تأملّات في تفاعلات الحراك: ثورة عقول واعية لا بطون خاوية (2)

خالد التيجاني النور
والجيش إذ يدعو لإعادة تشكيل الحياة السياسية وتحقيق التوازن بذهنية جديدة
(1)
إذاً ليسوا “مندسين”، ولا “مخربين” ولا “متآمرين”، ولا “ألعوبة” في يد قوى سياسية معارضة ولا حركات مسلحة، وليسوا بالطبع توابع ل “شذاذ آفاق”، ولا “فقراء جائعين”، هذه خلاصة ومضمون التصريحات الحكومية في الأيام الفائتة المتراجعة بشدة من رعونة المسارعة إلى البحث عن عاصم في خطاب “الشيطنة” إلى البحث عن “تبريرات” بعد عودة بعض الوعي للخطاب الرسمي الذي يحاول الإفاقة من هول صدمة “الحراك الشبابي”، الذي عمّ القرى والحضر، وكسب أفئدة الكبار كما حفّز عقول الصغار، مطلقاَ ثورة وعي جديد بالذات، أن كفى لبلد عظيم مثل السودان بكل مكانته، وثروته البشرية، وموارده الطبيعية، أن ينتهي به الحال مأزوماً باستدامة في المجالات كافة، بأفق مسدود، ومستقبل مسروق، “لنيل وخيرات الأرض هنالك .. ومع ذلك .. ومع ذلك” تحوّل مستجدياً الإعانات من الخارج أعطوه أو منعوه.
(2)
فقد خرج حزب المؤتمر الوطني بعد اجتماع لقيادته مظهراً اهتماماً مفاجئاً شديد الإسراف في وعود بلا رؤية حول قضايا الشباب والدعوة للحوار معهم، ولعله أدرك متأخراً أن خطاب “التشويه المتعمّد” لحراك الجيل الجديد لم يزده إلا عزلة على عزلة، كاشفاً غربته عن قضايا الوطن، وبدا كأنه اكتشف فجأة أمراً جللاً يحيط به، وما يحاول السعي لتداركه اليوم تركه ب”بسطّام”، وقد اتفق أن أوغلنا في تفصيل ذلك في المقال السابق حين أوضحنا أن طلب التغيير الملّح بادر به بعض شباب الحزب الحاكم نفسه في مرحلة مبكرة غداة موجة ثورة الربيع العربي الأولى، ولكن تبخّرت كل الوعود التي بذلتها قيادتهم للتغيير ولم ينفذ منها شيئاً، وبدلاً أن يواصلوا المهمة وطلب الإصلاح، آثروا الاستقالة من دورهم وركنوا إلى رهان السلطة التي أحالت “مشروع حضاري” موعود إلى “مشروع عضلاتي” مأزوم، ولزم قضية التغيير غيرهم من شابات وشباب من بني السودان أوسع أفقاً وأكثر استقامة وإلتزاماً بقضية وطنهم حتى فُتح لهم.
(3)
وقال رئيس الوزراء في منتدى الزميلة الغراء “السوداني” تعليقاً على الحراك الشبابي “لا ننظر لهذه الاحتجاجات من زاوية الكثرة أو القلة، ولكن هناك صوتاً يجب أن يسمع ويجب أن يحترم، رغم وجود مزيدات من جهات سياسية، فهناك مطالب مشروعة، وهناك مطالب يجب أن يعبر عنها رغم التفلتات، ولكن سيجدوا منا قلباً مفتوحاً وصدراً واسعاً”، وبالطبع لم يجدوا من ذلك إلا قتلاً استحر وسطهم، وعنفاً مفرطاً، وانتهاكاً غير مسبوق لحقوقهم الدستورية، بلا نصير تحت سمع وبصر أصحاب الشأن، إن لم تكن هي أوامرهم.
(4)
وأتت وزير التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم أمل البيلي ب”النجيضة” بلغة شباب اليوم، وهي تلفت إلى مسألة مفتاحية في قراءة واعية لما وراء ظاهر الحراك، أن ما تشهده البلاد من احتجاجات “ليست ثورة جياع، وأن معظم من شارك فيها ليسوا من الفقراء، بل من الميسورين ومتوسطي الحال”، وهناك تكمن آية هذا الحراك وتميّزه وعمقه كحراك اجتماعي أبعد آثراً من “تشاكس بائس حول مغانم السلطة”، إنها حقاً ثورة عقول واعية، لا بطون خاوية، تسعى من أجل التغيير إلى الأفضل، وقدموا كل هذه التضحيات عن سابق وعي وعزم من أجل وطنهم وليس من أجل ذواتهم.
