مقالات وآراء سياسية

ثوار السودان سيقتحمون قصر البرهان ..!!

إسماعيل عبدالله

 

بكل تأكيد ارتعب البرهان وزمرته من مشهد اقتحام ثوار سريلانكا لقصر الحكم واستيلائهم عليه، وافتراشهم للأرائك والأسرة الفخمة الوثيرة التي كانت حكراً على رئيسهم الفاسد وبطانته المفسدة، إنّها إرادة الشعوب التي لا تُقهر والمحطة الأخيرة لصيرورة أي حكم باطش ظالم، وفي الأثر قيل أن العاقل من اتعظ بغيره، وأن السعيد من يرى علامات ساعة انتصار الخير على الشر في غيره، والحكيم هو الذي يتدارك بؤس مآل حاله قبل فوات الأوان، ومن الرسائل الربّانية التي يرسلها الإله لمن يخاف وعيد، هي أنه ليس بالضرورة أن يلقمك أحدهم لقيمات الحكمة بملاعقك المبذولة على طاولة عشائك، فرب طعام آخر مسموم قد التهمه جارك وأودى بحياته وأنت تظن أن نفسك بعيدةً عن ذلك السم الزعاف، حتى يُخبرك النادل والخادم المطيع المقرّب إليك ويقول لك يا مولاي إن الطعام الذي أدخلته في معدتك ملوّث بذات المادة التي أهلكت جارك ليلة البارحة، هكذا هي حالات التسمم التي غالباً ما يقع في فخها الشخص المعافى الذي يحسب أن  جسده من حديد وروحه من نار، فحتى مجيء اللحظات الأخيرة لاقتحام ثوار كولمبو لقصر الحكم الطاغوتي في بلادهم، كان العالم يتحدث عن الحرب الروسية الأوكرانية، وكانت قنوات التلفزة الإقليمية والعالمية تبث صراعات ديمقراطية ويست منستر واستقالة رئيس وزراء حكومة المملكة المتحدة بوريس جونسون، هكذا دائماً تجيء الأحداث العظيمة دون إنذار مسبق ولا تحذير مرفق بتقارير مكاتب المخابرات.

هنالك حملات شعواء تخوضها الجيوش الالكترونية التابعة للنظام البائد ضد الثوار، هذه الحملات غير الموضوعية ليست مؤسسة على النقد المنطقي البناء أو الجدل السياسي المستساق، وكلها منصبة ضد اختيارات هذا الجيل الجديد لمظهره الخارجي وطريقته في تصفيف شعره، وهذه لعمري أكبر دلالة على فشل المدافعين عن المشروع القديم الذي أفقر أغنى البلاد الأفريقية والعربية، وما يضع النقاط على الحروف ويطمئن هذه الألوف الغاضبة هو ثبات الجيل (الراكب راس) وتسفيهه لانصرافية أنصار المشروع القديم، وما أسهم في إدخال الرعب في نفوس الجنرالات هو عدم اهتمام هؤلاء الشباب للموت، وجاهزيتهم لخوض غماره، لذلك لجأ اليائسون ممن ولغوا في إناء الفساد المالي والإداري لمنظومة حكم المشروع القديم، إلى حيل لا تسمن ولا تغني من جوع، من شاكلة وصم شباب الثورة بالانحلال والتفسخ الاجتماعي، متناسين أن كبار شيوخهم المتاجرين بالدين قد ضُبطوا في منتصف نهار الشهر الفضيل يمارسون الرذيلة، وأن أشهر جريمة خدشت الحياء العام بثت على أثير تسجيل فيديو من داخل دهاليز أحد البنوك (الإسلاموية)، وكانت لمحسوبين من محاسيب المشروع القديم، فليطمئن الثائرون وليمضوا في طريقهم المحفوف بمخاطر النصر المؤزر، وأن لا يلقوا بالاً لأولئك العُلوج الناعقين بفاحش القول ومبتذله، وليعلموا أن مباديء ثورتهم لا تولي اهتماماً للمظاهر الخادعة ولا تعير بالاً للّحى الزائفة.

سيناريو اقتحام قصر الحكم الكائن في العاصمة السيريلانكية كولمبو، سوف يتكرر بالعاصمة السودانية الخرطوم، وسيندم البرهان ورهطه في الوقت الذي لا ينفع فيه الندم، ولو كان للبرهان ذرة من احساس أمني واعتداد شخصي لاعتبر من الظاهرة الجديدة المتمثلة في خروج جميع سكان مدن السودان في الثلاثين من يونيو الماضي، وانخراطهم في المسيرات المليونية التي جابت الطرقات وغطّت الساحات والميادين، فمثل هذه السيول الجارفة والهتافات الهادرة لن يعصمها عن القصر يا عزيزي برهان أي عاصم، ولن يفرّقها ويشتت شملها بمبان ولا رعديد جبان، فكما يتهيّب السكان الأصليون لضفاف النيل العظيم ما ظلوا يطلقون عليه (سيل الوادي المنحدر)، عليك أن تعتمد على هذه المرجعية النيلية  في مثل هذه الأحوال التي لا تجد فيها فرصة للتشاور والتباحث مع مزارعي النخيل والقمح في جروف النيل، إذهب إليهم واستشرهم فيما أنت عازم على فعله، فإنّ الحكمة هي ضالتهم وليست ضالة من تمسحوا بجدران القصر، ودونك نائبك الأول الذي عندما ادلهمت حوله الخطوب اتجه غرباً، ففي ساعات وأوقات الأحداث العظام يلجأ الناس إلى المنبع وليس إلى المصب، لقد فعلها من قبل قرنق وعثمان دقنة والمك نمر وعلي دينار وتورشين وبولاد، إنّ الخرطوم عصيّة على (الغرباء)، إنّها هكذا منذ أن تم تأسيسها بيد الترك من أجل جلب المال والرجال والتنقيب عن الذهب.

