مقالات سياسية

ماذا يريد الشيوعي ؟

بلا حدود

هنادي الصديق

لا أدري ما هي المصلحة التي تجنيها بعض الاحزاب السياسية في التمترس في محطة واحدة فيما يتعلق بثورة ديسمبر، ورفضها مغادرتها ولو أدى ذلك للمزيد من الإنقسام وسط قوى الثورة الحية؟

ولماذا الإصرار على الإستمرار في لغة التشكيك والتخوين لبقية قوى الثورة الأخرى ونعتها بالتآمر على الثورة وإتهامها بالإسهام المباشر في إيصال البلاد لما هي عليه الآن من إنهيار وتشظي؟

لماذا كلما شعر الشعب السوداني أنه خطا خطوة واحدة نحو إنقاذ البلاد من شفا حفرة الدمار الوشيك، تُصر بعض الاحزاب وواجهاتها على إرجاعنا عشرات الخطوات للخلف؟

فأمس الأول، جاء في الاخبار : دشَن (الحزب الشيوعي السوداني وتجمع المهنيين السودانيين، وأسر الشهداء، ومفصولو الشرطة)، تحالفاً سياسياً جديداً لإسقاط الانقلاب العسكري واستلام السلطة بالمركز والولايات، في الوقت الذي أعلن فيه أكثر من 25 جسما سياسيا ونقابيا مهنيا وفئويا عن إنخراطهم في عمل جماعي سعيا وراء وحدة قوى الثورة الحية.

فالتحالف الجديد هو (بديل) لقوى إعلان الحرية والتغيير ولكنه سيكون هذه المرة برعاية الحزب الشيوعي، والذي بدوره أكد أنه (سيضم كل) القوى السياسية والنقابية ولجان المقاومة المؤمنة بالتغيير الجذري، ولم يذكر سوى خمسة أجسام فقط، وهي التي اعتبرها رافضة لأفكار (التسوية) مع الانقلاب بحسب وصف السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب، مع إحترامنا له ولعضوية الحزب، فالملاحظ والغريب في الامر أن ذات الأهداف المذكورة هي أهداف الحرية والتغيير ولا جديد فيها عدا إصرار الشيوعي على دمغ الاجسام الأخرى بأنها قوى هبوط ناعم وساعية لإجراء تسوية مع العسكر في الوقت الذي قدمت فيه الجهات المتهمة بالتسوية إعتذارها للشعب السوداني عن الأخطاء السابقة وأكدت زهدها عن السلطة وعدم رغبتها العودة في اي حكومة قادمة، ولا تزال قيادتها وقاعدتها في مقدمة المواكب اليومية المنادية بإسقاط العسكر.

الجميع يعلم أن الوضع القائم الآن حرج للغاية، البلاد تقف الآن في مفترق طرق بل تقف على فوهة بركان متى ما إنفجر تطايرت حممه لتقضي على الجميع بما فيها الحزب الشيوعي، ولن يكون هناك بلد إسمه السودان ليتناطح فيه مع من يخالفه الرأي، فلماذا الإصرار لإحداث الإنقسام المؤذي في هذه الأوقات الحرجة؟

أصغر مواطن يعلم أن العسكر ومؤيديهم من الإنقلابيين ما كان لهم أن ينقلبوا على الحكومة المدنية مالم يجدوا الضوء الأخضر من بعض القوى السياسية التي فضلت الخروج من قوى إعلان الحرية والتغيير بما فيها الحزب الشيوعي وإتخاذ جانب المعارضة، فكانت هي الفرصة الذهبية التي إقتنصتها لجنة البرهان الأمنية وإنقضت بموجبها على الحكومة المدنية ومكتسباتها في 25 اكتوبر.

مكابر من يقول أن الفترة الانتقالية كانت خالية من الأخطاء، وكاذب من يقول أن الوضع آنذاك لم يكن في حاجة لتغيير من الداخل، ولكن الحكمة والذكاء السياسي كان يحتم على معارضي الحكومة وقتها، إجراء المعالجات داخل الجسم الثوري وعدم الإنجراف في الخط الذي مهد له العسكر وفلول النظام البائد ليسقط الجميع في ذلك الفخ المنصوب بذكاء، ليستيقظ الكل على شلالات الدماء ممزوجة بصرخات الأمهات وهن يودعن فلذات أكبادهن الوداع الأخير في مشاهد لن تنساها ذاكرة التاريخ السوداني للأبد.

