استباحة دم الثوار.. البحث عن العدالة المفقودة

تقرير: مُهيبة بيِّن
تتواصل التظاهرات والمواكب السلمية في البلاد بصورة مستمرة، منذ انقلاب العسكريين على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر، وعلى الرغم من سلمية تلك المواكب، إلا أنها ظلت تتعرض على الدوام للقمع المفرط، المؤدي للقتل والجرح بإصابات بالغة، ويكاد لا يخلو موكب من ارتقاء شهيد أو أكثر، مع وقوع عشرات الإصابات، جراء القمع باستخدام عبوات الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي.
حصيلة مفزعة لعدد الشهداء للمظاهرات المناهضة لانقلاب العسكريين، وصلت حتى أمس الأول الخميس إلى 115 شهيداً، بحسب ما أعلنته لجنة الأطباء المركزية، والملاحظ أن هذا العدد الكبير لم يقابله أي إجراء قانوني رادع من شأنه إيقاف نزيف الدم.
وتعليقاً على ذلك يقول القيادي في الحرية والتغيير أحمد حضرة إنه بلا شك الدم السوداني غالٍ واستباحة واسترخصه العسكر منذ فض الاعتصام، ولازال مستمراً حتى ارتقاء روح الشهيد غيمة تقبله الله مع رفاقه الشهداء،القتل من قبل المكون العسكري لا يقف الحراك الثوري في الشارع ووأد الثورة العظيمة في كل أنحاء السودان .
ويؤكد حضرة أن القتل وإثارة الفتن القبلية والجهوية في دارفور وشرق السودان والنيل الأزرق أخيراً، ربما يتوسع لأقاليم أخرى وصولاَ للعاصمة، لن تكون هناك مساءلة من عسكر الانقلاب لأن من يقومون بالقتل أعطوا حصانة بعدم التعرض لهم ومساءلتهم ومحاسبتهم، ولذلك استمر وسيستمر القتل رغم أن حالة الطوارئ رفعت ظاهرياً لكن ظلت الحصانات الممنوحة لكتائب وقناصي القتل سارية، مسترخصة أرواح الشباب الأبرياء ومخلفة الأوجاع والأحزان في كل بيت وكل حي من أحياء البلاد .
ومضى بالقول لا نرتجي عدالة من هؤلاء القتلة ولكن حتماَ هناك عدالة السماء التي يتغافل عنها من يصدرون أوامر القتل، من قادة المكون العسكري وسيأتي يوم الحساب بزوال الانقلاب ونتمنى أن يكون قريباَ.
وفي اتجاه متصل يقول رئيس الحزب الناصري والمحامي ساطع الحاج إن الخروج في مواكب سلمية والتظاهرات السلمية حق مكفول، بموجب كل الدساتير للدول الديموقراطية بما فيها وثيقة 20 18 في السودان باعتبارها من أهم الوثائق للأنظمة الديموقراطية، بالتالي هذا الحق إذا ووجه بهذا القتل العنيف وبهذا الرصاص المنهمر فهي جريمة قتل عمد مكتملة الأركان، على القابضين الآن على مفاصل السلطة أن يتحملوا المسؤولية كاملة. وأضاف الحاج نحن نحملهم المسؤولية كاملة لأن ما يجري الآن من إطلاق رصاص على المواكب السلمية هو انتهاك لحق دستوري أصيل، بجانب أن هذه الثورة منذ قيامها وحتى هذه اللحظة اتسمت بالسلمية، إذا مهاجمة ثوار أو متظاهرين أو مواطنين سلميين يعبرون عن آرائهم مستندين إلى حقوقهم الدستورية وقتلهم بالرصاص، هذه جريمة كاملة الأركان يتحمل رئيس المجلس العسكري الحاكم الآن يتحمل كافة انعكاساتها ومسؤولياتها، وإذا لم تتم المحاكمة حتى الآن ستأتي لحظة تتم فيها كل المحاكمات، لكونها جريمة لا تسقط بالتقادم ولن تسقط بأية حال من الأحوال بالتقادم.
ويعتقد المحلل السياسي، محي الدين محمد محي الدين، أن قضية استمرار قتل الثوار في المواكب بدون تقديم الجناة للعدالة، هي قضية مهمة جداَ ومن القضايا الأخلاقية، يجب أن ألا تغيب المواقف السياسية، ومن الواضح أن هذا الموضوع مستفحل وخطير ويحتاج إلى معالجة جذرية. والنقطة الأساسية في اعتقادي أن الحكومة مسؤولة وكذلك السياسيون مسؤولون ولكن النسبة الكبيرة تقع على عاتق الحكومة، وهي إذا كان القتل تم من داخل صفوفها من المفترض أن توضح ذلك، وإذا كان من طرف ثالث كما يشاع يجب التوضيح، مسؤولية السياسيين هي مسؤولية أخلاقية في المقام الأول لأنهم من يدعون إلى الحشد والتحشيد ويحركون الشباب للمشاركة في المظاهرات.
ويشير محمد إلى أن المظاهرات لا تتبع الإجراءات القانونية السليمة وهي إبلاغ الأجهزة الأمنية من أجل أن تكون المسؤولية المعروفة وتحديد مسارات التظاهر ووجهته، وما تريد أن تصل إليه، وهذه قضية يجب أن تضع في عين الاعتبار. وأضاف محمد لحظة القتل كل الناس تفكر في القاتل ولكن لا يفكرون في من هو الذي أسهم في التحريض على القتل، المسؤولية الجنائية تحددها السلطات المختصة عندما تجري تحقيقاً شفافاً، وفي اعتقادي أن هذا الأمر مرفوض بأي شكل من الأشكال ويحتاج لمعالجة من قبل المسارين، الأجهزة النظامية وهذا يتم من خلال مراجعة صفوفها والتأكد من عدم استخدام أدوات تؤدي إلى قتل الثوار. وفي ذات الوقت على السياسيين تحمل مسؤوليتهم في منع الثوار من الدخول في احتكاكات مباشرة مع الأجهزة الأمنية وتحديد الهدف من التظاهر اليومي. وتابع” في كل العالم يكون هناك مظاهرة تحمل مذكرة أو تعبر عن احتجاج عن موقف معين وتذهب في المسار المعين، وتعود من ذات المسار دون الاحتجاج مع الأجهزة النظامية.
الحراك السياسي