مقالات وآراء سياسية

الانقلاب عاد بنا الى القبلية والهمجية …

ياسر عبدالكريم

 

في العصور البدائية عاشت الانسانية مرحلة المسؤولية الجماعية اذا إرتكب شخص من قبيلة جريمة كان العقاب يحل بكامل افراد القبيلة حتى الأطفال منهم ثم تطورت الانسانية واقيمت دولة القانون واستبدلت المسئولية الفردية بالجماعية فصار كل شخص مسئولا فقط عن أفعاله وليس أفعال سواه حتى لو اشترك معاه في الدين او الجنسية او الحزب لكن مازال هناك مجموعة من الغوغائين لم يتخلوا عن الهمجية برغم أخذنا بمظاهر الحضارة لازلنا بعيدين عن جوهرها إننا نستعمل أحدث المخترعات الغربية ونستخدم الهواتف المحمولة ونسكن في العمارات لكن كثيرا ما نتصرف وفقا للثقافة القديمة كأننا لازلنا نعيش في زمن داحس والغبراء منذ قرون .

 

وهذا السلوك الهمجي للاسف تعتمده بعض مدارس الفقه القديمة وتبنته القاعدة وداعش التي بائعها الجزولي ودعمها (عبحي) وهذا الاسلوب لا يشجع علي الارهاب فقط وانما على العنصرية .. فالذي حدث في حرب الجنوب أُحرقت القرى وتم قتل الابرياء بأبشع صور القتل وهم لا يدرون عن الذي يجري كل ذنبهم انهم جنوبين . وكذلك في دارفور وماقامت به حكومة الجبهة الاسلامية من قتل وحرق للقرى الآمنة لا لشئ إلا لانهم ينتمون لقبيلة او جنسية معينة ينتمي اليها القائد فلان .

 

ما يحدث الان في النيل الازرق دليل على عودة الهمجية التي رسموا لها واصبحت مشروعا في همجية الدولة واتمنى من الله ان لا تمتد الى مناطق السودان المختلفة وتحذو بعض القوميات حذوها وأن يقطع دابرها في مهدها لانها ستحرق الاخضر واليابس .. تقوم قبيلة بتجريم قبيلة اخرى لسبب شخصي من قائدها قد يكون مدفوع الاجر او لسبب تمييز اثني وتقوم القبيلة الاخرى بحرق منازل القبيلة الاخرى وقتل وضرب افراد القبيلة باعتبارهم جميعا أشرارا وحاقدين على القبيلة ومسئولين عن الجرائم التى يقوم بها افراد معينين من القبيلة الاخرى نتيجة تصرف احد افرادها فقط .

 

فكرة المسئولية الجماعية ليست منتشرة فقط بين الشعب والقبائل وإنما تشكل أساسا لتفكير نظام الاستبداد الانقلابي .. تم اتهام الثوار بأنهم متعاطين لمجرد أن فرد لفقت له هذه الجريمة او حتى لو كانت حقيقية فما ذنب البقية وقد أدى هذا الخطاب الهمجي إلى تكرار الاعتداءات اللفظية والبدنية على جميع المعارضين والثوار . ويغضون الطرف حتى عن حفظة القران والمؤذنيين المشاركين .

 

وحتى بعد الثورة لا أبرئ حكومة قوى الحرية والتغيير من ممارسة المسؤولية الجماعية فبعد الإطاحة بنظام الانقاذ أصبح كل من ينادي بمحاكمة المسؤولين وعدم ايداعهم في السجون بدون محاكمة او مدافع عن حقوقهم الانسانية يتم شتمك باقذع الالفاظ وتعتبر مسئولا (مسئولية جماعية) عن عمليات التدمير والانتهاكات التي حدثت في بيوت الاشباح او مسؤولا عن السرقة التي حدثت في عهد الانقاذ ويؤدى إلى وضعك في القائمة السوداء او فصلك عن عملك حتى لو لم ترتكب أى جريمة.

 

لا يمكن ان نكون متطورين ومتحضرين كسودانيين مالم نتخلى عن المسئولية الجماعية ونتبنى المسئولية الفردية اي فرد مسئول عن تصرفاته وسلوكه وحده لا سواه من قبيلته او منطقته او حزبه حتى اسرته وقال تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ) 
 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..