أخبار السودان
واشنطن.. هل تفلح التسوية في الجمع بين القوى السياسية؟

تقرير: هبة عبيد
منعطفات وتعرجات سياسية متعددة مرت بها عملية التفاوض بين القوى المدنية والمكون العسكري بغية الوصول إلى حكم انتقالي عقب نجاح ثورة ديسمبر في اسقاط نظام البشير، ولكن تحديات وعقبات واجهت استمرار الحكومة الانتقالية، وأخيراً جعل خطاب البرهان الخاص باستعداد الجيش لتسليم السلطة للمدنيين الاغلبية في حالة تفاؤل بأن التحول الديمقراطي اصبح وشيكاً، ولكن البعض حذر من ان التحديات والعقبات مازالت تجعل الانتقال امراً بعيداً.
فرصة
وبحسب تقرير نشرة المعهد الأمريكي للسلام، فإن الإعلان المفاجئ الذي أصدره رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بأن الجيش على استعداد لتسليم السلطة للمدنيين يقدم فرصة لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى المسار الصحيح. واعتبر التقرير الذي كتبته سوزان ستيغانت أن خطاب البرهان فرصة ضيقة لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى المسار الصحيح، ونوهت بأن هناك حاجة إلى مشاركة دولية منسقة ومستدامة وعالية المستوى تساعد البرهان في تسليم السلطة إلى المدنيين، وأشار التقرير إلى أنه في حين أن الكثيرين يشككون في صدق الجيش في إعادة السلطة إلى المدنيين في الواقع، رفضت القوى السياسية الرائدة بيان البرهان ودعت إلى تصعيد الاحتجاجات، ولفتت إلى أن إعلان البرهان يقدم فرصة لتحفيز الحوار السياسي المستمر والتنظيم والتعبئة، وقال التقرير: (يجب على السودانيين الاتفاق على الطريق إلى الأمام لثورتهم التي حققوها بشق الأنفس، بما في ذلك الدور المستقبلي للجيش)، وأضاف قائلاً: (في الوقت نفسه يجب على الشركاء الدوليين بما في ذلك الولايات المتحدة كشريك ثنائي والأمم المتحدة الاستفادة من لحظة استعادة الانتقال السياسي للسودان).
عثرات
ويرى المحلل السياسي محمد محيي الدين ان المعهد انطلق من تحليل الواقع السياسي السوداني ورؤية بأن الانتقال تواجهه عثرات تحتاج إلى مقاربة موضوعية تجعل امكانية الوصول إلى تسوية سياسية امراً ممكناً، وهذا قائم على فرضية المصالح الامريكية في المنطقة التي تستند في الاساس الى ابعاد التأثير الروسي عن السودان، وكذلك ضمان استمرار السودان في مكافحة الارهاب، وهذه الامور تجعل التسوية السياسية التي يشارك فيها الجيش جزءاً من الرؤية الامريكية، واوضح في حديثه لـ (الانتباهة) ان الادارة الامريكية موقفها مختلف بشكل كبير عن موقف الكونغرس، لأن البعض يقرأ ما يصدر عن بعض المشرعين في الكونغرس الامريكي باعتباره انه يؤشر لتوجهات الادارة التي يقصد بها بشكل اساسي حكومة ترامب الديمقراطية التي اساسها الحزب الديمقراطي وتقديرات مراكز صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، وتابع قائلاً: (هذه مجتمع الاستخبارات يلعب فيها دوراً كبيراً، وبالتالي التهديدات بالتدخل الروسي في المنطقة من تلقاء انتشار تنظيمات إرهابية في شرق افريقيا مثل داعش وتنظيم القاعدة وبوكو حرام في شمال وغرب افريقيا اذا كان في ليبيا او الساحل الغربي، وبالتالي هذه الامور كلها تدفع في هذا الاتجاه).
واكد في ذات المنحى قائلاً: (ان مسار المعالجة والتسليم سيتم عبر تسوية، وان هذه مسألة ضرورية وتسوية سياسية تعقبها انتخابات، وهذا ورد في بيان الترويكا والاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي، واشاروا الى تشكيل حكومة مدنية والترتيب للانتخابات لتحقيق الارادة الشعبية، واشاروا الى ضرورة استمرار الحوار الذي طرحته الآلية الثلاثية، وهذه قضية محسومة) واكمل قائلاً: (اعتقد ان تقرير معهد السلام الامريكي يصب في هذا الاتجاه، وبالتالي يتوقع ان تحدث تسوية سياسية بين القوى المدنية والمكون العسكري على اساسها تتشكل الحكومة وتكون فيها حكومة مدنية، ولكن مع وجود مقدر للقوات المسلحة والمنظومة العسكرية في صيغة الحكم لتحقق الاهداف المتعلقة بضمان استقرار السودان والدفع في اتجاه دوره في مكافحة الارهاب).
عوائق
ومن جانبه يذهب المحلل السياسي د. راشد المبارك إلى ان تركيبة القوى الثورية من اكبر العوائق التي تواجه عملية الانتقال لجهة انها غير متجانسة، بجانب اختلاف طريقة تفكيرها في كيفية التخلص من آثار النظام السابق، وقال المبارك في حديثه لـ (الإنتباهة): (ان هناك اشكالات تتعلق بالمكون العسكري نفسه الذي يتحدث عن استعداده لتسليم السلطة باعتبار انه مازال يتبع خطوات النظام القديم، لذلك فإن التدخل الخارجي امر مهم وضروري، ولكنه لن يستطيع معالجة الامر الا بتسوية سياسية، وفي ذات الاتجاه فإن لديه مصالح تجعله يقود هذه الخلافات الى نهايات تفضي التي تحول ديمقراطي)، واضاف قائلاً: (لكن لا بد من معالجة كثير من التشوهات مثل التدهور الاقتصادي، بجانب تهيئة المناخ السياسي لتأمين الانتقال السلس إلى الديمقراطية، اضافة الى إيجاد آليات لتعزيز الوحدة الوطنية والاتفاق في القضايا الوطنية الكبرى بالانفتاح على كافة شرائح المجتمع السوداني وقواه الحية).
الانتباهة