جبريل ابراهيم في نيويورك ومسلسل لن اعيش في جلباب ابي..

بشرى أحمد علي

وانا طفل صغير انتبهت لشئ في غاية الغرابة، فقد كان لنا كلب كبير، وأثناء ذهابنا للسوق كان هذا الكلب يقسط بوله بين اعمدة الانارة، وقد استغربت لذلك أشد الاستغراب حيث أن الوضع الطبيعي ان يفرغ مثانته مرة واحدة ولا داعي لهذا العذاب والوقوف المتكرر..

في اليوم الثاني لاحظت ان كلب (الجيران) يتجنب التبول في الاعمدة التي ترك عليها كلبنا علامات ماثلة وواضحة..
وبعد مدة من الزمن ومن خلال متابعتي لقناة ديسكفري علمت ان الكلاب تحدد مناطق نفوذها عن طريق هذا التبول، ومن هذه النقاط تعرف طريق العودة ، وكانت بقية الكلاب تحترم هذا التقليد ولا تعتدي عليه ..

ولكن هذا الحكم لا ينطبق على الإنسان، وفي الليلة التي صوّت فيها النواب الامريكيون على إدانة الانقلاب العسكري في السودان صعد وزير مالية الانقلاب علي منصة الأمم المتحدة وبدأ يتحدث عن الفقر والعدالة وحاجة السودان للمساعدات المالية، وهو نفس الرجل الذي رفس المساعدات وزعم ان الاجوبة كلها في السماء عندما شارك في الانقلاب ..

وبسبب الاحتراب بين البرهان وحميدتي لم تجد هذه الزيارة حظها في الإعلام الرسمي وقد اهملها الدجاج الإلكتروني المنقسم في صراع الفيلة بين البرهان وحميدتي، لكن جبريل ابراهيم لا زال يعيش عقدة مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوءة ، فهو يجري وراء سراب الطموح الشخصي ويريد ان يصبح رجلاً في قامة الدكتور حمدوك..

لذلك فإن خيال المآتة الذي رأيناه في نيويورك ليس هو جبريل ابراهيم القائد الإخواني وقائد المليشية القبلية التي جُلبت على الغدر والخيانة، بل هو ممثل يقلد الدكتور حمدوك في مشيته، وهو صورة طبق الأصل من المثل الذي أشرت اليه ولكنه يتحدى حدود غيره ولا يعترف بالماركات ليعرف طريق العودة.