(5)
حسناً، ولكن هل كان يلزم أن يقدم العشرات من الشباب أرواحهم، وقد فعلوها من قبل عدة مرات على مدى سنوات، ويُعتقل الآلاف، وأن تُنتهك الحرمات في رابعة النهار، ليفهم نظام لبث في ملك عضوض ثلاثة عقود، والله أعلم إن كان يفعل ذلك عن بداية عودة وعي حقيقي، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مناورة أخرى بائسة يلتقط بها الأنفاس، هل كان يجب عليه أن يزهق كل هذه الأرواح، وأن يُقدم على كل هذه الانتهاكات المفرطة التي لم تراع إلا ولا ذمة، ليفهم ما هو بديهي أن هذه ثورة جيل جديد يصعد، وليست بفعل من ينازعهم في سلطة يرتكبون كل هذه المخازي ليخلدوا عبثاً فيها، أليس مثيراً للسخرية أن ينتهي الأمر بنظام كان يُظن في نفسه أنه صاحب “مشروع حضاري” يثبت أنه لا يعدو أن يكون “مشروعاً عضلاتياً” بإمتياز لا أكثر، بلا عقل ولا قلب.
(6)
وفي ركام هذه الغيبوبة السياسية وسط الطبقة الحاكمة، برز صوت عقل ولعله التطور الأبرز في إعادة قراءة تحوّلات هذا الحراك الشبابي الملهم جاءت به المؤسسة العسكرية في إفادات لافتة، عكس تحولها خلال أسبوع واحد، بين تنويرين داخليين، مدى تأثير الحراك الشبابي في صناعة الأجندة الوطنية وإعادة تشكيلها لصالح التغيير، ليس بقوة عضلات عارضة يمتلكها جيل اليوم بل بعمق منطقه وقوة حجته وثبات جنانه واستقامة مطلبه وحجم تضحياته الجسورة، لا حاجة لأعيد هنا ما صرّح به قادة القوات المسلحة الأسبوع الماضي، فقد كان مبذولاً، صوتاً وصورة، كما أن ردود الفعل الشعبية عليه ليست بخافية على المؤسسة العسكرية، وهي تملك من أدوات الرصد والتحليل للرأي العام ما يجعلها مدركة تماماً لمدى التأثير الذي خلفته على صورتها العامة في أذهان مواطنيها.
(7)
من عدم الحصافة قراءة تصريحات قادة الجيش الجديدة وكأنها مجرد تراجع أو اعتذار عن موقف سابق، لأنها مضت أبعد من ذلك بكثير في طرح رؤية جريئة وخارطة طريق سوية يمكن أن تمثّل مشروعاً ناجعاً للخروج من المأزق الراهن إن أخذها الجميع بحقها مأخذ الجد، ولأنها في الحقيقة تعكس بالضرورة تفاعلاً أكثر عمقاً ووعياً بطبيعة الحراك الجيلي الراهن بتبعاته وتداعياته، وهو ماعبّرعن بوضوح وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض أبنعوف بقوله “إن الأحداث الأخيرة أظهرت الانفصام والفروق الواضحة بين الأجيال الشابة والكبار، حتى داخل الأسر”، وهو ما رأي أنه يستوجب “التواصل بين الأجيال ووضع المعالجات العادلة لمشاكل الشباب والوصول بهم للطموح المعقول”.
