرة غير النظامية للجالية السودانية في ليبيا إن قاربًا مطاطيًا يقل أكثر من (70) مهاجرًا بينهم (60) سوداني كانوا في طريقهم إلى أوروبا تعرض لإطلاق نار من قراصنة بهدف سرقة محركه مما أدى إلى غرقه، من هم؟ وإلى أين كانوا متجهون؟ لا تتوفر معلومات عن ذلك حتى الآن، وليس من المتوقع أن تهتم السلطة الانقلابية بأمرهم، والخطر محدق بالمهاجرين السودانيين في ليبيا حيث يتواجد بها ألاف منهم يخططون للوصول إلى أوروبا عن طريق قوارب متهالكة عبر البحر الأبيض المتوسط، وحتى لو نجوا من الموت، فإنهم يواجهون استغلال عصابات الإتجار بالبشر باحتجازهم في ظروف غير إنسانية وتعذيبهم وإجبارهم على دفع فدية لإطلاق سراحهم.
مأسي إنسانية جراء عدم الاستقرار السياسي والتدهور الاقتصادي والنزاعات التي تكاد لا تتوقف في أنحاء البلاد دفعت وتدفع الألاف من السودانيين في عمر الشباب والأحلام للهجرة في ظروف غير آمنة، عرضة للموت أو الضياع في المنافي البعيدة، وهي مأساة تبقى في العتمة بسبب الانقلاب اللعين، والتركيز في عملنا السياسي على قضايا بعينها محورها الصراع حول ومن أجل الوصول للسلطة، دون اهتمام بحقوق الملايين من السودانيين الذين يواجهون الجوع والموت في عرض البحر بعد أن أصبحت الغربة الاجتماعية داخل الوطن أمرًا لا يطاق.. ولن يستعدل الشأن، والأمر في البلاد إلا بعد أن تكون القضية الاجتماعية والحقوق الاقتصادية في قمة أجندة العمل السياسي والإعلامي، وأن يمثل الموت في عرض البحر صدمة تدفع لمراجعة أولويات العمل المدني والإعلامي.
الميدان