
محمد حسن شوربجي
نعم مشكلة بلادنا هي اقتصادية في المقام الاول … وما يؤججها ويعرضها للتدهور هو بعدها عن ألاخلاق وفقدانها للقيم الاصيلة في كل اركانها … فلو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما سرقنا او اختلسنا أموالا عامة بالمليارات … ولو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما تعمدنا الغش في اسواقنا ومشاريعنا … ولو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما زورنا الانتخابات … ولو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما عملنا في التهريب … ولو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما سرقنا الاراضي … ولو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما أصبح المال كله والقرار بأيدي أقلية منذ الاستقلال … ولو كنا حكمنا الأخلاقُ والقيم في كل مناحي حياتنا لما انعكس ذلك على المجتمع … فلقد اصبح النّهب والسلب أمران خطيران في هذا البلاد وعلى كافة المستويات … واصبحت مشاكلنا بالفعل أخلاقية في المقام الاول … ويبدو أن مسؤولينا هم من يصنعون هذه الازمة الخطيرة … ولعل آخرها ما كان من تصريح من البرهان في مسقط رأسه … وتلكم العنصرية البغيضة التي تحدث بها وهو في هذا المنصب … فالعنصرية سوء اخلاق لو تعلمون … وكثيرا ما يطالب العقلاء باستقامة الاخلاق حتي تستقيم كل الحياة … وكثيرا ما يحذرونا من السير خلف سراب المنافع الشخصية والحزبية والايدلوجية … ولكن للاسف لا احد يسمع نصح الناصحين … فشوكة المفسدين هي اقوي بكثير … وقد حولوا السودان لاكبر دولة مفسدة في العالم حسب تصنيفات الشفافية الدولية … فالفساد وسوء الاخلاق هما أساس كل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وليست قلة المداخيل وشحّ الثروات. فالعالم كله اليوم يربط بالفعل المشكلة الاقتصادية بالقيم والأخلاق … فأهم صفةٍ يجب أن يتحلى بها المسؤول هي الصدق والأمانة والاخلاق … لهذا قدم سيدنا يوسف عليه السلام الأمانة على العلم (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)… فللآسف الشديد فأن آخر ما يفكر فيه بعض الحكام وبعض المحكومين وبعض الاحزاب وبعض المتحزبين هي الأخلاق … وحقا لابد ان يحذر الناس صولة الجائع إذا شبع … فالكيزان قد جاءوا الي الحكم جوعي فشبعوا … وكما قال قائل (ديل كلهم جونا الخرطوم بشنط حديد) وهذا جعلهم يفقدون بوصلة الأخلاق والقيم الجميلة … ففسد الاقتصاد وتدهورت البلاد … لذا لابد من أخلقة حياتنا كلها حتي ينصلح حالنا واقتصادنا وسياستنا … وتنصلح بعدها كل امور حياتنا … إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا … صلاح أمرك للأخلاق مرجعه … فقوم النفس بالأخلاق تستقم …