(8)
لم يكتف وزير الدفاع بتشخيص صحيح لواقع الحراك الجيلي واستحقاقاته، بل مضي ليفصح في رسالة واضحة المعالم، والتي تتطلّب إلتفاتة خاصة، بتلك الكلمات التي تضمنت ما يكشف عن خارطة طريق تقترحها المؤسسة العسكرية للخروج من المأزق الراهن، حيث أكد “أن الأحداث الأخيرة أظهرت ضرورة إعادة صياغة وتشكيل الكيانات الحزبية والسياسية والحركات المسلحة لإعادة التوازن للمشهد السياسي بذهنية تختلف عمّا سبق، للوصول إلى حالة تضمن تحقيق الاستقرار في جميع أنحاء الوطن، وحماية المكتسبات والأعراض وحقن الدماء”، وهي دعوة واضحة لا لبس فيها أن القوات المسلحة تدعو إلى إعادة صياغة الحياة السياسية في السودان في استجابة صريحة على خلفية الواقع الداعي إلى تغيير محتوم الذي فرضته ثورة الجيل الجديد.
(9)
صحيح أن غالب الرأي العام لمس بوضوح، مرحبا ومستحسناً لغة ومضمون خطاب المؤسسة العسكرية، الذي أسهم سريعاً في إعادة الاعتبار للمأمول شعبياً في دورها الوطني الأكبر خارج سياق الانحياز السياسي الحزبي، وهو ما عزّزته أيضاً إفادات رئيس الأركان المشتركة الفريق أول ركن كمال عبد المعروف، فقد أشار لأمرين مهمين حول دور القوات المسلحة، أولهما حماية الدستور “الذي يتيح لجميع السودانيين تنظيم كياناتهم الحزبية وممارسة العمل السياسي الراشد والمسؤول في دولة آمنة مستقرة”، والأمر الثاني المهم الذي أشار إليه “تمسّك القوات المسلحة بواجباتها وإيمانها بالتداول السلمي للسلطة”، وهي إشارات لا تخلو من تعضيد واضح لمتطلبات إعادة تأسيس النظام السياسي السوداني الجديد على هذه الأسس، الشرعية الدستور الحقيقية المطيبقة فعلاً، وضمان تداول السلطة سلمياً وفك احتكارها.
(10)
لكن الصحيح أيضاً أنه لا يبدو أن القوى السياسية كافة، سواء في السلطة أو المعارضة، ربما لم تلتقط بدرجة كافية وما تتطلبه التحديات الراهنة من تجاوب وجدية مع ما أعتقد أن يشكّل في تقديري “مبادرة وخارطة طريق” أطلقتها القوات المسلحة السودانية للخروج من المأزق الوطني الراهن، وسط حالة غيبوبة سياسية، واستقطاب حاد، يسهم في تجاوز عنق زجاج الأزمة إلى رحاب تسوية سياسية تاريخية، تجنّب البلاد الإنزلاق إلى ما لا يُحمد عقباه، وهو ما يتطلب أن تنهض القوى الحيّة في المجتمع السوداني إلى حوار حقيقي وجدي يتجاوز حيل حوارات الباب الدوار والحلقة المفرغة التي تعيد إنتاج الأزمات، مما عهده الناس في بضاعة الحزب الحاكم الكاسدة التي أهدرت الفوصة تلو الأخرى التى أسلمت البلاد إلى هذه الحالة المزرية من البؤس وانسداد الأفق.
(11)
وما يؤكد الطبيعة المتفردة والمميزة ل”مبادرة” المؤسسة العسكرية هذه أنها لا تنطلق من فرضية القبول بالوضع السياسي الراهن كأمر واقع، بكل علّاته المعلومة، بل تدعو لتغيير وإعادة تشكيل النظام السياسي برمته، وأعيّد هنا لتأكيد هذا المعني ما أوردناه آنفاً من نص حديث وزير الدفاع عن مغزى الحراك الراهن الذي يستدعي “ضرورة إعادة صياغة وتشكيل الكيانات الحزبية والسياسية والحركات المسلحة لإعادة التوازن للمشهد السياسي بذهنية تختلف عمّا سبق، للوصول إلى حالة تضمن تحقيق الاستقرار في جميع أنحاء الوطن، وحماية المكتسبات والأعراض وحقن الدماء” وهو يعني بوضوح العمل على تحقيق تحوّلات سياسية خارج صندوق الأزمة الراهن الذي حبست فيه الطبقة الحاكمة الوطن المواطنين بإصرارها على التمسّك بقواعد لعبتها الحالية التي تؤمن لها احتكار السلطة والثروة دون غيرها مما أورث البلاد انعدام التوازن الراهن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بكل سواءته التي بدت عارية أمام قوة تأثير ودفع الحراك الشبابي.
