فتنة النيل الازرق برعاية السلطة الانقلابية

من الآخر
أسماء جمعة
أحداث النيل الأزرق لم تقع فجأة ولا نذرها ومؤشراتها ظهرت في وقت قصير، بل منذ شهور طويلة وكان هناك متسع من الوقت لتجنبها قبل ان تنزلق الامور إلى العنف الذي شهدناه، فقد كانت هناك حرب كلامية عنيفة في الاسافير والمجالس، وأعتقد ما من سوداني لم يسمع بها، وكان واضحا أنها ستؤدي الى صراع قبلي إن لم تدخل الحكومة، ولكن أين هي الحكومة؟ لا توجد، فهناك تحالف عصابات يقاتل من أجل البقاء في السلطة التي استأثرت بها غدرا، وكيف للسلطة غير شرعية هي نفسها ام المصائب أن تنتبه لمشكلة هي سببها المباشر ؟هكذا يقول حديث الاسافير والمجالس وهو بلا شك لم ينبع من فراغ حتى وان لم يكن كله حقيقية .
بعض مواطني النيل الأزرق يتهمون أشخاص بعينهم في الحكومة الانقلابية بالتسبب في المشكلة من خلال سعيهم إلى تغيير الثوابت الاجتماعية وتقسيم المجتمع وزرع الخلافات فيه، حتى يتثني لهم تكوين شعبية بالاستفادة من الصراع، لذلك لم تتحرك الحكومة قبل وقوع المشكلة وهي تعلم تماما أن هناك نذر ومؤشرات خطيرة، كذلك لم تتحرك حين بدأت ووقعت احداث قتل متفرقة في بعض القرى، بل انتظرت حتى توسعت واستفحل العنف ونزح المئات وتحدث عنها الإعلام العالمي ثم قررت التحرك وقامت بنشر جنودها، ولكنها لم تقل شيئا ولم تعلق ولو بادانة العنف، فقط أعلنت انها ستجري تحقيقا في الأمر، وهي تعلم ان الأمر لا يحتاج إلى تحقيق فهو واضح وضوح الشمس، ولكن إعلان التحقيق هو حيلة لقتل القضية وكل الذين ظلموا لن يجدوا الإنصاف ومن اجرموا لن يعاقبوا، فهي دائما تخفي جرائمها بمسرحية التحقيق كما فعلت مع جرائم كثيرة على رأسها فض اعتصام القيادة .
بعد الكارثة خرج ما يسمى بمجلس الأمن والدفاع بما سماها قرارات أمنية ولكنها عززت من حقيقية أن المشكلة من صناعة الحكومة ، فقد اتهم المجلس المواطنين بنشر الفتنة عبر وسائل التواصل، وقام بتهديدهم بالقانون وتحذير شركات الاتصال وتوجيهها بوقف الأرقام غير المسجلة بالارقام الوطنية، مع ان هذا الامر لم يعد موجودا الان، طبعا القصد ليس وقف الفتن وإنما منع المواطنين من كشف الحقائق التي تدين الحكومة .
العنف في النيل الأزرق تم برعاية السلطة الانقلابية ورغم أنها اوقفته بالقوة ولكن بعد أن تأكدت أنها احدثت الشرخ الاجتماعي الذي تريده، والقت بذور الفتنة في أرض المنطقة وستسعى إلى رعايتها حتى تنمو في الوقت الذي تريده وهو أمر فشل فيه النظام المخلوع، ولذلك نقول أن هذه الحكومة أخطر من حكومة البشير الف مرة، وعلى أهل النيل الأزرق الحذر كل الحذر.
الصراع في النيل الأزرق ترك مأساة انسانية كبيرة، قتلى وجرحي ومشردين وزرع الرعب والخوف والقلق في نفوس الناس، والاهم من هذا ترك الكثير من النيران تحت الرماد وستعود إلى الاشتعال كلما هبت رياح أو حتى نسيم، وعلى أهل النيل الأزرق الانتباه والعمل معا حتى لا تصبح الفوضى أمر واقع وحتى لا يدفعوا الثمن مرتين (وتبقى عليهم ميتة وخراب ديار) وعليهم أن يتعظوا من دارفور فكما يقول المثل (السعيد بشوف في اخوه).
الديمقراطي
يا أستاذة أسماء ماكنت أحسبك من الذين لا يميزون بين يتسنى ويتثنى!
و ما كنت احسبك انك تعتقد ان الاستاذة اسماء هي من طبعت المقال…المفروض يكون هناك موظف و ظيفته الطباعه و التدقيق اللغوي