 

 

[email protected]

‫10 تعليقات

  1. نعم سكان الضواحي في العاصمة كان لهم القدح المعلى في زيادة الاعدادا الهائلة في سيرلانكا وبالمناسبة لديهم حكم مدني وديمقراطية وبرلمان واحزاب حاكمة ومعارضة ودستور ما زال يعمل فلا تفرحوا كثيرا لأن الطغاة ليسوا عساكر فقط ، البلهاء فقط من يهللون لما حصل في سيرلانكا اذا قارنوه بما يحصل عندنا لأن هذا المشهد في سيلانكا كان يجب ان يحدث عندنا في زمن عمر البشير وليس الآن حيث انسحب الجيش من الحياة السياسية وترك الكرة في ملعب المدنيين عليهم اليوم ان يتفقوا ويدخلوا القصر فورا لممارسة الحكم واذا فسدوا فسيتككر المشهد تبع سيرلانكا عندنا

  2. أحسنت أيها الكاتب الفذ …نعم مارسوا الزنا لكن يا أخي أعضاء هذا التنظيم صم بكم لا يرون “لشيوخهم ” أي عيب ويعتقدون أن اللحي ومظهر التدين الخارجية القشرية هي كل الدين …هذا هو الفهم السلفي للدين اختصاره في مجرد المظهر ..

    1. انسحاب الجيش من المشهد السياسي هو عباره عن ذر الرماد في العيون… هذا الخطاب يعمل على تكريس السلطه السياسيه في يد الجيش والكيزان… البرهان كان ظهير للكيزان.. لا ولن يتنحى البرهان ويترك الشو السياسي ابدا..

  3. الكاتب يضرب لنا مثلا بسريلانكا وينسى اننا فعلناها في أكتوبر وابريل وديسمبر لكن مالفايدة كلما نزيح صنما واحدا تأتينا اصنام عديدة حتى بلغ بنا اليأس أن نقول دعوها فهي ماموره.

  4. يا أستاذ “إسماعيل عبد الله”،

    لم أقرأ مقالاً يشفى الغليل مثل مقالك هذا منذ زمن بعيد، شكراً لك.

    و أثلج صدرى أنك وجهت إنتقاداً مستحقاً و متأخراً للمجرم زعيم الجنجويد و بالضرورة عصابته الجنجويدية، فلهذه العصابة و ملحقاتها من متمردى دارفور المسلحين القدح المعلى فى ما وصلنا له من بؤس لأنهم ببساطة لصوص و قطاع طرق بدائيون و حاقدون.

    مرحباً بك فى صفوف الثوار الأوفياء لأوطانهم.

  5. إلى الكَوْزَيْن “أسامة الحكيم” و “Mohd”،

    يبدو أن الإحتجاج على تسلط الفاسدين (تُقرأ ‘كيزان’) فى بلادنا قد تحول لظاهرة بخروج أهل سريلانكا الصغيرة و إقتحام قصر كولومبو، و من ثَمّ أصبح وباءً عابراً للقارات بخروج أهل الأرجنتين الشقيقة و إقتحام قصر بيونس إيرس. اللهم أنعم، و نطمع فى المزيد.

    الوباء ينتشر بسرعة مخيفة إذ ما لبثت الإكوادور البعيدة أن لحقت بسابقتيها عندما ثار أهلها و إقتحموا قصر كيوتو على خط الإستواء.

    و قبل أن نلتقط أنفاسنا من الهوْل أتانا خبر ثورة أهل الجارة يوغندا و تتريسهم للطرقات على نمط أبنائنا الأشاوس، و لن يمر وقت طويل قبل أن يقتحموا قصر كمبالا، و الحبل على الجرّار يا كيزان.

    فانتظروا معنا يا كيزان ليوم ذى بأس شديد عليكم و على من والاكم من جنجويد و أوباشٍ متمردين من دارفور المنكوبة.

  6. هدى الله اهل السودان لما يحبه ويرضاه ، قال حاتم الطائي: (أماوية إنَّ المَالَ غَادٍ ورايحُ ولا يبقى غير الأحاديث والذكر). وكذلك السُلطة زائلة لا محالة قال الله تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزِعُ المُلكَ مِمَن تشاءَ وتُعِزُ من تشاء وتُذِلُ مَن تشاء بيدِكَ الخير إنكَ عَلى كُلِ شئٍ قدير).

  7. ما مهم تكون كوز أو عسكري أو قحتاوي او تجمع مهنيين أو لجان مقاومة أو ثائر المهم تكون وطني غيور تعمل لصالح البلد ورفعة اهله وتكون صاحب ضمير ومبادئ واخلاق لتنفع البلاد والعباد بعون الله

  8. هههههههههه….حلم الجعان عيش!!!!؟
    فارجوك واصل في احلامك فلن يطالبك احدبدفع رسوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..