(12)
كما أن حديث رئيس الأركان المشتركة عن دور القوات المسلحة في “حماية الدستور”، وإيمانها ب”التداول السلمي للسلطة” يفتح باباً واسعاً للنقاش الجاد حول مدى تحقق مبدأ الشرعية الدستورية فعلاً في ظل المعادلة السياسية الراهنة، فلا يعقل أن يُجيّر حزب واحد كل مقدرّات البلد ويحتكرها على مدى ثلاثين عاماً لمصلحة طبقته الحاكمة ولضمان خلودها في السلطة، ثم يبرّر ذلك بحسبانها استحقاقات دستورية، لا أحد لا يدرك ان الممارسة السياسية الاحتكارية الراهنة لا تمت للدستور بصلة، فالوثيقة التي لا يحتكم إليها الحاكم والمحكوم معاً، والتي لا تسرى أحكامها القاطعة على الجميع لا يمكن بأي حال أن تسمى دستوراً.
(13)
وعندما تتغوّل السلطة التنفيذية، وهي ليست سوى طرف واحدد من أضلاع مؤسسات الدولة، على صلاحيات جميع مؤسسات الدولة تصبح في وضع لا يجعل للدستور معني في غياب تام للفصل والاستقلال بين السلطات، فالدستور ليس مفصلاً على مقاس السلطة التنفيذية تحتكر باسمه كل شئ، فهي لا تحتكم إليه ولا تخضع لاستحقاقاته، ونظرة واحدة على إهدار السلطة التنفيذية المستمر لاستحقاقات وثيقة الحقوق المنصوص عليها في الدستور تفضح عدم الالتزام بالشرعية الدستورية، وعدم احترامه، فهي تؤمن ببعض الدستور فيما يوافق هواها، وتنكر بعض الدستور الذي يقيّد أجندتها، فتعمد إلى تغيير نصوصه ليخدمها، وهو ما وصفة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في حديثه الشهير لقادة الاتحاد الأفريقي بغرابة سلوك تغيير قواعد اللعب في منتصف المباراة.
(14)
حسناً قد لا تكون قيادة المؤسسة العسكرية أطلقت على رؤيتها هذه “مبادرة أو خارطة طريق” تحديداً، وهذا على أي حال ليس مطلوباً منها بحكم وضعيتها، لكن يحمد لها أنها أقدمت على تقديم الأطروحة السياسية الأكثر وعياً وفاعلية بطرح مقترحات بالغة الأهمية وذات جدوى إذا أخذت بحقها من قبل الطبقة السياسية ستشكّل بلا شك مخرجاً من المأزق الراهن، وهو ما ظلّت الساحة السياسية السودانية تفتقر إليه بشدة منذ بدء هذا الحراك الشبابي الملهم قبل نحو شهرين، في وقت عجزت فيه الطبقة الحاكمة عن تقديم أية رؤية أو مبادرة سياسية غير الانتظار والفرجة على التضحيات الغالية التي قدمها الشباب السوداني من الجنسين من أرواحهم ومن دمائهم ومن حرياتهم دون أن يكسر ذلك من عزيمتهم شيئاً، لقد دفعوا ثمناً غالياً حتى يقنعوا “من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد” في هذه البلد بعدالة قضيتهم، وبعد نظرهم، وكانت من آيات وعي هذا الحراك الشبابي أنه نظر للقوات المسلحة ذات مرجعية وطنية في الحفاظ على المصالح الوطنية الحقة ترتفع بها فوق التصنيف الحزبي الضيق لها مما راج في جدل الصراع السياسي، وتطلع لدور تسهم به في تحقيق مطلب التغيير بأبعد من رجاء سطحي ينشد انقلابا آخر أو تبديلا للوجوه.
(15)
وتبقى المهمة الأكبر تقع على عاتق كل العقلاء في هذه البلاد، التي لم ولن تعقر أبداً، وفي ظل عدد كبير من المبادرات المتحركة الساعية إلى إنقاذ البلاد، أن تضع في صميم اعتبارها جميعاً هذه المبادرة وخارطة الطريق المطروحة من القوات المسلحة السودانية وأن تسارع إلى تبنيها، وأن تتوحد حولها، وأن تنظر في السبل الكفيلة بتفعيلها وتحويلها في أسرع وقت ممكن إلى واقع متحقق يجنب البلاد المزيد من الدماء والإنزلاق التي الفوضى التي لن يتسبب فيها إلا أولئك الذين يصرون على التخندق داخل صندوق الأنفس الشح.