نعم نحن مع التغيير الجذري والنهائي، ولكنه لن يتأتى في ظل إستمرار توزيع الإتهامات لمن إتفق معي في المبدأ وإختلف في الآلية. ولن يتم في ظل تربص المكون العسكري وزبانية النظام الساقط، ولن يكون هنالك إستقرار طالما كل حزب يرى أنه الصواب وغيره قمة الخطأ.

الوصاية على الشعب السوداني مستبعدة، لا يحلم بها الحزب الشيوعي او حزب الامة او المؤتمر السوداني او البعثي او غيرها من أحزاب سياسية أو أجسام أخرى، الشعب السوداني هو سيد نفسه والوصي عليها، اما الاحزاب التي يراها البعض أنها (نبت شيطاني انقض على الثورة او انها أم الكوارث) نقول لهم أن الاحزاب السياسية هي تجمع لمواطنين معك في ذات البلد ودات الحي وربما ذات المنزل يحملون نفس الأفكار، يجتمعون بغرض وضع مشروع سياسي مشترك للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة شئون الدولة.

لذا فالجميع الآن في وضع لا يحسدون عليه، وليس أمامهم سوى الدخول في هدنة وترك (المناطحة)المستمرة لحين إبعاد العسكر تماما وإسقاط من تبقى من زبانية الإنقاذ إلى الأبد، عندها ليكن الصراع مدني – مدني، لأنه سيكون متكافئا وإن تغيرت الأساليب والأدوات، ولكن الوضع الآن هو صراع (عسكري كيزاني – مدني) وبالتالي هو صراع غير متكافئ بالمرة ولا يعني سوى إستمرار الخسائر البشرية والمادية، والله وحده يعلم متى وكيف تنتهي هذه المواجهات الدامية.

الجريدة

 

‫13 تعليقات

  1. استاذة هنادي. بعد التحية. عندي اعتقاد بان الحزب الشيوعي لا يجد نفسه وراحته الا في الجانب المعارض.
    لنفترض تمت دعوتهم لاستلام السلطة الان. ولاي سبب كان اجزم انهم سيرفضون ويعترضون بل سيتبارون في كيل الاتهامات بالمؤامرة على الحزب وممارسة الخداع لفائدة أنصار الهبوط الناعم.
    هم هكذا وسيظلون هكذا حتي انقراض اخر فرد من جيل المخضرمين في قيادة الحزب وهم اصحاب القرار
    هؤلاء الرجال. رضا النفس والطمأنينة وراحة البال لا يجدونها الا في المعارضة. المطالبة بحقوق الإنسان في المعارضة. الحياة الكريمة للمواطنين في المعارضة الشرف والاخلاق في المعارضة

  2. استاذة هنادى تحياتى ، كلامك جميل ، لكن الرجاء نصح ايضا من يتنمرون على الاخرين بعبارات غير جميلة ن وقد قيل قديما ان الحرب اولها كلام ، ارجوا نصح خالد سلك ان يوقف منابزاته مثل ( خوارج ) وكذبه مثل ( صديق يوسف هو الذى اقترح ان الوزارتين الدفاع والداخلية تكون للعسكر ) هذه طريقة طلاب يفع فى التعاطى مع السياسيين وهذه الطريقة تسمم الجو ، ارجوا نصحه

    1. ياها فلاحتكم التحرش بالنساء و إستخدام إشارات جنسية بذيئة مثل ك…… اعلاه , قالوا زولكم البيكتب هنا كتير برضو متحرش بالنساء زيك !

      و برضو عاملين فيها نحن اكبر نصير للمرأة, يعني ياشوايعة عايزين تاكلوا كيكتم و تحتفظوا بيها في آن واحد

  3. من الىذى شجع و تسبب فى انقسام تجمع المهنيينو قال ” بخربو الرصة”
    لولاا موقف الشيوعى لماقمتم بنقد تجربتكم و الاعتذار و بعضكم وما زات يرجع فشلكمكما فعلت انت الان لموقف الشيوعى.

