مقالات سياسية

من يخبر الجيش بأنه أساس الدولة المدنية؟!

د. حامد برقو

 

(1) في شتاء عام 1943 كانت ألمانيا تسيطر بشكل شبه مطلق وتتحكم في سماء القارة الاوروبية وأجوائها في ذروة الحرب العالمية الثانية.

في ذلك العام تعرض سلاح الجو البريطاني لخسارات باهظة ، حيث أُسقطت العديد من مقاتلاتها من قبل الدفاعات الألمانية وما تبقى منها عادت بإصابات متفاوتة.

وجد المهندسون ان إصابات الطائرات العائدة كانت محصورة في الأجنحة ووسطها.

أشار كبار ضباط الجيش بوضع دروع واقية تحت الأماكن المستهدفة ، لكن المفارقة ظلت النتائج كما هي.

هنا توجه الجميع الي أهل العلم حيث عالم الرياضيات أبراهام والد الذي ولد في النمسا وهرب مع من تبقى من عائلته اليهودية الي بريطانيا.

أخبرهم ابراهام والد ان المعادلة عكسية تماماً – اي ان أجنحة المقاتلات ووسطها هي التي قاومت نيران الدفاعات الأرضية لذا تمكنت من العودة الي قواعدها رغم أنها مصابة ، بينما الأخريات التي أصيبت في أجزاء أخرى سقطت في أرض المعركة .

لذلك أوصاهم بتثبيت الدروع في الإجزاء الاخرى من الطائرة و ليست الأجنحة أو الوسط- فكانت النتائج إيجابية بشكل مذهل، تراكمت مع غيرها لتعطي البشرية هزيمة ألمانيا وإستسلام النازيين  في مايو 1945

 

(2) المراقب لتصفية زعيمي تنظيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن في مايو 2011 بأبوت أباد الباكستانية وخلفه الدكتور أيمن الظواهري في كابل أواخر يوليو 2022 يدرك إنسجام القيادة العسكرية والاستخباراتية مع القيادة السياسية المدنية في الدولة الديمقراطية.

كل ما تم بالعمليتين من تخطيط وتنفيذ من قبل القيادة العسكرية بينما إنحسر دور القيادة السياسية في تقييم الأصداء الدبلوماسية ثم الموافقة .

 

(3) في بلد أعتاد فيه جيشه على سرقة السلطة المدنية لأكثر من خمس عقود يصعب فطامه .

بعقلية التقادم وليس بقانون التقادم بطبيعة الحال يظن السارق بأن المسروق  قد أصبح حقه الأصيل. ويتضح ذلك من طريقة تفكير الإنقلابيين وحديثهم منذ خيانة يوم 25 أكتوبر المشؤوم.

لكن الذي تعذر على العسكريين الإنقلابيين فهمه أنهم أساس الحكومة المدنية وشركاؤها في الدولة الديمقراطية الناجحة كما الولايات المتحدة أو كندا أو جنوب أفريقيا الحالية.

الجيش الذي يقتل الشباب في الطرقات بغية الإحتفاظ بالمسروق بينما مساحات شاسعة من الأرضية السودانية تقبع تحت الإحتلالين المصري والأثيوبي؛ يحتاج الي إعادة التفكير أو من يحفزه على التفكير .

لأن إدارة الدولة عملية تكاملية تضامنية بين الجميع، أساسها الجيش الوطني وسقفها الأمن والإستخبارات ،بينما المطبخ والمسرح للمدنيين (العلماء منهم والساسة).

لكن من يخبر الجيش ؟!.

 

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. لن يسمعك الفاقد التربوي الحقيقي الذي يحكم السودان من خريجي الحركة الإسلامية المجاهدين والدبابين ولا خريجي الكلية الحربية وكلاهما أس بلاء البلد!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..