عن صحيفة إيلاف 6 فبراير 2019
I do agree with some points in this article.
الاسراف في الوعود بلا رؤية، صحيح، معتز صدمة يوعد ب 160 الف وظيفة للشباب في الوقت اللي الحكومة ماعندها سيولة تكفي حتي مرتبات الشغالين اصلا
بالنسبة لتصريحات وزير الدفاع ورئيس الأركان، يا خي انت عايز تقوِّلهم عكس ما قالوا ولا شنو ؟ الناس ديل قالوا عديل سيحموا قيادتهم في الحزب الحاكم والذي رئيسه هو قائدهم الأعلى. ولا يحتاج الأمر لمفهومية فهم مؤتمر لاوطني أي جيش الحزب الحاكم وليسوا جيش البلاد (طبعاً أنا اتكلم عن قادته فقط )، وكان علي كاتب المقال أن يبين خطل هذه التصريحات ويفهمهم أن الجيش هو جيش الشعب كما سماه أبوعاج بقوات الشعب المسلحة وإن أراد به حماية نظامه كذلك لأنه يعتقد أنه ابن الشعب وجاء من أجله ضد الأحزاب الطائفية. كان يمكنك أن تسهم في تثبيت فكرة ووضع الجيش دستورياً وهو وجوب عدم انتمائه الحزبي كمؤسسة دستورية لحماية الدستور الذي يأتي به الشعب يحدد فيه طريقة حكم نفسه حكماً مدنياً وأن دور الجيش ينحصر في حماية الحدود والشعب من الخطر الخارجي وخماية المواطن في الظروف الاستثنائية التي تعجز فيها قوات الشرطة من حمايتهم ضد أي خطر كان سواء من الجهاز التنفيي أو أي كيانات أو مجموعات مسلحة وهذ بالطبع لايمكن أن تكون دستورية مطلقاً وإن نص الدستور الذي صاغه الحزب الحاكم وهذا في حد ذاته ضد مباديء أي دستور أن يعدل الدستور حزب واحد بأغلبيته الميكانيكية ولو جاء بأغلبية ديمقراطية لا غبار عليها لأن تعديل الدستور، أي دستور، يجب أن يكون باستفتاء الشعب ومراقبة الجيش لأنه هو الذي يحميه بالقوة، والقضاء بالقانون، وليس الدستور لعبة في يد الأغلبية، أي أغلبية إلا ألبية الشعب بأكمله عن طريق الاستفتاء حتى يصير لعبة في أيدي الأحزاب الحاكمة. ففي حماية الدستور منذ طريقة إنشائه والعمل به وتعديله كلها أمور لا يطلع بها إلا الشعب بكامله على نحوٍ مباشر لا نيابة ولاتمثيل فيه عن الشعب وهذا هو الدستور الذي يفترض أن يحميه الجيش وتقاعسه عن ذلك هو الذي يحفز ظاهرة الانقلابات العسكرية التي يظن الانقلابيون من الجيش أن الحكومات الحزبية قد خرقت الدستور ويعتبر إنقلابهم مشروعاً لهذا الغرض، وهو انقلاب ليس على الدستور وإنما لإبطال ما حاول حزب الأغلبية إدخاله في الدستور ما ليس فيه أو تعطيل بعض أحكامه بأغلبيتهم كتجاهل حكم المحكمة الدستورية وعدم تنفيه وهنا يتم تدخل الجيش لإسقاط الحكومة وتشكيل أخرى وفق ذات الدستور ولا يعتبر الإنقلاب إنقلاباً عسكرياً إلا إذا عطل الدستور ذاته وهو دستور الشعب لا يجوز لكائن من كان تعطيله وأنتم ترون ذلك في أمريكا وكل الديمقراطيات العتيدة وهي تملك أعظم وأخطر الجيوش ولا أحد يفكر في انقلاب عسري بل مجرد التفير في ذل يعتبر ضرباً من الجنون والمرض كفيل بإدخال صاحبه مصحة المعاتيه. عليه فأي إنقلاب يأتي في المستقبل بإعلان تعطيل الدستور فهو إنقلاب عسكري لمعتوهين يجب الوقوف ضدهم من أول وهلة وبدون أي تفكير فهؤلاء لا يحترمون الشعب ولن يحترموه إذا بدأوا بتمزيق دستور الشعب فعلى من ينقلبون غير الشعب ذاته كما فعل الأنجاس دون مبرر مما ذكرنا من مبررات مشروطة بعدم تعطيل الدستور القائم بأكمله وإنما فقط تلك الأحكام المدخلة عليه بغير استفتاء الشعب أو تجاهل حكم المحكمة الدستورية بشأنها.