    1. السؤال هل حدث أن انتقد الحزب الشيوعي السوداني… تجربته.. أو… موقفه… في كل تاريخ عمله السياسي بالسودان…

  4. الاستاذة/ هنادي الصديق.
    تحية طيبة.
    ١-
    اليوم الثلاثاء ٢٦/ يوليو ٢٠٢٢ ومرور الذكري ال(٥١) علي استشهاد الشيوعي الفذ/ الشفيع احمد الشيخ.
    ٢-
    الشفيع أحمد الشيخ مناضل سوداني ورمز من رموز الحركة الوطنية السودانية وأصغر نقابي تقلد مناصب متقدمة في الحركة النقابية العمالية العالمية. ويعتبر أول عامل نقابي تقلد منصب وزير. ساهم في كثير من الأعمال والأنشطة النقابية وناضل بجسارة وله الكثير من المواقف آخرها قيل أنه تقدم بهدوء تام إلى منصة إعدامه، ووقف واستلم الحبل وقام بوضعه بنفسه حول رقبته وهتف بأعلى صوته قائلاً «عاش الشعب السوداني.. عاشت الطبقة العاملة».
    ٣-
    حُكم عليه بالإعدام في عهد الرئيس جعفر النميري، الذي استغل فشل حركة الرائد هاشم العطا العسكرية في يوليو١٩٧١، فأمر باعتقاله وحكم عليه بالإعدام يوم الاثنين 26 يوليو 1971م ونفذ حكم الإعدام شنقاً في سجن كوبر. ومن بين الذين تم إعدامهم من المدنيين. الدكتور جوزيف قرنق وعبد الخالق محجوب وآخرين .
    ٤-
    إنجازات الشفيع أحمد الشيخ:
    (أ)- رئيساً لاتحاد عمال السودان.
    (ب)- نائباً لرئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال.
    (ج)- عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني.
    (د)- وزيرًا ممثلًا للعمال في حكومة سر الختم الخليفة.
    (هـ)- حائزًا على وسام السلام العالمي من فرنسا عام 1964م.
    (و)- حائزًا على وسام لينين من موسكو عام 1968م.
    ٥-
    الاستاذة/ هنادي، رايت ان اشارك بتعليق علي المقالة، ولم اجد الا الكتابة عن الشفيع، وان احي ذكراه العطرة اليوم، لقد كان لي عظيم الشرف ان عاصرت زمن نضاله القوي من اجل الطبقة العاملة..وعرفته عن قرب.
    ٦-
    وبعد غد الخميس ٢٨/ يوليو تاتي ذكري اعدام الراحل/ عبدالخالق محجوب شنقآ في سجن كوبر.
    ٧-
    اجمل ما في نضال الحزب الشيوعي السوداني منذ عام ١٩٤٥ حتي اليوم، ان الاعدامات، والاعتقالات، والمطاردة اليومية لاعضاء الحزب، وقطع ارزاقهم لم توقفهم من السير قدمآ من اجل سودان ينعم بالسلام والرخاء.

    1. اعطني اسم حزب واحد.. فقط…… يتوافق معه الحزب الشيوعي…في السودان …منذ.. تاريخ الاستقلال….

  5. لتمكين في المؤسسات الامنية والعسكرية وعدم تفكيك وحل جهاز الامن وعدم ملاحقة مرتكبي مجزرة فض الاعتصام واغتيالات الثوار اثناء فترة البشير وعدم تسليم مطلوبي المحكمة الجنائية دي كلها كانت باتفاق غير مكتوب بين الحرية والتغيير والكيزان وعساكرهم ولما اكتشفت الحرية والتغيير غدر الكيزان وعساكرهم اصبحت تتحدث بحياء عن المحكمة الجنائية وخلافه المهم في المسالة هو وصول الكيزان لعناصر قوي الحرية والتغيير وتحييدهم وتجنيدهم لخيانة الثورة من الداخل وقتل طموح وامال جماهير الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة ودي اخطر حاجة وحتظل تلقي بظلالها علي المشهد السياسي لزمن مالم يتم التعامل بحسم مع الظاهرة

  6. لا مشاركة لا حوار لا مساومة لا شرعية ، من غيركم يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر عاش نضال الحزب الشيوعي السوداني

  7. سطر التاريخ باجهاض أعظم ثورة سودانية كانت بيد الحزب الشيوعى …بادعاء الثورية فى وقت السياسة…و خاطر بثوريته اكثر من ما كان أن تؤثر به سياسات البنك الدولى…بل وضع البلاد على حافة التشظى التام.

    و آخر القول ليس بالضرورة أن يتفق العقل الثورى بالسياسى…فالثورية لا حدود لها و مبأدئية..و السياسى ينظر لكسب ممكن و مراحل مأمولة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..