تصحيح ومعذرة فعندي مشكلة في حرف الكاف في الكيبورد
بالنسبة لتصريحات وزير الدفاع ورئيس الأركان، يا خي انت عايز تقوِّلهم عكس ما قالوا ولا شنو ؟ الناس ديل قالوا عديل سيحموا قيادتهم في الحزب الحاكم والذي رئيسه هو قائدهم الأعلى. ولا يحتاج الأمر لمفهومية فَهم مؤتمر لاوطني أي جيش الحزب الحاكم وليسوا جيش البلاد (طبعاً أنا اتكلم فقط عن هؤلاء القادة)، وكان علي كاتب المقال أن يبين خطل هذه التصريحات ويفهمهم أن الجيش هو جيش الشعب كما سماه أبوعاج بقوات الشعب المسلحة، وإن أراد به حماية نظامه كذلك لأنه يعتقد أنه ابن الشعب وجاء من أجله ضد الأحزاب الطائفية. كان يمكنك أن تسهم في تثبيت فكرة ووضع الجيش دستورياً وهو وجوب عدم انتمائه الحزبي كمؤسسة دستورية لحماية الدستور الذي يأتي به الشعب يحدد فيه طريقة حكم نفسه حكماً مدنياً وأن دور الجيش ينحصر في حماية الحدود والشعب من الخطر الخارجي وحماية المواطن في الظروف الاستثنائية التي تعجز فيها قوات الشرطة الشرعية من حمايتهم ضد أي خطر كان سواء من الجهاز التنفيذي أو أي كيانات أو مجموعات مسلحة تنشئها أي جهة وهي بالطبع لايمكن أن تكون دستورية مطلقاً وإن نص الدستور الذي صاغه الحزب الحاكم وحده على تشكيلها وهو في حد ذاته عمل ضد مباديء أي دستور أن يعدله حزب واحد بأغلبيته الميكانيكية ولو جاء بأغلبية ديمقراطية لا غبار عليها لأن تعديل الدستور، أي دستور، يجب أن يكون باستفتاء الشعب ومراقبة الجيش لأنه هو الذي يحميه بالقوة، هو والقضاء بالقانون، وليس الدستور لعبة في يد الأغلبية، أي أغلبية إلا أغلبية الشعب بكامله عن طريق الاستفتاء، حتى يصير لعبة في أيدي الأحزاب الحاكمة. فحماية الدستور منذ إنشائه والعمل به وتعديله كلها أمور لا يطلع بها إلا الشعب بكامله على نحوٍ مباشر لا نيابة ولاتمثيل فيه عن الفرد، وهذا هو الدستور الذي يفترض أن يحميه الجيش وتقاعسه عن ذلك هو الذي يحفز ظاهرة الانقلابات العسكرية التي يظن الانقلابيون من الجيش أن الحكومات الحزبية قد خرقت الدستور، ويعتبر إنقلابهم مشروعاً لهذا الغرض، فهو انقلاب ليس على الدستور وإنما لإبطال ما حاول حزب الأغلبية إدخاله في الدستور مما ليس فيه أو تعطيل بعض أحكامه بأغلبيتهم كتجاهل حكم المحكمة الدستورية وعدم تنفيذه وهنا يتم تدخل الجيش لإسقاط الحكومة وتشكيل أخرى وفقاً لذات الدستور ولا يعتبر الإنقلاب إنقلاباً عسكرياً إلا إذا عطل الدستور ذاته وهو دستور الشعب لا يجوز لكائن من كان تعطيله وأنتم ترون ذلك في أمريكا وكل الديمقراطيات العتيدة وهي تملك أعظم وأخطر الجيوش ولا أحد يفكر في انقلاب عسكري بل مجرد التفكير في ذلك يعتبر ضرباً من الجنون والمرض كفيل بإدخال صاحبه مصحة المعاتيه. عليه فأي إنقلاب يأتي في المستقبل بإعلان تعطيل الدستور فهو إنقلاب عسكري لمعتوهين يجب الوقوف ضده من أول وهلة وبدون أي تفكير فهؤلاء لا يحترمون الشعب ولن يحترموه إذا بدأوا بتمزيق دستور الشعب. فعلى من ينقلبون غير الشعب ذاته كما فعل الأنجاس دون مبرر مما ذكرنا من مبررات مشروطة بعدم تعطيل الدستور القائم بأكمله وإنما فقط تلك الأحكام المدخلة عليه بغير استفتاء الشعب أو تجاهل حكم المحكمة الدستورية بشأنها.
حديث الأستاذ خالد التيجاني حديث غرب، فهو يلوي فيه عنق الحقائق ويقًوًل السيد رئيس هيئة الأركان ما لم يقله، حيث أن ما قال به رئيس هيئة الأركان باختصار شديد ومفيد أنه مع الدفاع المستميت للمؤسسة الحاكمة اليوم ومع الدفاع عن قيادتها وهو البشير وأركان حزبه، وقد أساء رئيس هيئة الأركان لكل الفعاليات السياسية التي تنشط من أجل تغيير جذري يساهم في انتشال البلاد من الوهدة والضياع اللتان وضع نظام الانقاذ البلاد فيهما، وقد لفظها رئيس هيئة الأركان وسماها بشذاذ الآفاذ حتى!، فعن أي قوى سياسية يريد الأستاذ خالد إقناعنا بأن المؤسسة العسكرية تقدمت لها بمشروع لخارطة طريق؟ أي طريق هذا إن لم يكن نفس الطريق الذي سيعيد إنتاج الأزمة؟.
ومن جانب آخر يقول الأستاذ خالد:ـ
“ضرورة إعادة صياغة وتشكيل الكيانات الحزبية والسياسية والحركات المسلحة لإعادة التوازن للمشهد السياسي بذهنية تختلف عمّا سبق، للوصول إلى حالة تضمن تحقيق الاستقرار في جميع أنحاء الوطن، وحماية المكتسبات والأعراض وحقن الدماء” ، عجيب جداً حديثه هذا! ،، فقد ترك أمر ضرورة إعادة صياغة حزب المؤتمر الوطني القابض على السلطة والعباد والبلاد لأن ما نشهده اليوم في الشارع السياسي هو نتاج طبيعي لسياساته الخاطئة، ترك أمر الدعوة بإصلاحات داخل الحزب القائد والفارض نفسه على أمر البلاد، وطفق ينادي بإغادة ” صياغة وتشكيل الكيانات الحزبية والسياسية والحركات المسلحة” ،، ما دخل الكيانات الحزبية والسياسية والحركات المسلحة” في أمر الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها البلاد، حتى تعاد صياغتها، دون الحديث أو المساس ببنية حزب الجبهة الاسلامية والحركة الاسلامية الحاكم، وهو أس البلاء؟! ،، دائماً نقول أن الذين يهربون إلى الأمام تراهم يرددون شطر البيت الشعري الذي تلاه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش:ـ (يدعو لأندلس إن حوصرت حلب)!.
على المجرم عمر حسن تسليم السلطة للشعب بدون لف ودوران
تسقط بس
حديثي وزير الدفاع و هيئة الأركان المراد به باطل ، فما قالاه يناهضه الواقع الملموس ؛ إذا هما يريدان أن تشارك الأحزاب في الانتخابات القادمة وفق الآلية المرسومة سلفاً من قبل الحزب الحاكم لاسباغ شرعية غير مستحقة عليه ؛ العلة ليست في الدستور بل في الحزب الحاكم و في رئيسها المأفون عمر البشير ، فوقوفهما و مساندتهما له وهو بهذه العلل المعيبة لهو العار بعينه ، فكان حريّ بهما أن يقولا خيراً أو يصمتا